الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَما اخْتَلَفُواْ} يعني: أهل التوراة والإنجيل في نُبُوَّة محمد صلى الله عليه وسلم {حَتّى جاءَهُمُ العِلْمُ} حتى بعثه الله عز وجل، فلمّا بُعِث كفروا به وحسدوه، {إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
(1)
. (ز)
34910 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {فما اختلفوا حتى جاءهم العلمُ} ، قال: العلم: كتابُ الله الذي أنزله، وأمرُه الذي أمرهم به
(2)
[3157]. (7/ 705)
{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ}
نزول الآية:
34911 -
قال مقاتل: قالت كُفّار مكة: إنّما ألْقى هذا الوحيَ على لسانِ محمدٍ شيطانٌ يقال له: الرسّ. فأنزل الله تعالى: {فَإنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمّا أنْزَلْنا إلَيْكَ}
(3)
. (ز)
تفسير الآية:
34912 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: {فإن كنتَ في شكٍ مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتابَ من قبلكَ} ، قال: ذُكر لِنا: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا أشُكُّ، ولا أسألُ»
(4)
. (7/ 705)
34913 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد- {فإن كنتَ في شكٍ مما أنزلنا إليك
[3157] ذكر ابنُ عطية (4/ 526) أنّ قوله: {فما اختلفوا حتى جاءهم العلم} يحتمل معنيين: الأول: فما اختلفوا في نبوة محمد وانتظاره حتى جاءهم وبان علمه وأمره، فاختلفوا حينئذ. وعلَّق عليه بقوله:«وهذا التخصيص هو الذي وقع في كتب المتأولين، وهذا التأويل يحتاج إلى سند» . الثاني: أنّ بني إسرائيل لم يكن لهم اختلاف على موسى في أول حاله، فلما جاءهم العلم والأوامر وغرق فرعون اختلفوا. وذكر أن اللفظ يحتمله.
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 248.
(2)
أخرجه ابن جرير 12/ 285. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(3)
تفسير الثعلبي 5/ 149.
(4)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/ 125 (10211)، وفي تفسيره 2/ 179 (1173)، وابن جرير 12/ 288.
فسئل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك}، قال: لم يَشُكَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يسألْ
(1)
. (7/ 705)
34914 -
عن سِماكٍ الحنفيِّ، قال: قلتُ لعبد الله بن عباس: إنِّي أجِدُ في نفسي ما لا أستطيع أن أتكلَّم به. فقال: شكٌّ؟ قلتُ: نعم. قال: ما نجا مِن هذا أحدٌ، حتى نزلتْ على النبي صلى الله عليه وسلم:{فإن كنتَ في شكٍّ مما أنزلنا إليك} الآية [3158]. فإذا أحسستَ أو وجدتَ مِن ذلك شيئًا فقُل: {هو الأوَّلُ والآخرُ والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليمٌ} [الحديد: 3]
(2)
. (7/ 705)
34915 -
عن سعيد بن جبير -من طريق أبي بشر- في قوله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} ، فقال: لم يشكَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَسْأَل
(3)
. (ز)
34916 -
عن الحسن البصري، قال: خمسةُ أحرفٍ في القرآنِ: {وإن كان مكرُهُم لتزول منه الجبالُ} [إبراهيم: 46] معْناه: وما كان مكرُهم، {لو أردنا أن نتخذ لهوًا لاتَّخذناهُ من لدنّا إن كنّا فاعلين} [الأنبياء: 17] معناه: ما كنا فاعلين، {قُلْ إن كان للرحمن ولدٌ} [الزخرف: 81] معناه: ما كان للرحمن ولدٌ، {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} [الأحقاف: 26] معناه: في الذي ما مكنّاكم فيه، {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} معناه: فما كنت في شكّ
(4)
. (7/ 706)
34917 -
عن الحسن البصري -من طريق منصور- في هذه الآية، قال: لم يَشُكَّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَسْأَل
(5)
[3159]. (ز)
[3158] علَّقَ ابنُ عطية (4/ 526) على أثر عبد الله بن عباس هذا بقوله: «ذكر الزهراويُّ أن هذه المقالة أُنكِرَت أن يقولها عبد الله بن عباس. وبذلك أقول؛ لأن الخواطر لا ينجو منها أحد، وهي خلاف الشكِّ الذي يُحال فيه على الاستشفاء بالسؤال» .
[3159]
قال ابنُ عطية (4/ 526): «الصواب في معنى الآية: أنّها مُخاطَبة للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد بها: سواه مِن كلّ مَن يمكن أن يشكّ أو يعارض» .
وقال ابنُ القيم (2/ 44) مبيّنًا المقصود بالخطاب في الآية: «المقصود به: إقامةُ الحُجَّة على منكري النبوات والتوحيد، وأنهم مُقِرُّون بذلك لا يجحدونه ولا ينكرونه، وأنّ الله سبحانه أرسل إليهم رُسُلَه، وأنزل عليهم كتبه بذلك، وأرسل ملائكته إلى أنبيائه بوحيه وكلامه، فمن شَكَّ في ذلك فليسأل أهل الكتاب. فأخرج هذا المعنى في أوجز عبارة، وأدلها على المقصود، بأن جعل الخطاب لرسوله الذي لم يشك قط، ولم يسأل قط، ولا عرض له ما يقتضي ذلك. وأنت إذا تأملت هذا الخطاب بدا لك على صفحاته: مَن شكّ فليسأل، فرسولي لم يشكّ، ولم يسأل» .
وبنحوه قال ابنُ تيمية (3/ 492 - 497).
وذكر ابنُ عطية (4/ 526) أنّ قومًا قالوا: الكلام بمنزلة قولك: إن كنت ابني فبرني. وانتقده بقوله: «وليس هذا المثال بجيد، وإنما مثال هذه قوله تعالى لعيسى: {أأنت قلت للناس اتخذوني} [المائدة: 116]» .
وذكر (4/ 527) أنّ قوله: {مما أنزلنا إليك} يريد به أنّ بني إسرائيل لم يختلفوا في أمره إلا من بعد مجيئه، وبين أنّ هذا قول أهل التأويل قاطبة، ثم علَّق بقوله:«وهذا هو الذي يشبه أن ترتجى إزالة الشك فيه مِن قِبَل أهل الكتاب» . ثم أورد احتمالًا آخر، فقال:«ويحتمل اللفظ أن يريد بـ» ما أنزلنا «: جميع الشرع» . وانتقده بأنّه بعيد بالمعنى؛ لأنّ ذلك لا يعرف ويزول الشك فيه إلا بأدلة العقل، لا بالسماع من مؤمني بني إسرائيل.
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1986، والضياء في المختارة (91). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن مردويه.
(2)
أخرجه أبو داود (5110)، وابن أبي حاتم 6/ 1985. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن مردويه.
(3)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (ت: سعد آل حميد) 5/ 332 (1076)، وابن جرير 12/ 287.
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن الأنباري في المصاحف.
(5)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (ت: سعد آل حميد) 5/ 333 (1077)، وابن جرير 12/ 288.