الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{في فئتين التقتا} فئة المشركين، وفئة المؤمنين يوم بدر التقتا؛ {فئة تقاتل في سبيل الله} وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم بدر، {وأخرى كافرة} أبو جهل والمشركين
(1)
، {يرونهم مثليهم} رأتِ اليهودُ أنّ الكفار مِثْلُ المؤمنين في الكثرة {رأي العين} ، وكان الكفار يومئذ سبعمائة رجل، عليهم أبو جهل. وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا، بين كُلِّ أربعةٍ بعيرٌ، ومعهم فَرَسان؛ أحدُهما مع أبي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ، والآخَرُ مع المِقْداد بن الأسود الكِندِيِّ، ومعهم سِتَّةُ أدْراعٍ، و المشركون ألف رجل، سبعمائة دارِع
(2)
، عليهم أبو جهل، وثلاثمائة حاسِر
(3)
، ثم حبس الأَخْنَسُ بنُ شَرِيق ثلاثمائةِ رجلٍ من بني زُهْرة عن قتال النبي صلى الله عليه وسلم؛ فبقي المشركون في سبعمائة رجل
(4)
. (ز)
{يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ}
12156 -
عن عبد الله بن مسعود، في قوله:{قد كان لكم آية في فئتين} الآية، قال: هذا يوم بدر، نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يُضْعِفون علينا، ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلًا واحدًا، وذلك قول الله:{وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم} [الأنفال: 44]
(5)
[1127]. (3/ 475)
[1127] اختلف المفسرون في أي الفئتين رأت صاحبتها مثلها، فذهب قومٌ إلى أنّ الفئة المسلمة هي التي رأت الأخرى مثلَيْ أنفسها، وهؤلاء منهم من قال: قلَّلَها الله عز وجل في أعينها حتى رأتها مثلَيْ عدد أنفسها، ثم قلَّلها في حال أخرى، فرأتها مثل عدد أنفسها وذكر ابنُ جرير (5/ 246) أن التقليل على هذا القول الذي قال به ابن مسعود له معنيان: أحدهما: أن يكون أحد المِثْلَين هو العدد الذي مثل الفئة التي رأتهم، والمثل الآخر هو الضعف الزائد على عددهم. ثانيهما: هو أن أراهم عدد المشركين مثل عددهم لا يزيدون عليهم، وذلك هو الذي قال الله -جلَّ ثناؤه- فيه:{وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا} [الأنفال: 44]. ومنهم مَن قال: لم يُقلَّلُوا في أعينهم، ولكن الله أيدهم بنصره.
وانتَقَد ابنُ جرير (5/ 247) القول بعدم التقليل مستندًا لمخالفته ما تواترت به الأخبار من عدد المسلمين يوم بدر، فقال:«وهذه الرواية خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن عِدَّة المشركين يوم بدر، وذلك أنّ الناس إنما اختلفوا في عددهم على وجْهَين، فقال بعضهم: كان عددهم ألفًا، وقال بعضهم: ما بين التسعمائة إلى الألف» .
وبنحو نقده قال ابنُ كثير (3/ 25).
ورجَّح ابنُ جرير (5/ 249) القول الأول الذي قاله ابن مسعود، فقال بعد ذكره لروايات عن أن عدد المسلمين في بدر زاد على التسعمائة:«فإذا كان ما قاله مَن حكَيْناه ممن ذكر أن عددهم كان زائدًا على التسعمائة، فالتأويل الأول الذي قلناه على الرواية التي روينا عن ابن مسعود أولى بتأويل الآية» .
وانتَقَدَ ابنُ جرير (5/ 251 بتصرف) قول مَن قال إن الفئة التي رأت هي الفئة الكافرة. مستندًا لمخالفته لظاهر القرآن فقال: «وهذا خلاف ما دل عليه ظاهر التنزيل؛ لأن الله -جل ثناؤه- قال في كتابه: {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم} فأخبر أن كُلًّا من الطائفتين قلَّل عددهم في مرأى الأخرى» .
وبنحوه انتقده ابن عطية (2/ 169).
_________
(1)
كذا في المطبوع، والصواب: المشركون.
(2)
الدّارع: هو لابس الدِّرْع. النهاية (حسر)، والقاموس (درع).
(3)
الحاسِر: هو الذي لا دِرْعَ عليه ولا مِغْفَر. النهاية (حسر).
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 265 - 266.
(5)
أخرجه ابن جرير 5/ 245، وابن أبي حاتم 2/ 606 (3244).
إسناده ضعيف؛ فيه أسباط بن نصر الهمداني، قال ابن حجر في التقريب (323):«صدوق، كثير الخطأ، يُغرِب» .