الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(35)}
تفسير الآية مجموعة
53402 -
عن أُبَيّ بن كعب -من طريق أبي العالية- {الله نور السموات والأرض مثل نوره} قال: هو المؤمن الذي جعل الإيمان والقرآن في صدره، فضَرَب الله مثلَه، فقال:{الله نور السموات والأرض} فبدأ بنور نفسه، ثم ذكر نور المؤمن، فقال: مثل نور مَن آمن به. فكان أُبَيّ بن كعب يقرؤها: (مَثَلُ نُورِ مَن آمَنَ بِهِ)؛ فهو المؤمن، جعل الإيمانَ والقرآنَ في صدره، {كمشكاة} قال: فصدر المؤمن المشكاة، {فيها مصباح} والمصباح النور، وهو القرآن والإيمان الذي جعل في صدره، {في زجاجة} والزجاجة قلبه، {كأنها كوكب دري} فقلبه مِمّا استنار فيه القرآنُ والإيمان كأنه كوكب دري، يقول: كوكب مُضِيء، «تُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ» والشجرة المباركة أصلُ المبارك؛ الإخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له، {زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال: فمَثَلُه كمَثَلِ شجرةٍ التفَّ بها الشجر، فهي خضراء ناعمة لا تُصيبها الشمسُ على أيِّ حالة كانت، لا إذا طلعت، ولا إذا غربت، فكذلك هذا المؤمن قد أُجِير مِن أن يُضِلَّه شيء مِن الفتن، وقد ابتلي بها، فثبته الله فيها، فهو بين أربع خِلال: إن قال صَدَق، وإن حكم عدل، وإن أُعطِي شَكَر، وإن ابتُلِي صبر، فهو في سائر الناس كالرجل الحيِّ يمشي بين قبور الأموات، {نور على نور} فهو يتقلب في خمسة من النور: فكلامه نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى نور يوم القيامة؛ إلى الجنة
…
(1)
. (11/ 61 - 63)
53403 -
عن عبد الله بن عباس، في قوله:{نور السموات والأرض} : {مثل نوره} الذي أعطاه المؤمن {كمشكاة} مثل الكوَّة، {فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية} زيتونة في سفح جبَل لا تُصِيبها الشمسُ إذا طلعت، ولا إذا غربت، {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور
(1)
أخرجه ابن جرير 17/ 298، 302، 303، 327، 331، وابن أبي حاتم 8/ 2593 - 2597، 2603، 2610، 2614، والحاكم 2/ 399 - 400. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.
على نور} فذلك مَثَل قلبِ المؤمن، نورٌ على نور
(1)
. (11/ 59 - 60)
53404 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- {الله نور السموات والأرض} قال: هادي أهل السموات والأرض، {مثل نوره} مثل هُداه في قلب المؤمن، {كمشكاة} يقول: موضع الفتيلة. يقول: كما يكاد الزيت الصافي يُضِيء قبل أن تمسه النار، فإذا مسته النار ازداد ضوءًا على ضوئه؛ كذلك يكون قلب المؤمن، يعمل بالهُدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه العِلْم ازداد هدًى على هُدًى، ونورًا على نور
(2)
. (11/ 61)
53405 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- قال: إنّ اليهود قالوا لمحمد: كيف يخلص نور الله مِن دون السماء؟ فضرب الله مَثَل ذلك لنوره، فقال:{الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة} والمشكاة كوة البيت، {فيها مصباح} وهو السِّراج يكون في الزجاجة، وهو مَثَل ضربه الله لطاعته، فسمى طاعته: نورًا، ثم سمّاها أنواعًا شتّى، {لا شرقية ولا غربية} قال: هي وسط الشجرة، لا تنالها الشمسُ إذا طلعت، ولا إذا غربت، وذلك أجود الزيت، {يكاد زيتها يضيء} يقول: بغير نار، {نور على نور} يعني بذلك: إيمان العبد وعمله، {يهدي الله لنوره من يشاء} هو مَثَل المؤمن
(3)
. (11/ 64)
53406 -
عن عبد الله بن عباس، {الله نور السموات والأرض} قال: الله هادي أهل السموات والأرض، {مثل نوره} يا محمد، في قلبك، كمثل هذا المصباح في هذه المشكاة، فكما هذا المصباح في هذه المشكاة كذلك فؤادُك في قلبك، وشبَّه قلبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكوكب الدري الذي لا يخبو، {يوقد من شجرة مباركة زيتونة} تأخذ دينَك عن إبراهيم عليه السلام، وهي الزيتونة، {لاشرقية ولا غربية} ليس بنصرانيٍّ فيُصَلِّي نحو المشرق، ولا يهودي فيصلي نحو المغرب، {يكاد زيتها يضيء} فيقول: يكاد محمد ينطق بالحكمة قبل أن يُوحى إليه بالنور الذي جعل اللهُ في قلبه
(4)
. (11/ 65)
(1)
عزاه السيوطي إلى الفريابي.
(2)
أخرجه ابن جرير 17/ 295، 296، 299، 301، 303، وابن أبي حاتم 8/ 2593 - 2595، والبيهقي في الأسماء والصفات (136). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(3)
أخرجه ابن جرير 17/ 300، 304، 312، وابن أبي حاتم 8/ 2596، 2597، 2600، 2603. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
53407 -
عن عبد الله بن عمر -من طريق سالم بن عبد الله - في قوله: {كمشكاة فيها مصباح} ، قال: المشكاة جوفُ محمد صلى الله عليه وسلم، والزجاجة قلبه، والمصباح النور الذي في قلبه، «تُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ» الشجرة إبراهيم، {زيتونة لا شرقية ولا غربية} لا يهودية ولا نصرانية. ثم قرأ:{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} [آل عمران: 67]
(1)
. (11/ 64)
53408 -
عن شِمْر بن عطية، قال: جاء ابنُ عباس إلى كعب الأحبار، فقال: حدِّثني عن قول الله: {الله نور السموات والأرض مثل نوره} . قال: مثلُ نورِ محمد صلى الله عليه وسلم {كمشكاة} قال: المشكاة: الكوة، ضربها مثلًا لفمه، {فيها مصباح} والمصباح قلبه، {في زجاجة} والزجاجة صدره، {كأنها كوكب دري} شبَّه صدرَ محمد صلى الله عليه وسلم بالكوكب الدري، ثم رجع إلى المصباح؛ إلى قلبه، فقال:«تَوَقَّدَ مِن شَجَرَةٍ مُباركةٍ زَيْتُونَة» ، {يكاد زيتها يضيء} قال: يكاد محمد صلى الله عليه وسلم يَبِينُ للناسِ -ولو لم يتكلم- أنّه نبيٌّ، كما يكاد ذلك الزيت أن يضيء {ولو لم تمسسه نار}
(2)
. (11/ 65)
53409 -
عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق مقاتل- قال: شبّه عبد المطّلب بالمشكاة، وعبد الله بالزجاجة، والنبي صلى الله عليه وسلم بالمصباح، كان في صُلبهما، فورِث النبوّة مِن إبراهيم عليه السلام، {يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية} بل هي مكيّة؛ لأنّ مكة وسط الدنيا
(3)
. (ز)
53410 -
قال الحسن البصري =
53411 -
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذا مَثَلٌ للقرآن في قلب المؤمن، فكما أنّ هذا المصباح يُسْتضاء به، وهو كما هو لا ينقص، فكذلك القرآن يُهْتَدى به، ويُؤخَذ ويُعمَل به، فالمصباح هو القرآن، والزجاجة قلبُ المؤمن، والمشكاة لسانُه وفمه، والشجرة المباركة شجرة الوحي
(4)
. (ز)
53412 -
قال محمد بن كعب القرظي: المشكاة إبراهيم، والزُّجاجَةُ إسماعيل، والمِصْباحُ محمد -صلوات الله عليهم أجمعين-، سمّاه الله: مصباحًا، كما سماه:
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (13226)، وفي الأوسط (1843)، وابن عدي 7/ 2556. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه، وابن عساكر.
(2)
أخرجه ابن جرير 17/ 299، 301، وابن أبي حاتم 8/ 2596، 2597، 2599، 2603. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.
(3)
تفسير الثعلبي 7/ 105.
(4)
تفسير الثعلبي 7/ 106.
سراجًا، فقال:{وسراجا منيرا} [الأحزاب: 46]. {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ} وهي إبراهيم، سمّاه: مباركًا؛ لأنّ أكثر الأنبياء كانوا من صلبه، {لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ} يعني: إبراهيم لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولكن كان حنيفًا مسلمًا، وإنّما قال ذلك لأنّ اليهود تُصَلِّي قِبَل المغرب، والنصارى قِبَل المشرق، {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} يعني: تكاد محاسن محمدٍ تظهر للناس قبل أن أوحي إليه، {نُورٌ عَلى نُورٍ} أي: نبيٌّ مرسلٌ مِن نسل نبيٍّ مرسلٍ
(1)
. (ز)
53413 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- {مثل نوره} ، قال: مَثَل نورِ الله في قلب المؤمن {كمشكاة} قال: الكوة، {كأنها كوكب دري} قال: منير يضيء، {زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال: لا يَفِيء عليها ظِلٌّ شرقيٌّ ولا غربيٌّ، كنا نُحَدَّثُ: أنها ضاحيةُ الشمس، وهو أصفى الزيت وأطيبه وأعذبه. هذا مَثَل ضربه الله للقرآن، أي: قد جاءكم من الله نور وهدى متظاهران، المؤمن سمع كتاب الله، فوعاه، وحفِظه، وانتفع بما فيه، وعقل به، فهذا مَثَل المؤمن
(2)
. (11/ 68)
53414 -
قال مقاتل بن سليمان: يعني بالمشكاة: صلب عبد الله أبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويعني بالزجاجة: جسد محمد صلى الله عليه وسلم، ويعني بالسراج: الإيمان في جسد محمد صلى الله عليه وسلم، فلمّا خرجت الزجاجة فيها المصباح مِن الكوَّة صارت الكوة مُظلمة، فذهب نورُها، والكوة مثل عبد الله، ثم شَبَّه الزجاجة بمحمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء? لا خفاء فيه كضوء الكوكب الدري، وهو الزهرة في الكوكب، ويقال: المشتري، وهو البِرْجِرس بالسريانية، {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ} يعني بالشجرة المباركة: إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه سلم، يقول:{يوقد} محمد مِن إبراهيم?، وهو من ذريته. ثم ذكر إبراهيم عليه السلام، فقال سبحانه:{زَيْتُونَةٍ} قال: طاعة حسنة، {لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ} يقول: لم يكن إبراهيم عليه السلام يصلي قِبَل المشرق كفعل النصارى، ولا قِبَل المغرب كفعل اليهود، ولكنه كان يصلي قِبَل الكعبة، ثم قال:{يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} يعني: إبراهيم يكاد عِلْمُه يضيء
…
يقول: {ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ} يقول: ولو لم تأتِه النبوة لكانت طاعتُه مع طاعة الأنبياء?، ثم قال عز وجل:{نُورٌ عَلى نُورٍ} قال: محمد صلى الله عليه وسلم نبيٌّ خرج مِن صُلْب نبي، يعني: إبراهيم?، {يَهْدِي اللَّهُ
(1)
تفسير الثعلبي 7/ 105، وتفسير البغوي 6/ 48.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 60 من طريق معمر مختصرًا. وعلَّقه يحيى بن سلّام 1/ 449. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن جرير.