الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير السورة
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(1)}
قراءات:
71552 -
عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق محمد بن سليم الفارسي- أنه قرأ: «لا تَقَدَّمُواْ»
(1)
[6083]. (13/ 529)
نزول الآية:
71553 -
عن عائشة -من طريق الشعبي، عن مسروق- قالت: كان أناسٌ يتقدّمون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذّبْح؛ فنَزَلتْ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ}
(2)
. (13/ 528)
[6083] اختلف القراء في قراءة قوله تعالى: {لا تُقَدِّمُوا} على وجهين: الأول: بضمّ التاء، وكسر الدال، هكذا {تُقَدِّمُوا}. والثاني: بفتح التاء والدال، هكذا «تَقَدَّمُوا» ، بمعنى: لا تتقدموا.
وعلَّقَ ابنُ عطية (8/ 6) على الوجه الأول بقوله: «المعنى على ضم التاء: بين يدي قول الله ورسوله» . وعلَّقَ (8/ 6) على الوجه الثاني بقوله: «على هذا يجيء تأويل ابن زيد في المشي» .
ورَجَّحَ ابنُ جرير (21/ 337) الوجه الأول، فقال:«وبضم التاء من قوله: {لا تُقَدِّمُوا} قرأ قراء الأمصار، وهي القراءة التي لا أستجيز القراءة بخلافها؛ لإجماع الحجة من القراء عليها، وقد حُكي عن العرب: قَدَّمْت في كذا، وتَقَدَّمْت في كذا. فعلى هذه اللغة لو كان قيل: «لا تَقَدَّمُوا» بفتح التاء كان جائزًا».
_________
(1)
أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع -تفسير القرآن 3/ 59 (134)، وإسحاق البستي ص 381 من طريق محمد بن سليمان البلخي. وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور.
وهي قراءة متواترة، قرأ بها يعقوب، وقرأ بقية العشرة:{لا تُقَدِّمُواْ} بضم التاء وكسر الدال. انظر: النشر 2/ 375، والإتحاف ص 512.
(2)
أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان 1/ 173، من طريق عبد الله بن محمد، ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر اللنباني، ثنا إسحاق بن الحسن الحربي، ثنا أبوزيد العلقي [أو الغلفي]، ثنا أبو أسامة، عن ابن أبجر، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة به. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
رجاله ثقات، غير أبي زيد العلقي [أو الغلفي]، فلم أقف له على ترجمة.
71554 -
عن عائشة، قالت: كان أناسٌ يتقدّمون بين يدي رمضان بصيام، يعني: يومًا أو يومين؛ فأنزل الله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ}
(1)
. (13/ 529)
71555 -
عن عائشة -من طريق حبال بن رفيدة، عن مسروق-: أنّ ناسًا كانوا يتقدّمون الشهر، فيصومون قبل النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ}
(2)
. (13/ 529)
71556 -
عن عبد الله بن الزبير -من طريق ابن أبي مليكة- قال: قدِم رَكْبٌ مِن بني تميم على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمِّر القعقاع بن مَعْبَد. وقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس. فقال أبو بكر: ما أردتَ إلا خلافي. فقال عمر: ما أردتُ خلافك. فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما؛ فأنزل الله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ} حتى انقضت الآية
(3)
[6084]. (13/ 527)
71557 -
عن الحسن البصري، قال: ذَبح رجلٌ قبل الصلاة؛ فنَزَلتْ
(4)
. (13/ 528)
71558 -
عن الحسن البصري -من طريق قتادة-: أنّ ناسًا ذبحوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النَّحْر، فأمرهم أنْ يعيدوا ذبحًا؛ فأنزل الله:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ}
(5)
. (13/ 528)
[6084] ذكر ابنُ عطية (8/ 6) هذه الرواية، ثم قال:«وذهب بعض قائلي هذه المقالة إلى أن قوله: {لا تقدموا} معناه: لا تُقَدِّموا وُلاة، فهو من تقدّم الأمراء، وعموم اللفظ أحسن، أي: اجعلوه مبدأ في الأقوال والأفعال» .
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن النجار في تاريخه.
(2)
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار 1/ 314 (339) بنحوه، والطبراني في الأوسط 3/ 134 (2713) واللفظ له، وبنحوه أبو نعيم في أخبار أصبهان 2/ 325. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قال الهيثمي في المجمع 3/ 148: «فيه [حبال] بن [رفيدة]، وهو مجهول» . وقال الذهبي: «لا يعرف» . الميزان 1/ 448.
(3)
أخرجه البخاري 5/ 168 (4367)، 6/ 137 - 138 (4847)، والثعلبي 9/ 70، وأخرج نحوه إسحاق البستي ص 385 موقوفًا على ابن أبي مليكة.
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي الدنيا في الأضاحي.
(5)
عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر. وأخرجه عبد الرزاق 2/ 230، وابن جرير 21/ 336 دون التصريح بالنزول.
71559 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: ذُكِر لنا: أنّ ناسًا كانوا يقولون: لو أُنزِل في كذا وكذا، أو صُنِع كذا وكذا. فكره الله ذلك، وقدّم فيه
(1)
. (13/ 527)
71560 -
قال عطاء الخُراسانيّ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ} نَزَلتْ في قصّة بِئر مَعُونة، وقتل الثلاثة الذين لقوا الرجلين السُلَمِيَّين اللذين اعتريا
(2)
إلى بني عامر، وأخذهم مالهما، وكانا مِن أهل العهد، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبق الخبر إليه، فقال:«بئس ما صنعتم، هما مِن أهل ميثاقي، وهذا الذي معكم مِن كسوتي» . قالا: يا رسول الله، إنهما زعما أنهما مِن بني عامر، فقلنا: هذان ممن قتل إخواننا، فقتلناهما لذلك. وأتاه السُلَمِيّون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا قوَد لهما؛ لأنهما اعتريا في عدوِّنا، ولكنّا نَدِيهما» . فوداهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل عز وجل في ذلك:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ} حين قتلوا الرجلين
(3)
. (ز)
71561 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق باذان-، نحوه
(4)
. (ز)
71562 -
قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ} نَزَلتْ في ثلاثة نَفَرٍ، وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سَرِيّةً إلى ناحية أرض تِهامة، وكانوا سبعة وعشرين رجلًا؛ منهم: عُروة بن أسماء السُّلَمي، والحكم بن كيسان المخزومي، وعامر بن فُهَيْرَة مولى أبي بكر، وبشير الأنصاري، واستعمَل عليهم المُنذر بن عمرو الأنصاري من النُّقَباء، وكتب صحيفةً ودفعها إلى حَرام بن مِلْحان ليقرأها على العدو، فكان طريقهم على بني سليم، وبينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم مُوادعة، ودسّ المنافقون إلى بني عامر بن صعصعة وهم حَرْبٌ على المسلمين: إنّ أصحاب محمد مغرورون، يختلفون من بين ثلاثة وأربعة، فأَرصِدوهم، وهم على بئر مَعُونة. وهو ماء لبني عامر، فسار القومُ ليلًا، وأضلّ أربعةٌ منهم بعيرًا لهم، منهم بشير الأنصاري، فأقاموا حتى أصبحوا، وسار المسلمون حتى أتَوا على بني عامر وهم حول الماء، وعليهم عامر بن الطُّفيل العامري، فدعاهم المُنذر بن عمرو إلى
(1)
أخرجه ابن جرير 21/ 336. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. كما أخرجه عبد الرزاق 2/ 230، وابن جرير 21/ 336 - 337.
(2)
في النهاية (عرا): اعتراه: إذا قصده يطلب منه رفده وصلته. لكن المعنى الأنسب للسياق أعلاه: انتسبا.
(3)
تفسير الثعلبي 9/ 70.
(4)
أورده الثعلبي 9/ 70 - 71.
الإسلام، وقرأ عليهم حَرامٌ الصحيفة، فأبَوْا، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فلمّا عرفوا أنهم مقتولون قالوا: اللهم، إنّك تعلم أنّ رسولك أرسَلَنا، وإنّا لا نجد مَن يُبلِّغ عنّا رسولك غيرك، فأَقْرِءه منّا السلام، فقد رضينا بحُسْن قضائك لنا. وحمل عامر بن الطُّفيل على حَرامٍ، فطَعنه، فقَتله، وقُتِلَ بقيّتهم غير المنذر بن عمرو، فإنه كان دارِعًا مُقنّعًا، وعُروة بن أسماء السلمي، فقُتل المنذر بعد ذلك، فقالوا لعُروة: لو شئنا لقتلناك، فأنت آمِنٌ؛ فإن شئتَ فارجع إلينا، وإن شئتَ فاذهب إلى غيرنا، فأنت آمِنٌ. قال عرُوة: إني عاهدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ألّا أضع يدي في يد مشرك، ولا أتِّخذه وليًّا. وجعل يحمل عليهم، ويضربونه بِعُرْضِ رِماحهم، ويناشدونه، ويأبى عليهم، فرَمَوه بالنَّبل حتى قتلوه، وأتى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبره بحالهم، فنَعاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وقال:«أرسَل إخوانكم يُقرءونكم السلام، فاستغْفِروا لهم» . ووجد الأربعةُ بعيرهم حين أصبحوا، فساروا، فلمّا دنَوا مِن ماء بني عامر لقيَتْهم وليدةٌ لبني عامر، فقالت: أمِن أصحاب محمد أنتم؟ فقالوا: نعم. رجاء أن تُسلم، فقالت: إنّ إخوانكم قد قُتلوا حول الماء، النّجاءَ النّجاءَ، ألا ترون إلى النُّسُور والعِقْبانِ قد تعلّقن بلحومهم! فقال بشير الأنصاري: دونكم بعيرَكم، أنظُر لكم. فسار نحوهم، فرأى إخوانهم مُقتَّلين كأمثال البُدن حول الماء، فرجع إلى أصحابه، فأخبرهم، وقال لهم: ما ترون؟ قالوا: نرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنخبره الخبر. فقال بشير: لكني لا أرجع -واللهِ- حتى أتغدّى مِن غداء القوم، فأقْرِءوا على النبي صلى الله عليه وسلم مِنِّي السلام ورحمة الله. ثم أتاهم، فحمَل عليهم، فناشدوه أن ارجع، فأبى، وحمَل عليهم، فقَتل منهم، ثم قُتِلَ بعد، فرجع الثلاثة يسلون بعيرهم سلًّا، فأتَوا المدينة عند جنوح الليل، فلَقوا رجلين مِن بني سليم جائين مِن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: مَن أنتما؟ قالا: من بني عامر. لأنهم كانوا قريبًا مِن بني عامر بالمدينة، ولا يشعران بصنيع بنى عامر، فقالوا: هذان مِن الذين قاتلوا إخواننا. فقتلوهما، وسَلبُوهما، ثم دخلوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُخبروه، فوجدوا الخبرَ قد سبق إليه، ثم قالوا: يا نبيَّ الله، غشينا المدينة عند المساء، فلَقِينا رجلين مِن بني عامر، فقتلناهما، وهذا سَلَبهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«بل هما مِن بني سليم مِن حلفائي، بئس ما صنعتما، هذان رجلان من بني سليم كانا جاءا في أمر الموادعة» . فنَزَلتْ فيهم: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ} يقول: لا تُعجّلوا بقتْل أحد، ولا بأمرٍ؛ حتى تستأمروا النبي صلى الله عليه وسلم. فوعظهم في ذلك، وأقبل قوم السُّلميين، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنّ صاحبَيْنا قُتِلا عندك. فقال