الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا
(6)}
قراءات:
79134 -
عن عَلقمة بن قيس النَّخَعي أنه كان يقرأ التي في الجنّ والتي في النّجم {وأَنّا} ، {وأَنَّهُ} بالنصب
(1)
. (15/ 9)
نزول الآية:
79135 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد-: أنّ رجلًا من بني تميم كان جريئًا على الليل والرّمال، وأنه سار ليلة فنَزل في أرضٍ مَجَنّةٍ
(2)
، فاستوحش، فعقَل راحلته، ثم توسّد ذراعها، وقال: أعوذ بأعزِّ هذا الوادي مِن شَرّ أهله. فأجاره شيخٌ منهم، كان منهم شابٌّ، وكان سيِّدًا في الجنّ، فغَضِب الشاب لَمّا أجاره الشيخ، فأخذ حربة له قد سقاها السُّم ليَنحر بها ناقة الرجل، فتَلقّاه الشيخ دون الناقة، فقال:
يا مالكَ بن مهلهلِ بن إيار
…
مهلًا فِدًى لك مِحجري
(3)
وإزاري
عن ناقة الإنسان لا تَعرضْ لها
…
واختر إذا ورَد المها أثواري
إني ضمنتُ له سلامة رَحْله
…
فاكفُف يمينك راشدًا عن جاري
ولقد أتيتَ إلَيَّ ما لم أحتسب
…
ألّا رعيتَ قرابتي وجواري
تَسعى إليه بحرْبة مسمومة
…
أُفٍّ لقُربك يا أبا الغَفّارِ
لولا الحياء وأنّ أهلك جيرة
…
لتمزّقتْك بقوة أظفاري.
فقال له الفتى:
أتريد أن تعلو وتخفضَ ذكرنا
…
في غير مَرْزِيَة أبا العَيزارِ
مُتنحّلًا أمرًا لغير فضيلة
…
فارحل فإنّ المجد للمرّارِ
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
{وأَنّا} ، {وأَنَّهُ} من قوله تعالى:{وأَنَّهُ تَعالى} وما بعدها إلى قوله تعالى: {وأَنّا مِنّا المُسْلِمُونَ} -وذلك اثنتا عشرة همزة- بفتح الهمزة قراءة متواترة، قرأ بها ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف، وحفص، وقرأ بقية العشرة:{وإنّا} ، {وإنَّهُ} بكسر الهمزة. أما في سورة النجم فقراءة العشرة على فتحها. انظر: النشر 2/ 391، والإتحاف ص 566.
(2)
أرض مجنة: كثيرة الجنّ. اللسان (جنن).
(3)
المحجر: عمامة الرجل إذا اعتم. التاج (حجر).
مَن كان منكم سيّدًا فيما مضى
…
إنّ الخيار هم بنو الأخيارِ
فاقْصِد لقَصْدك يا معيكرُ إنما
…
كان المجير مُهلهل بن دِثارِ.
فقال الشيخ: صَدقتَ، كان أبوك سيّدنا وأفضلنا، دعْ عنك هذا الرجل، لا أنازعك بعده أحدًا. فترَكه، فأتى الرجلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقصّ عليه القِصَّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا أصاب أحدًا منكم وحْشة، أو نَزل بأرض مَجَنّة؛ فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يُجاوزهنّ بَرٌّ ولا فاجر، مِن شرّ ما يَلج في الأرض وما يَخرج منها، وما يَنزل من السماء وما يَعرج فيها، ومِن فِتن الليل، ومن طوارق النهار، إلا طارقًا يَطْرُق بخير» . فأنزل الله في ذلك: {وأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجنّ فَزادُوهُمْ رَهَقًا}
(1)
. (15/ 11)
79136 -
عن سعيد بن جُبَير: أنّ رجلًا من بني تميم -يُقال له: رافع بن عُمير- حدّث عن بدء إسلامه، قال: إني لأسير برمل عالجٍ ذات ليلة إذ غَلبني النوم، فنَزَلَتُ عن راحلتي، وأنختُها، ونمتُ، وقد تعوّذتُ قبل نومي، فقلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجنّ. فرأيتُ في منامي رجلًا بيده حَربةٌ يريد أن يضعها في نَحر ناقتي، فانتبهتُ فزعًا، فنظرتُ يمينًا وشمالًا، فلم أر شيئًا، فقلتُ: هذا حُلْمٌ. ثم عَدتُ، فغفوتُ، فرأيتُ مثل ذلك، فانتبهتُ، فنظرتُ حول ناقتي، فلم أر شيئًا، وإذا ناقتي تُرْعَد، ثم غفوتُ، فرأيتُ مثل ذلك، فانتبهتُ، فرأيتُ ناقتي تَضطرب، والتفتُ، فإذا أنا برجلٍ شابٍّ كالذي رأيتُه في المنام بيده حَربة، ورجلٌ شيخٌ مُمسكٌ بيده يردّه عنها، فبينما هما يتنازعان إذ طَلعتْ ثلاثة أثوار من الوَحْش، فقال الشيخ للفتى: قُم، فخُذ أيها شئتَ؛ فداءً لناقة جاري الإنسيّ. فقام الفتى، فأخذ منها ثَورًا، ثم التفتَ إلَيَّ الشيخ، وقال: يا هذا، إذا نَزَلَتَ واديًا من الأودية فخِفتَ هَوْله فقل: أعوذ بالله ربّ محمد مِن هَوْل هذا الوادي. ولا تعُذ بأحدٍ مِن الجنّ؛ فقد بَطل أمْرها. فقلتُ له: ومَن محمد هذا؟ قال: نبي عربيّ، لا شرقيّ ولا غربيّ، بُعث يوم الاثنين. قلتُ: فأين مَسكنه؟ قال: يَثرِب ذات النّخل. فركبتُ راحلتي حين بَرق لي الصبح، وجَددتُ السَّير حتى أتيتُ المدينة، فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدّثني بحديثي قبل أنْ أذكر له منه شيئًا، ودعاني إلى الإسلام، فأسلمتُ. قال سعيد بن جُبَير?:
(1)
عزاه السيوطي إلى أبي نصر السجزي في الإبانة.
وذكر السيوطي عنه قوله: «غريب جدًّا، لم نكتبه إلا من هذا الوجه» .
وكُنّا نرى أنه هو الذي أُنزِل فيه: {وأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجنّ فَزادُوهُمْ رَهَقًا}
(1)
. (15/ 13)
79137 -
عن كَرْدَم بن أبي السّائِب الأنصاري -من طريق إسحاق- قال: خرجتُ مع أبي إلى المدينة في حاجة، وذلك أول ما ذُكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل جاء ذئبٌ، فأخذ حَملًا من الغنم، فوَثب الراعي، فقال: يا عامر الوادي، جارك. فنادى منادٍ لا نراه: يا سِرْحان
(2)
، أرسِله. فأتى الحَمل يشتدّ حتى دخل في الغنم، وأنزل الله على رسوله بمكة:{وأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجنّ} الآية
(3)
[6828]. (15/ 10)
79138 -
عن أبي رجاء العُطارديّ من بني تميم -من طريق سَلْمٍ- قال: بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رَعيتُ على أهلي، وكُفيتُ مَهنتهم، فلما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرجنا هِرابًا، فأتينا على فَلاة من الأرض، وكُنّا إذا أمسينا بمثلها قال شيخُنا: إنّا نعوذ بعزيز هذا الوادي مِن الجنّ الليلةَ. فقلنا ذاك، فقيل لنا: إنما سبيل هذا الرجل شهادة ألا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله، فمَن أقرّ بها أمِن على دمه وماله. فرَجعنا، فدَخلنا في الإسلام. قال أبو رجاء: إنِّي لأرى هذه الآية نزلت فِيَّ وفي أصحابي: {وأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجنّ فَزادُوهُمْ رَهَقًا}
(4)
. (15/ 11)
[6828] علَّق ابن كثير (14/ 149) على هذا الأثر بقوله: «وقد يكون هذا الذئب الذي أخذ الحمل -وهو ولد الشاة- كان جنِّيًّا حتى يُرهب الإنسي ويخاف منه، ثم ردّه عليه لَمّا استجار به، ليُضلّه ويُهينه، ويُخرجه عن دينه» .
_________
(1)
أخرجه الخرائطي في كتاب الهواتف -كما في الإصابة 2/ 442، 5/ 751 - .
وقال الحافظ: «وفى إسناد هذا الخبر ضعف» .
(2)
السرحان: الذئب. التاج (سرح).
(3)
أخرجه العقيلي في الضعفاء 1/ 101 (118) في ترجمة إسحاق بن الحارث الكوفي، والطبراني في الكبير 19/ 191 (430)، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 8/ 240 - ، والثعلبي 10/ 50 - 51.
قال العقيلي: «قال البخاري: إسحاق بن الحارث الكوفي، عن كردم، روى عنه ابنه عبد الرحمن بن إسحاق، يتكلّمون فيه، وفيه نظر، قال: وضعّف أحمدُ عبد الرحمن بن إسحاق» . وقال الذهبي في ميزان الاعتدال 1/ 189 (743) في ترجمة إسحاق بن الحارث الكوفي: «ضعّفه أحمد وغيره» . وقال الهيثمي في المجمع 7/ 129 (11441): «رواه الطبراني، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، وهو ضعيف» .
(4)
أخرجه ابن سعد 7/ 138 - 139.