الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحقرون مَن دونهم
(1)
. (ز)
{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}
قراءات:
12041 -
عن الأعمش، قال: في قراءة عبد الله بن مسعود: (وإنْ حَقِيقَةُ تَأْوِيلِهِ عِندَ اللهِ والرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ)
(2)
. (3/ 458)
12042 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق طاووس- أنّه كان يقرؤها: (وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلّا اللهُ ويَقُولُ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ آمَنّا بِهِ)
(3)
[1114]. (3/ 458)
تفسير الآية:
12043 -
عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«كان الكتابُ الأوَّلُ ينزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآنُ من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجِر، وآمِر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال؛ فأحِلُّوا حلالَه، وحرِّموا حرامَه، وافعلوا ما أُمِرْتُم به، وانتهوا عَمّا نُهِيتُم عنه، واعْتَبِرُوا بأمثالِه، واعْمَلُوا بمُحْكَمِه، وآمنوا بمُتَشابِهه، وقولوا: {آمنا به كل من عند ربنا}»
(4)
. (3/ 456)
[1114] اختلف القُرّاءُ في الوقف في هذه الآية؛ فمنهم من يقف على قوله: {إلا الله} . ومنهم مَن يقف عند قوله: {والراسخون في العلم} .
وصَوَّب ابنُ تيمية (2/ 25) كليهما، فقال:«وكلتا القراءتين حقٌّ، ويُراد بالأولى المتشابه في نفسه الذي استأثر الله بعلم تأويله، ويُراد بالثانية المتشابه الإضافي الذي يعرف الراسخون تفسيرَه، وهو تأويله. ومثل هذا يقع في القرآن كقوله: {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} و» لَتَزُولُ «، فيه قراءتان مشهورتان بالنفي والإثبات، وكُلُّ قراءةٍ لها معنًى صحيحٌ» .
_________
(1)
أخرجه ابن المنذر 1/ 133 - 134.
(2)
أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص 59.
وهي قراءة شاذّة. ينظر: البحر المحيط 2/ 401.
(3)
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/ 116، وابن جرير 5/ 218، وابن المنذر (254)، وابن الأنباري في كتاب الأضداد ص 426، والحاكم 2/ 289. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
وهي قراءة شاذّة. ينظر: البحر المحيط 2/ 401.
(4)
أخرجه ابن حبان 3/ 20 (745)، والحاكم 1/ 739 (2031)، 2/ 317 (3144)، وابن جرير 1/ 62 - 63.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» . وقال الذهبي في التلخيص: «منقطع» . وقال الطحاوي في مشكل الآثار 8/ 115 (3103): «كان أهل العلم بالأسانيد يدفعون هذا الحديث؛ لانقطاعه في إسناده، ولأنّ أبا سلمة لا يَتَهَيَّأ في سِنِّه لقاءُ عبد الله بن مسعود، ولا أخذُه إيّاه عنه» . وقال ابن حجر في الفتح 9/ 29: «قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت؛ لأنّه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود، ولم يَلْقَ ابنَ مسعود، وقد رَدَّه قومٌ مِن أهل النظر؛ منهم أبو جعفر أحمد بن أبي عمران. قلتُ: وأطنب الطبريُّ في مقدّمة تفسيره في الرَّدِّ على مَن قال به، وحاصله: أنّه يستحيل أن يجتمع في الحرف الواحد هذه الأوجه السبعة، وقد صحّح الحديثَ المذكور ابنُ حبان، والحاكمُ، وفي تصحيحه نظر؛ لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود، وقد أخرجه البيهقي مِن وجهٍ آخر عن الزهري عن أبي سلمة مرسلًا، وقال: هذا مرسل جيد» . وحسّنه الألباني في الصحيحة 2/ 134 (587).
12044 -
عن عبد الله بن مسعود، موقوفًا
(1)
. (3/ 456)
12045 -
عن عليٍّ، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في خُطْبَتِه:«أيُّها الناسُ، قد بَيَّن اللهُ لكم في مُحْكَم كتابه ما أحَلَّ لكم، وما حَرَّم عليكم؛ فأَحِلُّوا حلالَه، وحَرِّموا حرامه، وآمِنوا بمُتَشابِهه، واعْمَلُوا بمُحْكَمِه، واعْتَبِرُوا بأمْثالِه»
(2)
.
(456/ 3 - 457)
12046 -
عن عائشة -من طريق ابن أبي مُلَيْكَة- أنّه قرأ عليها هؤلاء الآيات، فقالَتْ: كان رسوخُهم في العلم أنْ آمَنُوا بمُحْكَمه ومتشابهه، {وما يعلم تأويله إلا الله} ولم يعلموا تأويلَه
(3)
. (3/ 458)
12047 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي-: {يقولون آمنا به} ؛ نؤمن بالمُحْكَم ونَدِين به، ونُؤْمِنُ بالمتشابه ولا ندين به، وهو مِن عند الله كُلِّه
(4)
. (3/ 461)
12048 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- قال: أنا مِمَّن يعلم تأويلَه
(5)
[1115]. (3/ 461)
[1115] ورَدَ عن ابن عباس تارَةً أنّ الراسخين لهم عِلْمٌ بالمتشابه، وأخرى تُفِيد عدمَ علمهم.
وذَكَر ابنُ عطية (2/ 162) أنّ إعراب الراسخين يحتمل الوجهين؛ ولذلك قال ابنُ عباس بهما.
وعَلَّق ابنُ تيمية (2/ 15 بتصرف) على ورود القولين عن ابن عباس بقوله: «وكِلا القولين حقٌّ باعتبار؛ ولهذا نُقِل عن ابن عباس هذا وهذا، وكلاهما حقٌّ» .
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن النجار في تاريخ بغداد.
قال السيوطي: «سندٌ واهٍ» .
(3)
أخرجه ابن جرير 5/ 218، وابن المنذر 1/ 131، 133 (256)، وابن أبي حاتم 2/ 599 (3208).
(4)
أخرجه ابن جرير 5/ 226، وابن أبي حاتم 2/ 601 (3217).
(5)
أخرجه ابن جرير 5/ 220، وابن المنذر (258)، وابن الأنباري في الأضداد ص 424.
12049 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد- {يقولون آمنا به} : يعني: ما نُسِخ، وما لم يُنسَخ
(1)
. (ز)
12050 -
وعن عائشة، نحو ذلك
(2)
. (ز)
12051 -
عن أبي الشَّعْثاء جابر بن زيد =
12052 -
وأبي نَهِيكٍ، قالا: إنّكم تَصِلُون هذه الآيةَ، وهي مقطوعةٌ:{وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا} ، فانتهى علمُهم إلى قولهم الذي قالوا
(3)
. (3/ 459)
12053 -
عن عروة بن الزبير -من طريق هشام بن عُرْوَة- قال: {الراسخون في العلم} لا يعلمون تأويله، ولكنَّهم يقولون:{آمنا به كل من عند ربنا}
(4)
. (3/ 459)
12054 -
عن عمر بن عبد العزيز -من طريق عمرو بن عثمان- قال: انتهى عِلْمُ الراسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا: {آمنا به كل من عند ربنا}
(5)
[1116]. (3/ 459)
12055 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: {والراسخون في العلم} يعلمون تأويله، و {يقولون آمنا به}
(6)
. (3/ 466)
12056 -
عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق أبي مُصْلِح- {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} ، يقول: الرّاسِخُون يعلمون تأويلَه، لو لم يعلموا تأويلَه لم يعلموا ناسِخَه مِن منسوخه، ولم يعلموا حلالَه مِن حرامه، ولا محكمَه مِن متشابهه
(7)
. (ز)
[1116] ذكر ابنُ جرير (5/ 221) أنّ مَن قال بهذا القول الذي قال به ابن عباس من طريق طاووس، وعائشة، وعروة، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، وأبي نهيك الأسدي؛ فإنَّه يرفع {والراسخون في العلم} بالابتداء في قول البصريين، ويجعل خبره {يقولون آمنا به} . وأمّا في قول بعض الكوفيين فبالعائِد من ذكرهم في {يقولون} ، وفي قول بعضهم بجملة الخبر عنهم، وهي:{يقولون} .
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 2/ 600.
(2)
علَّقه ابن أبي حاتم 2/ 600.
(3)
أخرجه ابن جرير 5/ 219 عن أبي نَهِيك فقط من طريق عبيد الله، وابن أبي حاتم 2/ 599 (3206).
(4)
أخرجه ابن جرير 5/ 218 - 219، وابن أبي حاتم 2/ 599.
(5)
أخرجه ابن جرير 5/ 219. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(6)
أخرجه عبد بن حميد -كما في الفتح للحافظ ابن حجر 8/ 210 - ، وابن جرير 5/ 220، وابن الأنباري في كتاب الأضداد ص 424.
(7)
أخرجه ابن أبي حاتم 2/ 599.
12057 -
عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- في قوله: {والراسخون في العلم} : يعملون به، يقولون: نعمل بالمُحْكَم ونؤمن به، ونُؤْمِن بالمتشابه ولا نعمل به، وكُلٌّ مِن عندِ ربنا
(1)
. (ز)
12058 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق شَيْبان- {يقولون آمنا به} ، قال: آمنوا بمتشابهه، وعملوا بمُحْكَمِه، فأحلُّوا حلالَه، وحرَّموا حرامَه
(2)
. (ز)
12059 -
عن إسماعيل السُّدِّيِّ -من طريق أسباط- {والراسخون في العلم} قال: هم المؤمنون؛ فإنّهم {يقولون آمنا به} بناسخه ومنسوخه، {كل من عند ربنا}
(3)
. (ز)
12060 -
عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: {والراسخون في العلم} يعلمون تأويله، و {يقولون آمنا به}
(4)
[1117]. (3/ 461)
12061 -
عن محمد بن جعفر بن الزبير -من طريق ابن إسحاق- قال: {وما يعلم تأويله} الذي أراد ما أراد {إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به} ، فكيف يخْتَلِفُ وهو قولٌ واحد مِن رَبٍّ واحد؟! ثُمَّ رَدُّوا تأويلَ المتشابه على ما عرفوا مِن تأويل المُحْكَمَةِ التي لا تأويل لأحدٍ فيها إلا تأويل واحد، فاتَّسق بقولهم الكتابُ، وصَدَّق بعضُه بعضًا، فنَفَذَتْ به الحُجَّة، وظهر به العُذْر، وزاح به الباطل، ودَمَغ به الكفر
(5)
. (ز)
12062 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق ابن إدريس- قوله: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} ، قال: لم تكن معرفتهم إيّاه أن يفقهوه على الشَّكِّ، ولكنهم خَلَصَت
(6)
الأعمالُ منهم، ونفذ عِلْمُهم أن عرفوا الله بعدله؛ لم يكن لِيَخْتَلِف شيءٌ
[1117] ذَكَرَ ابنُ جرير (5/ 221) أنّ مَن قال بهذا القول الذي قال به ابن عباس من طريق مجاهد، والربيع، وابن الزبير؛ فإنّه عطف بـ «الراسخين» على اسم «الله» ، فرفعهم بالعطف عليه.
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 5/ 226، وابن أبي حاتم 2/ 601. وعلّق ابنُ المنذر 1/ 134 نحوه، وزاد في آخره: وكُلٌّ طَيِّب.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 2/ 600. وعلَّق ابن المنذر 1/ 134 نحوه.
(3)
أخرجه ابن جرير 5/ 224. وعلَّقه ابن أبي حاتم 2/ 600.
(4)
أخرجه ابن جرير 5/ 220.
(5)
أخرجه ابن جرير 5/ 220 - 221.
(6)
خَلَصَت: صار خالصًا، وأخلص لله ترك الرياء، وأخلص دينه لله: أمحَضَه. اللسان والقاموس (خلص).
مِمّا جاء منه، فرَدُّوا المتشابه على المُحْكَم، فقالوا:{كل من عند ربنا}
(1)
. (ز)
12063 -
قال مقاتل بن سليمان: {يقولون آمنا به كل من عند ربنا} ، يعني: قليله وكثيره مِن عند ربنا
(2)
. (ز)
12064 -
عن مالك بن أنس -من طريق أشْهَب- في قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله} ، قال: ثُمَّ ابتدأ فقال: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} ، وليس يعلمون تأويلَه
(3)
[1118]. (3/ 460)
[1118] اختُلِف في كلمة {الراسخون} ؛ أهِي مُسْتَأْنَفَةٌ، أم معطوفة. ورَجَّح ابنُ جرير (5/ 221 - 222) القولَ الأوّل الذي قال به ابن عباس من طريق طاووس، وعائشة، وعروة، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، وأبو نهيك الأسدي مُسْتَنِدًا إلى القراءات، ودلالة العقل، وعلّل ذلك بأنّ الراسخين لا يعلمون تأويل المتشابه الذي ذكره الله عز وجل في هذه الآية، ولِمُوافقتِه لِما بَلَغَهُ مِن قراءة أُبَيٍّ وابن عباس:(ويَقُولُ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ)، وقراءة عبد الله:(إن تَأْوِيلُهُ إلّا عِندَ اللهِ والرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ).
ورأى ابنُ عطية (5/ 161 - 162) قُرْبَ الخلاف بين القولين، فذكر أنّ المحكم هو المُتَّضِحُ المعنى لِكُلِّ مَن يفهم كلام العرب، والمُتشابِهُ يَتَنَوَّعُ؛ فمِنه ما لا يُعْلَمُ البَتَّةَ كأمر الروح، ومنه ما يُحْمَل على وجوهٍ في اللغة ويَحتاج إلى إزالةِ ما يعلق به من لَبْسٍ. فإن جعلنا {والراسخون} معطوفة على اسم الله؛ فالمعنى: إدخالهم في علم التأويل لا على الكمال، فذلك ليس إلا لله، بل علمُهم إنّما هو في النوع الثاني من المتشابه، وإن جعلنا قوله:{والرّاسِخُونَ} رفعًا بالابتداء مقطوعًا مما قبله؛ فتسميتُهم راسخين يقتضي بأنّهم يعلمون أكثر من المحكم الذي يستوي في علمه جميعُ مَن يفهم كلام العرب.
وكذا رأى ابنُ تيمية (2/ 19) عدمَ المنافاة بين القولين، فقال:«إنّ السلف كان أكثرهم يقفون عند قوله: {وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلا اللَّهُ}، بناءً على أنّ التأويل الذي هو الحقيقة التي استأثر الله بعلمها لا يعلمها إلا هو، وطائفة منهم كمجاهد وابن قتيبة وغيرهما قالوا: بل الراسخون يعلمون التأويل. ومرادهم بالتأويل المعنى الثاني، وهو: التفسير. فليس بين القولين تناقُضٌ في المعنى» .
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 2/ 600 - 601.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 264.
(3)
أخرجه ابن جرير 5/ 219.