الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{والحِكْمَةِ} والموعظة التي في القرآن من أمره ونهيه. يقول: {يَعِظُكُمْ بِهِ} يعني: بالقرآن، {واتَّقُوا اللَّهَ} يعظكم فلا تَعْصُوهُ فِيهِنَّ. ثُمَّ حَذَّرهم، فقال:{واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ} من أعمالكم، {عَلِيمٌ} فيجزيكم بها
(1)
. (ز)
8853 -
عن مقاتل بن حَيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: {وما أنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الكِتابِ والحِكْمَةِ} يعني بالحكمة: الحلال، والحرام، وما سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، {يَعِظُكُمْ بِهِ واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} يقول: يعظكم الله به، واتقوا الله في أمره ونهيه، واعلموا أنّ الله بكل شيء عليم
(2)
. (ز)
نزول الآية:
8854 -
عن مَعْقِلِ بن يَسار -من طرقٍ- قال: كانت لي أختٌ، فأتاني ابنُ عمٍّ لي، فأنكَحْتُها إيّاه، فكانت عنده ما كانت، ثم طلَّقها تطليقةً لم يُراجِعْها، حتى انقَضَت العِدَّة، فهَوِيَها وهَوِيَته، ثم خطبها مع الخُطّاب، فقلتُ له: يا لُكَعُ، أكْرَمْتُك بها، وزوَّجْتُكما، فطَلَّقْتَها، ثم جئتَ تَخْطُبُها، واللهِ، لا تَرْجِعُ إليكَ أبدًا. وكان رجلًا لا بأسَ به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلِها؛ فأنزَل الله تعالى:{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} . قال: ففِيَّ نزلت هذه الآية، فكفَّرْتُ عن يميني، وأنكَحْتُها إيّاه. وفي لفظ: فلمّا سمِعها مَعْقِلٌ قال: سَمْعٌ لربي وطاعة. ثُمَّ دعاه، فقال: أُزَوِّجُكَ، وأُكْرِمُكَ
(3)
. (2/ 705)
8855 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عليِّ بن أبي طلحة- قال: نزلت هذه الآيةُ في الرجل يُطَلِّقُ امرأتَه طلقةً أو طلقتين، فتنقضي عِدَّتُها، ثم يبدو له تزويجُها وأن يُراجِعَها، وتريد المرأة ذلك، فيمنعها أولياؤُها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها
(4)
[876]. (2/ 705)
[876] اختُلِف فيمن نزلت هذه الآية؛ فقال قوم: نزلت في معقل بن يسار. وقال آخرون: نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري. وقال غيرهم: نزلت هذه الآية دلالة على نهي الرجل عن مضارة ولِيَّته من النساء، يعضلها عن النكاح.
ورَجَّح ابنُ جرير (4/ 193) القول الثالث مستندًا إلى أقوال السلف، فقال:«والصواب من القول في هذه الآية أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذكره- أنزلها دلالةً على تحريمه على أولياء النِّساء مضارةَ مَن كانوا له أولياء من النساء بِعَضْلِهِنَّ عَمَّن أرَدْنَ نكاحَه من أزواجٍ كانوا لَهُنَّ، فَبِنَّ منهم بما تَبِينُ به المرأةُ من زوجها من طلاق أو فَسْخِ نكاح» .
ثُمَّ بَيَّن جواز كلا القولين الأخريين، فقال:«وقد يجوز أن تكون نزلت في أمر معقل بن يسار وأمر أخته، أو في أمر جابر بن عبد الله وأمر ابنة عمه، وأي ذلك كان فالآية دالَّةٌ على ما ذكرت» .
وذكر ابنُ كثير (2/ 371) أنّ هذا القول ظاهرٌ من الآية، فقال:«وهذا الذي قالوه ظاهِرٌ من الآية» .
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 196 - 197.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 2/ 426 (2252، 2253).
(3)
أخرجه البخاري 7/ 16 (5130)، 7/ 58 (5331)، وابن جرير 4/ 187 - 188، وابن أبي حاتم 2/ 426 - 427 (2254).
(4)
أخرجه ابن جرير 4/ 191 - 192.
إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.
8856 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: نزلت الآيةُ في امرأة من مُزَيْنة، طلَّقها زوجها، وأُبِينَت منه، فعضَلَها أخوها مَعْقِلُ بن يَسار يُضارُّها؛ خِيفةَ أن ترجع إلى زوجها الأول
(1)
. (2/ 706)
8857 -
قال عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن جُرَيْج-: نزلت في مَعْقِل بن يَسار
(2)
. (ز)
8858 -
عن أبي مالك الغِفارِيِّ -من طريق السُّدِّيِّ- {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف} ، قال: طلَّق رجل امرأتَه، فنَدِم ونَدِمَتْ، فأراد أن يُراجِعها، فأبى وليُّها؛ فنزلت هذه الآية
(3)
. (2/ 707)
8859 -
عن الحسن البصري =
8860 -
وقتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله تعالى: {فلا تعضلوهن} ، قالا: نزلت في مَعْقِل بن يسار، كانت أخته تحت رجل، فطلَّقها، حتى إذا انقضت عِدَّتُها جاء فخطبها، فعَضَلها مَعْقِل، فأبى أن يُنكِحَها إيّاه؛ فنزلت فيها هذه الآية، يعني به: الأولياء. يقول: لا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
(4)
. (ز)
(1)
تفسير مجاهد ص 237 بنحوه، وأخرجه ابن جرير 4/ 189 - 190. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
أخرجه ابن جرير 4/ 189.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 2/ 427 (2256). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(4)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 94، وابن جرير 4/ 190. وأخرج يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 1/ 235 - نحوه عن الحسن من طريق المبارك بن فضالة، وكذا الواحدي في أسباب النزول (ت: الفحل) ص 199 بأطول من ذلك.
8861 -
عن بكر بن عبد الله المُزَنِيِّ -من طريق أبي بكر الهُذَلِيّ- قال: كانت أخت مَعْقِل بن يسار تحت رجل، فطَلَّقها، فخَطَب إليه، فمنعها أخوها؛ فنزلت:{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن} إلى آخر الآية
(1)
. (ز)
8862 -
عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- قال: نزَلَت هذه الآيةُ في جابر بن عبد الله الأنصاري، كانت له ابنةُ عمٍّ، فطلَّقها زوجُها تطليقة، وانقَضَت عِدَّتُها، فأراد مُراجعتَها، فأبى جابر، فقال: طلَّقْتَ بنتَ عمِّنا، ثم تُرِيدُ أن تَنكِحَها الثانية. وكانت المرأةُ تُرِيدُ زوجَها؛ فأنزل الله:{وإذا طلقتم النساء} الآية
(2)
[877]. (2/ 706)
8863 -
عن أبي إسحاق الهَمْداني -من طريق سفيان-: أنّ فاطمةَ بنتَ يَسار طلَّقها زوجُها، ثُمَّ بدا له فخطَبَها، فأبى مَعْقِلٌ، فقال: زوَّجْناك فطلَّقْتَها وفعلْتَ. فأنزل الله: {فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}
(3)
. (2/ 706)
8864 -
قال مقاتل بن سليمان: {وإذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ} ، نزلت في أبي البَدّاحِ ابن عاصم بن عَدِيٍّ الأنصاري -مِن بني العجلان الأنصاري، وهو حَيٌّ مِن قُضاعَة-، وفي امرأته جُمل
(4)
بنت يَسار [المُزَنية]، بانت منه بتطليقة، فأراد مراجعتها، فمنعها أخوها، وقال: لَئِن فعلت لا أكلمك أبدًا، أنكحتُكَ، وأكرمتُكَ، وآثرتُكَ على قومي، فطلَّقتَها، وأجحفتَ بها، واللهِ، لا أُزَوِّجُكها أبدًا
…
فلمّا نزلت هذه الآية قال صلى الله عليه وسلم: «يا مَعْقِل، إن كُنتَ تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تمنع أختَك فلانًا» . يعني: أبا البَدّاح. قال: فإنِّي أنا أؤمن بالله واليوم الآخر، وأُشْهِدُك أنِّي قد أنكحتُه
(5)
. (ز)
8865 -
عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حَجّاج- قال: نزلت هذه الآية في
[877] انتَقَد ابنُ كثير (2/ 372) قول السدي، فقال:«ذكر غير واحد من السلف أنّ هذه الآية نزلت في مَعْقِل بن يسار وأخته. وقال السدي: نزلت في جابر بن عبد الله وابنة عم له. والصحيح الأول» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 4/ 189.
(2)
أخرجه ابن جرير 4/ 191، والواحدي في أسباب النزول (ت: الفحل) ص 199. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(3)
أخرجه ابن جرير 4/ 190.
(4)
وفي أسد الغابة 7/ 52: جُمَيْل بنت يسار.
(5)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 197.