الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
(4)}
76149 -
قال مقاتل بن سليمان: {ذلِكَ} الذي نزل بهم من الجلاء {بِأَنَّهُمْ شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ} يعني: عادوا الله ورسوله، {ومَن يُشاقِّ اللَّهَ} ورسوله، يعني: ومن يعادي الله ورسوله {فَإنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ} إذا عاقب. نظيرها في هود [89]: {لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي} يعني: عداوتي
(1)
. (ز)
{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ
(5)}
قراءات:
76150 -
عن سليمان بن مهران الأعمش أنه قرأها: (ما قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قَوْمًا عَلى أُصُولِها)
(2)
. (14/ 352)
نزول الآية:
76151 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جُبَير- في قوله: {ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها} قال: اللّينة: النّخلة، {ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ} قال: استنزلوهم مِن حصونهم، وأُمِروا بقَطع النّخل، فحَكَّ
(3)
في صدورهم. فقال المسلمون: قد قطعنا بعضًا، وتركنا بعضًا، فلنسألنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لنا فِيما قطعنا مِن أجر؟ وهل علينا فيما تركنا مِن وِزر؟ فأنزل الله:{ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ} الآية
(4)
. (14/ 337)
76152 -
عن عبد الله بن عمر: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حرّق نخل بني النَّضِير وقطع، وهي
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 276.
(2)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
والقراءة شاذة، تنسب أيضًا إلى ابن مسعود، وطلحة، وزيد بن علي. انظر: مختصر الشواذ لابن خالويه ص 154، والبحر المحيط 8/ 244.
(3)
يقال: حَكَّ الشيء في نفْسي: إذا لم تكن مُنشرح الصَّدر به، وكان في قلبك منه شيء مِن الشَّك والرِّيب، وأوْهَمك أنه ذنب وخطيئة. النهاية (حكك).
(4)
أخرجه الترمذي (3303)، والنسائي في الكبرى (11574)، والطبراني في الأوسط (587). وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن الضريس.
حسنه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2631).
البُوَيْرة
(1)
، ولها يقول حسان بن ثابت:
وهان على سَراةِ بني لؤي
…
حريقٌ بالبُوَيْرة مستطير
(2)
. (14/ 337)
76153 -
عن جابر بن عبد الله -من طريق أبي الزبير- قال: رخّص لهم في قَطع النّخل، ثم شدّد عليهم، فقالوا: يا رسول الله، علينا إثمٌ فيما قَطعنا أو فيما تركنا؟ فأنزل الله:{ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ} الآية
(3)
. (14/ 338)
76154 -
عن عكرمة مولى ابن عباس: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا يومًا إلى النَّضِير ليسألهم كيف الدِّية فيهم، فلمّا لم يروا مع رسول الله كثيرَ أحد أبْرموا بينهم على أن يقتلوه، ويأخذوا أصحابه أسارى؛ ليذهبوا بهم إلى مكة، ليبيعوهم مِن قريش. فبينما هم على ذلك جاءَ جاءٍ مِن اليهود مِن المدينة، فلمّا رأى أصحابَه يأتمرون بأمر النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: ما تريدون؟ قالوا: نريد أن نقتل محمدًا، ونأخذ أصحابه. فقال لهم: وأين محمد؟ قالوا: هذا محمد قريب مِنّا. فقال لهم صاحبهم: واللهِ، لقد تركتُ محمدًا داخل المدينة. فأُسقط بأيديهم، وقالوا: قد أُخبر أنه انقطع ما بيننا وبينه مِن العهد. فانطلق منهم ستون حَبْرًا، ومنهم حُييّ بن أخطَب، والعاصي بن وائل
(4)
، حتى دخلوا على كعب، وقالوا: يا كعب، أنت سيد قومك ومدحهم
(5)
، احكم بيننا وبين محمد. فقال لهم كعب: أخبِروني ما عندكم. قالوا: نُعتِق الرّقاب، ونذبح الكَوْماء
(6)
، وإنّ محمدًا انبتر مِن الأهل والمال. فشَرَّفهم كعبٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانقلبوا؛ فأنزل الله: {ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتابِ
(1)
البويرة: تصغير بئر، موضع منازل بني النَّضِير اليهود، وخارج المدينة. مراصد الاطلاع 1/ 232.
(2)
أخرجه يحيى بن سلام 2/ 712، وسعيد بن منصور (2642)، والبخاري (4032)، ومسلم (1746/ 30)، والترمذي (3302)، والبيهقي في الدلائل 3/ 184، 355 - 358. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.
(3)
أخرجه أبو يعلى (2189). وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 122): «رواه أبو يعلي، عن شيخه سفيان بن وكيع، وهو ضعيف» .
(4)
ذكر محققو المصدر أنه كذا في النسخ، ولعله تصحفت عن:«أبو عمار من بني وائل» . ينظر: ابن جرير 7/ 146.
(5)
ذكر محققو المصدر أنه كذا في النسخ، ولعله تصحفت عن: ممدّح.
(6)
ناقة كَوْماء: مُشْرفةَ السَّنام، عاليَته. النهاية (كوم).
يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ والطّاغُوتِ} إلى قوله: {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} [النساء: 51 - 52]. وأنزل الله عليه فيما أرادوا أن يقتلوه: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ هَمَّ قَوْمٌ أنْ يَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ} الآية [المائدة: 11]. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن يَكْفِيني كعبًا؟» . فقال ناسٌ من أصحابه فيهم محمد بن مَسْلَمة: نحن نكفيكه، يا رسول الله، ونَستحلّ منك شيئًا. فجاءوه، فقالوا: يا كعب، إنّ محمدًا كَلّفنا الصدقة، فبِعْنا شيئًا. -قال عكرمة: فهذا الذين استحلّوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال لهم كعب: ارهنوني أولادكم. فقالوا: ذاك عارٌ فينا غدًا؛ قبيح أن يقولوا: عبدُ وسْقِ شعير. قال كعب: فاللَّأْمَة -قال عكرمة: وهي السلاح-. فأصلحوا أمرهم على ذلك، فقالوا له: موعد ما بيننا وبينك القابلة. حتى إذا كانت القابلة راحوا إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المُصلّى يدعو لهم بالظَّفَر، فلما جاءوه نادَوه: يا كعب. وكان عروسًا، فأجابهم، فقالت امرأتُه -وهي بنت عُمير-: أين تنزل؟ قد أيقنتُ الساعة ريح الدّم. فهبط وعليه مِلْحَفة مُوَرَّسة، وله ناصية، فلمّا نزل إليهم قال القوم: ما أطيبَ ريحكَ! ففرح بذلك، فقام إليه محمد بن مَسْلَمة، فقال قائل المسلمين: أشِمُّونا من ريحه. فوضع يدَه على ثوب كعب، وقال: شُمُّوا. فشَمّوا، وهو يظن أنهم يُعجبون بريحه، ففرح بذلك، فقال محمد بن مَسْلَمة: بَقيتُ أنا أيضًا. فمضى إليه، فأخذ بناصيته، ثم قال: اجلدوا عنقه. فجلدوا عنقه، ثم إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا إلى النَّضِير، فقالوا: ذَرنا نبكِ سيدَنا. قال: «لا» . قالوا: فحَزَّة على حَزَّة. قال: «نعم، حَزَّة على حَزَّة» . فلما رَأَوا ذلك جعلوا يأخذون مِن بطون بيوتهم الشيء ليَنجُوا به، والمؤمنون يُخرِبون بيوتهم مِن خارجٍ ليدخلوا عليهم، فلولا أن كتب الله عليهم الجلاء -قال عكرمة: والجلاء يُجلَون منهم- لقَتَلهم بأيديهم. وقال عكرمة: إنّ ناسًا مِن المسلمين لَمّا دخلوا على بني النَّضِير أخذوا يَقطعون النخل، فقال بعضهم لبعض:{وإذا تَوَلّى سَعى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها} [البقرة: 205]. وقال قائل من المسلمين: {ولا يَقْطَعُونَ وادِيًا} [التوبة: 121]، {ولا يَنالُونَ مِن عَدُوٍّ نَيْلًا إلّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ} [التوبة: 120]. فأنزل الله: {ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ} وهي النخلة، {أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإذْنِ اللَّهِ} قال: ما قَطعتم فبإذني، وما تَركتم فبإذني
(1)
. (14/ 346)
76155 -
عن أبي مالك غَزْوان الغفاري: فلمّا أفضَوا إليهم نزلوا على عهدٍ بينهم
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
وبين نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، على أن يُجلُوهم وأهليهم، وتؤخذ أموالهم وأرضوهم، فأُجلُوا، ونزلوا خيبر، وكان المسلمون يَقطعون النخل. فحدّثني رجال مِن أهل المدينة: أنها نخل صُفْرٌ كهيئة الدَّقَلِ، تُدعى: اللِّينَة. فاستنكر ذلك المشركون؛ فأنزل الله عُذر المسلمين: {ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ}
(1)
.
(14/ 334)
76156 -
عن يزيد بن رُومان -من طريق ابن إسحاق- قال: لَمّا نزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ببني النَّضِير تحصّنوا منه في الحصون، فأمر بقطْع النخل، والتحريق فيها، فنادَوه: يا محمد، قد كنتَ تنهى عن الفساد وتَعِيبه، فما بال قطْع النّخل وتحريقها؟! فنَزَلَتْ
(2)
. (14/ 338)
76157 -
عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم -من طريق ابن إسحاق- قال: لَمّا تحصّن بنو النَّضِير مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَر بقطْع نخلهم وتحريقه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت ترضى الفساد! فأنزل الله عز وجل في ذلك أنه ليس بفساد، قال الله عز وجل:{ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} ، وليس بفساد
(3)
. (ز)
76158 -
قال مقاتل بن سليمان: {ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ} يعني: ولِيُهِنِ اليهودَ، وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمَر بقطْع ضربٍ مِن النخيل مِن أجود التّمر، يقال له: اللّين، شديد الصُّفرة، ترى النّواة من اللِّحى، مِن أجود التمر، يَغيب فيه الضّرس، النخلة أحبّ إلى أحدهم مِن وصِيف
(4)
، فجزع أعداء الله لَمّا رَأَوا ذلك الضّرب مِن النخيل يُقطع. فقالوا: يا محمد، أوَجدتَ فيما أنزل اللهُ عليك الفساد في الأرض، أو الإصلاح في الأرض؟! فأكثروا القول، ووجَد المسلمون ذِمامة
(5)
مِن قطْعهم النخيل؛ خشية أن يكون فسادًا؛ فأنزل الله: {ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ}
(6)
. (ز)
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 2/ 191 - ، وابن جرير 22/ 510.
(3)
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 3/ 355.
(4)
الوصيف: العبد. لسان العرب (وصف).
(5)
ذِمامة: حياء وإشفاق من الذَّم واللوم. النهاية (ذمم).
(6)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 276 - 277.
76159 -
عن مقاتل بن حيّان -من طريق بكير بن معروف- قوله: {ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ} إلى قوله: {ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ} : يعني باللّينة: النخلة، وهي أعجب إلى اليهود من الوصيف، يُقال لثمرها: اللَّون
(1)
. فقالت اليهود عند قطْع النبي صلى الله عليه وسلم نخلهم، وعقْر شجرهم: يا محمد، زعمتَ أنك تريد الإصلاح، أفمِن الإصلاح عقْر الشجر، وقطْع النّخل، والفساد؟! فشقَّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، ووجَد المسلمون مِن قولهم في أنفسهم مِن قطْعهم النّخل خشية أن يكون فسادًا، فقال بعضُهم لبعض: لا تقطعوا؛ فإنّه مِمّا أفاء اللهُ علينا. فقال الذين يقطعونها: نَغيظهم بقطْعها. فأنزل الله: {ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ} الآية
(2)
. (14/ 349)
76160 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: جاء يهوديٌّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: أنا أقوم فأُصلّي. قال: «قدّر الله لك ذلك أن تُصلّي» . قال: أنا أقعد. قال: «قدّر الله لك أن تقعد» . قال: أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها. قال: «قدّر الله لك أن تقطعها» . قال: فجاء جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، لُقِّنت حُجّتك كما لُقِّنها إبراهيم على قومه. وأنزل الله تعالى:{ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ} يعني: اليهود
(3)
. (ز)
76161 -
عن الأوزاعي -من طريق الوليد بن مزيد- قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يهوديٌّ، فسأله عن المشيئة، قال:«المشيئة لله» . قال: فإنّي أشاء أنْ أقوم. قال: «قد شاء الله أن تقوم» . قال: فإنِّي أشاء أنْ أقعد. قال: «فقد شاء الله أن تقعد» . قال: فإنّي أشاء أنْ أقطع هذه النخلة. قال: «فقد شاء الله أن تقطعها» . قال: فإني أشاء أنْ أتركها. قال: «فقد شاء الله أن تتركها» . قال: فأتاه جبريل عليه السلام. فقال: لُقِّنت حُجّتك كما لُقِّنها إبراهيم عليه السلام. قال: ونزل القرآن: {ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الفاسِقِينَ}
(4)
. (14/ 353)
(1)
اللون: نوع من النخل قيل: هو الدقل. وقيل: النخل كله ما خلا البرني والعجوة، تسميه أهل المدينة الألوان. النهاية (لون).
(2)
أخرجه البيهقي في الدلائل 3/ 358.
(3)
أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص 418 - 419، من طريق جرموز، عن حاتم النجار، عن عكرمة، عن ابن عباس به.
وسنده ضعيف؛ جرموز: لعله جرموز بن عبد الله العرقي، قال عنه الذهبي في الميزان 1/ 391:«ضعفه ابن ماكولا» . وحاتم النجار لم أقف له على ترجمة.
(4)
أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (296).