الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير الآية:
13545 -
عن علي بن أبي طالب -من طريق أبي أيوب- قال: لم يبعث الله نبيًّا -آدم فمن بعده- إلا أخذ عليه العهد في محمد؛ لَئِن بُعِث وهو حيٌّ ليؤمنن به ولينصرنه، ويأمره فيأخذ العهد على قومه. ثم تلا:{وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة} الآية
(1)
. (3/ 647)
13546 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- في الآية، قال: ثم ذكر ما أخذ عليهم -يعني: على أهل الكتاب- وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه -يعني: بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم- إذا جاءهم، وإقرارهم به على أنفسهم
(2)
[1266]. (3/ 648)
[1266] اختلف المفسرون في من أخذ ميثاقه بالإيمان بمن جاءه من رسل الله مصدقًا لما معه؛ فذهب بعضهم إلى أنّ الله إنّما أخذ الميثاق من أهل الكتاب دون أنبيائهم، وذهب البعض إلى أن الميثاق أخذ من الأنبياء دون الأمم، وقال آخرون بأخذ الميثاق من الاثنين.
ورجَّح ابنُ جرير (5/ 542 - 543) القول الثالث الذي قال به علي بن أبي طالب وابن عباس، مستندًا إلى دلالة عقلية، وهي: أنّ الأنبياء لا يكذب بعضهم بعضًا، ويلزم الأتباع الإقرار بنبوة من ثبتت نبوته، فهو ميثاق يقر به الجميع، فقال:«لأنّ الأنبياء? بذلك أرسلت إلى أممها، ولم يَدَّعِ أحد ممن صدَّق المرسلين أنّ نبيًّا أرسل إلى أمة بتكذيب أحد من أنبياء الله عز وجل، وحججه في عباده، بل كلها -وإن كذب بعض الأمم بعض أنبياء الله بجحودها نبوته- مُقِرٌّ بأن من ثبتت صحة نبوته فعليها الدينونة بتصديقه، فذلك ميثاق مُقِرٌّ به جميعهم» .
وذكر ابن جرير (5/ 541) أنه اكتفي -على هذا القول- بذكر الأنبياء عن ذكر أممها؛ لأن في ذكر أخذ الميثاق على المتبوع دلالة على أخذه على التباع؛ لأن الأمم تباع أنبيائها.
وقال ابنُ تيمية (2/ 89): «وحقيقة الأمر: أن الميثاق إذا أخذ على الأنبياء دخل فيه غيرهم؛ لكونه تابعًا لهم، ولأنه إذا وجب على الأنبياء الإيمان به ونصره فوجوب ذلك على من اتبعهم أولى وأحرى؛ ولهذا ذكر عن الأنبياء فقط» .
وذكر ابن عطية (2/ 270) أن أخذ هذا الميثاق يحتمل احتمالين: الأول: حين أخرج بني آدم من ظهر آدم نسمًا. الثاني: أن يكون هذا الأخْذ على كل نبي في زمنه ووقت بعثه.
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 5/ 540.
(2)
أخرجه ابن جرير 5/ 541 - 542، وابن المنذر (653).
13547 -
عن طاووس بن كيسان -من طريق ابن جريج، عن ابن طاووس- في الآية، قال: أخذ الله ميثاق الأَوَّل مِن الأنبياء ليصدقن وليؤمنن بما جاء به الآخر منهم
(1)
. (3/ 647)
13548 -
عن طاووس بن كيسان -من طريق معمر، عن ابن طاووس- في قول الله تعالى:{وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة} ، قال: أخذ الله ميثاق النبيين أن يُصَدِّق بعضهم بعضًا، ثم قال:{ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه} قال: هذه الآية لأهل الكتاب، أخذ الله ميثاقهم أن يؤمنوا لمحمد ويصدقوه
(2)
[1267]. (3/ 648)
13549 -
عن الحسن البصري -من طريق عَبّاد بن منصور- في الآية، قال: أخذ الله ميثاق النبيين لَيُبَلِّغَنَّ آخرَكم أولُكم، ولا تختلفوا
(3)
. (3/ 648)
13550 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: هذا ميثاق أخذه الله على النبيين أن يصدق بعضهم بعضًا، وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته، فبلَّغت الأنبياء
[1267] سبق معنا الخلاف الوارد فيمن عُنِي بأخذ الميثاق، وهذا القول لطاووس يجعل صدر الآية أخذ الميثاق على النبيين، وآخرها مخاطبة لأهل الكتاب بأخذ الميثاق عليهم، وعلّق عليه ابنُ تيمية (2/ 90) بقوله:«يعني بذلك: أن من أدرك نبوة محمد منهم، يعني: هم الذين أدركهم العمل بالآية، وإلا فذكر أن الميثاق أخذ على النبيين بعضهم على بعض، لكن ذلك عهد وإقرار مع العلم بأنهم لا يدركون» .
وانتقده ابنُ عطية (2/ 271) لمخالفته للغة، فقال:«وهو قول يفسده إعراب الآية» .
وأفاد ابن كثير (3/ 100) عدم معارضته لمن قال بأخذ الميثاق على الأنبياء والأمم، فقال:«وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس [من أن أخذ الميثاق هنا على الأنبياء والأمم]، ولا ينفيه، بل يستلزمه ويقتضيه. ولهذا رواه عبد الرازق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه مثل قول علي وابن عباس» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 5/ 540، وابن المنذر 1/ 271. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 124، وابن جرير 5/ 543، وابن المنذر 1/ 271، وابن أبي حاتم 2/ 693 - 694.
(3)
أخرجه ابن جرير 5/ 541.
كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذ عليهم فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويُصَدِّقوه، وينصروه
(1)
. (3/ 647)
13551 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في الآية، قال: لم يبعث الله نبيًّا قط من لدن نوح إلا أخذ الله ميثاقه؛ ليؤمنن بمحمد ولينصرنه إن خرج وهو حي، والأخذ على قومه أن يؤمنوا به وينصروه إن خرج وهم أحياء
(2)
. (3/ 648)
13552 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط بن نصر- قوله: {لما آتيتكم} : يقول لليهود: أخذت ميثاق النبيين بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي ذكر في الكتاب عندكم
(3)
[1268]. (ز)
13553 -
عن عطاء الخراساني -من طريق ابنه عثمان- يعني قوله: {ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم} ، قال: أخذ ميثاق أهل الكتاب لئن جاءهم رسول مصدق بكتبهم التي عندهم التي جاء بها الأنبياء ليؤمنن به ولينصرنه، فأقروا بذلك، وأشهدوا الله على أنفسهم، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم صدق بكتبهم الأنبياء التي كانت قبله، {فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}
(4)
. (ز)
13554 -
قال مقاتل بن سليمان: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} على أن يعبدوا الله، ويبلغوا الرسالة إلى قومهم، ويدعوا الناس إلى دين الله عز وجل، فبعث الله موسى ومعه التوراة إلى بني إسرائيل، فكان موسى أول رسول بعث إلى بني إسرائيل، وفى التوراة بيان أمر محمد صلى الله عليه وسلم، فأقروا به، {لمآ} يعني: للذي {آتيتكم} يعني: بني إسرائيل {من كتاب} يعني: التوراة، {وحكمة} يعني: ما فيها من الحلال والحرام، {ثم جاءكم} يعني: بني إسرائيل {رسول} يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم {مصدق لما معكم} يعني:
[1268] ذكر ابنُ جرير (5/ 545) أن تأويل الآية على قول السدي يكون: واذكروا -يا معشر أهل الكتاب- إذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم أيها اليهود من كتاب وحكمة، وانتقده مستندًا إلى اللغة، فقال:«وهذا الذي قاله السدي كان تأويلًا لا وجه غيره لو كان التنزيل: بما آتيتكم، ولكن التنزيل باللام {لما آتيتكم}، وغير جائز في لغة أحد من العرب أن يقال: أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم، بمعنى: بما آتيتكم» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 5/ 540. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.
(2)
أخرجه ابن جرير 5/ 541، وابن أبي حاتم 2/ 694.
(3)
أخرجه ابن جرير 5/ 544.
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 2/ 694.