الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلَّذِينَ يُقاتِلُونَ»
(1)
[4481]. (ز)
نزول الآية:
50846 -
عن الزهري، قال: كان أول آية نزلت في القتال كما أخبرني عروة، عن عائشة:{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} إلى قوله: {إن الله لقوي عزيز} ، ثم أذِن بالقتال في آيٍ كثيرٍ من القرآن
(2)
. (ز)
50847 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: لَمّا أُخْرِج
[4481] اختُلِف في قراءة قوله: {أذن للذين يقاتلون} ؛ فقرأ قوم: {أُذِنَ} بترك تسمية الفاعل، و {يقاتَلون} بفتحِ التاء، وقرأ غيرهم:«أذِنَ» بفتح الألف، بمعنى: أذن الله، و «يُقاتِلُونَ» بكسر التاء. وذكر ابنُ جرير (16/ 572) أن القراءة الثانية بمعنى: يقاتل المأذون لهم في القتال المشركين. وأن قراءة «أذِنَ» بفتح الألف، بمعنى: أذن الله، و «يُقاتِلُونَ» بكسر التاء، بمعنى: إن الذين أذن الله لهم بالقتال يقاتلون المشركين. ورأى تقارب معنى هذه القراءات، فقال:«وهذه القراءات الثلاث متقاربات المعنى؛ لأن الذين قرءوا {أذن} على وجه ما لم يسم فاعله، يرجع معناه في التأويل إلى معنى قراءة مَن قرأه على وجه ما سمي فاعله، وأن من قرأ «يُقاتِلُونَ» و {يقاتلون} بالكسر أو الفتح، فقريب معنى أحدهما من معنى الآخر، وذلك أن من قاتل إنسانًا فالذي قاتلَه له مقاتِل، وكل واحد منهما مقاتِل مقاتَل. فإذ كان ذلك كذلك فبأية هذه القراءات قرأ القارئ فمصيب الصواب».
ثم رجَّح (16/ 572 - 573) مستندًا إلى السياق قراءة {أذن} بالفتح، و {يقاتِلون} بالكسر، فقال:«غير أن أحب ذلك إلي أن أقرأ به: {أذَن} بفتح الألف، بمعنى: أذن الله -لقرب ذلك من قوله: {إن الله لا يحب كل خوان كفور} - أذِنَ الله في الذين لا يحبهم للذين يقاتِلونهم بقتالهم، فيُردُّ (أذن) على قوله: {إن الله لا يحب}، وكذلك أحب القراءات إلَيَّ في: «يُقاتِلُونَ» كسر التاء، بمعنى: الذين يقاتلون مَن قد أخبر الله عنهم أنه لا يحبهم، فيكون الكلام متصلًا معنى بعضه ببعض».
وذكر ابنُ عطية (6/ 252) أنّ صور الإذن تختلف قوتها بحسب القراءات، فمن قرأ:{يقاتلون} بفتح التاء فالإذن فيها ظاهر أنه في مجازاة، ومن قرأ بالكسر فهو في ابتداء القتال.
_________
(1)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 39.
(2)
أخرجه النسائي في السنن الكبرى 10/ 192.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح 7/ 280: «إسناده صحيح» .
النبيُّ صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيَّهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، ليَهلِكَنَّ القومُ. فنزلت:{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية. وكان ابن عباس يقرؤها: {أُذِنَ} . قال أبو بكر: فعلمتُ أنه سيكون قتال. قال ابن عباس: وهي أول آية نزلت في القتال
(1)
. (10/ 513)
50848 -
عن عروة بن الزبير: أنّ أول آية أنزلت في القتال، حين ابتلى المسلمون بمكة، وسَطَتْ
(2)
بهم عشائرُهم ليفتنوهم عن الإسلام وأخرجوهم من ديارهم، وتظاهروا عليهم؛ فأنزل الله:{أذن للذين يقاتلون} الآية، وذلك حين أذن الله لرسوله بالخروج، وأذن لهم بالقتال
(3)
. (10/ 513)
50849 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قال: خرج ناس مؤمنون مهاجرين من مكة إلى المدينة، فاتبعهم كفار قريش، فأذن لهم في قتالهم؛ فأنزل الله:{أذن للذين يقاتلون} الآية. فقاتلوهم
(4)
[4482]. (10/ 513)
50850 -
عن الضحاك بن مزاحم: أنّ الله إنما قال: {أذن للذين يقاتلون} بالقتال مِن أجل أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الكفار إذا آذَوْهم واشْتَدُّوا عليهم بمكة قبل الهجرة، غيلة سِرًّا؛ فأنزل الله في ذلك:{إن الله لا يحب كل خوان كفور} . فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة أطلق لهم
[4482] انتقد ابنُ عطية (6/ 253) مستندًا إلى السياق هذا القول الذي قاله مجاهد، فقال:«وما بعد هذه الآية يرد هذا القول، لأن هؤلاء مُنعوا الخروج لا أخرجوا» .
_________
(1)
أخرجه أحمد 3/ 358 - 359 (1865)، والترمذي 5/ 390 (3444)، والنسائي 6/ 2 (3085)، وابن حبان 11/ 8 (4710)، والحاكم 2/ 76 (2376)، 2/ 269 (2968)، 2/ 422 (3469)، وعبد الرزاق 2/ 408 (1937)، وابن جرير 16/ 573 - 574.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن» . وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط الشيخين، ولم يخرجاه» . وقال ابن القيم في زاد المعاد 3/ 64: «إسناده على شرط الصحيحين» .
(2)
أي: قهرتهم وبطشت بهم. انظر: النهاية (سطا).
(3)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم مرسلًا.
(4)
أخرجه ابن جرير 16/ 575، والبيهقي في الدلائل 2/ 579 مرسلًا. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. كما أخرجه ابن جرير من طريق ابن جريج بلفظ: ناس من المؤمنين خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة، وكانوا يمنعون، فأدركهم الكفار، فأذن للمؤمنين بقتال الكفار، فقاتلوهم. وكذا علقه يحيى بن سلام 1/ 380.