الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبورهم: لا إله إلا الله، وعلى الله فليتوكّل المؤمنون»
(1)
. (14/ 516)
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
(15)}
نزول الآية، وتفسيرها
77103 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: نزلت هذه الآية: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ} في قومٍ مِن أهل مكة، أسلموا وأرادوا أن يأتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجُهم وأولادُهم أن يَدَعُوهم، فلما أتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرَأَوا الناس قد فَقُهوا في الدين؛ همُّوا أن يُعاقِبوهم؛ فأنزل الله:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ وإنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(2)
. (14/ 516)
77104 -
عن عبد الله بن عباس، في الآية، قال: كان الرجل يريد الهجرة، فتَحبسُه امرأته وولده، فيقول: أما -واللهِ- لَئِن جمَع اللهُ بيني وبينكم في دار الهجرة لَأفعلنَّ ولَأفعلنَّ. فجمَع الله بينهم في دار الهجرة؛ فأنزل الله: {وإنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا}
(3)
. (14/ 517)
77105 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العَوفيّ- في قوله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ} : كان الرجلُ إذا أراد أن يُهاجِر من مكة إلى المدينة تَمنعه زوجته وولده، ولم يَألُوا يُثبّطوه عن ذلك، فقال الله: إنهم عدوٌّ لكم؛ فاحذروهم، واسمعوا وأطيعوا، وامَضُوا لشأنكم. فكان الرجل بعد ذلك إذا مُنع وثُبِّط مرَّ بأهله وأقسم -والقَسم يمين- ليفعَلنّ وليُعاقبنّ أهله في ذلك،
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير 2/ 77: «بإسناد ضعيف» .
(2)
أخرجه الترمذي 5/ 509 - 510 (3605)، والحاكم 2/ 532 (3814)، وابن جرير 23/ 14، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 8/ 139 - .
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» . وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» . ووافقه الذهبي.
(3)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن مردويه.
فقال الله -جلّ ثناؤه-: {وإنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(1)
. (ز)
77106 -
عن عطاء بن يَسار -من طريق أصحاب محمد بن إسحاق- قال: نزلت سورةُ التَّغابُن كلّها بمكة، إلا هؤلاء الآيات:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ} ؛ نزلت في عَوف بن مالك الأَشْجعيّ، كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بَكَوا عليه ورقَّقوه، فقالوا: إلى مَن تَدَعُنا؟ فيَرِقّ ويُقيم؛ فنَزَلَتْ هذه الآيات فيه بالمدينة
(2)
. (14/ 511)
77107 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- {إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ} ، قال: يحملُ أحدَكم حبُّ ولده وزوجته على قطيعة الرَّحِم، أو على معصية ربه، ولا يستطيع مع حبه إلا أن يطيعه، فنهى الله عن طاعتهم في ذلك
(3)
. (14/ 517)
77108 -
عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد- في قوله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ} الآية، قال: هذا في ناس من قبائل العرب، كان يُسلِم الرجل أو النّفر من الحي، فيَخرجون من عشائرهم، ويَدَعُون أزواجهم وأولادهم وآباءهم عامدين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتقوم عشائرهم وأزواجهم وأولادهم وآباؤهم، فيُناشدونهم اللهَ أن لا يفارقوهم، ولا يُؤثروا عليهم غيرهم، فمنهم مَن يَرقّ ويَرجع إليهم، ومنهم مَن يَمضي حتى يَلحق بنبي الله صلى الله عليه وسلم
(4)
. (ز)
77109 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق سِماك- في قوله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ} ، قال: كان الرجل يريد أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول له أهله: أين تذهبُ وتَدَعنا؟ قال: وإذا أسلم وفَقُه قال:
(1)
أخرجه ابن جرير 23/ 15.
الإسناد ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(2)
أخرجه ابن جرير 23/ 15. وعزاه السيوطي إلى ابن إسحاق.
(3)
تفسير مجاهد ص 622. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد بنحوه. وأخرجه ابن جرير 23/ 15 بلفظ: إنهما يحملانه على قطيعة رحمه، وعلى معصية ربه، فلا يستطيع مع حبه إلا أن يقطعه. وفي لفظ: إلا أن يطيعه.
(4)
أخرجه ابن جرير 23/ 16 - 17.
لَأرجعنّ إلى الذين كانوا يَنهون عن هذا الأمر، فلأفعلن ولأفعلن. فأنزل الله -جلّ ثناؤه-:{وإنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(1)
. (ز)
77110 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ} ، قال: منهم مَن لا يأمر بطاعة، ولا يَنهى عن معصية، وكفى بذلك عداوة للمرء؛ أن يكون صاحبه لا يأمر بطاعة، ولا يَنهى عن معصية، وكانوا يُثَبِّطُون
(2)
عن الجهاد والهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
. (14/ 518)
77111 -
عن إسماعيل بن أبي خالد -من طريق شعبة- في قوله: {إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فاحْذَرُوهُمْ} ، قال: كان الرجل يُسلِم، فيلُومه أهله وبنوه؛ فنَزَلَتْ:{إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ}
(4)
. (ز)
77112 -
قال محمد بن السّائِب الكلبي: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} إلى قوله: {فإن الله غفور رحيم} ، إنّ الرجل كان إذا أراد الهجرة تعلّق به ولده وامرأته، فقالوا: نَنشُدُكَ اللهَ أن تذهب وتَتركنا فنَضِيع. فمنهم مَن يطيع أمرهم فيُقيم، فحذَّرهم إيّاهم، ونهاهم عن طاعتهم، ومنهم مَن يَمضي على الهجرة، فيَذرهم، فيقول لهم: أما -واللهِ- لَئِن لم تُهاجِروا معي وبَقيتُ حتى يجمَع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا أنفعكم بشيء أبدًا. فلما جمَع الله بينه وبينهم أنزل الله: {وإنْ تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(5)
. (ز)
77113 -
قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا} نَزَلَتْ في الأَشْجعي، {إنَّ مِن أزْواجِكُمْ وأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} يعني: إذا أمروكم بالإثم، وذلك أنّ الرجل كان إذا أراد الهجرة قال له أهله وولده: نَنشُدُكَ الله أن تَذهب وتَدَع أهلك وولدك ومالك، نَضيع بعدك، ونَصير عيالًا بالمدينة لا معاش لنا. فيُثبّطونه، فمنهم مَن يُقيم، ومنهم من يهاجر ولا يطيع أهله، فيقول: تُثبّطونا عن الهجرة! لئن جمَعنا الله وإيّاكم لَنعاقبنّكم، ولا نَصِلكم، ولا تُصيبون منّا خيرًا. يقول الله:
(1)
أخرجه ابن جرير 23/ 14 - 15.
(2)
من التَّثْبِيط: وهو التعويق والشُّغْل عن المراد. النهاية (ثبط).
(3)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 295 من طريق معمر بنحوه، وابن جرير 23/ 16 ونحوه من طريق معمر. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(4)
أخرجه ابن جرير 23/ 17 - 18.
(5)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 4/ 399 - .