الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ببعض ما قالت لعائشة، ولم يُخبرها بعملها أجمع، فذلك قوله:{عَرَّفَ} النبي صلى الله عليه وسلم {بَعْضَهُ} بعض الحديث، {وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} الحديث بأنّ أبا بكر وعمر يملكان بعده، {فَلَمّا نَبَّأَها} النبيُّ صلى الله عليه وسلم به بما أفشَتْ عليه قالت حفصة للنبي صلى الله عليه وسلم:{مَن أنْبَأَكَ هَذا} الحديث. {قالَ} النبي صلى الله عليه وسلم: {نَبَّأَنِيَ} يعني: أخبَرني {العَلِيمُ} بالسّرّ، {الخَبِيرُ} به
(1)
. (ز)
77603 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {وإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْواجِهِ حَدِيثًا} قوله لها: لا تذكريه. {فَلَمّا نَبَّأَتْ بِهِ وأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ بِهِ وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} وكان كريمًا عليه، {فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَن أنْبَأَكَ هَذا} ولم تشكّ أنّ صاحبتها أخبَرتْ عنها، {قالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ}
(2)
. (ز)
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}
قراءات:
77604 -
عن مجاهد: أنها في قراءة عبد الله [بن مسعود]: (إن تَتُوبَآ إلى اللهِ فقَدْ زاغْتْ قُلُوبُكُما)
(3)
. (14/ 580)
نزول الآية:
77605 -
عن عمر بن الخطاب -من طريق عبد الله بن عباس- قال: لَمّا اعتزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءَه دخَلتُ المسجد، فإذا الناس يَنكُتُون بالحصى، ويقولون: طلَّق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نساءه. وذلك قبل أن يُؤمر بالحجاب، فقال عمر: فقلت: لأَعلمنَّ ذلك اليوم. فدخلتُ على عائشة، فقلتُ: يا بنت أبي بكر، أقد بلغ من شأنكِ أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقالت: ما لي وما لكَ، يا ابن الخطاب، عليك بِعَيْبَتِكَ. قال: فدخلتُ على حفصة بنت عمر، فقلتُ لها: يا حفصة، أقد بلغ من شأنكِ أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! واللهِ، لقد علمتُ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحبّكِ، ولولا أنا
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 4/ 376 - 377. وفي تفسير الثعلبي 9/ 346 بنحوه عن مقاتل دون تعيينه.
(2)
أخرجه ابن جرير 23/ 92 - 93.
(3)
تفسير مجاهد ص 665، وأخرجه ابن جرير 23/ 93. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
وهي قراءة شاذة، تروى أيضًا عن علي بن أبي طالب، والأعمش. انظر: مختصر ابن خالويه ص 159.
لطلَّقكِ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبَكتْ أشدَّ البكاء، فقلتُ لها: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هو في خِزانته في المَشْرُبَة
(1)
. فدخَلتُ، فإذا أنا برباحٍ -غلامِ رسول الله صلى الله عليه وسلم- قاعدًا على أُسكُفّة المَشْرُبَة مُدلّيًا رجليه على نَقيرٍ من خشب، وهو جذعٌ يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر. فناديتُ: يا رباح، استأذِن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنظر رباح إلى الغُرفة، ثم نظر إلَيّ، فلم يقل شيئًا، ثم قلتُ: يا رباح، استأذِن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنَظر رباح إلى الغُرفة، ثم نظر إليّ، فلم يقل شيئًا، ثم رفعتُ صوتي، فقلت: يا رباح، استأذِن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أظن أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ظنّ أني جئتُ من أجل حفصة، واللهِ، لَئِن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرْب عُنُقها لأضربنّ عُنُقها. ورفعتُ صوتي، فأومأ إليّ: أن ارْقَه. فدخَلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُضطجعٌ على حصير، فجَلستُ، فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثرّ في جَنبه، ونظرتُ في خِزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أنا بقبضةٍ مِن شعير نحو الصاع، ومثلها من قَرَظٍ
(2)
في ناحية الغُرفة، وإذا أفِيقٌ
(3)
معلّق، قال: فابتَدرتْ عيناي، قال:«ما يبكيك، يا ابن الخطاب؟» . فقلتُ: يا نبي الله، وما لي لا أبكي، وهذا الحصير قد أثرّ في جَنبك، وهذه خِزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك كِسرى وقَيْصر في الثمار والأنهار، وأنتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته وهذه خِزانتك؟! فقال:«يا ابن الخطاب، ألا ترضى أنْ تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟» . قلتُ: بلى. قال: ودخَلتُ عليه حين دخَلتُ، وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلتُ: يا رسول الله، ما يشقّ عليك من شأن النساء؟ فإن كنتَ طلَّقتهنّ فإنّ الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقلّما تكلمت -وأحمد الله- بكلام إلا رجوتُ أن يكون الله يُصدّق قولي الذي أقوله، ونزلت هذه الآية:{عَسى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبْدِلَهُ أزْواجًا خَيْرًا مِنكُنَّ} ، {وإنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وجِبْرِيلُ وصالِحُ المُؤْمِنِينَ والمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} . وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تَظاهَران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسول الله، أطلَّقتَهنّ؟ قال:«لا» . قلتُ: يا رسول الله، إني دخَلتُ المسجد والمسلمون يَنكُتُون بالحصى، يقولون: طلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. أفأنزِل فأُخبِرهم
(1)
المشربة -بضم الراء ويجوز فتحها-: الغرفة المرتفعة. فتح الباري 1/ 488.
(2)
القرظ: ورق السلم أو ثمر السنط يدبغ به الجلد. القاموس المحيط (قرظ).
(3)
الأفيق: الجلد الذى لم يتم دباغه. وقيل: ما دبغ بغير القرظ. النهاية (أفق).