الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
78063 -
قال مقاتل بن سليمان: {بِأَيِّكُمُ المَفْتُونُ} يعني: المجنون، فهذا وعيد، العذاب ببدر، القتْل، وضرْب الملائكة الوجوه والأدبار
(1)
[6723]. (ز)
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
(7)}
78064 -
قال مقاتل بن سليمان: ثم قال: {إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} الهُدى، {وهُوَ أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} مِن غيره
(2)
. (ز)
[6723] اختُلف في المراد بـ {المفتون} على أقوال: الأول: أنه المجنون. الثاني: الضّال. الثالث: أولى بالشيطان. الرابع: الجنون.
ووجَّه ابنُ جرير (23/ 153) القول الأخير الذي قاله ابن عباس من طريق العَوفيّ، والضَّحّاك، بأنه وُجّه فيه المفتون إلى معنى الفتنة أو الفتون، كما قيل: ليس له معقول ولا معقود، أي: بمعنى: ليس له عقل ولا عقد رأي.
وبنحوه قال ابنُ عطية (8/ 367).
ورجَّحه ابنُ جرير (23/ 155) مستندًا إلى اللغة، فقال:«لأنّ ذلك أظهر معاني الكلام، إذا لم ينو إسقاط الباء، وجَعلنا لدخولها وجهًا مفهومًا. وقد بَيّنا أنه غير جائز أن يكون في القرآن شيءٌ لا معنى له» .
وانتقده ابنُ تيمية (6/ 377) مستندًا للغة، فقال:«وكون المفتون بمعنى الفتنة لا أصل له في اللغة ألبتة، وجَعْل المصدر على زنة» مفعول «لو صحّ لم يكن قياسًا. بل مقصورًا على السماع» .
وانتقد ابنُ القيم (3/ 185) هذه الأقوال، ورجَّح أنّ الباء إنما دَخَلتْ لتدلّ على تضمين الفعل «تبصر» معنى «تَشعر وتَعلم» - مستندًا إلى النظائر-، فقال:«وهذه الأقوال كلّها تَكلُّف ظاهر لا حاجة إلى شيء منه، و» سَتُبصِر «مُضمّن معنى» تَشعر وتَعلم «، فعدي بالباء كما تقول: سَتشعر بكذا وتَعلم به، قال تعالى: {ألَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى} [العلق: 14]. وإذا دعاك اللفظ إلى المعنى من مكان قريب فلا تُجب مَن دعاك إليه من مكان بعيد» .
ورجَّح ابنُ كثير (14/ 88) القول الثاني الذي قاله الحسن مستندًا إلى اللغة، فقال:«ومعنى {المفتون} ظاهر، أي: الذي قد افتُتن عن الحق وضَلّ عنه، وإنما دَخَلت الباء في قوله: {بأييكم المفتون} لتدلّ على تَضمين الفعل في قوله: {فستبصر ويبصرون}، وتقديره: فسَتعلم ويَعلمون، أو: فسَتُخبر ويُخبرون بأيكم المفتون» .
ورجَّح ابنُ تيمية (6/ 375) -مستندًا إلى القراءات، وأقوال السلف- القول الثالث الذي قاله مجاهد، والحسن، وقتادة، فقال:«قوله تعالى: {بأيكم المفتون} حار فيها كثير من الناس، والصواب فيها التفسير المأثور عن السلف» . ثم عَلّق على قول الحسن بقوله: «فبَيّن الحسن المعنى المراد وإن لم يَتكلّم على اللفظ، كعادة السلف في اختصار الكلام مع البلاغة وفهم المعنى» . ثم قال: «ويدلّ أيضًا على هذا المعنى في الآية أنّ في قراءة أُبيّ بن كعب، والجَوْنيّ، وابن عبلة: (فِي أيِّيكُمُ المَفْتُونُ) والشيطان مفتون بلا ريب» . وذكر (6/ 375 - 376) أنّ القول الثاني الوارد عن الحسن أيضًا موافق لما ذُكر؛ فإنّ الضّال به المفتون الذي هو شيطان، ثم قال:«وإنما ذَكر الحسن لفظ الضّال؛ لأنهم لم يريدوا بالمجنون الذي يَخرق ثيابه، ويَقذف بالحجارة، ويَتكلّم بالهذَيان» .
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 403.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 403.