الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنزلت هذه الآية: {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا}
(1)
. (10/ 294)
49051 -
قال مقاتل بن سليمان: {وإذا رآك الذين كفروا} يعني: أبا جهل {إن يتخذونك إلا هزوا} ، وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ على أبي سفيان بن حرب، وعلى أبي جهل بن هشام، فقال أبو جهل لأبي سفيان كالمستهزئ: انظروا إلى نبيِّ عبد مناف. فقال أبو سفيان لأبي جهل حَمِيَّةً -وهو مِن بني عبد شمس بن عبد مناف-: وما تُنكِر أن يكون نبيًّا في بني عبد مناف! فسمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم قولَهما فقال لأبي جهل: «ما أراك منتهيًا حتى يُنزِل الله عز وجل بِك ما نزل بعمِّك الوليد بن المغيرة، وأما أنت يا أبا سفيان فإنّما قلتَ الذي قلتَ حَمِيَّةً» . فأنزل الله عز وجل: {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا}
(2)
. (ز)
تفسير الآية:
49052 -
قال مقاتل بن سليمان: {وإذا رآك الذين كفروا} يعني: أبا جهل {إن يتخذونك إلا هزوا} استهزاء. وقال أبو جهل حين رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم: {أهذا الذي يذكر آلهتكم} اللات والعزى ومناة بسوء. يقول الله عز وجل: {وهم بذكر} يعني: بتوحيد {الرحمن هم كافرون} ، وذلك أنّ أبا جهل قال: إنّ الرحمن مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذّاب
(3)
. (ز)
49053 -
قال يحيى بن سلّام: قوله: {وإذا رآك الذين كفروا} يقوله للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ {إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم} يقوله بعضُهم لبعض، أي: يعيبها ويشتمها. قال الله: {وهم بذكر الرحمن هم كافرون}
(4)
. (ز)
{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}
49054 -
عن سلمان الفارسي -من طريق الحكم- قال: أول ما خَلَق الله مِن آدم وجهَه ورأسَه، فجعل ينظر وهو يُخْلَق، قال: وبقيتْ رِجْلاه، فلما كان بعد العصر [قـ]ـال: يا ربِّ، عجِّل قبل الليل. قال: فأُنزلت: {خلق الإنسان من عجل}
(5)
. (ز)
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم مرسلًا.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 78 - 79.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 78 - 79.
(4)
تفسير يحيى بن سلام 1/ 312.
(5)
أخرجه ابن سعد في الطبقات 1/ 26، وعبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن 2/ 26 (43) واللفظ له.
49055 -
عن سعيد بن جبير -من طريق جعفر- في الآية، قال: أول ما نفخ فيه الروح نُفِخ في رأسه، ثم في رُكْبَتَيه، فذهب ليقوم، قال الله:{خلق الإنسان من عجل}
(1)
. (10/ 294)
49056 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: {خلق الإنسان من عجل} ، قال: آدم، حين خُلق بعد كل شيء آخر النهار مِن يوم خَلْقِ الخلق، فلما أجرى الروح في عينيه ولسانه ورأسه ولم يبلغ أسفله قال: يا ربِّ، استعجل بخلقي قبل غروب الشمس
(2)
. (10/ 295)
49057 -
عن عكرمة مولى ابن عباس، قال: لَمّا نُفِخ في آدم الروح مارَ
(3)
في رأسه، فعطس، فقال: الحمد لله. فقالت الملائكة: يرحمك الله. فذهب لينهض قبل أن تمور في رجليه، فوقع، فقال الله:{خلق الإنسان من عجل}
(4)
. (10/ 294)
49058 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله: {خلق الإنسان من عجل} ، قال: خُلِق عجولًا
(5)
. (10/ 295)
49059 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: لَمّا نفخ فيه -يعني: في آدم- الروح، فدخل في رأسه؛ عطس، فقالت الملائكة: قل: الحمد لله. فقال: الحمد لله. فقال الله له: رحمك ربُّك. فلما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلمّا دخل في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلانَ إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول:{خلق الإنسان من عجل} . يقول: خلق الإنسان عجولًا
(6)
. (ز)
49060 -
قال مقاتل بن سليمان: {خلق الإنسان} يعني: آدم أبو البشر {من عجل} ،
(1)
أخرجه ابن جرير 16/ 271. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم. وفي تفسير الثعلبي 6/ 275: لمّا دخل الروح في عيني آدم نظر إلى ثمار الجنّة، فلمّا دخل في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عَجِلًا إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول:{خُلِقَ الإنْسانُ مِن عَجَل} .
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 14/ 115، وابن جرير 16/ 272، وأبو الشيخ في العظمة (1026). وعلَّقه يحيى بن سلام 1/ 312. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(3)
مارَ: دار وتردد. النهاية (مور).
(4)
عزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(5)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 24، وابن جرير 16/ 271. وعلَّقه يحيى بن سلام 1/ 313. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(6)
أخرجه ابن جرير 16/ 271.
وذلك أنّ كفار قريش استعجلوا بالعذاب في الدنيا مِن قبل أن يأتيهم تكذيبًا به، كما استعجل آدم عليه السلام الجلوس مِن قبل أن تتمَّ فيه الروحُ مِن قِبَل رأسِه يوم الجمعة، فأراد أن يجلس مِن قبل أن تتمُّ فيه الروح إلى قدميه، فلما بلغت الروح وسطه -ونظر إلى حُسْن خلقه أراد أن يجلس ونصفُه طين، فورِث الناسُ كلُّهم العجلةَ مِن آدم عليه السلام لم تجد منفذًا، فرجعت مِن أنفه، فعطس، فقال: الحمد لله رب العالمين. فهذه أولُ كلمة تكلَّم بها. وبلغنا: أنّ الله عز وجل ردَّ عليه، فقال: لهذا خلقتك؛ يرحمك ربك. فسبقت رحمتُه غضبَه، فلما استعجل كفار مكة العذاب في الدنيا نزلت:{خلق الإنسان من عجل} لأنهم مِن ذُرِّيَّته
(1)
. (ز)
49061 -
عن عبد الملك ابن جُرَيْج، قال: نفخ الربُّ تبارك وتعالى الروحَ في يأفوخ آدم، فأبصر ولم يعقل، حتى إذا بلغ الروحُ قلبَه ونظر فرأى الجنة، فعرف أنه إن قام دخلها -ولم تبلغ الروحُ أسفلَه-، فتحرَّك، فذلك قوله تعالى:{خلق الإنسان من عجل}
(2)
. (10/ 295)
49062 -
عن سفيان الثوري، في قوله:{خلق الانسان من عجل} ، قال: آدم
(3)
. (ز)
49063 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {خلق الإنسان من عجل} ، قال: على عجل خُلِقَ آدم آخر ذلك اليوم مِن ذلك اليوم، يريد: يوم الجمعة، وخلقه على عجل، وجعله عجولًا
(4)
[4348]. (ز)
[4348] اختُلِف في معنى قوله: {على عجل} على أقوال: الأول: مِن عَجَل في بنْيته وخلقته. والثاني: من تعجيل في خلق الله إيّاه، وأن ذلك كان في تعجل الله خلقه قبل الغروب. وذكر ابنُ جرير (16/ 273) أن آخرين من أهل العربية -ممن قالوا ذلك أيضًا- وجَّهوا التعجيل مِن الله بأنه كان في الأمر؛ لأنه قال:{إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40].
ورجَّح ابنُ جرير (16/ 274 بتصرف) مستندًا إلى السنة، وظاهر الآية القولَ الأول الذي قاله سعيد بن جبير، والسدي، وقتادة، وعكرمة، فقال: «وإنما قلنا ذلك لدلالة قوله تعالى: {سأريكم آياتي فلا تستعجلون} على ذلك، ولحديث أبي هريرة
…
» وساق حديث أبي هريرة الوارد في الآثار المتعلقة بالآية.
وانتقد ابنُ عطية (6/ 169) القول الثاني مستندًا لمخالفته لظاهر الآية، فقال:«وهذا قول ضعيف، ومعناه لا يناسب معنى الآية» . وكذا (6/ 169) توجيه أهل العربية له بأن التعجل كان في الأمر -مستندًا إلى الدلالات العقلية- بأن فيه تخصيص ابن آدم بشيء كل مخلوق يشاركه فيه.
وبنحوه ابنُ جرير (16/ 273).
وحكى ابنُ عطية (6/ 168) في الآية أقوالًا أخرى: أحدها: أن قوله {خلق الإنسان من عجل} على المقلوب. وعلَّق عليه بقوله: «كأنه أراد: خُلق العجل مِن الإنسان، على معنى: أنه جعل طبيعة من طبائعه، وجزءًا من أخلاقه. ثم قال:» وهذا التأويل ليس فيه مبالغة، وإنما هو إخبار مجرد، وإنما حمل قائليه عليه عدمهم وجه التجوز والاستعارة في أن يبقى الكلام على ترتيبه «. وانتقده ابنُ جرير (16/ 274) مستندًا لمخالفته الإجماع. وثانيها: أن العجل: الطين، والمعنى: خلق آدم من طين. وانتقده (6/ 169 بتصرف) مستندًا لمخالفته ظاهر الآية، فقال:» وهذا ضعيف، ومعناه مغاير لمعنى الآية «. وثالثها: أن قوله: {خلق الإنسان من عجل} على جهة المبالغة، كما تقول للرجل البطال: أنت مِن لعب ولهو. ورجَّحه (6/ 167 - 168 بتصرف) مستندًا إلى ظاهر الآية، فقال:» وهذا التأويل يتمُّ به معنى الآية المقصود في أن ذُمَّت عجلتهم، وقيل لهم على جهة الوعيد: إن الآيات ستأتي فَلا تستعجلون".
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 79.
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(3)
تفسير الثوري ص 201.
(4)
أخرجه ابن جرير 16/ 272.