الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: إجماع الصحابة رضي الله عنهم على خلافة عمر رضي الله عنه بعد ثبوت عهد أبي بكر رضي الله عنه إليه، وهو أحد الأئمة المهديين والخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم.
النتيجة:
صحة الإجماع على تنفيذ عهد الإمام إذا أوصى بالإمامة إلى من يصلح لها.
[31/ 31] رضاء الصحابة بخلافة الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم
• المراد بالمسألة: الاتفاق على خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
• من نقل الإجماع: أبو الحسن الأشعري (320 هـ) قال: "جملة ما عليه أهل الحديث والسنة: الإقرار باللَّه، وملائكته، وكتبه، ورسله. . . ويقدمون أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليًّا -رضوان اللَّه عليهم- ويقرون أنهم الخلفاء الراشدون المهديون أفضل الناس كلهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم"(1) أبو المظفر الإسفراييني (2)(471 هـ) قال: "أجمعوا على خلافة الخلفاء الأربعة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم"(3) جمال الدين الغزنوي (4)(593 هـ) قال: "الصحابة رضي الله عنهم
(1) مقالات الإسلاميين (ص 294).
(2)
هو طاهر بن محمد الأسفراييني، أبو المظفر، سماه السبكي في طبقاته:"شهفور بن طاهر"، وهو عالم بالأصول، مفسر، من فقهاء الشافعية. قال السبكي: ارتبطه نظام الملك بطوس، وصنف التفسير الكبير المشهور، والتبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، توفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. يُنظر: طبقات الشافعية الكبرى (5/ 11)، وطبقات الشافعية (1/ 245).
(3)
التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، طاهر بن محمد أبو المظفر الإسفراييني، تحقيق: كمال يوسف الحوت، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى 1403 هـ (1/ 178).
(4)
هو أحمد بن محمد بن محمود بن سعيد الغزنوي، الحنفي، تفقه على أحمد بن يوسف الحسيني العلوي، وانتفع به جماعة من الفقهاء وتفقهوا به، له الروضة فى اختلاف العلماء، وكتاب فى أصول الفقه، وكتاب فى أصول الدين، توفي بحلب بعد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. يُنظر: طبقات الحنفية (1/ 120)، وبغية الطلب في تاريخ حلب (3/ 1126).
أجمعوا على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه استدلالًا بتفويض النبي صلى الله عليه وسلم، واتفقوا عليه، وبثبوت خلافته تثبت خلافة عمر رضي الله عنه؛ لأنه هو الذي ولاه واستخلفه، وهكذا انعقد الإجماع، ثم بعد وفاة عمر رضي الله عنه اجتمعت الصحابة رضي الله عنهم على خلافة عثمان رضي الله عنه، وهؤلاء الثلاثة كانوا قريشيين، ثم بعد وفاة عثمان رضي الله عنه اجتمعت الصحابة على علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه، وهو قريشي" (1) ابن تيمية (728 هـ) قال:"أهل السنة يثبتون خلافة الخلفاء كلهم، ويستدلون على صحة خلافتهم بالنصوص الدالة عليها، ويقولون: إنها انعقدت بمبايعة أهل الشوكة لهم، وعلي بايعه أهل الشوكة، وإن كانوا لم يجتمعوا عليه كما اجتمعوا على من قبله"(2) الذهبي (748 هـ) قال: "أجمعوا على خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، إجماعًا لم يتهيأ مثله لعلي، فإنه استشهد وأهل الشام لم يبايعوه قط. . . وبالجملة خلافة علي حق، وهو إمام راشد، وإن تأخر عن بيعته طائفة كبيرة، فإنما الاعتبار بجمهور أهل الحل والعقد"(3) ابن حجر العسقلاني (852 هـ) قال: "إن الناس اجتمعوا على أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي"(4)، نقله المباركلفوري (1353 هـ)(5).
• الموافقون على الإجماع: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)،
(1) أصول الدين، جمال الدين أحمد بن محمد الغزنوي الحنفي، تحقيق: عمر وفيق الداعوق، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى 1419 هـ (ص 283 - 285).
(2)
منهاج السنة النبوية (4/ 387، 388).
(3)
المنتقى من منهاج الاعتدال (1/ 401).
(4)
فتح الباري لابن حجر العسقلاني (13/ 214).
(5)
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (6/ 392).
(6)
غمز عيون البصائر (2/ 197)، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (1/ 548)، ومرقاة المفاتيح (11/ 151).
(7)
أحكام القرآن لابن العربي (3/ 409)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/ 148)، والفواكه الدواني (1/ 102).
(8)
المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج (15/ 148)، والمواقف للإيجي (3/ 717)، وشرح المقاصد في علم الكلام (2/ 271).
والحنابلة (1)، والظاهرية (2).
• مستند الإجماع: يستدل على ذلك بما ثبت من آثار في بيعة الصحابة للخلفاء الأربعة رضي الله عنهم:
• أولًا: البيعة لأبي بكر الصديق رضى اللَّه عنه:
1 -
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وصف مبايعة المسلمين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة: ". . . إِنَّا وَاللَّه مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ، فَيَكُونُ فَسَادٌ"(3).
2 -
وقال رضي الله عنه في خطبته حِينَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْم تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَبَا بَكْرٍ صاحِبُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثَانِيَ اثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَوْلَى المُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ"، قال أنس بن مالك رضي الله عنه:"وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ"(4).
3 -
روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ". . . فلما قعد أبو بكر على المنبر، نظر في وجوه القوم، فلم ير عليًّا، فسأل عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به، فقال أبو بكر: ابن عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وختنه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبايعه، ثم لم ير الزبير بن العوام، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين! فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبايعاه"(5).
(1) السنة لعبد اللَّه بن الإمام أحمد (2/ 573)، والشريعة للآجري، تحقيق: عبد اللَّه بن عمر الدميجي، دار الوطن، الرياض، الطبعة الثانية 1420 هـ (5/ 2312).
(2)
الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 115).
(3)
تقدم تخريجه (ص 156).
(4)
تقدم تخريجه (ص 156).
(5)
تقدم تخريجه (ص 156).
• ثانيًا: عهد أبي بكر لعمر رضي الله عنهما وبيعة الناس له:
4 -
جمع أبو بكر الصديق رضى اللَّه عنه الناس في مرضه الذي قُبض فيه وقال لهم: "أمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمَّرتم عليكم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي". فقاموا في ذلك، وحلُّوا عنه، فلم تستقم لهم، فقالوا: ارأ لنا يا خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: "فلعلكم تختلفون؟ " قالوا: لا، قال:"فعليكم عهد اللَّه على الرضا؟ " قالوا: نعم. قال: "فأمهلوني انظر للَّه ودينه ولعباده"، فأرسل أبو بكر إلى عثمان بن عفان رضي الله عنهما فقال:"أشر علي برجل، واللَّه إنك عندي لها لأهل وموضع". فقال: عمر. فقال: "اكتب". فكتب حتى انتهى إلى الاسم، فغُشي عليه، ثم أفاق فقال:"اكتب عمر"(1).
• ثالثًا: تنفيذ شورى عمر رضى اللَّه عنه والبيعة لعثمان رضي الله عنه:
5 -
قال المسور بن مخرمة رضى اللَّه عنه: "إِنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، فقال لهم عبد الرحمن: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ على هذا الْأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إن شِئْتُمْ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ، فَجَعَلُوا ذلك إلى عبد الرحمن، فلما وَلَّوْا عَبْدَ الرحمن أَمْرَهُمْ فَمَالَ النَّاسُ على عبد الرحمن، حتى ما أَرَى أَحَدًا مِنَ الناس يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ، ولا يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ على عبد الرحمن يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حتى إذا كانت اللَّيْلَةُ التي أَصبَحْنَا منها فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ"، قال الْمِسْوَرُ: "طَرَقَنِي عبد الرحمن بَعْدَ هَجْعٍ من اللَّيْلِ، فَضَرَبَ الْبَابَ حتى اسْتَيْقَظْتُ، فقال: أَرَاكَ نَائِمًا! فَوَالله ما اكْتَحَلْتُ هذه الثَّلاثِ بِكَبِيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، فَدَعَوْتُهُمَا له، فَشَاوَرَهُمَا، ثُمَّ دَعَانِي فقال: ادْعُ لي عَلِيًّا، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى إبْهَارِ اللَّيْلُ، ثُمَّ قام عَلِيٌّ من عِنْدِهِ وهو على طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَن يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، ثُمَّ قال: ادْعُ لي عُثْمَانَ، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا المُؤَذِّنُ بِالصبْحِ، فَلَمَّا صَلَى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إلى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إلى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مع عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا
(1) تقدم تخريجه.