الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثار مطولة في قصة تبع
70096 -
عن أُبَيّ بن كعب -من طريق ابن عباس- قال: لما قدم تُبّع المدينة، ونزل بقناة؛ بعث إلى أحبار يهود، فقال: إنِّي مُخَرِّبٌ هذا البلد، حتى لا تقوم به يهودية، ويرجع الأمر إلى دين العرب. فقال له سامول اليهودي، وهو يومئذ أعلمهم: أيّها الملك، إنّ هذا بلدٌ يكون إليه مُهاجَر نبيٍّ من بني إسماعيل، مولده بمكة، اسمه أحمد، وهذه دار هِجرته، إنّ منزلك هذا الذي نزلتَ به يكون من القتل والجراح أمر كثير في أصحابه وفي عدوّهم. قال تُبّع: ومَن يقاتله يومئذ وهو نبيٌّ كما تزعم؟ قال: يسير إليه قومه، فيقتتلون ههنا. قال: فأين قبره؟ قال: بهذا البلد. قال: فإذا قُوتل لمن تكون الدَّبَرة
(1)
؟ قال: تكون عليه مرّة وله مرّة، وبهذا المكان الذي أنتَ به يكون عليه، يُقتل به أصحابه مقتلة عظيمة لم تُقتل في موطن، ثم تكون العاقبة له ويظهر، فلا ينازعه هذا الأمر أحد. قال: وما صفتُه؟ قال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حُمرة، يركب البعير، ويلبس الشَّملة، سيفه على عاتِقه، لا يبالي مَن لاقى حتى يَظهر أمره. قال تُبّع: ما إلى هذا البلد مِن سبيل، وما كان ليكون خرابها على يدَيَّ. فخرج تُبّع منصرفًا إلى اليمن
(2)
. (13/ 282)
70097 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي مجلز- أنه سأل عبد الله بن سلام عن تُبّع: ما كان؟ فقال: إنّ تُبّعًا كان رجلًا مِن العرب، وإنّه ظهر على الناس، فاختار فتية مِن الأحبار، فاستبطنهم واستدخلهم، حتى أخذ منهم وتابعهم، وإنّ قومه استنكروا ذلك، وقالوا: قد ترك دينكم، وتابع الفتية. فلمّا فشا ذلك قال للفتية، فقال الفتية: بيننا وبينهم النار، تحرق الكاذب، وينجو منها الصادق. ففعلوا، فعلق الفتية مصاحفَهم في أعناقهم، ثم غدَوا إلى النار، فلما ذهبوا أن يدخلوها سفعت النار وجوههم، فنكصوا عنها، فقال لهم: لتدخلنها. فلما دخلوها أفرجت عنهم حتى قطعوها، وأنه قال لقومه: ادخلوها. فلما ذهبوا يدخلونها سفعت النار وجوههم، فنكصوا عنها، فقال لهم تُبّع: لتدخلنها. فلما دخلوها أفرجت عنهم، حتى إذا توسطوا أحاطت بهم، فأحرقتهم، فأسلم تُبّع، وكان تُبّع رجلًا صالحًا
(3)
. (ز)
(1)
الدبرة: الدولة والظفر والنصرة، وتفتح الباء وتسكن، ويقال: على من الدبرة؟ أي: الهزيمة. النهاية (دبر).
(2)
أخرجه ابن سعد 1/ 158 - 159، وابن عساكر 11/ 14.
(3)
أخرجه ابن جرير 21/ 416
70098 -
عن ابن عباس، قال: سألتُ كعبًا عن تُبّع؛ فإني أسمع الله يذكر في القرآن قوم تُبّع، ولا يذكر تُبّعًا؟ فقال: إنّ تُبَّعًا كان رجلًا مِن أهل اليمن ملِكًا منصورًا، فسار بالجيوش حتى انتهى إلى سمرقند، ورجع، فأخذ طريق الشام، فأسَرَ بها أحبارًا، فانطلق بهم نحو اليمن، حتى إذا دنا من مكة طار في الناس أنّه هادم الكعبة، فقال له الأحبار: ما هذا الذي تحدّثُ به نفسك؟! فإنّ هذا البيت لله، وإنك لن تُسلّط عليه. فقال: إنّ هذا لله، وأنا أحقّ مَن حرّمه. فأسلم مِن مكانه، وأحرم، فدخلها مُحرِمًا، فقضى نُسكه، ثم انصرف نحو اليمن راجعًا حتى قدم على قومه، فدخل عليه أشرافهم، فقالوا: يا تُبّع، أنت سيّدنا وابن سيّدنا، خرجتَ مِن عندنا على دين وجئتَ على غيره، فاختر مِنّا أحد أمرين؛ إما أن تخلّيَنا وملكنا وتعبد ما شئت، وإما أنْ تذَر دينك الذي أحدثتَ. وبينهم يومئذ نارٌ تنزل من السماء، فقال الأحبار عند ذلك: اجعل بينك وبينهم النار. فتواعد القوم جميعًا على أن جعلوا بينهم النار، فجيء بالأحبار وكُتبهم، وجيء بالأصنام وعمّالها، وقدموا جميعًا إلى النار، وقامت الرجال خلفهم بالسيوف، فهَدَرَتِ النار هديرَ الرّعد، ورمتْ شعاعًا لها، فنكص أصحاب الأصنام، وأقبَلَت النار فأحرَقتِ الأصنام وعمّالها، وسَلِم الآخرون، فأسلم قوم، واستسلم قوم، فلبثوا بعد ذلك عُمر تُبّع، حتى إذا نزل بتُبّع الموت استخلف أخاه، وهلك، فقُتل أخوه، وكفروا صفقة واحدة
(1)
. (13/ 280)
70099 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قالوا: كان تُبّع الآخر -وهو أسعد أبو كرب بن مليك- جاء بكرب حين أقبل من المشرق، وجعل طريقه على المدينة، وقد كان حين مرّ بها خلَّف بين أظهرهم ابنًا له، فقُتِل غِيلةً، فقدمها وهو مُجمع لإخرابها واستئصال أهلها، فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا ذلك مِن أمره، فخرجوا لقتاله، وكان الأنصار يُقاتلونه بالنهار، ويُقْرُونه بالليل، فأعجبه ذلك، وقال: إنّ هؤلاء لَكرام. إذ جاءه حَبران -اسمهما: كعب وأسد، من أحبار بني قريظة، عالمان، وكانا ابني عم- حين سمِعا ما يريد مِن إهلاك المدينة وأهلها، فقالا له: أيّها الملك، لا تفعل، فإنّك إنْ أبيت إلا ما تريد حِيل بينك وبينها، ولم نأمن عليك عاجلَ العقوبة، فإنها مُهاجر نبي يخرج من هذا الحي مِن قريش اسمه: محمد، مولده مكة، وهذه دار هجرته، ومنزلك الذي أنت به يكون به مِن القتل
(1)
أخرجه ابن عساكر 11/ 8 - 9. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
والجراح أمرٌ كبير في أصحابه، وفي عدوّهم. قال تُبّع: مَن يقاتله وهو نبي؟ قالا: يسير إليه قومُه، فيقتلون ها هنا. فتناهى لقولهما عمّا كان يريد بالمدينة، ثم إنّهما دعَواه إلى دينهما، فأجابهما، واتّبعهما على دينهما، وأكرمهما، وانصرف عن المدينة، وخرج بهما، ونفر مِن اليهود عامدين إلى اليمن، فأتاه في الطريق نفرٌ مِن هُذَيل، وقالوا: إنّا نَدُلُّك على بيتٍ فيه كنز مِن لؤلؤ وزبرْجد وفِضّة، قال: أيّ بيت؟ قالوا: بيت بمكة. وإنما تريد هُذيل هلاكه؛ لأنهم عرفوا أنه لم يُرده أحدٌ قطُّ بسُوء إلا هَلك، فذكر ذلك للأحبار، فقالوا: ما نعلم لله في الأرض بيتًا غير هذا البيت، فاتخِذه مسجدًا، وانسك عنده، وانْحر، واحْلق رأسك، وما أراد القومُ إلا هلاكك؛ لأنه ما ناوأهم أحدٌ قطّ إلا هلك، فأكْرِمه، واصنع عنده ما يصنع أهله. فلما قالوا له ذلك أخذ النّفر مِن هُذيل، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسَمَلَ
(1)
أعينهم، ثم صَلَبهم، فلما قدم مكة نزل الشِّعب شِعب البطائح، وكسا البيت الوَصائِلَ
(2)
، وهو أول مَن كسا البيت، ونحر بالشّعب ستة آلاف بدنة، وأقام به ستة أيام، وطاف به، وحَلق، وانصرف، فلما دنا من اليمن ليدخلها حالت حِمْيَر بين ذلك وبينه، قالوا: لا تدخل علينا وقد فارقتَ ديننا. فدعاهم إلى دينه، وقال: إنّه دينٌ خير من دينكم. قالوا: فحاكِمنا إلى النار. وكانت باليمن نارٌ في أسفل جبلٍ يتحاكمون إليها فيما يختلفون فيه، فتأكل الظالم ولا تضرّ المظلوم، فقال تُبّع: أنصَفْتم. فخرج القومُ بأوثانهم وما يتقربّون به في دينهم، وخرج الحَبران بمصاحفهما في أعناقهما، حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه، فخرجت النارُ، فأقبلتْ حتى غشِيَتهم، فأكلت الأوثان وما قرّبوا معها، ومَن حمل ذلك مِن رجال حِمْيَر، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما، يتلوان التوراة، تعرق جباههما لم تضرهما، ونكصت النار حتى رَجعتْ إلى مخرجها الذي خَرجتْ منه، فأصفقت عند ذلك حِمْيَر على دينهما، فمِن هُنالك كان أصل اليهودية في اليمن
(3)
. (ز)
70100 -
عن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله -من طريق أبي مالك بن ثعلبة القرظي-: أنّ تُبَّعًا لما دنا مِن اليمن ليدخلها حالت حِمير بينه وبين ذلك
…
، نحوه
(4)
. (ز)
(1)
أي: فَقَأها بحديدة مُحْماة أو غيرها. النهاية (سمل).
(2)
ثِياب حُمْرٌ مُخْطَّطة يمانية. النهاية (وصل).
(3)
تفسير البغوي 7/ 233 - 234.
(4)
أخرجه ابن جرير 21/ 417.