الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
75833 -
قال مقاتل بن سليمان: سورة المجادلة مدنيّة، عددها اثنتان وعشرون آية كوفي
(1)
. (ز)
تفسير السورة
بسم الله الرحمن الرحيم
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
(1)}
قراءات:
75834 -
في قراءة عبد الله بن مسعود: (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُحاوِرُكَ فِي زَوْجِها)
(2)
. (ز)
نزول الآيات
75835 -
عن عبد الله بن عباس: أنّ خَوْلَة -أو خُوَيلَة- أتَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إنّ زوجي ظاهَر مِنِّي. فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«ما أراكِ إلا قد حرُمتِ عليه» . فقالت: أشكو إلى الله فاقتي. فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى اللَّهِ}
(3)
. (14/ 303)
75836 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: كان الرجل في الجاهلية لو قال لامرأته: أنتِ عليّ كظَهْر أُمّي. حرُمتْ عليه، وكان أول مَن ظاهَر في الإسلام أوْس، وكانت تحته ابنةُ عمٍّ له، يقال لها: خَوْلَة بنت خُوَيلد. فظاهَر منها، فأُسقط في يده، وقال: ما أراكِ إلا قد حرُمتِ عليَّ، فانطلِقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاسْأليه. فأتَت النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدتْ عنده ماشطةً تَمشُط رأسه، فأخبَرتْه، فقال:«يا خَوْلَة، ما أُمِرنا في أمركِ بشيء» . فأنزل اللهُ على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«يا خَوْلَة، أبْشِري» . قالت: خيرًا. قال: «خيرًا» . فقرأ عليها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 255.
(2)
ذكره ابن جرير 22/ 456.
وهي قراءة شاذة. انظر: مختصر ابن خالويه ص 154.
(3)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
زَوْجِها} الآيات
(1)
. (14/ 302)
75837 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: كان الظِّهار في الجاهلية يُحَرِّم النساء، فكان أول مَن ظاهَر في الإسلام أوْسُ بن الصّامت، وكانت امرأته خَوْلَة بنت خُوَيلد، وكان الرجل ضعيفًا، وكانت المرأة جَلْدَة، فلمّا أن تكلّم بالظِّهار قال: لا أراكِ إلا قد حرُمتِ عليّ، فانطلِقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلّك تبتغي شيئًا يرُدّك عليّ. فانطلَقتْ، وجلس ينتظرها، فأتَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم وماشطةٌ تَمشُط رأسَه، فقالت: يا رسول الله، إنّ أوْس بن الصّامت مَن قد علمتَ في ضعف رأيه، وعَجْز مقدرته، وقد ظاهَر منّي، يا رسول الله، فأبتغي شيئًا يرُدُّني إليه. قال:«يا خُوَيلَة، ما أُمِرنا بشيء من أمركِ، وإن نُؤمر فسأخبِرك» . فبَينا ماشطته قد فَرَغت من شِقّ رأسه، وأخَذتْ في الشِّق الآخر؛ أنزل الله عز وجل -وكان إذا أُنزِل عليه الوحي تَرَبَّد لذلك وجهُه
(2)
، حتى يجد بَردَه، فإذا سُرِّي عنه عاد وجهه أبيض كالقُلْب
(3)
، ثم تكلّم بما أُمر به- فقالت ماشطته: يا خَوْلَة، إني لَأظنّه الآن في شأنك. فأخذها أفْكَلٌ
(4)
، ثم قالت: اللهم، بك أعوذ أن تُنزِل فِيَّ إلا خيرًا، فإني لم أبغِ من رسولك إلا خيرًا. فلمّا سُرِّي عنه قال:«يا خَوْلَة، قد أنزل اللهُ فيكِ وفي صاحبكِ» . فقرأ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} إلى قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا} . فقالت: واللهِ، يا رسول الله، ما له خادِمٌ غيري، ولا لي خادِمٌ غيره. قال:{فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ} . قالت: واللهِ، إنّه إذا لم يأكل في اليوم مرّتين يَسْدَر
(5)
بصره.
(1)
أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص 700، والبزار -كما في كشف الأستار 2/ 198 - 199 (1513) -، والبيهقي في الكبرى 7/ 629 (15245) واللفظ له، وابن جرير 22/ 448 - 449 بنحوه.
قال البزار: «وأبو حمزة ليّن الحديث، وقد خالف في روايته ومتن حديثه الثقات في أمر الظِّهار
…
وحديث أبي حمزة منكر، وفيه لفظ يدل على خلاف الكتاب؛ لأنه قال: وليُراجعك. وقد كانت امرأته، فما معنى مراجعته امرأته ولم يُطلّقها، وهذا مما لا يجوز على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أتى هذا من رواية أبي حمزة الثّمالي». وذكر ابن كثير في تفسيره 8/ 38 هذا الأثر بلفظ مقارب من رواية ابن جرير بسنده عن أبي كريب، عن عبيد الله بن موسى، عن أبي حمزة، عن عكرمة، عن ابن عباس، ثم قال:«وهذا إسناد جيد قوي، وسياق غريب» . وقال الهيثمي في المجمع 5/ 5 - 6 (7828): «رواه البزار، وفيه أبو حمزة الثّمالي، وهو ضعيف» . وقال ابن حجر في الإصابة 1/ 303: «وروى البزار من طريق أبي حمزة الثّمالي، وفيه ضعف» .
(2)
تربَّد وجهه: تغيَّر وتلوَّن. النهاية (ربد).
(3)
القُلْب: شحمة النخل ولبه، وهي هنة رخصة بيضاء تُؤْكَلُ، وهي الجُمّار. تاج العروس (قلب).
(4)
الأفكل: الرعدة من برد أو خوف. النهاية (أفكل).
(5)
سدر بصره سدرًا: لم يكد يبصر. التاج (سدر).
قال: {فَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَإطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} . قالت: واللهِ، ما لنا في اليوم إلا وُقِيَّةٌ
(1)
(2)
. (14/ 311)
75838 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- قال: كان ظِهار الجاهلية طلاقًا، فأول مَن ظاهَر في الإسلام أوْس بن الصّامت أخو عبادة بن الصّامت مِن امرأته الخَزْرَجيّة، وهي خَوْلَة بنت ثَعْلَبة بن مالك، فلما ظاهَر منها حَسِبتْ أن يكون ذلك طلاقًا، فأتَت به نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: يا رسول الله، إنّ أوْسًا ظاهَر منِّي، وإنّا إنِ افتَرقنا هَلكنا، وقد نَثَرَتْ بطني منه، وقَدُمَتْ صُحبته. فهي تشكو ذلك وتبكي، ولم يكن جاء في ذلك شيء، فأنزل الله عز وجل:{قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} إلى قوله: {وللكافرين عذاب أليم} . فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«أتقدر على رقبةٍ تُعْتِقها؟» . فقال: لا، واللهِ، يا رسول الله، ما أقدر عليها. فجمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعْتَق عنه، ثم راجع أهله
(3)
. (ز)
75839 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العَوفيّ- في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} : وذلك أنّ خَوْلَة -امرأة من الأنصار- ظاهَر منها زوجها، فقال: أنتِ عليّ كظَهْر أُمّي. فأتَتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: إنّ زوجي كان تَزَوّجَني وأنا أحبُّ الناس إليه، حتى إذا كَبِرتُ ودخَلتُ في السِّنِّ قال: أنتِ عليّ كظَهْر أُمّي. وتركني إلى غير أحد، فإن كنتَ تجد لي رخصةً -يا رسول الله- تَنعَشُنِي
(4)
بها وإيّاه، فحَدِّثني بها. قال:«واللهِ، ما أُمِرتُ في شأنكِ بشيءٍ حتى الآن، ولكن ارجعي إلى بيتك، فإنْ أُومر بشيءٍ لا أُعَمِّه عليك إن شاء الله» . فرجعتْ إلى بيتها، فأنزل اللهُ على رسوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب رُخْصتَها ورخصةَ زوجها، فقال:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} إلى قوله: {عَذابٌ ألِيمٌ} . فأرسَلَ إلى زوجها، فقال: «هل تستطيع
(1)
هي لغة في أوقية، وهي ما يزن سبعة مثاقيل أو ما يعادل أربعين درهمًا. النهاية (أوق)، ولسان العرب (وقي).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير 11/ 265 (11689).
قال الهيثمي في المجمع 5/ 6 - 7 (7830): «وفيه أبو حمزة الثّمالي، وهو ضعيف» .
(3)
أخرجه ابن جرير 22/ 455.
إسناده ضعيف؛ فيه خُصَيف بن عبد الرحمن الجزري، قال عنه ابن حجر في التقريب (1718):«صدوق، سيئ الحفظ، خلط بأخرة» .
(4)
نَعَشَه الله يَنْعَشُه نَعْشًا: إذا رفعه. وانتَعَشَ العاثر: إذا نهض من عثْرته. النهاية (نعش).
أن تُعْتِق رقبة؟». قال: إذن يذهب مالي كلّه؛ الرقبة غالية، وأنا قليل المال. قال:«هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» . قال: واللهِ، لولا أنّي آكلُ كلَّ يومٍ ثلاث مرات لَكَلَّ بصري. قال:«هل تستطيع أن تُطْعِم ستين مسكينًا؟» . قال: لا، والله، إلا أن تُعِينني. قال:«إنِّي مُعِينُك بخمسة عشر صاعًا»
(1)
. (14/ 303)
75840 -
عن أنس: أنّ أوْس بن الصّامت ظاهَر مِن امرأته خَوْلَة بنت ثَعْلَبة، فشَكتْ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ظاهَر مِنِّي زوجي حين كَبِر سِنّي، ودقَّ عظمي. فأنزل اللهُ آية الظِّهار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأَوْس:«أعْتِق رقبة» . قال: مالي بذلك يدان. قال: «فصُم شهرين متتابعين» . قال: إني إذا أخطأني أنْ آكل في اليوم ثلاث مرات كلَّ بصري. قال: «فأَطْعِم ستين مسكينًا» . قال: ما أجد، إلا أن تُعِينني. فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر صاعًا، حتى جَمع اللهُ له أهلَه
(2)
. (14/ 304)
75841 -
عن عائشة -من طريق هشام بن عُروة، عن أبيه-: أنّ خَوْلَة كانت امرأة أوْس بن الصّامت، وكان امرءًا به لِمَمٌ، فإذا اشتدّ لَمَمُه ظاهَر مِن امرأته؛ فأنزل الله فيه كفارة الظِّهار
(3)
. (14/ 302)
75842 -
عن عائشة -من طريق تميم بن سلمة، عن عُروة- قالت: الحمد لله الذي وسِع سمعُه الأصوات، لقد جاءتِ المُجادِلةُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم تُكلّمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول؛ فأنزل الله:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} إلى آخر الآية
(4)
. (14/ 298)
75843 -
عن خَوْلَة بنت ثَعْلَبة -من طريق يوسف بن عبد الله بن سلام- قالت: فِيَّ
(1)
أخرجه ابن جرير 22/ 449 - 451 بنحوه.
الإسناد ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(2)
أخرجه ابن مردويه -كما في فتح الباري 13/ 374 - .
إسناده ضعيف؛ فيه سعيد بن بشير الأزدي، قال عنه ابن حجر في التقريب (2276):«ضعيف» .
(3)
أخرجه أبو داود 3/ 540 (2220)، والحاكم 2/ 523 (3792)، وابن جرير 22/ 455 وفيه:«جميلة» بدل «خَوْلَة» .
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه» . ووافقه الذهبي في التلخيص. وقال الألباني في صحيح أبي داود 6/ 421 (1923): «حديث صحيح» .
(4)
أخرجه أحمد 40/ 228 (24195)، والنسائي 6/ 168 (3460)، وابن ماجه 1/ 129 - 130 (188)، وابن مردويه -كما في تخريج أحاديث الكشاف 3/ 425 - ، وابن جرير 22/ 454. وعلقه البخاري 9/ 117.
قال ابن عساكر في معجم الشيوخ 1/ 163 (181): «صحيح» . وقال ابن حجر في تغليق التعليق 5/ 339: «هذا حديث صحيح» .
-واللهِ- وفي أوْس بن الصّامت أنزل اللهُ صدر سورة المجادلة. قالت: كنتُ عنده، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خُلقُه، فدخل عليّ يومًا، فراجعتُه بشيء، فغضب، فقال: أنتِ عليّ كظَهْر أُمّي. ثم رجع، فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ، فإذا هو يُريدني عن نفسي، فقلتُ: كلّا، والذي نفس خُوَيلَة بيده، لا تصل إلَيّ وقد قلتَ ما قلتَ، حتى يحكم اللهُ ورسولُه فينا. ثم جئتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ له ذلك، فما بَرِحتُ حتى نزل القرآن، فتغشّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشّاه، ثم سُرِّي عنه، فقال لي:«يا خَوْلَةُ، قد أنزل الله فيكِ وفي صاحبكِ» . ثم قرأ عَلَيَّ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} إلى قوله: {عَذابٌ ألِيمٌ} . فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مُريه، فَليُعْتِق رقبة» . قلتُ: يا رسول الله، ما عنده ما يُعْتِق. قال:«فليَصُم شهرين متتابعين» . قلتُ: واللهِ، إنه لَشيخ كبير، ما به مِن صيام. قال:«فَليُطْعِم ستين مسكينًا وسْقًا من تمر» . قلتُ: واللهِ، ما ذاك عنده. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنّا سَنُعِينه بعَرَقٍ
(1)
من تمر». فقلتُ: وأنا -يا رسول الله- سأُعِينه بعَرَقٍ آخر. قال: «فقد أصبتِ وأحسنتِ، فاذهبي، فتَصدَّقي به عنه، ثم استوصي بابن عمّكِ خيرًا» . قالتْ: ففعلتُ
(2)
[6516]. (14/ 300)
75844 -
عن أبي العالية -من طريق أبي داود بن أبي هند- قال: كانت خَوْلَةُ بنت الدُّلَيْج تحت رَجُلٍ مِن الأنصار، وكان سيِّئ الخُلق، ضرير البصر، فقيرًا، وكانت الجاهليةُ إذا أراد الرجل أن يُفارِق امرأته، قال: أنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمّي. فنازعَتْه في بعض الشيء، فقال: أنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمّي. وكان له عَيِّل أو عَيِّلان، فلما سَمعتْه
[6516] رجَّح ابنُ كثير (13/ 444 بتصرف) -مستندًا للسياق- أنّ أثر خَوْلَة بنت ثَعْلَبة «هو الصحيح في سبب نزول صدر هذه السورة، فأما حديث سلمة بن صخر -الوارد في الآثار المتعلقة بالآيات- فليس فيه أنه كان سبب النزول، ولكن أُمِر بما أنزل الله في هذه السورة من العتق، أو الصيام، أو الإطعام. وظاهر السياق أنّ قصة سلمة كانت بعد قصة أوْس بن الصّامت وزوجته خُوَيلَة بنت ثَعْلَبة، كما دلّ عليه سياق تلك وهذه بعد التأمل» .
_________
(1)
العرق: هو زِبِّيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور فهو عرق وعرقة بفتح الراء فيهما. النهاية (عرق).
(2)
أخرجه أحمد 45/ 300 - 302 (27319)، وأبو داود 3/ 536 - 538 (2214، 2215)، وابن حبان 10/ 107 - 108 (4279)، وابن جرير 22/ 453.
قال الألباني في الإرواء 7/ 173 (2087): «صحيح» .
يقول ما قال احتَملتْ صبيانها، فانطلَقت تسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوافَقتْه عند عائشة، وإذا عائشة تغسل شِقّ رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقامت عليه، ثم قالت: يا رسول الله، إنّ زوجي فقير، ضرير البصر، سيِّئ الخُلق، وإني نازعتُه في شيء، فقال: أنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمّي. ولم يُرِد الطلاق. فرفع النبيُّ صلى الله عليه وسلم رأسه، فقال:«ما أعلم إلا قد حَرُمتِ عليه» . فاستكانتْ، وقالتْ: أشتكي إلى الله ما نزل بي وبِصِبْيتي. وتَحوّلتْ عائشةُ تغسل شِقّ رأسه الآخر، فتَحوّلتْ معها، فقالت مثل ذلك، قالت: ولي منه عَيِّل أو عَيِّلان. فرفع النبيُّ رأسَه إليها، فقال:«ما أعلم إلا قد حَرُمتِ عليه» . فبَكَتْ، وقالتْ: أشتكي إلى الله ما نزل بي وبِصِبْيتي. وتَغيّر وجهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالتْ عائشة: وراءكِ. فتَنَحّتْ، ومَكث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله، ثم انقطع الوحي، فقال:«يا عائشة، أين المرأة؟» . قالت: هاهي. قال: «ادْعِيها» . فدَعَتْها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اذهبي، فجيئي بزوجكِ» . فانطلَقت تسعى، فلم تَلبثْ أن جاءتْ، فَأدخَلتْه على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو كما قالت: ضرير البصر، فقير، سيئ الخُلق. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«أستعيذ بالسميع العليم مِن الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى اللَّهِ}» إلى آخر الآية. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أتجد رقبة؟» . قال: لا. قال: «أفتستطيع صوم شهرين متتابعين؟» . قال: والذي بعثكَ بالحقّ، إنّي إذا لم آكلِ المرّة والمرّتين والثلاثة يكاد يُغشى عَلَيَّ. قال:«فتستطيع أن تُطْعِم ستين مسكينًا؟» . قال: لا، إلا أن تُعِينني فيها. فأعانه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فكفّر يمينه
(1)
. (14/ 313)
75845 -
عن عطاء بن يَسار -من طريق محمد بن أبي حَرملة-: أنّ أوْس بن الصّامت ظاهَر مِن امرأته خَوْلَة بنت ثَعْلَبة، فجاءتْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأَخبرتْه، وكان أوْس به لَمَمٌ، فنزل القرآن:{والَّذِينَ يُظاهَرونَ مِن نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا} . فقال لامرأته: «مُريه، فَليُعْتِق رقبة» . فقالت: يا رسول الله، والذي أعطاك ما أعطاك، ما جئتُ إلا رحمة له، إنّ له فِيَّ منافع، واللهِ، ما عنده رقبة، ولا يَملِكها. قالت: فنزل القرآن، وهي عنده في البيت. قال:«مُريه، فليَصُم شهرين متتابعين» . فقالت: والذي أعطاك ما أعطاك، ما يَقدِر عليه. فقال:«مُريه، فَليتصدَّق على ستين مسكينًا» . فقالت: يا رسول الله، ما عنده ما يَتصدّق به. فقال:
(1)
أخرجه ابن جرير 22/ 446 - 447، وابن مردويه -كما في فتح الباري 13/ 374 - ، والبيهقي في السنن 7/ 384 - 385. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(1)
. (14/ 301)
75846 -
عن عكرمة مولى ابن عباس: أنّ امرأة أخي عبادة بن الصّامت جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها تظاهَر عنها، وامرأة تَفْلي رأسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم -أو قال: تَدْهُنُه-، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم نَظره إلى السماء، فقالت التي تَفْلي لامرأة أخي عبادة بن الصّامت -واسمها خَوْلَة بنت ثَعْلَبة-: يا خَوْلَة، ألا تَسكُني، فقد تَرَينه ينظر إلى السماء! فأنزل الله فيها:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} . فعَرض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليه عِتق رقبة، فقال: لا أجد. فعَرض عليه صيام شهرين متتابعين، فقال: لا أُطيق، إن لم آكل كلّ يوم ثلاث مرات شقّ بي. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَأطْعِم ستين مسكينًا» . قال: لا أجد. فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم بشيء من تمر، فقال له:«خُذ هذا، فاقسِمْه» . فقال الرجل: ما بين لابَتَيْها أفقر مني. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «كُله أنتَ وأهلك»
(2)
. (14/ 307)
75847 -
عن الحسن البصري: أنّ رجلًا ظاهَر مِن امرأته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الظِّهارُ أشدَّ مِن الطلاق، وأَحْرَم الحرام، إذا ظاهَر من امرأته لم تَرْجِع إليه أبدًا، فأتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: يا رسول الله، إنّ زوجي وأبا ولدي ظاهَر مِنِّي، وما يَطَّلع إلا الله على ما يدخل عَلَيَّ مِن فِراقه. فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«قد قال ما قال!» . قالت: فكيف أصنع؟ ودَعَتِ الله، واشتَكتْ إليه، فأنزل الله:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} إلى آخر الآيات. فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زوجَها، فقال:«تُعْتِق رقبة» . فقال: ما في الأرض رقبة أملِكها. قال: «تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» . قال: يا رسول الله، إني بلغتُ سِنًّا، وبي دَوَران، فإذا لم آكل في اليوم مِرارًا أُدير عليّ حتى أقع. قال:«تستطيع أن تُطْعِم ستين مسكينًا؟» . قال: واللهِ، ما أجد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سَنُعِينك»
(3)
. (14/ 306)
75848 -
عن محمد بن كعب القُرَظيّ -من طريق أبي مَعْشر المدني- قال: كانت خَوْلة ابنة ثَعْلَبة تحت أوْس بن الصّامت، وكان رجلًا به لِمَمٌ، فقال في بعض هِجراته: أنتِ عليّ كظَهْر أُمّي، ثم ندم على ما قال، فقال لها: ما أظنّك إلا قد
(1)
أخرجه البيهقي 7/ 389. وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور، وابن مردويه.
(2)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(3)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
حَرُمتِ عَلَيَّ. قالت: لا تَقُل ذلك، فواللهِ، ما أحبَّ اللهُ طلاقًا. قالت: ائت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فسَلْه. فقال: إنّي أجدني أستحي منه أنْ أسأله عن هذا. فقالت: فَدَعْني أنْ أسأله. فقال لها: سَلِيه. فجاءتْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: يا نبي الله، إنّ أوْس بن الصّامت أبو ولدي، وأَحبّ الناس إلَيَّ، قد قال كلمة، والذي أنزل عليك الكتاب، ما ذكر طلاقًا؛ قال: أنتِ عليّ كظَهْر أُمّي. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ما أراكِ إلا قد حَرُمتِ عليه» . قالت: لا تَقُل ذلك، يا نبي الله، واللهِ، ما ذكر طلاقًا. فرادّت النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا، ثم قالت: اللهم، إني أشكو اليوم شدّة حالي ووِحْدتي، وما يشقّ عليّ مِن فِراقه، اللهم، فأنزِل على لسان نبيّك. فلم تَرِمْ
(1)
مكانها حتى أنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى اللَّهِ واللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما} إلى أن ذكر الكفارات، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«أعتِق رقبة» . فقال: لا أجد. فقال: «صُم شهرين متتابعين» . قال: لا أستطيع، إني لَأصوم اليوم الواحد، فيشُقّ عليّ. قال:«أطْعِم ستين مسكينًا؟» . قال: أمّا هذا فنعم
(2)
. (ز)
75849 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وتَشْتَكِي إلى اللَّهِ واللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما} ، قال: ذاك أوْس بن الصّامت، ظاهَر مِن امرأته خُوَيلَة ابنة ثَعْلَبة، قالتْ: يا رسول الله، كَبِرتْ سِنِّي، ورَقَّ عظمي، وظاهَر مِنِّي زوجي. قال: فأنزل الله: {والَّذِينَ يُظاهَرونَ مِن نِسائِهِمْ} إلى قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا} يريد: أن يَغْشى بعد قوله، {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا} فدعاه إليه نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«هل تستطيع أن تُعْتِق رقبة؟» . قال: لا. قال: «أفتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» . قال: إنّه إذا أخطأه أن يأكل كلَّ يوم ثلاث مرات يَكِلّ بصره. قال: «أتستطيع أن تُطْعِم ستين مسكينًا؟» . قال: لا، إلا أن يُعِينني فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعَونٍ وصلاة. فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعًا، وجَمع الله له أمره، والله غفور رحيم
(3)
. (ز)
75850 -
عن عمران بن أبي أنس، قال: كان أول مَن ظاهَر في الإسلام أوْس بن الصّامت، وكان به لَمَمٌ، وكان يُفِيق أحيانًا، فَلاحى امرأته خَوْلَة بنت ثَعْلَبة في بعض صَحواته، فقال: أنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمّي. ثم ندم، فقال: ما أراكِ إلا قد حَرُمتِ عَلَيَّ.
(1)
أي: لم تبرح. النهاية (ريم).
(2)
أخرجه ابن جرير 22/ 451.
(3)
أخرجه ابن جرير 22/ 447 - 448.
قالتْ: ما ذكرتَ طلاقًا! فأتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأَخبَرتْه بما قال، وجادلتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارًا، ثم قالت: اللهم، إنّي أشكو إليك شِدَّة وحْدتي، وما يشقّ عليّ مِن فِراقه. قالت عائشة: فلقد بكيتُ وبكى مَن كان في البيت رحمةً لها، ورِقّة عليها، ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فسُرِّي عنه وهو يَبتَسم، فقال:«يا خَوْلَة، قد أنزل اللهُ فيكِ وفيه: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها}» . ثم قال: «مُريه أن يُعْتِق رقبة» . قالت: لا يجد. قال: «فمُريه أن يصوم شهرين متتابعين» . قالت: لا يُطيق ذلك. قال: «فمُريه فَليُطْعِم ستين مسكينًا» . قالت: وأنّى له؟! قال: «فمُريه، فليأتِ أُمَّ المُنذر بنت قيس، فليأخذ منها شَطر وسْق تمر، فَليتصدَّق به على ستين مسكينًا» . فرجعتْ إلى أوْس، فقال: ما وراءكِ؟ قالت: خيرٌ وأنت ذميم. ثم أخبرتْه، فأتى أُمّ المُنذر، فأخذ ذلك منها، فجعل يُطْعِم مُدَّين مِن تمر كلّ مسكين
(1)
. (14/ 308)
75851 -
عن أبي إسحاق -من طريق معمر- {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} ، قال: نَزَلَتْ في امرأةٍ اسمها: خَوْلَة -وقال عكرمة: اسمها: خُوَيلَة ابنة ثَعْلَبة، وزوجها أوْس بن الصّامت- جاءت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: إنّ زوجها جعلها عليه كظَهْر أُمّه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أراكِ إلا قد حَرُمتِ عليه» . وهو حينئذ يغسل رأسه، فقالت: انظر، جُعِلتُ فداك، يا نبي الله. فقال:«ما أراكِ إلا قد حَرُمتِ عليه» . فقالت: انظر في شأني، يا رسول الله. فجَعلت تجادله، ثم حوّل رأسه ليغسله، فتَحوّلتْ من الجانب الآخر، فقالت: انظر، جعلني الله فداك، يا نبي الله. فقالت الغاسلة: أقْصِري حديثكِ ومُخاطبتكِ، يا خُوَيلَة، أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتربّدًا
(2)
ليُوحى إليه. فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} حتى بلغ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا} . قال قتادة: فحرّمها، ثم يريد أن يعود لها فيطأها، {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} حتى بلغ {بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
(3)
. (ز)
75852 -
عن صالح بن كيسان -من طريق إبراهيم بن سعد الزُّهريّ- قال: أوّل مَن بلغنا أنّه تظاهَر مِن امرأته مِن المسلمين أوْس بن صامت الواقِفي، وكانت تحته ابنة عمّه خَوْلَة بنت ثَعْلَبة، وكان رجلًا به لَمَمٌ -زعموا-، فقال لابنة عمّه: أنتِ عليّ كظَهْر أُمّي. فقالتْ: واللهِ، لقد تكلّمتَ بكلام عظيم، ما أدري ما مَبلغه. ثم عَمدتْ
(1)
أخرجه ابن سعد 3/ 547.
(2)
اربدّ وجهه: إذا احمر حمرة فيها سواد عند الغضب. لسان العرب (ربد).
(3)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 277، وابن جرير 22/ 451.
لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقَصّتْ أمرها وأمر زوجها عليه، فأرسل رسولُ الله إلى أوْس بن صامت، فأتاه، فقال رسول الله:«ماذا تقولُ ابنة عمّك؟» . فقال: صدقتْ، قد تَظهّرتُ منها، وجعلتُها كظَهْر أُمّي، فما تأمر -يا رسول الله- في ذلك؟ فقال رسول الله:«لا تدنُ منها ولا تَدْخل عليها حتى آذن لك» . قالت خَوْلَة: يا رسول الله، ما له مِن شيء، وما ينفق عليه إلاّ أنا. وكان بينهم في ذلك كلام ساعة، ثمّ أنزل الله القرآن:{قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما} إلى آخر الآيات. فأمره رسول الله بما أمره الله مِن كفارة الظِّهار، فقال أوْس: لولا خَوْلَة هَلكتُ
(1)
. (ز)
75853 -
قال مقاتل بن سليمان: ذلك أن خَوْلَة بنت ثَعْلَبة بن مالك بن أحرم الأنصاري، من بني عمرو بن عوف بن الخزرج، كانت حَسنة الجسم، فرآها زوجُها ساجدةً في صلاتها، فلما انصرفتْ أرادها زوجُها، فأَبتْ عليه، فغضب، فقال: أنتِ عليّ كظَهْر أُمّي. واسمه أوْس بن الصّامت أخو عبادة بن الصّامت بن قيس بن أحرم الأنصاري، فأَتتْ خَوْلةُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: إنّ زوجي -يا رسول الله- تَزَوّجَني وأنا شابّة، ذات مال وأهل، حتى إذا أكل مالي، وأفنى شبابي، وكَبِرت سِنّي، ووهن عظمي؛ جعلني عليه كظَهْر أُمّه، ثم ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه؟ فسكتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنها، وكان الظِّهار والإيلاء وعدد النّجوم مِن طلاق الجاهلية، فوقّتَ اللهُ تعالى في الإيلاء أربعة أشهر، وجعل في الظِّهار الكفارة، ووقّتَ مِن عدد النّجوم ثلاث تطليقات، فأنزل الله تعالى:{الَّذِينَ يُظاهَرونَ مِنكُمْ مِن نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ}
(2)
. (ز)
75854 -
عن يزيد بن زيد الهمداني، في قوله:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} ، قال: هي خَوْلَة بنت الصّامت، وكان زوجُها مريضًا، فدعاها، فلم تُجِبه، وأَبطأتْ عليه، فقال: أنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمّي. فأَتَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم؛ فنَزَلَتْ هذه الآية: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} . فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أعْتِق رقبة» . قال: لا أجِد. قال: «فَصُم شهرين متتابعين» . قال: لا أستطيع. قال: «فَأطْعِم ستين مسكينًا» . قال: لا، واللهِ، ما عندي، إلا أن تُعِينني. فأعانه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعًا، فقال: واللهِ، ما في
(1)
أخرجه ابن سعد في الطبقات 10/ 253.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 257 - 258.