الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثار متعلقة بالآية:
13294 -
عن سالم بن عبد الله [بن عمر]، لا أُراه إلا يُحَدِّثُه عن أبيه: أنّ زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام، يسأل عن الدين ويَتَّبِعُه، فلَقِيَ عالِمًا مِن اليهود، فسأله عن دينه، وقال: إنِّي لَعَلِّي أن أدين دينكم، فأخْبِرْني عن دينِكم. فقال له اليهوديُّ: إنّك لن تكون على ديننا حتى تأخُذَ بنصيبك مِن غضب الله. قال زيد: ما أفِرُّ إلا من غضب الله، ولا أحمِلُ مِن غضب الله شيئًا أبدًا، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ قال: ما أعْلَمُه إلا أن تكون حنيفًا. قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم، لم يك يهوديًّا ولا نصرانيًّا، وكان لا يعبد إلا الله. فخرج مِن عنده، فلقي عالِمًا من النصارى، فسأله عن دينه، فقال: إنِّي لَعَلِّي أن أدين دينكم، فأخبِرني عن دينكم؟ قال: إنّك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك مِن لعنة الله. قال: لا أحْتَمِلُ مِن لعنة الله شيئًا، ولا مِن غضب الله شيئًا أبدًا، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا. فقال له نحو ما قاله اليهودي: لا أعْلَمُه إلا أن تكون حنيفًا. فخرج من عندهم وقد رضي بالذي أخبراه، والذي اتفقا عليه من شأن إبراهيم، فلم يزل رافعًا يديه إلى الله، وقال: اللَّهُمَّ، إنِّي أُشْهِدك أنِّي على دين إبراهيم
(1)
. (3/ 619)
{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ
(68)}
نزول الآية:
13295 -
قال عبد الله بن عباس: قال رؤساء اليهود: واللهِ، يا محمد، لقد علمتَ أنّا أوْلى بدين إبراهيم مِنك ومِن غيرك، وأنّه كان يهوديًّا، وما بك إلا الحسد. فأنزل الله تعالى هذه الآية
(2)
. (ز)
13296 -
عن [عبد الرحمن] بن غَنْم -من طريق شَهْر بن حَوْشَب-: أنّه لَمّا خرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشيِّ أدركهم عمرو بن العاص وعُمارة بن أبي مُعَيْطٍ
(3)
، فأرادوا عَنَتَهم والبغيَ عليهم، فقَدِموا على النجاشي، وأخبروه أنّ هؤلاء الرَّهْط الذين
(1)
أخرجه البخاري (3827)، وابن جرير 5/ 486.
(2)
أورده الواحدي في أسباب النزول ص 106، والثعلبي 3/ 88.
(3)
كذا في الدر. والمشهور أنه عمارة بن الوليد بن المغيرة. ينظر: دلائل النبوة للبيهقي 2/ 293، والبداية والنهاية 4/ 173.
قدموا عليك مِن أهل مكة إنّما يريدون أن يَخْبِلوا
(1)
عليك مُلْكَك، ويُفْسِدوا عليك أرضَك، ويشتموا ربَّك. فأرسل إليهم النجاشيُّ، فلمّا أن أتوه قال: ألا تسمعون ما يقول صاحباكم هذان -لعمرو بن العاص، وعمارة بن أبي مُعيط-! يزعمان أنّما جِئتُم لتَخْبِلوا عَلَيَّ مُلْكي، وتُفسِدوا عَلَيَّ أرضي. فقال عثمان بن مَظْعُون وحمزة: إن شئتم فخلُّوا بين أحدنا وبين النجاشي، فلنُكَلِّمْه، فأنا أحْدَثُكم سِنًّا، فإن كان صوابًا فالله يأتي به، وإن كان أمرًا غير ذلك قلتم: رجل شابٌّ، لكم في ذلك عذر. فجمع النجاشِيُّ قِسِّيسِيهِ ورُهْبانَه وتَراجِمَتَه، ثم سألهم: أرأيتكم صاحبَكم هذا الذي مِن عنده جئتُم، ما يقول لكم وما يأمركم به وما ينهاكم عنه، هل له كتاب يقرؤه؟ قالوا: نعم، هذا الرجل يقرأ ما أنزل الله عليه، وما قد سمع منه، وهو يأمُرُ بالمعروف، ويأمُرُ بحسن المجاورة، ويأمُرُ باليتيم، ويأمرُ بأن يُعبد الله وحده، ولا يُعبَد معه إلهٌ آخر. فقرأ عليه سورة الروم وسورة العنكبوت وأصحاب الكهف ومريم، فلمّا أن ذكر عيسى في القرآن أراد عمرو أن يُغْضِبَه عليهم، فقال: واللهِ، إنّهم ليشتمون عيسى ويَسُبُّونه. قال النجاشي: ما يقول صاحبكم في عيسى؟ قال: يقول: إنّ عيسى عبد الله، ورسوله، وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم. فأخذ النجاشيُّ نفثةً
(2)
مِن سواكه قَدْرَ ما يُقَذِّي
(3)
العين، فحلف: ما زاد المسيحُ على ما يقول صاحبكم، ما يَزِنُ ذلك القَذى في يده مِن نَفْثَةِ سِواكِه، فأبشِروا، ولا تخافوا، فلا دهونة -يعني بلسان الحبشة: اليوم
(4)
- على حِزب إبراهيم. قال عمرو بن العاصي: ما حِزبُ إبراهيم؟ قال: هؤلاء الرهط وصاحبُهم الذي جاؤوا من عنده ومَن اتبعهم. فأُنْزِلَتْ ذلك اليوم خُصُومَتُهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النَّبِيّ والذين آمنوا والله ولي المؤمنين}
(5)
. (3/ 619)
13297 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- =
(1)
الخَبْل: الفساد. أي: يُفسدوا عليك ملكك. لسان العرب (خبل).
(2)
النُّفاثة: الشَّظِيَّة من السواك تبقى في فم الرجل فينفثها. لسان العرب (نفث).
(3)
القذى: عُوَيْدٌ أو تراب يقع في العين. المحيط في اللغة (قذى).
(4)
كذا في المصدر، والدر المنثور، وجاء في العجاب 2/ 691: لا دهوره -أي: لا خوف-، وفي تفسير الآلوسي 2/ 191: فلا دهونة -يعني بلسان الحبشة: اللوم-.
(5)
أخرجه عبد بن حميد، كما في قطعة من تفسيره ص 32 (45).
قال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب 2/ 692: «وقصة عمرو بن العاص وجعفر بن أبي طالب عند النجاشي مروية من طرق متعددة
…
وليس في شيء منها نزول هذه الآية في هذه القصة».
13298 -
وعن عبد الرحمن بن غَنْم، عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم =
13299 -
وذكره محمد بن إسحاق بن يسار، وقد دَخَل حديثُ بعضِهم في بعض، قالوا: لَمّا هاجر جعفر بن أبي طالب وأصحابه إلى الحبشة، واستقرت بهم الدار، وهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان مِن أمر بدر ما كان؛ اجتمعت قريش في دار النَّدْوَة، وقالوا: إنّ لنا في أصحاب محمد الذين عند النجاشي ثأرًا بِمَن قُتل منكم ببدر، فاجمعوا مالًا، وأهدوه إلى النجاشي، لعله يدفع إليكم مَن عِندَه من قومكم، ولينتدب لذلك رجلان مِن ذوي آرائكم. فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن أبي مُعَيط مع الهدايا: الأُدُم
(1)
وغير ذلك، فركبا البحر، وأتيا الحبشة، فلما دخلا على النجاشي سجدا له، وسلَّما عليه، وقالا له: إنّ قومنا لك ناصحون شاكرون، ولصلاحك مُحِبُّون، وإنّهم بعثونا إليك لِنُحَذِّرك هؤلاء القوم الذين قدموا عليك؛ لأنهم قوم رجل كذّاب، خرج فينا يزعم أنّه رسول الله، ولم يتابعه أحدٌ مِنّا إلا السفهاء، وإنّا كُنّا قد ضَيَّقنا عليهم الأمرَ، وألجأناهم إلى شِعْبٍ
(2)
بأرضنا، لا يدخل عليهم أحد، ولا يخرج منهم أحد، قد قتلهم الجوع والعطش، فلمّا اشتد عليهم الأمرُ بَعَثَ إليك ابنَ عمه لِيُفْسِد عليك دينك وملكك ورعيتك، فاحذرهم، وادفعهم إلينا؛ لِنَكْفِيكَهُم. قالوا: وآيةُ ذلك أنّهم إذا دخلوا عليك لا يسجدون لك، ولا يُحَيُّونك بالتحية التي يُحَيِّيك بها الناسُ؛ رغبةً عن دينِك وسُنَّتِك. قال: فدعاهم النجاشيُّ، فلما حضروا صاح جعفر بالباب: يستأذن عليك حِزبُ الله. فقال النجاشيُّ: مُرُوا هذا الصّائِح فلْيُعِدْ كلامه. ففعل جعفر، فقال النجاشي: نعم، فليدخلوا بأمان الله وذِمَّته. فنظر عمرو بن العاص إلى صاحبه، فقال: ألا تسمع كيف يَرطُنُون
(3)
بحزب الله، وما أجابهم به النجاشي. فساءهما ذلك، ثم دخلوا عليه، ولم يسجدوا له، فقال عمرو بن العاص: ألا ترى أنهم يستكبرون أن يسجدوا لك؟ فقال لهم النجاشي: ما يمنعكم أن تسجدوا لي، وتُحَيُّوني بالتَّحِيَّة التي يُحَيِّيني بها مَن أتاني مِن الآفاق؟ قالوا: نسجد لله الذي خلقك ومَلَكَك، وإنّما كانت تلك التحية لنا ونحن نعبد الأوثان، فبعث الله فينا نبيًّا صادِقًا، وأمرنا بالتحية التي رضيها الله لنا، وهي السلام، تَحِيَّةُ أهل الجنة. فعرف النَّجاشيُّ أنّ ذلك حق، وأنّه في التوراة
(1)
الأُدُم جمع أدِيم، وهو الجلد. لسان العرب (أدم).
(2)
الشِّعْب: ما انفرج بين جبلين. لسان العرب (شعب).
(3)
أي: يُكَنُّون، ولم يُصَرِّحوا بأسمائهم. لسان العرب (رطن).
والإنجيل. قال: أيُّكم الهاتِفُ: يستأذن عليك حزب الله؟ قال جعفر: أنا. قال: فتكَلَّم. قال: إنّك مَلِك مِن ملوك أهل الأرض، ومِن أهل الكتاب، ولا يصلح عندك كثرة الكلام، ولا الظلم، وأنا أُحِبُّ أن أُجِيب عن أصحابي، فمُرْ هذين الرجلين فليتكلم أحدُهما ولْيُنصِت الآخر، فتسمع محاورتنا. فقال عمرو لجعفر: تكلَّم. فقال جعفر للنجاشي: سَلْ هذا الرجل: أعبيد نحن أم أحرار؟ فإن كُنّا عبيدًا أبَقْنا مِن أربابنا فارددنا إليهم. فقال النجاشي: أعبيد هم أم أحرار؟ فقال: بل أحرار كِرام؟ فقال النجاشيُّ: نَجَوْا مِن العبودية. قال جعفر: سلهما: هل أهرقنا دمًا بغير حق فيُقْتَصُّ مِنّا؟ فقال عمرو: لا، ولا قطرة. قال جعفر: سلهما: هل أخذنا أموال الناس بغير حقِّ فعلينا قضاؤها؟ قال النجاشي: يا عمرو، إن كان قنطارًا فعَلَيَّ قضاؤه. فقال عمرو: لا، ولا قيراطًا. قال النجاشي: فما تطلبون منهم؟ قال عمرو: كُنّا وهم على دين واحد وأمر واحد؛ على دين آبائنا، فتركوا ذلك الدين، واتَّبَعُوا غيره، ولزمناه نحن، فبَعَثَنا إليك قومُهم لتدفعهم إلينا. فقال النجاشي: ماهذا الدين الذي كنتم عليه، والدين الذي اتبعتموه؟ اصْدُقْنِي. قال جعفر: أمّا الدين الذي كنا عليه وتركناه فهو دين الشيطان وأَمْرُه، كُنّا نكفر بالله عز وجل، ونعبد الحجارة، وأما الدِّين الذي تَحَوَّلنا إليه فدينُ الله الإسلام، جاءنا به من الله رسولٌ وكتابٌ مثل كتاب ابن مريم موافقًا له. فقال النجاشي: يا جعفر، لقد تكلمت بأمر عظيم، فعلى رِسْلِك
(1)
. ثم أمر النجاشي فضرب بالنّاقُوس
(2)
، فاجتمع إليه كل قِسِّيسٍ وراهب، فلمّا اجتمعوا عنده قال النجاشي: أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، هل تجدون بين عيسى وبين القيامة نبيًّا مُرسَلًا؟ فقالوا: اللهم نعم، قد بشرَنا به عيسى، وقال: مَن آمن به فقد آمَن بي، ومَن كفر به فقد كفر بي. فقال النجاشي لجعفر: ماذا يقول لكم هذا الرجل، ويأمركم به، وما ينهاكم عنه؟ قال: يقرأ علينا كتاب الله، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويأمر بحسن الجوار، وصِلة الرحم، وبر اليتيم، ويأمرنا أن نعبد الله وحده لا شريك له. فقال: اقرأ علينا شيئًا مِمّا كان يقرأ عليكم، فقرأ عليهم سورة العنكبوت والروم، ففاضت عينا النجاشي وأصحابه مِن الدمع، وقالوا: يا جعفر، زِدْنا مِن
(1)
أي: اتَّئِدْ ولا تَعْجَل. لسان العرب (رسل).
(2)
النّاقُوس: مضراب النصارى الذي يضربونه لأوقات الصلاة. لسان العرب (نقس).