الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ
(63)}
49237 -
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يكذب إبراهيمُ في شيء قط إلا في ثلاث، كُلُّهُنَّ في الله: قوله: {إني سقيم} [الصافات: 89]. ولم يكن سقيمًا، وقوله لسارة: أختي. وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا}»
(1)
. (10/ 305)
49238 -
عن أبي سعيد الخدري، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يأتي الناسُ إبراهيمَ، فيقولون له: اشفع لنا إلى ربِّك. فيقول: إنِّي كذبت ثلاث كذبات» . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما منها كذبةٌ إلا ماحَلَ بها عن دين الله
(2)
؛ قوله: {إني سقيم} . وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا} . وقوله لسارة: إنها أختي»
(3)
. (10/ 305)
49239 -
عن أنس بن مالك: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر في حديث الشفاعة حيث يأتون آدم، ثم نوحًا، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم محمدًا صلى الله عليه وسلم، فذكر ما يقول كلُّ نبيٍّ منهم، فذكر في قول إبراهيم حين سألوه أن يشفع لهم:«إنِّي لستُ هُنالِكُم، ويذكر خطيئته التي أصاب، ثلاث كذبات كذبهن: قوله: {إني سقيم} [الصافات: 89]. وقوله: {فعله كبيرهم هذا}. وقوله لامرأته: إن سألوكِ: مَن أنتِ منه. فقولي: إنّكِ أختي»
(4)
. (ز)
(1)
أخرجه الترمذي 5/ 385 (3437). وأخرجه بنحوه البخاري 4/ 140 - 141 (3357، 3358)، ومسلم 4/ 1840 (2371)، وابن جرير 19/ 568.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» .
(2)
ماحلَ بها عن دين الله: أي: دافع عنه. اللسان (محل).
(3)
أخرجه الترمذي (3148)، وأبو يعلى 2/ 310 (1040) واللفظ له، وابن عساكر في تاريخه 6/ 179 - 180 (1450)، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 7/ 25 - ، من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد به.
قال الترمذي: «حديث حسن» . لكن علي بن زيد مُضَعَّف عند عامَّة الحُفّاظ، وقد تقدم ذكره مرارًا.
(4)
أخرجه أحمد 21/ 185 - 188 (13562)، ويحيى بن سلّام 1/ 323 واللفظ له، من طريق همام، عن قتادة، عن أنس بن مالك به.
وسنده صحيح.
49240 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} ، قال: عظيمُ آلهتهم
(1)
. (10/ 305)
49241 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: {فعله كبيرهم هذا} ، قال: جعل إبراهيمُ عليه السلام الفأسَ التي أهْلَك بها أصنامَهم مُسْنَدَةً إلى صدر كبيرهم الذي تركه، ولم يكسره
(2)
. (ز)
49242 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {قالوا أنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} إلى قوله: {أنتم الظالمون} ، قال: وهذه هي الخصلة التي كايَدَهم فيها
(3)
. (10/ 304)
49243 -
قال مقاتل بن سليمان: فلمّا جاءوا به {قالوا} قال نمروذ: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} يعني: أنت كسرتها؟ {قال} إبراهيم: {بل فعله كبيرهم هذا} يعني: أعظم الأصنام الذي في يده الفأس، غضِب حين سَوَّيتُم بينه وبين الأصنام الصغار، فقطعها، {فاسألوهم إن كانوا ينطقون} يقول: سَلُوا الأصنامَ المجذوذة: مَن قطعها؟ إن قدروا على الكلام
(4)
. (ز)
49244 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: لَمّا أُتي به، واجتمع له قومه عند ملكهم نمرود؛ {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون} ، غضِب مِن أن يعبدوا معه هذه الصغار، وهو أكبر منها، فكسرهُنَّ
(5)
[4361]. (ز)
[4361] أفادت الآثار أنّ قوله تعالى: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم} كان كذبة مِن إبراهيم في ذات الله. وهذا ما رجَّحه ابنُ جرير (16/ 298 - 301) وابنُ عطية (4/ 177 - 178) مُسْتَنِدَين إلى السنة، وذلك في الحديث الذي فيه: «لم يكذب إبراهيم في شيء قط إلا في ثلاث كلهن في الله
…
».
وقد نقلا قولًا آخر لم ينسباه لأحد مِن السلف: أنّ ذلك لم يكن مِن إبراهيم كذبًا، وأن المعنى: إن كانت الآلهة المكسورة تنطق فإنّ كبيرهم هو الذي كسرهم. ووجَّهه ابنُ عطية بقوله: «وفي الكلام تقديم على هذا التأويل في قوله: {فَسْئَلُوهُمْ}» . وبيّن ابنُ عطية أنّ أرباب هذا القول وجَّهوا قول النبي: «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات» . أي: لم يقل كلامًا ظاهره الكذب أو يشبه الكذب.
وانتقد ابنُ جرير هذا القول؛ لخلافه ظاهرَ السنّة، فقال:«وهذا قولٌ خلافُ ما تظاهرت به الأخبارُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث كذبات، كلها في الله، قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} وقوله: {إني سقيم} [الصافات: 89] وقوله لسارة: هي أختي. وغير مستحيل أن يكون الله -تعالى ذِكْرُه- أذِن لخليله في ذلك؛ ليقرع قومه به، ويحتج به عليهم، ويعرفهم موضع خطئهم، وسوء نظرهم لأنفسهم، كما قال مُؤَذِّن يوسف لإخوته: {أيتها العير إنكم لسارقون} [يوسف: 70]، ولم يكونوا سرقوا شيئًا» .
وذكر ابنُ عطية عن الفرّاء قولًا ثالثًا، فقال:«وذهب الفرّاء إلى جهة أخرى بأن قال: قوله: {فَعَلَهُ} ليس مِن الفعل، وإنما هو» فلعلَّه «على جهة التوقع، حذف اللام على قولهم: علَّه بمعنى: لعله، ثم خففت اللام» . وانتقده بقوله: «وهذا تكلُّف» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 16/ 296. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
تفسير مجاهد ص 473.
(3)
أخرجه ابن جرير 16/ 300. وعلَّقه يحيى بن سلّام 1/ 323. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 85.
(5)
أخرجه ابن جرير 16/ 300.