الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجمال تفسير السورة
74723 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق السُّدِّيّ، عن أبي مالك، وأبي صالح- في قوله:{إذا وقَعَتِ الواقِعَةُ} قال: الساعة، {لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ} يقول: مَن كَذّب بها في الدنيا فإنه لا يُكذّب بها في الآخرة إذا وقَعتْ، {خافِضَةٌ رافِعَةٌ} قال: القيامة خافضة. يقول: خَفَضَتْ فأسمَعَت الأدنى، ورَفَعتْ فأسمَعَت الأقصى، كان القريب والبعيد فيها سواء. قال: وخَفَضَتْ أقوامًا قد كانوا في الدنيا مرتفعين، ورَفَعتْ أقوامًا حتى جَعلتْهم في أعلى عِلّيّين، {إذا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًّا} قال: هي الزّلْزلة، {وبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا} قال الحكم: قال السُّدِّيّ: قال علي: هذا الهَرَج، هَرَج الدّواب الذي يُحرّك الغبار، {وكُنْتُمْ أزْواجًا ثَلاثَةً} قال: العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل، {فَأَصْحابُ المَيْمَنَةِ ما أصْحابُ المَيْمَنَةِ} هم الجمهور جماعة أهل الجنة، {وأَصْحابُ المَشْأَمَةِ ما أصْحابُ المَشْأَمَةِ} هم أصحاب الشمال، يقول: ما لهم وما أعدّ لهم، {والسّابِقُونَ السّابِقُونَ} هم مثل النّبيّين، والصِّدِّيقين، والشهداء بالأعمال من الأوّلين والآخرين، {أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ} قال: هم أقرب الناس من دار الرحمن مِن بُطْنان الجنة، وبُطْنانها: وسطها، {فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ} ، {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} قال: المَوْضُونة: المَرْمُولة بالذّهب، المُكلّلة بالجوهر والياقوت، {مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ} قال ابن عباس: ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه، يقول: حِلقًا حِلقًا، {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ} قال: خَلَقهم الله في الجنة كما خَلَق الحُور العين، لا يموتون، لا يَشيبون، ولا يَهْرمون، {بِأَكْوابٍ وأَبارِيقَ} والأكواب: التي ليس لها آذان مثل الصّواع، والأباريق: التي لها الخراطيم والأعناق، {وكَأْسٍ مِن مَعِينٍ} قال: الكأس من الخمر بعينها، ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر، فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء، والمَعين يقول: مِن خمرٍ جاري، {لا يُصَدَّعُونَ عَنْها} عن الخمر، {ولا يُنْزِفُونَ} لا تَذهب بعقولهم، {وفاكِهَةٍ مِمّا يَتَخَيَّرُونَ} يقول: مما يشتهون، {ولَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ} يقول: يجيئهم الطير حتى يقع، فيَبسط جناحه، فيأكلون منه ما اشتَهوا نضيجًا لم تُنضجه النار، حتى إذا شَبعوا منه طار، فذَهب كما كان، {وحُورٌ عِينٌ} قال: الحُور: البِيض، والعِين: العظام الأعين، حِسان، {كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ} قال: كبياض اللؤلؤ التي لم تمسّهن الأيدي ولا الدّهر، {المَكْنُونِ} الذي في الأصداف، {جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوًا} قال: اللغو: الحَلف: لا واللهِ، وبلى واللهِ، {ولا تَأْثِيمًا} قال: لا يَأْثمون، {إلّا قِيلًا
سَلامًا سَلامًا} يقول: التسليم منهم وعليهم، بعضهم على بعض، قال: هؤلاء المُقرّبون. ثم قال: {وأَصْحابُ اليَمِينِ ما أصْحابُ اليَمِينِ} وما أعدّ لهم! {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} والمخضود: المُوقَر الذي لا شوك فيه، {وطَلْحٍ مَنضُودٍ وظِلٍّ مَمْدُودٍ} يقول: ظِلّ الجنة لا ينقطع، ممدود عليهم أبدًا، {وماءٍ مَسْكُوبٍ} يقول: مصبوب، {وفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ} قال: لا تَنقطع حينًا وتجيء حينًا مثل فاكهة الدنيا، {ولا مَمْنُوعَةٍ} كما تُمنع في الدنيا إلا بثمن، {وفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} يقول: بعضها فوق بعض. ثم قال: {إنّا أنْشَأْناهُنَّ إنْشاءً} قال: هؤلاء نساء أهل الجنة، وهؤلاء العُجُزُ الرُّمْصُ
(1)
، يقول: خَلقَهم خَلْقًا، {فَجَعَلْناهُنَّ أبْكارًا} يقول: عذارى، {عُرُبًا} والعُرُب: المُتحبّبات إلى أزواجهنّ، {أتْرابًا} المُصطحبات اللاتي لا تَغَرْن، {لِأَصْحابِ اليَمِينِ ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} يقول: طائفة من الأوّلين، وطائفة من الآخرين، {وأَصْحابُ الشِّمالِ ما أصْحابُ الشِّمالِ} ما لهم وما أعدّ لهم، {فِي سَمُومٍ} قال: فَيح نار جهنم، {وحَمِيمٍ} الماء الحارّ الذي قد انتهى حرّه، فليس فوقه حرّ، {وظِلٍّ مِن يَحْمُومٍ} قال: من دُخان جهنم، {لا بارِدٍ ولا كَرِيمٍ إنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} قال: مشركين جبّارين، {وكانُوا يُصِرُّونَ} يُقيمون، {عَلى الحِنْثِ العَظِيمِ} قال: على الإثم العظيم. قال: هو الشّرك، {وكانُوا يَقُولُونَ أئِذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا وعِظامًا} إلى قوله:{أوَآباؤُنا الأَوَّلُونَ} قال: {قُلْ} يا محمد: {إنَّ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} قال: يوم القيامة، {ثُمَّ إنَّكُمْ أيُّها الضّالُّونَ المُكَذِّبُونَ} قال: المشركون المُكذّبون {لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِن زَقُّومٍ} قال: والزَّقوم إذا أكَلوا منه غَصُّوا، والزَّقوم شجرة، {فَمالِئُونَ مِنها البُطُونَ} قال: يَملؤون من الزَّقوم بطونهم، {فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الحَمِيمِ} يقول: على الزَّقوم الحميم، {فَشارِبُونَ شُرْبَ الهِيمِ} هي الرّمال لو مَطرتْ عليها السماء أبدًا لم يُر فيها مستنقع، {هَذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} كرامة يوم الحساب، {نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ} يقول: أفلا تُصدِّقون، {أفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ} يقول: هذا ماء الرجل، {أأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أمْ نَحْنُ الخالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ المَوْتَ} في المتعجّل والمتأخّر، {وما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} يقول:{عَلى أنْ نُبَدِّلَ أمْثالَكُمْ} فيقول: نَذهب بكم ونَجيء بغيركم، {ونُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ} يقول: نخلُقكم فيما لا تعلمون؛ إن نشأ خلقناكم قِردة،
(1)
الرُّمْص: جمع رَمْصاء، والرَّمَصُ في العين كالغَمَص، وهو قَذًى تلفظ به. لسان العرب والقاموس (رمص).
وإن نشأ خلقناكم خنازير، {ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} يقول: فهلّا تذكرون. ثم قال: {أفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ} يقول: ما تزرعون، {أأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ} يقول: أليس نحن الذي نُنبتُه أم أنتم المُنبتُون؟! {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} يقول: تَنَدَّمون، {إنّا لَمُغْرَمُونَ} يقول: إنّا لَمُوّارٌ
(1)
به، {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} {أأَنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِن المُزْنِ} يقول: من السحاب، {أمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجًا} يقول: مُرًّا، {فَلَوْلا تَشْكُرُونَ} يقول: فهلّا تشكرون، {أفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ} يقول: تَقْدحون، {أأَنْتُمْ أنْشَأْتُمْ} يقول: خلقتم {شَجَرَتَها أمْ نَحْنُ المُنْشِئُونَ} قال: وهي مِن كل شجرة إلا في العُنّاب
(2)
، وتكون في الحجارة، {نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً} يقول: يُتذكّر بها نار الآخرة العليا، {ومَتاعًا لِلْمُقْوِينَ} قال: والمُقوي: هو الذي لا يجد نارًا، فيُخرِج زِنده، فيَسْتَنوِر ناره، فهي متاع له، {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ} يقول: فَصَلِّ لربّك العظيم، {فَلا أُقْسِمُ} يقول: أُقسم {بِمَواقِعِ النُّجُومِ} قال: أتى ابنَ عباس عُلَيَّةُ بن الأسود أو نافعُ بن الحكم، فقال له: يا ابن عباس، إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دَخلني منها شيء. قال ابن عباس: ولِم ذلك؟ قال: لأني أسمع الله يقول: {إنّا أنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: 1]، ويقول:{إنّا أنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إنّا كُنّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3]، ويقول في آية أخرى:{شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ} [البقرة: 185]، وقد نزل في الشهور كلّها؛ شوال وغيره. قال ابن عباس: ويلك! إنّ جُملة القرآن أُنزِل من السماء في ليلة القَدْر إلى بدء موقع النجوم. يقول: إلى سماء الدنيا، فنَزَل به جبريلُ في ليلة منه، وهي ليلة القَدْر المباركة، وهي في رمضان، ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله:{فَلا أُقْسِمُ} يقول: أُقسم {بِمَواقِعِ النُّجُومِ وإنَّهُ لَقَسَمٌ} والقَسم قَسمٌ، إلى قوله:{لا يَمَسُّهُ إلّا المُطَهَّرُونَ} وهم السَّفرة، والسَّفرة: هم الكتبة. ثم قال: {تَنْزِيلٌ مِن رَبِّ العالَمِينَ أفَبِهَذا الحَدِيثِ أنْتُمْ مُدْهِنُون} يقول: تَوَلَّوْن أهل الشّرك، {وتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} قال ابن عباس: سافر النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حرٍّ، فعطش الناس عطشًا شديدًا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع مِن العطش، فذُكِر ذلك له، قالوا: يا رسول الله، لو دعوتَ الله، فسَقانا. قال:«لعلّي لو دعوتُ الله فسقاكم لقلتم: هذا بنَوء كذا وكذا» .
(1)
مارَ يَمُور مَوْرًا: يذهبُ ويجيءُ ويتردّد. لسان العرب (مور).
(2)
العناب: شجر شائك من الفصيلة السِّدْرية، يبلغ ارتفاعه ستة أمتار، ويطلق العناب على ثمره أيضًا، وهو أحمر حلو لذيذ الطعم على شكل ثمرة النبق. المعجم الوسيط (عنب).