الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل طيّباته إن استطاع، ولا قوة إلا بالله. قال: وذُكر لنا: أنّ عمر بن الخطاب كان يقول: لو شئتُ لكنتُ أطيبكم طعامًا، وأليَنكم لباسًا، ولكني أستبقي طيّباتي. وذُكر لنا: أنّ عمر بن الخطاب لَمّا قدم الشام صُنِع له طعامٌ لم يُرَ قبله مثله، قال: هذا لنا! فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون مِن خُبز الشعير؟! فقال خالد بن الوليد: لهم الجنة. فاغرورقت عينا عمر، فقال: لَئِن كان حظّنا من هذا الحطام وذهبوا بالجنة لقد بايَنونا بَوْنًا بعيدًا
(1)
. (13/ 331)
70555 -
قال مقاتل بن سليمان: {ويَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: كفار مكة {عَلى النّارِ} حين كُشِف الغطاء عنها لهم، فينظرون إليها، يعني: كفار مكة، فيقال لهم:{أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ} يعني: الرّزق والنّعمة التي كنتم فيها {فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا} ولم تؤدّوا شكرها، {واسْتَمْتَعْتُمْ بِها} يعني: بالطيبات، فلا نعمة لكم
(2)
. (ز)
70556 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قول الله عز وجل: {أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا} إلى آخر الآية، ثم قرأ:{مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ فِيها وهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ} [هود: 15]. وقرأ: {مَن كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ومَن كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنها} [الشورى: 20]. وقرأ: {مَن كانَ يُرِيدُ العاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَن نُرِيدُ} إلى آخر الآية [الإسراء: 18]، وقال: هؤلاء الذين أذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا
(3)
. (ز)
آثار متعلقة بالآية:
70557 -
عن عمر بن الخطّاب: أنّه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هجر نساءه، قال: فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش، قد أثَّر الرمال بجنبه، متكئ على وسادة مِن أدَمٍ حشوها لِيف، فسلمت عليه
…
، قال: ثم رفعت بصري في بيته، فواللهِ، ما رأيت فيه شيئًا يرد البصر غير أهَبَة
(4)
ثلاثة، فقلت: ادعُ الله فليُوسِّع على أمتك، فإنّ فارس والروم وُسِّع عليهم، وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله. وكان متكئًا، فقال: «أوَفي شكٍّ أنت، يا ابن الخطّاب؟! أولئك قوم
(1)
أخرجه ابن جرير 21/ 147 بنحوه. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 22.
(3)
أخرجه ابن جرير 21/ 149.
(4)
قال ابن حجر في فتح الباري 9/ 288: «بفتح الهمزة والهاء وبضمها أيضًا، بمعنى: الأُهُب، والهاء فيه للمبالغة، وهو جمع إهاب على غير قياس، وهو الجلد قبل الدباغ» .
عُجِّلت لهم طيّباتهم في حياتهم الدّنيا»
(1)
. (ز)
70558 -
عن ثوبان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر كان آخر عهده بإنسان مِن أهله فاطمة، وأول مَن يدخل عليه إذا قدم فاطمة، فقدم مِن غَزاة له، فأتاها، فإذا بِمِسْحٍ على بابها، ورأى على الحسن والحسين قُلْبَيْنِ
(2)
من فضة، فرجع، ولم يدخل عليها، فلما رأتْ ذلك فاطمةُ ظنّتْ أنه لم يدخل عليهما مِن أجل ما رأى، فهتكت السّتر، ونزعت القُلْبين من الصّبيّين، فقطعتْهما، فبكى الصّبيان، فقسمته بينهما، فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يبكيان، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما، فقال: «يا ثوبان، اذهب بهذا إلى بني فلان -أهل بيت بالمدينة-، واشترِ لفاطمة قِلادة من عَصَبٍ
(3)
وسوارين من عاج؛ فإنّ هؤلاء أهل بيتي، ولا أحبّ أن يأكلوا طيّباتهم في حياتهم الدنيا»
(4)
. (13/ 334)
70559 -
عن ابن عمر: أنّ عمر رأى في يد جابر بن عبد الله دِرهمًا، فقال: ما هذا الدّرهم؟ قال: أريد أن أشتري به لحمًا لأهلي، قَرِموا إليه
(5)
. فقال: أكلما اشتهيتم شيئًا اشتريتموه؟! أين تذهب عنكم هذه الآية: {أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا واسْتَمْتَعْتُمْ بِها}
(6)
. (13/ 330)
70560 -
عن جابر بن عبد الله، قال: رآني عمر وأنا مُعَلِّقٌ لحمًا، فقال: يا جابر،
(1)
أخرجه البخاري 3/ 133 (2468)، ومسلم 2/ 1105 - 1107 (1479) كلاهما مطولًا، والثعلبي 9/ 14 - 15.
(2)
القُلْب: السِوار. النهاية (قلب).
(3)
العَصَب -بفتح الصاد-: وهي أطناب مفاصل الحيوانات، وهو شيءٌ مُدَوَّر، فيحتمل أنهم كانوا يأخذون عَصَب بعض الحيوانات الطاهرة، فيقطعونه، ويجعلونه شبه الخرز، فإذا يبس يتخذون منه القلائد، وإذا جاز وأمكن أن يُتَّخذ مِن عظام السلحفاة وغيرها الأسْورةُ جاز، وأمكن أن يُتَّخذ من عَصَب أشباهها خَرر تُنظم منه القلائد. النهاية (عصب).
(4)
أخرجه أحمد 37/ 46 (22363)، وأبو داود 6/ 273 - 274 (4213)، والثعلبي 9/ 13 - 14، من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن محمد بن جحادة، عن حميد الشامي، عن سليمان المنبهي، عن ثوبان به.
قال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ 3/ 1748 (3956): «رواه حميد الشامي، عن سليمان المنبهي، عن ثوبان. وحميد هذا إنما أنكر عليه هذا الحديث، وهو حديثه، ولا أعلم له غيره. وسئل عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين فلم يعرفاه» . وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية 2/ 315 (1336): «هذا حديث لا يصح» .
(5)
القَرَمُ -بالتحريك-: شدة الشهوة إلى اللحم. لسان العرب (قرم).
(6)
أخرجه الحاكم 2/ 455، والبيهقي في شعب الإيمان (5672). وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
ما هذا؟ قلت: لحم اشتريته بدرهم لنسْوة عندي قَرِمنَ إليه. فقال: أما يشتهي أحدُكم شيئًا إلا صنعه؟! أما يجد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره وابن عمّه؟! أين تذهب هذه الآية: {أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا} ؟! قال: فما انفلتُّ منه حتى كدتُ ألا أنفلتَ
(1)
. (13/ 332)
70561 -
عن الأعمش، قال: عن بعض أصحابه، قال: مرَّ جابر بن عبد الله متعلّقًا لحمًا على عمر، فقال: ما هذا، يا جابر؟ قال: هذا لحمٌ اشتهيتُه اشتريتُه. قال: وكلّما اشتهيتَ شيئًا اشتريته؟! أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية: {أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا} ؟!
(2)
. (13/ 330)
70562 -
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: قدم على عمر ناسٌ مِن العراق، فرأى كأنهم يأكلون تعذيرًا
(3)
، فقال: يا أهل العراق، لو شئتُ أن يُدَهْمَق
(4)
لي كما يُدَهْمَق لكم لفعلتُ، ولكنّا نستبقي مِن دنيانا، نجده في آخرتنا، أما سمعتم الله يقول لقوم:{أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا} الآية؟!
(5)
. (13/ 331)
70563 -
عن الحسن، قال: قدِم وفدُ أهل البصرة على عمر مع أبي موسى الأشعري، فكان له في كل يوم خُبز يُلتّ، فربما وافقناها مأْدُومة بزيت، وربما وافقناها مأْدُومة بسمْن، وربما وافقناها مأْدُومة بلبن، وربما وافقناها القدائد اليابسة قد دُّقت ثم أغلي بها، وربما وافقناها اللحم الغَرِيض
(6)
، وهو قليل. قال: وقال لنا عمر: إني -واللهِ- لقد أرى تعذيركم وكراهيتكم طعامي، أما -واللهِ- لو شئتُ لكنت أطيبكم طعامًا، وأرقّكم عيْشًا، أما -واللهِ- ما أجهل عن كَراكِر
(7)
وأسْنِمة، وعن صَلىً
(8)
وصِناب
(9)
وسَلائق
(10)
، ولكني وجدت اللهَ عيَّر قومًا بأمرٍ فعلوه، فقال:
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
أخرجه أحمد في الزهد ص 123، 124. وأخرج عبد الرزاق في تفسيره 3/ 198 قول عمر الأول عن قتادة.
(3)
تعذيرًا: يبالغون في الأكل.
(4)
أي: يُليَّن لي الطعامُ ويُجوَّد. النهاية (دهمق).
(5)
أخرجه أبو نعيم 1/ 49.
(6)
الغَرِيض: الطَّري من اللحم والماء واللبن والتمر. لسان العرب (غرض).
(7)
زَوْرُ البَعير الذي إذا برَكَ أصاب الأرض، وهي ناتئة عن جسمه كالقُرْصَةِ، وجمعها: كَراكِر. النهاية (كركر).
(8)
يقال صَلَيْتُ اللحم- بالتخفيف-: شَوَيْته، فهو مَصْلِيّ. النهاية (صلا).
(9)
الصِّناب: الخَرْدَل المعمول بالزَّيت، وهو صِباغٌ يُؤْتَدَم به. النهاية (صنب).
(10)
وهو كل ما سُلِقَ مِن البُقول وغيرها. النهاية (صلق).