الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا
(64)}
18939 -
عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- قال: الاستغفارُ على نَحْوَيْن: أحدهما في القول، والآخر في العمل؛ فأمّا استغفار القول فإنّ الله يقول:{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول} . وأمّا استغفار العمل فإنّ الله يقول: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33]. فعنى بذلك: أن يعملوا عمل الغفران، ولقد علمتُ أنّ أُناسًا سيدخلون النار وهم يستغفرون الله بألسنتهم، مِمَّن يدَّعي بالإسلام، ومِن سائر المِلَل
(1)
. (4/ 521)
18940 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم} الآية، قال: هذا في الرجل اليهوديِّ والرجل المسلم اللَّذَيْنِ تحاكما إلى كعب بن الأشرف
(2)
[1758]. (4/ 520)
18941 -
قال مقاتل بن سليمان: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك} بالذنوب، يعني: حين لم يَرْضَوْا بقضائك جاءوك، {فاستغفروا الله} من ذنوبهم، {واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما}
(3)
. (ز)
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
(65)}
نزول الآية:
18942 -
عن الزبير بن العوام أنّه خاصم رجلًا من الأنصار قد شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في شِراجٍ
(4)
من الحَرَّة كانا يسقيان به كلاهما النخلَ، فقال الأنصاريُّ:
[1758] لم يذكر ابنُ جرير (7/ 199) غير قول مجاهد.
_________
(1)
أخرجه ابن المنذر (1955)، وابن أبي حاتم 3/ 993، 5/ 1692.
(2)
تفسير مجاهد ص 286، وأخرجه ابن جرير 7/ 199 - 200، وابن المنذر (1954)، وابن أبي حاتم 3/ 993.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 386.
(4)
الشرجة: مَسِيل الماء من الحرّة إلى السّهل. النهاية (شرج).
سَرِّحِ الماءَ يَمُرّ. فأبى عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اسقِ، يا زبيرُ، ثم أرسل الماءَ إلى جارك» . فغضِب الأنصاريُّ، وقال: يا رسول الله، أن كان ابنَ عمَّتِك؟ فتلوَّن وجهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قال:«اسقِ، يا زبيرُ، ثُمَّ احبس الماءَ حتى يرجع إلى الجَدْر، ثم أرسل الماء إلى جارك» . واسْتَرْعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقَّه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزُّبَيْر برأيٍ أراد فيه السَّعَةَ له وللأنصاري، فلمّا أحْفَظَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصاريُّ اسْتَرْعى للزُّبَيْر حقَّه في صريح الحكم. فقال الزبير: ما أحسبُ هذه الآيةَ نزلت إلا في ذلك: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} الآية
(1)
. (4/ 521)
18943 -
عن أُمِّ سلمة، قالت: خاصم الزبيرُ رجلًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى للزبير، فقال الرجل: إنّما قضى له لأنّه ابنَ عمَّتِه. فأنزل الله: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} الآية
(2)
. (4/ 522)
18944 -
عن سعيد بن المُسَيِّب -من طريق الزهري- في قوله: {فلا وربك لا يؤمنون} الآية، قال: أُنزِلَتْ في الزبير بن العوام وحاطِب بن أبي بَلْتَعَةَ، اختصما في ماءٍ، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يَسْقِيَ الأعلى، ثُمَّ الأسفلُ
(3)
[1759]. (4/ 523)
18945 -
عن أبي الأسود، قال: اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى بينهما، فقال الذي قُضِي عليه: رُدَّنا إلى عمر بن الخطاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، انطلِقا إلى عمر» . فلمّا أتَيا عمرَ قال الرجلُ: يا ابن الخطاب، قَضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، فقال: رُدَّنا إلى عمر. فرَدَّنا إليك، فقال: أكذلك؟ قال: نعم. فقال عمر:
[1759] علّق ابن كثير (4/ 145) على قول سعيد، فقال:«هذا مرسل، ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري» .
_________
(1)
أخرجه البخاري 3/ 111 (2359، 2361، 2362)، 3/ 187 (2708)، 6/ 46 (4585)، ومسلم 4/ 1829 (2357)، والواحدي في أسباب النزول ص 163 - 164، وابن جرير 7/ 201 - 202 واللفظ له، وابن المنذر 2/ 775 - 776 (1957)، وابن أبي حاتم 3/ 993 - 994 (5558)، وعبد بن حميد كما في قطعة من تفسيره ص 104 - 105 (339).
(2)
أخرجه الحميدي في مسنده (300)، وسعيد بن منصور (660 - تفسير)، وابن جرير 7/ 203، وابن المنذر (1958)، والطبراني في الكبير 23/ 294 - 295. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 3/ 994.
قال ابن كثير 4/ 145: «هذا مرسل» . وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف 1/ 333: «وتسمية الأنصاري حاطب ابن أبي بلتعة لم أجده إلا عند ابن أبي حاتم، وهو مرسل» .
مكانكما حتى أخرج إليكما، فأقضي بينكما. فخرج إليهما مشتملًا على سيفه، فضرب الذي قال: رُدَّنا إلى عمر. فقتله، وأدبر الآخرُ فارًّا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، قتل عمرُ -واللهِ- صاحبي، ولوما أنِّي أعْجَزْتُه لَقَتَلَني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما كنتُ أظُنُّ أن يجترئ عمرُ على قتل مؤمنين» . فأنزل الله: {فلا وربك لا يؤمنون} الآية، فَهَدَر دم ذلك الرجل، وبَرِئ عمر من قتله، فكرِه اللهُ أن يُسَنَّ ذلك بعدُ، فقال:{ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} إلى قوله: {وأشد تثبيتا}
(1)
. (4/ 523)
18946 -
عن مكحول الشامي، قال: كان بين رجلٍ من المنافقين ورجل من المسلمين مُنازَعَةٌ في شيء، فأَتَيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى على المنافق، فانطلقا إلى أبي بكر، فقال: ما كنتُ لِأَقْضِي بين مَن يرغبُ عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقا إلى عمر، فقصّا عليه، فقال عمر: لا تعجلا حتى أخرج إليكما. فدخل، فاشْتَمَل على السيف، وخرج، فقتل المنافق، ثُمَّ قال: هكذا أقضي بين مَن لم يَرْضَ بقضاء رسول الله. فأتى جبريلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنّ عمر قد قتل الرجل، وفرَّق اللهُ بين الحق والباطل على لسان عمر. فسُمِّي: الفاروق
(2)
. (4/ 524 - 525)
18947 -
عن عتبة بن ضمرة بن حبيب، عن أبيه: أنّ رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى للمُحِقِّ على المُبْطِل، فقال المَقْضِيُّ عليه: لا أرضى. فقال صاحبُه: فما تريد؟ قال: أن تذهب إلى أبي بكر الصديق. فذهبا إليه، فقال: أنتما على ما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم. فأبى أن يرضى، قال: نأتي عمر. فأتياه، فدخل عمر منزلَه، وخرج والسيفُ في يده، فضرب به رأسَ الذي أبى أن يرضى، فقتله؛ وأنزل الله:{فلا وربك} الآية
(3)
. (4/ 524)
18948 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: {فلا وربك} الآية، قال: هذا في الرجل اليهودي والرجلِ المسلم اللَّذَيْنِ تحاكما إلى كعب بن
(1)
أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع 1/ 71 - 72 (160)، وابن أبي حاتم 3/ 994، وابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 2/ 308 - .
قال ابن كثير: «أثر غريب، وهو مرسل، وابن لهيعة ضعيف، من طريق ابن لهيعة» .
(2)
أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول 1/ 231 - 232.
(3)
عزاه السيوطي للحافظ دحيم في تفسيره.
قال ابن كثير 2/ 308: «وهو أثر غريب» .
الأشرف
(1)
. (4/ 523)
18949 -
عن عامر الشعبي -عن طريق داود-، مثله، إلا أنّه قال: احتكما إلى الكاهن
(2)
[1760]. (4/ 523)
18950 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق خالد الحَذّاء- في قوله: {فلا وربك لا يؤمنون} ، قال: نزلت في اليهود
(3)
. (4/ 523)
18951 -
عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق ابن ثور- قال: لَمّا نزلت هذه الآيةُ قال الرجلُ الذي خاصم الزبير -وكان من الأنصار-: سَلَّمْتُ
(4)
[1761]. (4/ 525)
18952 -
قال مقاتل بن سليمان: {فلا وربك لا يؤمنون} ، وذلك أنّ الزبير بن العوام -وهو من بني أسد بن عبد العُزّى- وحاطب بن أبي بلتعة العَنسِي مِن مَذْحِج
[1760] أفادت الآثارُ اختلاف السلف فيمن نزلت فيه الآية على ثلاثة أقوال: الأول: أنّها نزلت في خصومة كانت بين الزبير وبين رجل من الأنصار. الثاني: أنّها نزلت في المنافق واليهودي اللَّذَيْنِ تحاكما إلى كعب بن الأشرف. الثالث: أنّها نزلت في رجلين تحاكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضا بينهما، ثم تحاكما بعد إلى عمر، كما أفاده قول أبي الأسود ومكحول.
وقد رَجّح ابنُ جرير (7/ 204) مستندًا إلى السياق القول الثاني، وعلَّل ذلك بقوله:«لأن قوله: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} في سياق قصة الذين ابتدأ الله الخبر عنهم بقوله: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك}، ولا دلالة تدل على انقطاع قصتهم، فإلحاقُ بعضِ ذلك ببعضِ ما لم تأتِ دلالةٌ على انقطاعه أوْلى» .
[1761]
اختلفت الرواية في شأن الرجل الذي خاصمه الزبير بن العوام؛ فقيل: رجل من الأنصار. كما في قول ابن جريج. وقيل: إنّه حاطب بن أبي بلتعة. كما في قول مقاتل، وسعيد بن المسيب.
وقد رَجَّح ابنُ عطية (2/ 596) مستندًا إلى رواية البخاري أنّه رجلٌ من الأنصار، فقال:«والصحيح الذي وقع في البخاري أنّه رجل من الأنصار، وأنّ الزبير قال: فما أحسبُ أنّ هذه الآية نزلت إلا في ذلك» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 7/ 204، وابن المنذر (1954).
(2)
أخرجه ابن جرير 7/ 204. وفي تفسير الثعلبي 3/ 340، وتفسير البغوي 2/ 245: عن مجاهد والشعبي: أنّها نزلت في بِشْر المنافق واليهودي اللذين اختصما إلى عمر.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 3/ 995.
(4)
أخرجه ابن المنذر (1965).