الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
77021 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَن عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} ، قال: إنّ عبد الله بن أُبيّ قال لأصحابه: لا تُنفِقوا على مَن عند رسول الله؛ فإنكم لو لم تُنفِقوا عليهم قد انفَضُّوا. وفي قوله: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنها الأَذَلَّ} قال: قد قالها منافقٌ عظيم النّفاق في رجلين اقتتلا؛ أحدهما غِفاريّ، والآخر جُهَني، فظهر الغِفاريّ على الجُهنيّ، وكان بين جُهَينة وبين الأنصار حِلفٌ، فقال رجل من المنافقين، وهو عبد الله بن أُبيّ: يا بني الأَوْس والخَزْرج، عليكم صاحبكم وحليفكم. ثم قال: واللهِ، ما مثَلنا ومَثَل محمد إلا كما قال القائل: سمِّن كلبك يأكلك، واللهِ، لئن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ. فسعى بها بعضهم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: يا نبي الله، مُرْ معاذًا أن يضرب عُنُق هذا المنافق. فقال:«لا يتحدّث الناس أنّ محمدًا يقتل أصحابه» . وذُكر لنا: أنه أُكثر على رجلين من المنافقين عنده، فقال:«هل يُصلّي؟» . فقال: نعم، ولا خير في صلاته. قال:«نُهيتُ عن المُصلِّين، نُهيتُ عن المُصلِّين، نُهيتُ عن المُصلِّين»
(1)
. (14/ 502)
77022 -
قال مقاتل بن سليمان: {هُمُ} يعني: عبد الله {الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَن عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتّى يَنْفَضُّوا ولِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ والأَرْضِ} يعني: مفاتيح الرزق والمطر والنبات، {ولكِنَّ المُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ} الخير. ثم قال -يعني: عبد الله-: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنها الأَذَلَّ} يعني: الأمنع منها الأَذلّ، {ولِلَّهِ العِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ} فهؤلاء أعزّ من المنافقين، {ولكِنَّ المُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} ذلك
(2)
. (ز)
آثار متعلقة بقصة الآية
77023 -
عن عكرمة، قال: لَمّا حضر عبدَ الله بن أُبيّ الموتُ؛ قال ابنُ عباس: فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجرى بينهما كلام، فقال له عبد الله بن أُبيّ: قد أفقه ما تقول، ولكن مُنّ عليَّ اليوم وكفِّني بقميصك هذا، وصلِّ عليَّ. قال ابن عباس: فكفّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقميصه، وصلّى عليه، والله أعلم أيّ صلاة كانت، وإنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يَخدع إنسانًا قط، غير أنه قال يوم الحُدَيبية كلمة حسنة. فسُئِل عكرمة: ما هذه الكلمة؟
(1)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 293، وابن جرير 22/ 664. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 338 - 341.
قال: قالت له قريش: يا أبا حُباب، إنّا قد مَنعنا محمدًا طواف هذا البيت، ولكنا نأذن لك. فقال: لا، لي في رسول الله أسوة حسنة. قال: فلما بلغوا المدينة أخذ ابنه السيف، ثم قال لوالده: أنت تزعم لئن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ! واللهِ، لا تَدخلها حتى يَأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
. (14/ 504)
77024 -
عن محمد بن سيرين: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مُعسكِرًا، وأنّ رجلًا من قريش كان بينه وبين رجل من الأنصار كلام، حتى اشتدّ الأمر بينهما، فبلغ ذلك عبد الله بن أُبيّ، فخرج فنادى: غَلبني على قومي مَن لا قوم له. فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فأخذ سيفه، ثم خرج عامدًا ليضربه، فذكر هذه الآية:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ} [الحجرات: 1]، فرجع حتى دخل على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:«مالك، يا عمر؟» . قال: العَجب مِن ذلك المنافق! يقول: غَلبني على قومي مَن لا قوم له، واللهِ، لئن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ. قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«قم، فنادِ في الناس يَرتحلوا» . فتفرّق القوم، فخرج عمر، فنادى: يا أيها الناس، إنّ رسول الله مُرتحِل؛ فارتَحِلوا. فساروا، حتى إذا كان بينهم وبين المدينة مسيرة ليلة تعجّل عبدُ الله بن عبد الله بن أُبيّ، حتى أناخ بجامع طرق المدينة، ودخل الناس، حتى جاء أبوه عبد الله بن أُبيّ، فقال: وراءك. فقال: مالك، ويلك؟! قال: واللهِ، لا تَدخلها أبدًا إلا أن يَأذن رسول الله، ولتَعلمنّ اليوم مَن الأَعزّ من الأَذلّ. فرجع حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه ما صنع ابنه، فأَرسَل إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ خَلِّ عنه حتى يَدخل، ففعل، فلم يلبثوا إلا أيامًا قلائل حتى اشتكي عبد الله، فاشتدّ وجعُه، فقال لابنه عبد الله: يا بني، ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فادْعُه، فإنك إذ أنتَ طلبتَ ذلك إليه فعل. ففعل ابنه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنّ عبد الله بن أُبيّ شديد الوجع، وقد طلب إلَيّ أنْ آتيك فتأتيه؛ فإنه قد اشتاق إلى لقائك. فأخذ نعليه، فقام، وقام معه نفرٌ من أصحابه حتى دَخلوا عليه، فقال لأهله حين دخل النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أجلِسوني. فأَجلَسوه، فبكى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أجزعًا -يا عدوّ الله- الآن؟!» . فقال: يا رسول الله، إني لم أدْعُك لتُؤنّبني، ولكن دَعوْتُك لترحمني. فاغرورقتْ عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«ما حاجتك؟» . قال: حاجتي إذا أنا مِتّ أن تشهد غُسلي، وتُكفّني في ثلاثة أثواب مِن أثوابك، وتمشي مع جنازتي، وتُصلّي علي. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنَزلت هذه الآية بعد: {ولا تُصَلِّ عَلى أحَدٍ مِنهُمْ ماتَ أبَدًا ولا تَقُمْ عَلى
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
قَبْرِهِ} [التوبة: 84]
(1)
. (14/ 506)
77025 -
عن عُروة بن الزبير -من طريق هشام-: أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المُصْطَلِق لَمّا أتَوا المنزل كان بين غلمان من المهاجرين وغلمان من الأنصار قتال، فقال غلمان من المهاجرين: يا لَلمهاجرين. وقال غلمان من الأنصار: يا لَلأنصار. فبلغ ذلك عبد الله بن أُبيّ بن سَلول، فقال: أما -واللهِ- لو أنهم لم يُنفِقوا عليهم انفَضُّوا من حوله، أما -والله- لئن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ. فبَلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالرحيل، فأدرَك ركبًا من بني عبد الأشهل في المسِير، فقال لهم:«ألم تعلموا ما قال المنافق عبد الله بن أُبيّ؟» . قالوا: وماذا قال، يا رسول الله؟ قال:«قال: أما -واللهِ- لو لم تُنفِقوا عليهم لانفَضُّوا من حوله، أما -واللهِ- لئن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ» . قالوا: صدَق، يا رسول الله، فأنتَ والله العزيز وهو الذليل
(2)
. (14/ 505)
77026 -
عن عاصم بن عمر بن قتادة -من طريق محمد بن إسحاق-: أنّ عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتْل عبد الله بن أُبيّ فيما بلغك عنه، فإن كنتَ فاعلًا فمُرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فواللهِ، لقد عَلمت الخَزْرَج ما كان لها رجل أبرّ بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تَدَعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد الله بن أُبيّ يمشي في الناس، فأقتله، فأقتل مؤمنًا بكافر، فأَدخل النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بل نَرْفُق به، ونُحسنُ صُحبته ما بقي معنا» . وجعل بعد ذلك اليوم إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يُعاتبونه ويأخذونه ويُعنّفونه ويتوعّدونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك عنهم من شأنهم:«كيف ترى، يا عمر؟ أما -واللهِ- لو قتلتُه يوم أمرتني بقتْله لأَرعدتْ له أُنُفٌ لو أمرتُها اليوم بقتْله لقَتَلتْه» . قال: فقال عمر: قد -واللهِ- عِلمتُ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة مِن أمري
(3)
. (ز)
77027 -
عن عبد الملك ابن جُرَيْج، قال: لما قدموا المدينة سلّ عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ على أبيه السيف، وقال: لأضربنك أو تقول: أنا الأَذلّ ومحمد الأَعزّ. فلم يَبرح حتى قال ذلك
(4)
. (14/ 505)
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 14/ 428 - 429.
(3)
أخرجه ابن جرير 22/ 669 - 670.
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
77028 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قول الله: {لَئِنْ رَجَعْنا إلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنها الأَذَلَّ} ، قال: كان المنافقون يُسمّون المهاجرين: الجلابيب. وقال: قال ابن أُبيّ: قد أمرتُكم في هؤلاء الجلابيب أمري. قال: هذا بين أمَجَ
(1)
وعُسْفانَ
(2)
على الكَدِيدِ
(3)
، تنازعوا على الماء، وكان المهاجرون قد غَلبوا على الماء. قال: وقال ابن أُبيّ أيضًا: أما -واللهِ- لَئِن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ، لقد قلتُ لكم: لا تُنفِقوا عليهم، لو تركتموهم ما وجدوا ما يأكلون، ويَخرجوا ويَهربوا. فأتى عمرُ بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ألا تسمع ما يقول ابن أُبيّ؟ قال:«وما ذاك؟» . فأَخبَره، وقال: دَعني أضرب عُنُقه، يا رسول الله. قال:«إذًا تَرعَد له أنُفٌ كثيرة بيَثرب» . قال عمر: فإن كرهتَ -يا رسول الله- أن يقتله رجل من المهاجرين؛ فمُر به سعد بن معاذ، ومحمد بن مَسْلمة فيقتلانه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إني أكره أن يتحدّث الناس أنّ محمدًا يقتل أصحابه، ادعوا لي عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ» . فدعاه، فقال:«ألا ترى ما يقول أبوك؟» . قال: وما يقول، بأبي أنت وأمي؟ قال:«يقول: لئن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ» . فقال: فقد صدَق -واللهِ- يا رسول الله، أنتَ -واللهِ- الأَعزّ وهو الأَذلّ، أما -والله- لقد قدمتَ المدينة -يا رسول الله- وإنّ أهل يثرب ليَعلمون ما بها أحد أبرّ مني، ولئن كان يُرضي الله ورسوله أنْ آتيهما برأسه لآتينّهما به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا» . فلما قدموا المدينة قام عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ على بابها بالسيف لأبيه، ثم قال: أنت القائل: لئن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجنّ الأَعزّ منها الأَذلّ؟! أما -واللهِ- لتعرفنّ العزّة لك أو لرسول الله، والله، لا يأويكَ ظِلّه، ولا تأويه أبدًا إلا بإذنٍ من الله ورسوله. فقال: يا للخَزْرَج، ابني يمنعني بيتي! يا للخَزْرَج، ابني يمنعني بيتي! فقال: واللهِ، لا تَأويه أبدًا إلا بإذنٍ منه. فاجتمع إليه رجال، فكلّموه، فقال: واللهِ، لا يَدخله إلا بإذنٍ من الله ورسوله. فأتَوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأَخبَروه، فقال:«اذهبوا إليه، فقولوا له: خلِّه ومسكنَه» . فأتَوه، فقال: أما إذ جاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم فنَعم
(4)
. (ز)
(1)
أمج: بلد من أعراض المدينة وهي من بلدان الحجاز الآن. ينظر جغرافية شبه جزيرة العرب لكحالة ص 139.
(2)
عسفان: قرية بين المدينة ومكة. السابق ص 30، 34، 170.
(3)
الكديد: موضع بالحجاز. ينظر معجم البلدان 4/ 245.
(4)
أخرجه ابن جرير 22/ 665 - 666.