الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السوء. ثم ذكر أنهم إذا انطلقوا إلى مغانم ليأخذوها التمسوا الخروج معهم لعَرَض الدنيا، ثم ذكر أنّ المنافقين سُيدعَون إلى قوم أولي بأس شديد يقاتلونهم أو يُسلمون ما يبتليهم، فإن أطاعوا أثابهم على الطاعة، وإن تَوَلّوا كفعلهم أوّل مرّة عذّبهم عذابًا أليمًا. ثم ذكر مَن بايع تحت الشجرة، ثم ذكر ما أثابهم على ذلك مِن الفتح والمغانم الكثيرة، وعجّل لهم مغانم كثيرة، ثم ذكر نعمته عليهم بكفّ أيدي العدوّ عنهم، ثم بشّره صلى الله عليه وسلم بمكة أنه قد أحاط بها، ثم ذكر أن لو قاتلهم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليًّا ولا نصيرًا، ولأعطيناكم النّصر والظّفر عليهم، ثم ذكر المشركين وصدّهم المسلمين عن البيت الحرام والهَدْي معكوفًا أن يبلغ مَحِلّه، وأخبر أن لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرَّة بغير علم لو كان قتال، ثم قال:{لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما} [الفتح: 25]، ثم ذكر الحميّة التي جعلها الله في قلوبهم حين أبَوا أن يُقرّوا لله تبارك وتعالى باسمه، وللرسول باسمه، وذكر الذي أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين مِن السَّكينة حتى لا يحموا كما حمي المشركون لوقع القتال، فيكون فيه معرّة، ثم ذكر أنه قد صدق {رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين} إلى {فتحا قريبا} [الفتح: 27]
(1)
. (ز)
تفسير السورة مفصلًا
بسم الله الرحمن الرحيم
{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا
(1)} الآيات
نزول الآيات
71067 -
عن علي، قال: صلّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الفجرَ ذات يوم بغَلَس، وكان
(1)
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 4/ 161 - 162، وقال عقبه: هذا لفظ حديث أبي الأسود، عن عروة، وحديث موسى بن عقبة بمعناه. قال: والفتح القريب الذي أعطاه الله رسوله صلى الله عليه وسلم من الظّفر على عدوه في القضية التي قاضاهم عليها يوم الحُدَيبية، على أنه يرجع من العام المقبل في الشهر الحرام الذي صُد فيه آمنًا هو في أصحابه، ويقول ناس: الفتح القريب خَيْبَر وما ذُكر فيها، وقد سمى الله فتح خَيْبَر في آية أخرى فتحًا قريبًا قال:{فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا} [الفتح: 18]، فكان الصُّلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش سنتين، يأمن بعضهم بعضًا، هذا لفظ حديث موسى بن عقبة، وحديث عروة بمعناه".
يغلِّس ويُسفر، ويقول:«ما بين هذين وقت؛ لكيلا يختلف المؤمنون» . فصلّى بنا ذات يوم بغَلَس، فلمّا قضى الصلاةَ التفتَ إلينا، كأن وجهه ورقة مصحف، فقال:«أفيكم مَن رأى الليلة شيئًا؟» . قلنا: لا، يا رسول الله. قال: «لكني رأيت ملَكين أتياني الليلة، فأخذا بضَبْعَيّ
(1)
، فانطَلَقا بي إلى السماء الدنيا، فمررتُ بمَلك وأمامه آدميٌّ، وبيده صخرة، فيضرب بهامة الآدميّ، فيقع دماغه جانبًا، وتقع الصخرة جانبًا، قلت: ما هذا؟ قالا لي: امضِه. فمضيتُ، فإذا أنا بمَلك وأمامه آدميّ، وبيد المَلك كَلُّوب
(2)
من حديد، فيضعه في شِدْقه الأيمن، فيشقّه حتى ينتهي إلى أُذنه، ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن، قال: قلت: ما هذا؟ قالا: امضِه. فمضيتُ، فإذا أنا بنهر من دم يمور كمَور المِرجل، على فِيه قوم عراة، على حافّة النهر ملائكة بأيديهم مِدْرتان
(3)
، كلما طلع طالع قذفوه بمِدرة، فيقع في فِيه، ويسيل إلى أسفل ذلك النهر، قلت: ما هذا؟ قالا: امضِه. فمضيتُ فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه، فيه قوم عراة، توقد من تحتهم النار، أمسكتُ على أنفي من نَتْن ما أجد من ريحهم، قلتُ: مَن هؤلاء؟ قالا لي: امضِه. فمضيتُ، فإذا أنا بتَلٍّ أسود عليه قوم مُخبَّلون
(4)
، تُنفُخ النار في أدبارهم فتَخْرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم، قلتُ: ما هذا؟ قالا لي: امضِه. فمضيتُ فإذا أنا بنار مُطبَقة، مُوكَّل بها ملك، لا يخرج منها شيء إلا اتّبعه حتى يعيده فيها، قلت: ما هذا؟ قالا لي: امضِه. فمضيتُ فإذا أنا بروضة، وإذا فيها شيخ جميل لا أجمل منه، وإذا حوله الولدان، وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة، فصعِدتُ ما شاء الله من تلك الشجرة، وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها، من زُمُرّدة جوفاء، وزَبَرْجَدة خضراء، وياقوته حمراء، قلتُ: ما هذا؟ قالا: امضِه. فمضيتُ فإذا أنا بنهر عليه جِسران من ذهب وفِضّة، على حافتي النهر منازل، لا منازل أحسن منها، من دُرّة جوفاء، وزَبَرْجَدة خضراء، وياقوتة حمراء، وفيه قدحان وأباريق تَطَّرد، قلتُ: ما هذا؟ قالا لي: انزل. فنزلتُ، فضربتُ بيدي إلى إناء منها، فغرفتُ ثم شربتُ، فإذا أحلى من عسل، وأشدّ بياضًا من اللبن، وألين من الزُّبْد. فقالا لي: أمّا صاحب الصخرة التي رأيتَ يَضرِب بها هامة الآدميّ فيقع دماغه جانبًا وتقع الصخرة في جانب، فأولئك
(1)
الضَّبْعُ: وسط العضد. وقيل: هو ما تحت الإبط. النهاية (ضبع).
(2)
الكَلُّوب: حديدة معوجة الرأس. النهاية (كلب).
(3)
المدراة: شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط. النهاية (درى).
(4)
الاختبالُ: الحَبسُ. التاج (خبل).
الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة، ويصلّون الصلاة لغير مواقيتها، يُضربون بها حتى يصيروا إلى النار. وأَمّا صاحب الكَلُّوب الذي رأيتَ مَلكًا مُوكَّلًا بيده كَلُّوب من حديد يشقّ شِدْقه الأيمن حتى ينتهي إلى أُذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن، فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة فيفسدون بينهم، فهم يُعذَّبون بها حتى يصيروا إلى النار. وأَمّا ملائكة بأيديهم مِدرتان من النار كلما طلع طالع قذفوه بمِدرة فتقع في فِيه فينتقل إلى أسفل ذلك النهر، فأولئك أكَلَة الرِّبا، يُعذّبون حتى يصيروا إلى النار، وأَمّا البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه، فيه قوم عراة تتوقد من تحتهم النار، أمسكتَ على أنفك من نَتْن ما وجدتَ من ريحهم، فأولئك الزُّناة، وذلك نَتْن فروجهم، يُعذّبون حتى يصيروا إلى النار. وأَمّا التلّ الأسود الذي رأيتَ عليه قومًا مُخبَّلين تُنفُخ النار في أدبارهم فتَخرج من أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم، فأولئك الذين يعملون عمل قوم لوط؛ الفاعل والمفعول به، فهم يُعذَّبون حتى يصيروا إلى النار. وأَمّا النار المُطبقة التي رأيت مَلكًا مُوكَّلًا بها كلما خرج منها شيء اتّبعه حتى يعيده فيها، فتلك جهنم تُفرِّق بين أهل الجنة وأهل النار. وأَمّا الروضة التي رأيتها، فتلك جنة المأوى. وأَمّا الشيخ الذي رأيتَ ومَن حوله من الولدان، فهو إبراهيم وهم بنوه. وأَمّا الشجرة التي رأيتَ فطلعتَ إليها فيها منازل لا منازل أحسن منها، من زُمُرّدة جوفاء، وزَبَرْجدة خضراء، وياقوتة حمراء، فتلك منازل أهل علِّيين من النّبيّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا. وأَمّا النهر، فهو نهرك الذي أعطاك الله؛ الكوثر، وهذه منازلك وأهل بيتك. قال: فنوديت من فوقي: يا محمد، يا محمد، سل تُعطه. فارتعدتْ فرائصي، ورجف فؤادي، واضطرب كل عضو مني، ولم أستطع أنْ أجيب شيئًا، فأخذ أحد المَلكين يده اليمنى فوضعها في يدي، وأخذ الآخر يده اليمنى فوضعها بين كتفي، فسكن ذلك مني، ثم نوديت من فوقي: يا محمد، سل تُعطه. قال: قلت: اللهم، إني أسألك أن تُثْبِت شفاعتي، وأنْ تُلْحق بي أهل بيتي، وأنْ ألقاك ولا ذنب لي». قال:«ثم ولي بي» . ونزلت عليه هذه الآية: {إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ} إلى قوله: {مُسْتَقِيمًا} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فكما أُعطيتُ هذه كذلك أعطانيها -إن شاء الله تعالى-»
(1)
. (13/ 461)
(1)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه 19/ 451 - 453، من طريق المسيب بن واضح، نا يوسف بن أسباط، عن أبي خالد الواسطي، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي به.
إسناده ضعيف؛ فيه أبو خالد الواسطي، وهو عمرو بن خالد القرشي، قال عنه ابن حجر في التقريب (5021):«متروك، ورماه وكيع بالكذب» . وفيه أيضًا يوسف بن أسباط الشيباني، وثّقه ابن معين، وقال عنه أبو حاتم:«لا يحتج به» . وقال البخاري: «كان قد دفن كتبه، فكان لا يجيء حديثه كما ينبغي» . وقال ابن عدي: «لما عدم كتبه كان يحمل على حفظه، فيغلط، ويشتبه عليه، ولا يتعمّد الكذب» . كما في لسان الميزان لابن حجر 8/ 548.