‌{ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون - موسوعة التفسير المأثور - جـ ١١

[3112] أفادت الآثارُ الاختلافَ في تفسير قوله: {الحُسْنى وزِيادَةٌ} على أقوال: أحدها: أنّ الحسنى: الجنة. والزيادة: النَّظَر إلى وجه الله تعالى. والثاني: أنّ الحسنى: واحدة من الحسنات. والزيادة: مضاعفتها إلى عشر أمثالها. الثالث: أنّ الحسنى: حسنة مثل حسنة. والزيادة: مغفرة ورضوان. والرابع: أنّ الحسنى: الجزاء في الآخرة. والزيادة: ما أُعْطُوا في الدنيا.

ورجَّح ابنُ جرير (12/ 164 - 165) جميعَ تلك المعاني استنادًا إلى العموم، فقال:«وأَوْلى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: إنّ الله تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنةَ، وأن تبْيَضَّ وجوهُهم، ووعدهم مع الحسنى الزيادةَ عليها، ومِن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غُرَفًا من لآلئ، وأن يزيدهم غفرانًا ورضوانًا؛ كل ذلك مِن زيادات عطاءِ الله إيّاهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته. وعمَّ ربُّنا -جلَّ ثناؤه- بقوله: {وزيادة} الزيادات على الحسنى، فلم يُخَصِّص منها شيئًا دون شيء، وغير مستنكر من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم -إن شاء الله-. فأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُعمّ كما عَمَّه -عزَّ ذِكْرُه-» .

وبنحوه قال ابنُ كثير (7/ 354).

وعلَّق ابنُ عطية (4/ 474) على ترجيح ابن جرير للعموم بقوله: «ويُؤَيِّد ذلك أيضًا قولُه: {أُولئِكَ أصْحابُ الجَنَّةِ}» .

ورجَّح ابنُ عطية (4/ 473) القول الأول استنادًا إلى أقوال السلف.

وكذا رجَّحه ابنُ القيم (2/ 35) استنادًا إلى السُّنَّة، وأقوال السلف، وذكر أنّ مَن فَسَّر الزيادة بالمغفرة والرضوان فهو من لوازم رؤيته تبارك وتعالى.

وأورد ابنُ عطية (4/ 474) إشكالًا على القول الأول؛ بأنّه لو كان معنى الحسنى: الجُنَّة، لكان في القول تكرير بالمعنى، وأجاب عنه بقوله:«على أنّ هذا ينفصل عنه بأنّه وصف المحسنين بأنّ لهم الجنة، وأنّهم لا يرهق وجوهَهم قترٌ ولا ذِلَّة، ثم قال: {أُولئِكَ أصْحابُ الجَنَّةِ} على جهة المدح لهم، أي: أولئك مُسْتَحِقُّوها وأصحابها حقًّا وباستيجاب» .

_________

(1)

أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1944.