الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا
(9)}
16457 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: {وليخش الذين لو تركوا} الآية، قال: هذا في الرجل يحضر الرجلَ عند موته، فيسمعه يُوصِي وصيَّةً يُضِرُّ بورثته، فأمر اللهُ الذي يسمعه أن يتقي الله، ويوفِّقَه ويُسَدِّدَه للصواب، ولينظر لورثته كما يحب أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضيعة
(1)
. (4/ 248)
16458 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في الآية، قال: يعني: الرجل يحضره الموت، فيُقال له: تصدَّق مِن مالك، وأَعْتِق، وأَعْطِ منه في سبيل الله. فنُهُوا أن يأمروا بذلك، يعني: أنّ مَن حضر منكم مريضًا عند الموت فلا يأمره أن يُنفِق ماله في العِتق، أو في الصدقة، أو في سبيل الله، ولكن يأمره أن يُبَيِّن ما له وما عليه من دَيْنٍ، ويوصي مِن ماله لذوي قرابته الذين لا يرثون، يوصي لهم
(1)
أخرجه ابن جرير 6/ 447، وابن المنذر 2/ 584، وابن أبي حاتم 3/ 877، والبيهقي في سُنَنِه 6/ 271.
بالخُمُس أو الرُّبُع. يقول: يسُرُّ أحدكم إذا مات وله ولد ضعاف -يعني: صغارًا- أن يتركهم بغير مالٍ؛ فيكونون عيالًا على الناس؟! ولا ينبغي لكم أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولأولادكم، ولكن قولوا الحقَّ مِن ذلك
(1)
. (4/ 248)
16459 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في الآية، قال: يعني بذلك: الرجل يموت وله أولاد صغار ضِعاف، يخاف عليهم العَيْلَة والضيعة، ويخاف بعده أن لا يُحْسِن إليهم مَن يليهم، يقول: فإن ولِيَ مثلَ ذريته ضِعافًا يتامى فلْيُحْسِن إليهم، ولا يأكل أموالهم إسرافًا وبدارًا أن يكبروا
(2)
. (4/ 248)
16460 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- في الآية، قال: إذا حضر الرجلُ عند الوصية فليس ينبغي أن يُقال: أوْصِ بمالك؛ فإنّ الله رازِقٌ ولدَك. ولكن يُقال له: قَدِّم لنفسك، واترك لولدك. فذلك القولُ السديد، فإنّ الذي يأمر بهذا يخاف على نفسه العَيْلَة
(3)
. (4/ 249)
16461 -
عن حكيم بن جابر -من طريق ابن أبي خالد- أنّه قيل له في الوصية عند الموت: لو أعتقت غلامك. فقرأ هذه الآية: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم}
(4)
. (ز)
16462 -
عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم} يعني: مِن بعد موتهم {ذرية ضعافا} يعني: عَجَزَةً لا حيلة لهم {خافوا عليهم} يعني: على ولد الميت الضَّيْعَة، كما يخافون على ولد أنفسهم، فليتَّقوا اللهَ، وليقولوا للمَيِّت إذا جلسوا إليه {قولا سديدا} يعني: عدلًا في وصيته، فلا يجور
(5)
. (4/ 249)
16463 -
عن حبيب بن أبي ثابت: انطلقتُ أنا والحكم بن عتيبة إلى سعيد بن جبير، فسألتُه عن قول الله:{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم} . قال: الشهود الذين يحضرونه يقولون: اتقِّ الله، صِلْهم، بُرَّهُمْ، أعْطِهم. ولو كانوا هم ما فعلوا، ولأَحَبُّوا أن يُبْقُوا لأولادهم، يأمرونه ولا يفعلون هم. =
16464 -
فأتينا مِقْسَمًا، فقال ما قال سعيد، فأخبرناه، فقال: لا، ولكن يقولون:
(1)
أخرجه ابن جرير 6/ 447، وابن أبي حاتم 3/ 876 - 877، والبيهقي في سننه 6/ 270 - 271.
(2)
أخرجه ابن جرير 6/ 451.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 3/ 878.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ت: محمد عوامة) 1/ 206 (31665).
(5)
أخرجه ابن أبي حاتم 3/ 877 - 878.
اتَّقِ الله، لا توصِ، أمسِك على ولدك. ولو كان الذي يوصي له أولادَهم لأَحَبُّوا أن يُوصِي لهم
(1)
. (ز)
16465 -
عن يحيى بن أبي عمرو السَّيْبانِيِّ، قال: كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك، وفينا ابن محيريز، وابن الديلمي، وهانئ بن كلثوم، فجعلنا نتذاكر ما يكون في آخر الزمان، فضِقْتُ ذرعًا بما سمعتُ، فقلتُ لابن الديلمي: يا أبا بشر، يَوَدُّني أنّه لا يُولَد لي ولدٌ أبدًا. فضرب بيده على مَنكِبِي، وقال: يا ابن أخي، لا تفعل؛ فإنّه ليست مِن نَسْمَةٍ كتب الله لها تخرج مِن صلب رجل إلا وهي خارجةٌ إن شاء، وإن أبى. قال: ألا أدُلُّك على أمرٍ إن أنت أدركتَه نَجّاك الله منه، وإن تركت ولدك مِن بعدك حفظهم الله فيك؟ قلتُ: بلى. فتلا عَلَيَّ هذه الآية: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} الآية
(2)
. (4/ 250)
16466 -
عن مِقْسَم بن بجرة -من طريق حبيب بن أبي ثابت- قال: هم الذين يقولون: اتَّقِ اللهَ، وأَمْسِكْ عليك مالَك. فلو كان ذا قرابة لهم لَأَحَبُّوا أن يُوصِي لهم
(3)
. (ز)
16467 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في الآية، قال: كان الرجل إذا حضر يُقال له: أوْصِ لفلان، أوْصِ لفلان، وافعل كذا، وافعل كذا. حتى يَضُرَّ ذلك بورثته؛ فقال الله:{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم} . قال: لينظروا لورثة هذا كما ينظر أحدكم لورثة نفسه، فلْيَتَّقُوا اللهَ، وليأمروه بالعدل والحقِّ
(4)
. (4/ 249)
16468 -
عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- في قوله: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} الآية، يقول: إذا حضر أحدُكم مَن حضره الموتُ عند وصيته؛ فلا يَقُل: أعْتِقْ مِن مالِك، وتَصَدَّق. فيفرق ماله، ويدَع أهله عُيَّلًا
(5)
، ولكن مُرُوه فليكتب ما لَه مِن دينٍ، وما عليه، ويجعل مِن ماله لذوي قرابته خُمُسَ مالِه،
(1)
تفسير الثوري ص 90.
(2)
أخرجه ابن جرير 6/ 452.
(3)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 150، وابن جرير 6/ 450.
(4)
أخرجه سعيد بن منصور (584 - تفسير)، وآدم -كما في تفسير مجاهد ص 268 - ، وابن جرير 6/ 449 بنحوه، وابن المنذر 2/ 585 من طريق ابن جريج بنحوه، والبيهقي 6/ 271. وفي تفسير مجاهد آخر الأثر:{وليقولوا قولا سديدا} يعني: عدلًا. وعلَّقه ابن أبي حاتم 3/ 877.
(5)
عُيَّلا: جمع عائل، وهو الفقير المحتاج. القاموس (عيل).
ويدع سائره لورثته
(1)
. (ز)
16469 -
عن الحسن البصري -من طريق مبارك- في قوله: {وليقولوا قولا سديدا} ، قال: صِدْقًا
(2)
. (ز)
16470 -
عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرمي، وقرأ:{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} ، قال: قالوا: حقيقٌ أن يأمر صاحب الوصية بالوصية لأهلها، كما أن لو كانت ذرية نفسه بتلك المنزلة لَأَحَبُّ أن يُوصِي لهم، وإن كان هو الوارثُ فلا يمنعه ذلك أن يأمره بالذي يَحِقُّ عليه، فإنّ ولده لو كانوا بتلك المنزلة أحب أن يحث عليه، فليتَّقِ الله هو، فليأمره بالوصية وإن كان هو الوارث. أو نحوًا من ذلك
(3)
. (ز)
16471 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- قوله: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} ، قال: يقول: مَن حضر ميِّتًا فليأمره بالعدل والإحسان، وليَنْهَهُ عن الحَيْفِ والجُورِ في وصيته، وليخش على عياله ما كان خائفًا على عياله لو نزل به الموت
(4)
. (ز)
16472 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} ، قال: إذا حضرتَ وصِيَّة ميتٍ فمُرْهُ بما كنتَ آمرًا نفسَك بما تَتَقَرَّبُ به إلى الله، وخَفْ في ذلك ما كنتَ خائِفًا على ضَعَفَةٍ لو تركتَهم بعدك. يقول: فاتَّقِ اللهَ، وقل قولًا سديدًا إن هو زاغَ
(5)
. (ز)
16473 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا} ، قال: الرجل يحضره الموت، فيحضره القوم عند الوصية، فلا ينبغي لهم أن يقولوا له: أوْصِ بمالِك كلِّه، وقدِّم لنفسك؛ فإنّ الله سيرزق عيالك. ولا يتركوه يُوصِي بماله كله. يقول للذين حضروا:{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم} . فيقول: كما يخاف أحدكم على عياله لو مات -إذ يتركهم صغارًا ضِعافًا، لا شيء لهم- الضَّيْعَةَ بعده؛ فليخف ذلك على عيال أخيه المسلم، فيقول له القول
(1)
أخرجه ابن جرير 6/ 449.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 3/ 878.
(3)
أخرجه ابن جرير 6/ 451.
(4)
أخرجه ابن جرير 6/ 447. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 1/ 350 - .
(5)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 150، وابن جرير 6/ 448، وابن المنذر 2/ 586.
السديد
(1)
. (ز)
16474 -
عن يعقوب، قال: سألتُ زيد بن أسلم عن قول الله: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} ، قال: إذا حضر القسمة الرجلُ حين يُوصِي بالوصية القسمة يحضره ناس أولو القربى، واليتامى، والمساكين، ويُذَكِّرُونه قرابتَه، والمساكين يقولون: فلان مسكين، وفلان ذو حاجة. فيأمرونه أن يُحْسِن ولا يَجْحَفَ بولده، فنهى الذين حضروا أن يكلموا بغير ذلك، فقال:{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم} مثل ما ترك {ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا}
(2)
. (ز)
16475 -
قال محمد بن السائب الكلبي: هذا الخطابُ لِوُلاة اليتامى، يقول: مَن كان في حِجْرِه يتيمٌ فلْيُحْسِن إليه، ولْيَأْتِ إليه في حقِّه ما يَجِبُ أن يفعل بذُرِّيَّتِه مِن بعده
(3)
. (ز)
16476 -
قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ قال عز وجل: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} ، فهو الرجل يحضر الميت، فيقول له: قدِّم لنفسِك، أوْصِ لفلان وفلان. حتى يُوصِي بعامَّةِ مالِه، فيزيد على الثُّلُث، فنهى الله عز وجل عن ذلك، فقال: وليخش الذين يأمرون الميتَ بالوصية بأكثرَ من الثلث، فليخش على ورثة الميت الفاقَةَ والضَّيْعَةَ، كما يخشى على ذريته الضعيفة من بعده، فكذلك لا يأمر الميت بما يؤثمه، فذلك قوله سبحانه:{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} يعني: عَجَزَة، لا حيلَة لهم. نظيرها في البقرة
(4)
. {خافوا عليهم} الضَّيْعَة، {فليتقوا الله وليقولوا} إذا جلسوا إلى الميت {قولا سديدا} يعني: عدلًا، فليأمره بالعدل في الوصية، فلا يُحَرِّفها، ولا يَجُرْ فيها
(5)
. (ز)
16477 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله:
(1)
أخرجه ابن جرير 6/ 448.
(2)
أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن 2/ 125 (248).
(3)
تفسير الثعلبي 3/ 263، وتفسير البغوي 2/ 171.
(4)
(5)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 359 - 360.
{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا} ، قال: يقول قولًا سديدًا يُذَكِّرُ هذا المسكينَ وينفعُه، ولا يُجْحِفُ بهذا اليتيمِ وارث المؤدي، ولا يُضِرُّ به؛ لأنّه صغيرٌ، لا يدفع عن نفسه، فانظر له كما تنظر إلى ولدِك لو كانوا صغارًا
(1)
[1537]. (ز)
[1537] أفادت الآثارُ الاختلافَ في تأويل قوله تعالى: {وليخش .. } الآية على أربعة أقوال: أولها: أنّ معناه: وليحذر الذين يحضرون ميّتًا يُوصِي في ماله أن يأمروه بتفريق ماله وصِيَّةً فيمن لا يرثه، ولكن ليأمروه أن يُبْقِي ماله لولده، كما لو كان هو الموصي لآثَرَ أن يبقي ماله لولده. وهذا قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، ومجاهد، والسديّ. وثانيها: أن معناه: وليحذر الذين يحضرون الميت وهو يوصي أن ينهوه عن الوصية لأقربائه، وأن يأمروه بإمساك ماله والتحفظ به لولده، وهم لو كانوا مِن أقرباء الموصى لآثروا أن يوصي لهم. وهو قول مقسم، وسليمان. وثالثها: أنّ ذلك أمر من الله تعالى لِوُلاةِ الأيتام أن يلوهم بالإحسان إليهم في أنفسهم وأموالهم، كما يحبون أن يكون ولاة أولادهم الصغار من بعدهم في الإحسان إليهم لو ماتوا وتركوا أولادهم يتامى صغارًا. وهو قول ابن عباس من طرق العوفيّ. ورابعها: أنّ مَن خشي على ذريته من بعده، وأحب أن يكف الله عنهم الأذى بعد موته؛ فليتقوا الله وليقولا قولًا سديدًا. وهو قول أبي بشر ابن الديلميّ.
وذَهَبَ ابنُ كثير (3/ 365) استنادًا إلى السياق إلى القول الثالث، فقال:«هو قول حسنٌ، يتأيد بما بعده من التهديد في أكل أموال اليتامى ظلمًا، أي: كما تحب أن تُعامَل ذريتك من بعدك فعامِل الناسَ في ذريّاتهم إذا وليتهم، ثم أعْلَمَهُم أنّ من أكل أموال اليتامى ظلمًا فإنما يأكل في بطنه نارًا، ولهذا قال: {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارًا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}» .
وقال ابنُ عطية (2/ 477) مَعَلِّقًا على القولين الأولين، ومختارًا للجمع بينهما:«وهذان القولان لا يَطَّرِدُ واحد منهما في كل الناس، بل الناس صنفان، يصلح لأحدهما القول الواحد، وللآخر القول الثاني، وذلك أنّ الرجل إذا ترك ورثة مستقلين بأنفسهم أغنياء حَسُن أن يُندَبَ إلى الوصية، ويُحْمَل على أن يُقَدِّم لنفسه، وإذا ترك ورثة ضعفاء مُقِلِّين حَسُن أن يندب إلى الترك لهم والاحتياط، فإنّ أجره في قصد ذلك كأجره في المساكين، فالمُراعى إنما هو الضعف؛ فيجب أن يمال معه» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 6/ 453.