الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا
(83)}
نزول الآية:
19201 -
عن عمر بن الخطاب -من طريق ابن عباس- قال: لَمّا اعْتَزَل النبي صلى الله عليه وسلم نساءَه دخلتُ المسجدَ، فإذا الناسُ يَنكُتُونَ بِالحَصى
(1)
، ويقولون: طلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءَه. فقمت على باب المسجد، فنادَيْتُ بأعلى صوتي: لم يطلق نساءَه. ونزلت هذه الآية فِيَّ: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} . فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر
(2)
[1778].
(4/ 548)
19202 -
عن عمر بن الخطاب -من طريق ابن عباس- قال: لَمّا اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءَه، قال: دخلتُ المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون: طلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. وذلك قبل أن يُؤْمَرْن بالحجاب، فقال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلتُ على عائشة، فقلت: يا بنت أبي بكر، أقد بلغ من شأنكِ أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقالت: ما لي وما لك، يا ابن الخطاب، عليك بِعَيْبَتِك
(3)
. قال: فدخلتُ على حفصة بنت عمر، فقلت لها: يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ِ واللهِ، لقد علمتُ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّكِ، ولولا أنا لطلَّقك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبَكَتْ أشدَّ البكاء، فقلتُ لها: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
[1778] بيّن ابنُ عطية (28/ 614) أنّ الذين يستنبطونه هم البَحَثَةُ عنه، وهم مستنبطوه كما يستنبط الماء، ثم علّق قائلًا:«وهذا التأويل جارٍ مع قول عمر?: أنا استنبطته ببحثي وسؤالي» . ثم ذكر في الآية احتمالًا آخر، فقال:«وتحتمل الآية أن يكون المعنى: لعلمه المسئولون المستنبطون، فأخبروا بعلمهم» .
_________
(1)
ينكتون بالحصى: يضربون به الأرض. النهاية (نكت).
(2)
أخرجه مسلم 2/ 1105 (1479)، وابن أبي حاتم 3/ 1014 (5682).
(3)
عليك بعيبتك: أي: اشتغل بأهلك ودعني. النهاية (عيب).
قالت: هو في خزانته في المَشْرُبة
(1)
. فدخلتُ، فإذا أنا برباحٍ غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا على أسْكُفَّة المَشْرَُبة
(2)
، مُدَلٍّ رجليه على نقير من خشب -وهو جِذْعٌ يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر-، فنادَيْتُ: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إلَيَّ، فلم يقل شيئًا، ثم قلتُ: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إلَيَّ، فلم يقل شيئًا، ثم رفعت صوتي، فقلتُ: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أظُنُّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ظَنَّ أنِّي جئتُ من أجل حفصة، واللهِ، لَئِن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لَأَضْرِبَنَّ عنقها. ورفعتُ صوتي، فأومأ إلَيَّ أنِ ارْقَهْ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير، فجلست، فأدنى عليه إزارَه، وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثَّر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قَرَظًا
(3)
في ناحية الغرفة، وإذا أفِيقٌ
(4)
مُعَلَّق، قال: فابتدَرَتْ عيناي، قال:«ما يُبكيك، يا ابن الخطاب؟» . قلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثَّر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوتُه وهذه خزانتك! فقال:«يا ابن الخطاب، ألا ترضى أن تكون لنا الآخرةُ ولهم الدنيا؟» . قلت: بلى. قال: ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله، ما يَشُقُّ عليك مِن شأن النساء؟ فإن كُنت طلَّقْتَهُنَّ فإنّ الله معك، وملائكته، وجبريل، وميكائيل، وأنا، وأبو بكر، والمؤمنون معك. وقلَّما تكلمتُ -وأَحْمَدُ الله- بكلامٍ إلا رجوتُ أن يكون اللهُ يُصَدِّق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية آية التخيير:{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} [التحريم: 5]، {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} [التحريم: 4]، وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصةُ تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أطَلَّقْتَهُنَّ؟ قال:«لا» . قلتُ: يا رسول الله، إنِّي دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى، يقولون: طلَّق
(1)
المشربة -بفتح الراء وضمها-: الغرفة. النهاية (شرب).
(2)
أسكفة المشربة: عتبة بابها التي يوطأ عليها. اللسان (سكف).
(3)
القَرَظ: هو ورقَ السَّلَم. النهاية (قرظ).
(4)
الأفيق: هو الجلْد الذي لَم يتِمّ دباغه. وقيل هو ما دُبغ بغير القَرَظ. النهاية (أفق).