الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
73427 -
قال مقاتل بن سليمان: نَعتَ المتّقين، فقال:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ} يعني: كلّ ذنب يُختم بالنار، {والفَواحِشَ} يعني: كلّ ذنب فيه حدٌّ
(1)
[6287]. (ز)
{إِلَّا اللَّمَمَ}
73428 -
عن أبي هريرة -من طريق الحسن- أُراه رفعه، في قوله:{إلّا اللَّمَمَ} ، قال:«اللمّة من الزّنى، ثم يتوب ولا يعود، واللمّة من شُرب الخمر، ثم يتوب ولا يعود» . قال: فتلك الإلمام
(2)
. (14/ 38)
73429 -
عن الحسن البصري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتدرون ما اللَّمَم؟» . قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «هو الرجل يُلِمّ بالنّظرة مِن الزِّنا ثم لا يعود، ويُلِمّ بالشّربة مِن الخمر ثم لا يعود، ويُلِمّ بالسرقة ثم لا يعود»
(3)
.
(14/ 39)
73430 -
عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي الضُّحى- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: زِنا العينين: النّظر، وزِنا الشفتين: التقبيل، وزِنا اليدين: البطْش، وزِنا الرِّجلين: المشي، ويصدّق ذلك الفَرْج أو يكذّبه، فإن تقدّم بفَرْجه كان زانيًا، وإلا فهو اللمم
(4)
. (14/ 37)
[6287] قال ابنُ عطية (8/ 120 - 121) عند تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ} : «واختلف الناس في الكبائر، ما هي؟ فذهب الجمهور إلى أنها السَّبع الموبقات التي وردت في الأحاديث، وقد مضى القول في ذكرها واختلاف الأحاديث فيها في سورة النساء. وتحرير القول في الكبائر: أنها كل معصية يوجد فيها حدٌّ في الدنيا، أو تَوَعُّدٌ بنار في الآخرة، أو لعنة أو نحو هذا خاصٌّ بها. فهي كثيرة العدد، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما حين قيل له: أسَبْعٌ هي؟ فقال: هي إلى السبعين أقربُ منها إلى السبع» .
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 164. وقد تقدمت الآثار في معنى الكبائر عند تفسير قوله تعالى: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31].
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب 9/ 277 (6657، 6658)، وأبو الطاهر -كما في جزء أبي الطاهر للدراقطني ص 34 - 35 (89) -، وابن جرير 22/ 64 بزيادة:«واللمة من السرقة، ثم يتوب ولا يعود» من طريق الحسن، عن أبي هريرة به. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.
وسنده ضعيف لانقطاعه؛ فالحسن لم يسمع من أبي هريرة. ينظر: جامع التحصيل ص 164.
(3)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه مرسلًا.
(4)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 255، وابن جرير 22/ 62، والحاكم 2/ 470، والبيهقي (7060).
73431 -
عن حُذيفة بن اليمان =
73432 -
وأبي سعيد الخُدري: {اللَّمَمَ} : هو صغار الذنوب؛ مثل النّظرة، والغَمزة، والقُبلة
(1)
. (ز)
73433 -
عن محمد بن سيرين، قال: سأل رجلٌ زيدَ بن ثابت عن هذه الآية: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ والفَواحِشَ إلّا اللَّمَمَ} . فقال: حرّم الله عليك الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن
(2)
. (14/ 41)
73434 -
عن أبي هريرة -من طريق عبد الرحمن- أنه سُئِل عن قوله: {إلّا اللَّمَمَ} . قال: هي النّظرة، والغَمزة، والقُبلة، والمباشرة، فإذا مسّ الختان الختان فقد وجب الغُسل، وهو الزّنا
(3)
. (14/ 37)
73435 -
عن سعيد بن أبي سعيد، قال: كان أبو هريرة يقول: {اللمم} : النكاح؛ يعني: التزويج
(4)
. (14/ 40)
73436 -
عن عبد الله بن عمرو بن العاص -من طريق عمرو بن شعيب- قال: اللمَم: ما دون الشِّرك
(5)
[6288]. (14/ 40)
73437 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق طاووس- قال: ما رأيتُ شيئًا أشبه باللّمَم مِمّا قال أبو هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«إنّ الله كتب على ابن آدم حظّه مِن الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزِنا العين النّظر، وزِنا اللسان النُّطق، والنفس تتمنّى وتشتهي، والفَرْج يصدّق ذلك أو يكذّبه»
(6)
. (14/ 36)
73438 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: هو الرجل يُلِمّ بالفاحشة، ثم يتوب منها. قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[6288] استدرك ابنُ عطية (8/ 122) على هذا القول قائلًا: «وهذا عندي لا يصح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما» .
_________
(1)
تفسير الثعلبي 9/ 148.
(2)
أخرجه ابن جرير 22/ 61.
(3)
أخرجه مسدد -كما في المطالب العالية (4123) -، وابن جرير 22/ 63.
(4)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه -التفسير 7/ 467 (2095).
(5)
أخرجه ابن جرير 22/ 66.
(6)
أخرجه البخاري 8/ 54 (6243)، 8/ 125 (6612)، ومسلم 4/ 2046 (2657)، وعبد الرزاق 3/ 252 (3037)، وابن جرير 22/ 62.
إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا
…
وأيّ عبد لك لا ألَمّا!
(1)
. (14/ 37)
73439 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، يقول: إلا ما قد سلف
(2)
. (14/ 38)
73440 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: يُلِمّ بها في الحين ثم يتوب
(3)
. (14/ 39)
73441 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية- قال: اللّمَم: كلّ شيء بين الحدَّين؛ حدّ الدنيا وحدّ الآخرة، يكفّره الصلاة، وهو دون كل مُوجب، فأمّا حدّ الدنيا فكلُّ حدٍّ فرض الله عقوبته في الدنيا، وأما حدّ الآخرة فكلّ شيء ختمه الله بالنار، وأخَّر عقوبته إلى الآخرة
(4)
. (14/ 40)
73442 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق قتادة- قال: {اللَّمَمَ} : الذي يُلِمّ المرّة
(5)
. (ز)
73443 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق قتادة- قال: اللّمَم: ما بين الحدّين: حدّ الدنيا، وحدّ الآخرة
(6)
. (ز)
73444 -
عن عبد الله بن الزبير -من طريق عطاء- قال: اللّمَم: ما بين الحدّين: حد الدنيا، وحد الآخرة
(7)
. (14/ 37)
73445 -
عن الحسن البصري، في قوله:{إلّا اللَّمَمَ} ، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: هو الرجل يصيب اللّمّة مِن الزِّنا، واللّمّة من شُرب الخمر، فيجتنبها ويتوب منها
(8)
. (14/ 39)
(1)
أخرجه الترمذي 5/ 481 (3568)، والحاكم 1/ 121 (180)، 2/ 510 (3750)، وابن جرير 22/ 63 - 64، والبغوي 4/ 97، من طريق زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس به.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق» . وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه» . ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير في تفسيره 7/ 461: «وفي صحته مرفوعًا نظر» . وقال الهيثمي في المجمع 7/ 115 (11378): «رجاله رجال الصحيح» .
(2)
أخرجه ابن جرير 22/ 60. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(3)
أخرجه ابن جرير 22/ 63، 65.
(4)
أخرجه ابن جرير 22/ 67.
(5)
أخرجه ابن جرير 22/ 66.
(6)
أخرجه ابن جرير 22/ 67 - 68، وبنحوه من طريق الحكم.
(7)
أخرجه ابن جرير 22/ 67. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم مختصرًا.
(8)
أخرجه ابن جرير 22/ 65.
73446 -
عن مَسروق بن الأجْدع الهَمداني -من طريق مسلم- في قوله: {إلا اللَّمَمَ} ، قال: إن تقدّم كان زِنًا، وإن تأخّر كان لَمَمًا
(1)
. (ز)
73447 -
قال محمد بن علي بن الحنفيّة: {اللَّمَمَ} كلّ ما هممتَ به مِن خير أو شرٍّ فهو لَمَم
(2)
. (ز)
73448 -
قال سعيد بن المسيّب: {اللَّمَمَ} هو ما لمّ على القلب، أي: خطر
(3)
. (ز)
73449 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق منصور- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: الرجل يُلِمّ بالذنب ثم ينزع عنه. قال: وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون:
إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا
…
وأيّ عبد لك لا ألَمّا!
(4)
. (ز)
73450 -
عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق سفيان الثوري- {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: كلّ شيء بين حدّ الدنيا والآخرة فهو اللّمَم يغفره الله
(5)
. (ز)
73451 -
عن عكرمة مولى ابن عباس، أنّه ذُكِر له قول الحسن في اللّمَم: هي الخَطْرة من الزّنا. فقال: لا، ولكنها الضمّة، والقُبلة، والشمّة
(6)
.
73452 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق يزيد- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، يقول: ما بين الحدّين، كلّ ذنبٍ ليس فيه حدٌّ في الدنيا ولا عذاب في الآخرة، فهو اللّمَم
(7)
. (ز)
73453 -
عن طاووس -من طريق خُصيف- قال: اللّمَم: ما ألممتَ بالنّظر، ولمستَ بيدك وتناولتَ، ما لم يكن الجماع
(8)
. (ز)
73454 -
عن عامر الشعبي -من طريق منصور بن عبد الرحمن- أنه سأله عن قول الله: {يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ والفَواحِشَ إلّا اللَّمَمَ} . قال: هو ما دون الزّنا. ثم روى لنا عن ابن مسعود قال: زِنا العينين ما نظرَتْ إليه، وزِنا اليد ما لمسَتْ، وزِنا الرجل ما مشَتْ، والتحقيق بالفَرْج
(9)
. (ز)
(1)
أخرجه ابن جرير 22/ 62.
(2)
تفسير الثعلبي 9/ 149.
(3)
تفسير الثعلبي 9/ 149، وتفسير البغوي 7/ 413.
(4)
أخرجه ابن جرير 22/ 64، 66.
(5)
أخرجه ابن جرير 22/ 68.
(6)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(7)
أخرجه ابن جرير 22/ 67.
(8)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه -التفسير 7/ 469 (2098).
(9)
أخرجه ابن جرير 22/ 62.
73455 -
عن الحسن البصري -من طريق قتادة- {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: أن يقع الوقعة ثم ينتهي
(1)
. (ز)
73456 -
عن الحسن البصري، في قوله:{إلّا اللَّمَمَ} ، قال: الزَّنية في الحين
(2)
. (14/ 40)
73457 -
قال الحسن البصري: {إلّا اللَّمَمَ} إلا اللّمّة يُلِمّ بها من الذنوب
(3)
. (ز)
73458 -
عن الحسن البصري -من طريق عوف- في قول الله: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ والفَواحِشَ إلّا اللَّمَمَ} ، قال: اللّمّة من الزّنا، أو السّرقة، أو شُرب الخمر، ثم لا يعود
(4)
. (ز)
73459 -
قال عطاء بن أبي رباح: {اللَّمَمَ} عادة النفس الحين بعد الحين
(5)
. (ز)
73460 -
عن عطاء، في قوله:{إلّا اللَّمَمَ} ، قال: هو ما دون الجماع
(6)
. (14/ 40)
73461 -
عن أبي صالح باذام، قال: سُئِلتُ عن اللّمَم. فقلتُ: هو الرجل يصيب الذنبَ ثم يتوب. وأخبرتُ بذلك ابن عباس، فقال: لقد أعانك عليها مَلكٌ كريم
(7)
. (14/ 39)
73462 -
عن أبي صالح باذام -من طريق إسماعيل- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: الوقعة من الزنا لا يعود لها
(8)
. (14/ 40)
73463 -
عن عبد الله بن القاسم -من طريق قرة- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: اللَّمّة يُلِمّ بها مِن الذنوب
(9)
. (ز)
73464 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ، قال: اللّمَم: ما بين الحدّين، ما لم يبلغ حدّ الدنيا، ولا حدّ الآخرة؛ مُوجبة قد أوجب الله لأهلها النار، أو فاحشة يُقام عليها الحدّ في الدنيا
(10)
. (14/ 41)
(1)
أخرجه ابن جرير 22/ 66.
(2)
عزاه السيوطي إلى البخاري في تاريخه.
(3)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 4/ 311 - .
(4)
أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص 627 - ، وعبد الرزاق 2/ 256 من طريق معمر بنحوه، وابن جرير 22/ 66.
(5)
تفسير الثعلبي 9/ 149.
(6)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(7)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(8)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر. وأخرجه ابن جرير 22/ 65 بلفظ: الزنا ثم يتوب.
(9)
أخرجه ابن جرير 22/ 66.
(10)
أخرجه ابن جرير 22/ 68، وبنحوه من طريق أبي جعفر.
73465 -
عن زيد بن أسلم -من طريق ابن عيّاش- في قوله: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ} قال: الشّرك، {والفَواحِشَ} قال: الزّنا، تركوا ذلك حين دخلوا في الإسلام، وغفر الله لهم ما كانوا ألَمُّوا به وأصابوا من ذلك قبل الإسلام
(1)
. (14/ 38)
73466 -
عن زيد بن أسلم -من طريق ابنه عبد الرحمن- في قول الله: {إلا اللَّمَمَ} ، قال: هو ما ألَمُّوا به في الشِّرك
(2)
. (ز)
73467 -
عن زياد بن أبي مريم -من طريق خُصيف- في قوله عز وجل: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} ، قال: اللّمَم: كلّ شيء ألممتَ به، ثم تركتَه ونزعتَ عنه
(3)
. (ز)
73468 -
قال محمد بن السّائِب الكلبي: اللّمَم على وجهين: كلّ ذنب لم يذكر الله عليه حدًّا في الدنيا ولا عذابًا في الآخرة، فذلك الذي تكفّره الصلوات ما لم يبلغ الكبائر والفواحش. والوجه الآخر هو: الذّنب العظيم يُلِمّ به المسلم المرّة بعد المرّة، فيتوب منه
(4)
. (ز)
73469 -
قال مقاتل بن سليمان: نَعتَ المتّقين، فقال:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإثْمِ} يعني: كلّ ذنب يُختم بالنار، {والفَواحِشَ} يعني: كلّ ذنب فيه حدٌّ، {إلّا اللَّمَمَ} يعني: ما بين الحدّين
(5)
. (ز)
73470 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن هب- في قوله: {إلّا اللَّمَمَ} ما كان منهم في الجاهلية. قال: واللّمَم: الذي ألَمُّوا به مِن تلك الكبائر والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام، وغفرها لهم حين أسلموا
(6)
[6289]. (ز)
[6289] اختُلف في معنى: {إلّا اللَّمَمَ} في هذه الآية على أقوال: الأول: إلا اللَّمم الذي ألَمُّوا به مِن الإثم والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام. الثاني: اللَّمَم: صغائر الذنوب من النّظرة والقُبلة والغَمزة، وما كان دون الزنا. الثالث: اللَّمم: ما لم يجب عليه حدٌّ في الدنيا، ولم يستحقّ عليه في الآخرة عذاب. الرابع: أن يُلِمَّ بالذنب مرَّة، ثم يتوب. الخامس: ما يَهُمُّ به الإنسان. السادس: ما خطر على القلب.
ووجَّه ابنُ عطية (8/ 121) القول الثاني بقوله: «وهي ما لا حدَّ فيه ولا وعيد مختصًّا بها مذكورًا لها، وإنما يقال صغار بالإضافة إلى غيرها، وإلا فهي بالإضافة إلى الناهي عنها كبائر كلها، ويعضد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله كتب على ابن آدم حظّه من الزنا لا محالة، فزِنا العين النّظر، وزِنا اللسان المنطق، والفَرْج يكذِّب ذلك أو يصدّقه، فإن تقدّم فَرْجه فهو زانٍ، وإلا فهو اللَّمَم» . ثم علَّق عليه بقوله:» وتظاهر العلماء في هذا القول، وكثُر المائل إليه «. ووجَّه القول الرابع بقوله:» فكأن هذا التأويل يقتضي الرفق بالناس في إدخالهم في الوعد بالحسنى؛ إذ الغالب في المؤمنين مواقعة المعاصي، وعلى هذا أنشدوا -وقد تمثل به النبي صلى الله عليه وسلم-:
إن تَغْفِر اللهمَّ تَغْفِرْ جَمّا وأيُّ عبدٍ لك لا ألَمّا".
ورجَّح ابنُ جرير (22/ 68) -مستندًا إلى اللغة- أن الاستثناء منقطع، وأن المعنى:«الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللّمَم بما دون كبائر الإثم، ودون الفواحش الموجِبة الحدودَ في الدنيا والعذاب في الآخرة، فإنّ ذلك معفوٌّ لهم عنه» . ثم قال: «وذلك عندي نظير قوله -جلَّ ثناؤه-: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ونُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31]» .
وزاد ابنُ عطية (8/ 122 - 123) قولين آخرين: أحدهما عن نفطويه: «اللّمَم: ما ليس بمعتاد» . والآخر عن الحسن بن الفضل: «اللّمَم: نظرة الفجأة» .
ورجَّح ابنُ القيم (3/ 78) القول الثاني، فقال:«والصحيح قول الجمهور: أن اللّمَم صغائر الذنوب، كالنّظرة، والغَمزة، والقُبلة، ونحو ذلك، هذا قول جمهور الصحابة ومن بعدهم، وهو قول أبي هريرة، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، ومسروق، والشعبي» . ولم يذكر مستندًا، ثم علَّق بقوله:«ولا يُنافي هذا قول أبي هريرة، وابن عباس في الرواية الأخرى: إنه يُلِمّ بالكبيرة ثم لا يعود إليها [وهو القول الرابع]، فإنّ» اللمم «إما أنه يتناول هذا وهذا ويكون على وجهين، كما قال الكلبي، أو أنّ أبا هريرة وابن عباس ألحقا من ارتكب الكبيرة مرة واحدة ولم يُصرّ عليها، بل حصلت منه فلتة في عمره باللّمم، ورأيا أنها إنّما تتغلظ وتكبر وتعظم في حقّ مَن تكرّرت منه مرارًا عديدة. وهذا من فقه الصحابة رضي الله عنهم وغوْر علومهم، ولا ريب أنّ الله يسامح عبده المرة والمرتين والثلاث، وإنما يُخاف العَنت على مَن اتخذ الذنب عادته، وتكرّر منه مرارًا كثيرة، وفي ذلك آثار سلفية، والاعتبار بالواقع يدل على هذا
…
فأول ذنب إن لم يكن هو اللّمم، فهو من جنسه ونظيره، فالقولان عن أبي هريرة وابن عباس متفقان غير مختلفين». ثم قال:«وهذه اللفظة فيها معنى المقاربة والإعتاب بالفعل حينًا بعد حين، فإنه يقال: ألمَّ بكذا: إذا قاربه ولم يَغْشه، ومن هذا سُمِّيت القُبلة والغَمزة لممًا؛ لأنها تُلِمّ بما بعدها، ويقال: فلان لا يزورنا إلا لمامًا، أي: حينًا بعد حين. فمعنى اللفظة ثابت في الوجهين اللذيْن فسّر الصحابة بهما الآية، وليس معنى الآية: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم فإنهم لا يجتنبونه. فإن هذا يكون ثناء عليهم بترك اجتناب اللمم، وهذا محال، وإنما هذا استثناء من مضمون الكلام ومعناه، فإن سياق الكلام في تقسيم الناس إلى محسن ومسيء، وأنّ الله يجزي هذا بإساءته وهذا بإحسانه، ثم ذكر المحسنين ووصفهم بأنهم يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، ومضمون هذا: أنه لا يكون محسنًا مجزيًّا بإحسانه، ناجيًا من عذاب الله، إلا مَن اجتَنب كبائر الإثم والفواحش، فحسن حينئذ استثناء اللّمَم، وإن لم يدخل في الكبائر، فإنه داخل في جنس الإثم والفواحش» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 22/ 61، وعبد الله بن وهب في الجامع -تفسير القرآن 1/ 59 (131).
(2)
أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع -تفسير القرآن 1/ 54 (117).
(3)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه -التفسير 7/ 468 - 469 (2097).
(4)
تفسير الثعلبي 9/ 149، وتفسير البغوي 7/ 413.
(5)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 164.
(6)
أخرجه ابن جرير 22/ 60.