الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35587 -
عن حميد بن هلال، قال: جعل نوح لرجلٍ مِن قومه جُعْلًا على أن يُعينَه على عَمَل السفينة، فعمِل معه، حتى إذا فرغ قال له نوح: اختر أيَّ ذلك شئت؛ إما أن أوفِّيَك أجرك، وإما أن يُنجِيك الله من القوم الظالمين. قال: حتى أستأمِرَ قومي. فاستأمر قومه، فقالوا له: اذهب إلى أجرِك فخُذْه. فأتاه، فقال: أجري. فوفّاه أجره، قال: فما جاوز ذلك الرجل إلى حيث ينظر إليه حتى أمر الله الماء بما أمره به، فأقبل ذلك الرجلُ يخوض الماءَ، فقال: خذ الذي جعلتَ لي. قال: لك ما رضيتَ به. فغرق في مَن غرِق
(1)
. (8/ 69)
{وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ}
35588 -
عن أبي سعيد -من طريق نوح بن المختار- قال: خرجتُ أريد أن أشرب ماء المَرِّ، فمررت بالفرات، فإذا الحسن، والحسين، فقالا: يا أبا سعيد، أين تريد؟ قلتُ: أشرب ماء المَرِّ. قالا: لا تشرب ماء المَرِّ؛ فإنّه لَمّا كان زمن الطوفان أمر الله الأرضَ أن تبلع ماءها، وأمر السماء أن تُقْلِع، فاستعصى عليه بعضُ البِقاع، فلعنه، فصار ماؤُه مُرًّا، وترابه سَبِخًا لا يُنبِتُ شيئًا
(2)
. (8/ 73)
35589 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- قال: كان لِلَمَكَ يومَ ولَدَ نوحًا اثنان وثمانون سنة، ولم يكن أحدٌ في ذلك الزمان ينتهي عن مُنكَر، فبعث الله نوحًا إليهم وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة، ثم دعاهم في نبوته مائة وعشرين سنة، ثم أمره بصنعة السفينة، فصنعها وركبها وهو ابن ستمائة سنة، وغرِق مَن غرِق، ثم مكث بعد السفينة ثلاثمائة وخمسين سنة، فولد نوح سام وفي ولده بياض وأُدمة، وحام وفي ولده سواد وبياض قليل، ويافث وفيهم الشقرة والحمرة، وكنعان وهو الذي غرق، والعرب تسميه: يام، وأم هؤلاء واحدة، وبجبل نَوْذَ نَجَرَ
(3)
نوحٌ السفينةَ، ومِن ثَمَّ بدأ الطوفان، فركب نوح السفينة معه بنوه هؤلاء، وكنائنه؛ نساء بنيه هؤلاء، وثلاثة وسبعون مِن بني شِيث مِمَّن آمن به، فكانوا ثمانين في السفينة، وحمل معه مِن كل زوجين اثنين، وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراعٍ بذراعِ جدِّ أبي نوح، وعرضُها خمسين ذراعًا، وطولها في السماء ثلاثين ذراعًا،
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 2036.
(3)
النَّجْر: القَطْع. لسان العرب (نجر).
وخرج منها من الماء ستُّ أذرع، وكانت مُطبَقَةً، وجعل لها ثلاثة أبواب بعضَها أسفلَ من بعض، فأرسل الله المطر أربعين ليلة وأربعين يومًا، فأقبلت الوحش حين أصابها المطر والدواب والطير كلها إلى نوح، وسُخِّرت له، فحمل فيها كما أمره الله مِن كل زوجين اثنين، وحمل معه جسدَ آدم، فجُعِل حاجزًا بين النساء والرجال، فركبوا فيها لعشر مضين مِن رجب، وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، فلذلك صام مَن صام يوم عاشوراء، وخرج الماء مثل ذلك نصفين؛ نصف من السماء ونصف من الأرض، فذلك قول الله:{ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر} يقول: مُنصَبّ، {وفجرنا الأرض عيونًا} يقول: شَقَقْنا الأرض، {فالتقى الماء على أمر قد قدر} [القمر: 11 - 12]، وارتفع الماء على أطول جبل في الأرض خمسة عشر ذراعًا، فسارت بهم السفينة، فطافَت بهم الأرضَ كلها في ستة أشهر لا تَسْتَقِرُّ على شيء، حتى أتت الحرم فلم تدخُله، ودارت بالحرم أسبوعًا، ورُفِع البيت الذي بناه آدم؛ رُفِعَ من الغرق -وهو البيت المعمور- والحجر الأسود على أبي قُبَيس، فلما دارت بالحرم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى الجُودِيِّ، وهو جبل بالحِصنين
(1)
من أرض الموصل، فاستقرت بعد ستة أشهر لتمام السنة، فقيل بعد الستة أشهر:{بعدًا للقوم الظالمين} . فلمّا استوت على الجودي قيل: {يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي} يقول: احبسي ماءكِ، {وغيض الماء} نَشِفَتْه الأرضُ، فصار ما نزل من السماء هذه البحور التي ترون في الأرض، فآخرُ ماءٍ بقي في الأرض مِن الطوفان ماء بحِسْمى
(2)
، بقي في الأرض أربعين سنة بعد الطوفان، ثم ذهب، فهبط نوح إلى قريةٍ، فبنى كلُّ رجل منهم بيتًا، فسُمِّيت: سوق الثمانين، فغرق بنو قابيل كلهم، وما بين نوح إلى آدم مِن الآباء كانوا على الإسلام، ودعا نوح على الأسد أن يُلقى عليه الحُمّى، وللحمامة بالأنس، وللغراب بشقاء المعيشة، وتزوج نوح امرأةً من بني قابيل، فولدت له غلامًا فسمّاه: يوناطنَ، فلما ضاقت بهم سوق الثمانين تحولوا إلى بابل فبنوها، وهي بين الفرات والصَّراةِ
(3)
، فمكثوا بها حتى بلغوا مائة ألف وهم على الإسلام. ولَمّا خرج نوح من السفينة دُفِن آدم عليه السلام ببيت المقدس
(4)
. (8/ 70)
(1)
تثنية حِصن: وهو موضع بعينه. معجم البلدان 2/ 263.
(2)
حِسْمى: أرض ببادية الشام. معجم البلدان 2/ 258.
(3)
الصراة: نهر بالعراق. المصباح المنير (صري).
(4)
أخرجه ابن سعد 1/ 40 - 42، وابن عساكر 62/ 245.
35590 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قال: أعطى الله نوحًا عليه السلام في السفينة خرزتين؛ إحداهما بياضُها كبياض النهار، والأخرى سوادُها كسواد الليل، فإذا أمسَوا غلب سواد هذه بياض هذه، وإذا أصبحوا غلب بياض هذه سواد هذه، على قدر الساعات الاثنى عشر، فأول مَن قدَّر الساعات الاثني عشر لا يزيد بعضُها على بعض نوح عليه السلام في السفينة؛ ليعرف بها مواقيت الصلاة، فسارت السفينة مِن مكة حتى أخَذَت إلى اليمن، فبلغت الحبشة، ثم عدلت حتى رجعت إلى جدة، ثم أخَذَت على الروم، ثم جاوزت الروم، فأقبلت راجعة على جبال الأرض المقدسة، وأوحى الله إلى نوح عليه السلام أنها تستوي على رأس جبل، فعلِمت الجبال لذلك، فتَطَلَّعَت لذلك، وأخرجت أُصُولَها من الأرض، وجعل جُودِيٌّ يتواضع لله عز وجل، فجاءت السفينة حتى جاوزت الجبال كلها، فلما انتهت إلى الجودي استوت ورَسَت، فشَكَتِ الجبالُ إلى الله، فقالت: يا ربِّ، إنّا تَطَلَّعنا وأخرجنا أُصُولَنا مِن الأرض لسفينة نوح، وخَنَس جوديٌّ، فاستوت سفينة نوح عليه! فقال الله: إنِّي كذلك، مَن تواضع لي رفعتُه، ومَن ترفَّع لي وضَعْتُه. ويقال: إنّ الجوديَّ مِن جبال الجنة. فلمّا أن كان يوم عاشوراء اسْتَوَتِ السفينةُ عليه، وقال الله:{يا أرض ابلعي مآءك} بلغة الحبشة، {ويا سماء أقلِعِي} أي: أمسكي، بلغة الحبشة، فابتلعتِ الأرضُ ماءها، وارتفع ماءُ السماء حتى بلغ عنان السماء رجاء أن يعود إلى مكانه، فأوحى الله إليه: أن ارجع؛ فإنّك رِجْسٌ وغضب. فرجع الماء، فمَلُحَ وخَمَّ
(1)
وتَرَدَّد، فأصاب الناسَ منه الأذى، فأرسل الله الريح، فجمعه في مواضع البحار، فصار زُعاقًا مالحًا لا يُنتَفَع به، وتَطَلَّع نوح فنظر، فإذا الشمس قد طلعت، وبدا له اليد من السماء، وكانت ذلك آية ما بينه وبين ربه عز وجل؛ أمان من الغرق، -واليد: القوس الذي يُسمُّونه: قوس قزح، ونُهي أن يقال: قوس قزح؛ لأنّ قزح شيطان، وهو قوس الله، وزعموا: أنّه كان عليه وترٌ وسهمٌ قبل ذلك في السماء، فلما جعله الله تعالى أمانًا لأهل الأرض مِن الغرق نزع الله الوتر والسهم-، فقال نوح عليه السلام عند ذلك: ربِّ، إنّك وعدتني أن تُنجي معي أهلي، وغرَّقت ابني، و {إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين}. قال:{يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح} يقول: إنّه ليس مِن أهل دينك؛ إنّ عملَه كان غير صالح. قال: {اهبط بسلام منا} . فبعث نوحٌ عليه السلام
(1)
خَمَّ: تغيَّرت رائحته. النهاية (خمم).