الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
52545 -
عن عائشة، قالت: فُضِّلتُ على نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعشرٍ. قيل: ما هُنَّ، يا أم المؤمنين؟ قالت: لم ينكح بِكْرًا قطُّ غيري، ولم ينكح امرأةً أبواها مهاجران غيري، وأنزل الله براءتي مِن السماء، وجاءه جبريل بصورتي من السماء في حريرة، وقال: تَزَوَّجْها؛ فإنّها امرأتك. وكنت أغتسل أنا وهو مِن إناء واحد، ولم يكن يصنع ذلك بأحدٍ مِن نسائه غيري، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه، ولم يكن يفعل ذلك بأحد مِن نسائه غيري، وكان ينزل عليه الوحيُ وهو معي، ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري، وقَبض الله نفسَه وهو بين سَحْري
(1)
ونَحْري، ومات في الليلة التي كان يدور عَلَيَّ فيها، ودُفِن في بيتي
(2)
. (10/ 694)
تفسير آيات قصة الإفك مجموعة
52546 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جريج عن عطاء، ومقاتل بن سليمان عن الضحاك-:{إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم} يريد: إنّ الذين جاءوا بالكذب على عائشة أم المؤمنين أربعة منكم، {لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم} يريد: خيرًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبراءة لسيدة نساء المؤمنين، وخيرًا لأبي بكر، وأم عائشة، وصفوان بن المعطل، {لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم والذي تولى كبره} يريد: إشاعتَه {منهم} يريد: عبد الله بن أُبَيّ بن سلول، {له عذاب عظيم} يريد: في الدنيا؛ جلده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين، وفي الآخرة مصيره إلى النار، {لولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا أفك مبين} وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار فيها أسامةَ وبريرةَ وأزواجَ النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا خيرًا، وقالوا: هذا كذب عظيم، {لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء} لكانوا هم والذين شهدوا كاذبين، {فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون} يريد: الكذب بعينه، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يريد: فلولا ما منَّ الله به عليكم وستركم
…
{هذا بهتان عظيم} يريد [بالبهتان]: الافتراء، مثل قوله في مريم:{بهتانا عظيما} [النساء: 156]، {يعظكم الله أن تعودوا لمثله} يريد: مسطحًا، وحمنة، وحسان، {ويبين الله لكم الآيات} التي أنزلها في عائشة، والبراءة لها، {والله عليم} بما في قلوبكم مِن الندامة فيما خضتم به، {حكيم} حَكَم في القذف ثمانين جلدة، {ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة} يريد: بعد هذا {في الذين آمنوا} يريد:
(1)
السَّحْر: أعلى الصدر. النهاية (سحر).
(2)
أخرجه ابن سعد 8/ 63 - 64.
المحصنين والمحصنات من المصدقين؛ {لهم عذاب أليم} وجيع {في الدنيا} يريد: الحد، {و} في {الآخرة} العذاب في النار، {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} سوء ما دخلتم فيه، وما فيه من شدة العذاب، وأنتم لا تعلمون شدة سخط الله على من فعل هذا، {ولولا فضل الله عليكم} يريد: لولا ما تفضل الله به عليكم، {ورحمته} يريد: مسطحًا، وحمنة، وحسان، {وأن الله رؤوف رحيم} يريد: من الرحمة رؤوف بكم حيث ندمتم ورجعتم إلى الحق، {يا أيها الذين آمنوا} يريد: صَدَّقوا بتوحيد الله، {لا تتبعوا خطوات الشيطان} يريد: الزلّات؛ {فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} يريد بالفحشاء: عصيان الله. والمنكر: كل ما يكره الله، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يريد: ما تفضل الله به عليكم ورحمكم؛ {ما زكي منكم من أحد أبدا} يريد: ما قبل توبة أحد منكم أبدًا، {ولكن الله يزكي من يشاء} فقد شئتُ أن أتُوبَ عليكم، {والله سميع عليم} يريد: سميع لقولكم، عليم بما في أنفسكم مِن الندامة في التوبة، {ولا يأتل} يريد: ولا يحلف {أولو الفضل منكم والسعة} يريد: ولا يحلف أبو بكر ألّا يُنفِق على مِسْطَح {أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا} فقد جعلت فيك -يا أبا بكر- الفضل، وجعلت عندك السعة والمعرفة بالله، فتعطف -يا أبا بكر- على مسطح، فله قرابة، وله هجرة ومسكنة ومشاهد رضيتها منه يوم بدر، {ألا تحبون} يا أبا بكر {أن يغفر الله لكم} يريد: فاغفِر لمسطح، {والله غفور رحيم} يريد: فإنِّي غفور لمن أخطأ، رحيم بأوليائي، {ان الذين يرمون المحصنات} يريد: العفائف {الغافلات المؤمنات} يريد: المُصَدِّقات بتوحيد الله وبرسله. وقد قال حسان بن ثابت في عائشة:
حَصانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ
…
وتُصْبِحُ غَرْثى مِن لُحُوم الغَوافِل
(1)
فقالت عائشة: لكنَّك لست كذلك. {لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} يقول: أخرجهم من الإيمان. مثل قوله في سورة الأحزاب [61] للمنافقين: {ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا} ، {والذي تولي كبره} يريد: كِبَر القَذْفِ وإشاعته؛ عبد الله بن أبي سلول الملعون، {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} يريد: أنّ الله ختم على ألسنتهم، فتَكَلَّمت الجوارح، و [شهدت] على
(1)
الحصان: العفيفة. والرزان: الرزينة الثابتة التي لا يستخفها الطيش. وما تزن: ما ترمى وتتهم. بريبة: بتهمة وشك. وتصبح غرثى: جائعة. من لحوم الغوافل: جمع غافلة، وهي التي غفل قلبها عن الشر؛ يريد: أنها لا تغتاب الناس. ينظر: شرح ديوان حسان بن ثابت الأنصاري لعبد الرحمن البرقوقي ص 324.
أهلها، وذلك أنهم قالوا: تعالوا نحلف بالله ما كنا مشركين. فختم الله على ألسنتهم، فتكلمت الجوارح بما عملوا، ثم شهدت ألسنتهم عليهم بعد ذلك، {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} يريد: يجازيهم بأعمالهم بالحق، كما يجازي أولياءه بالثواب كذلك يجازي أعداءَه بالعقاب. كقوله في الحمد:{مالك يوم الدين} يريد: يوم الجزاء، {ويعلمون} يريد: يوم القيامة {ان الله هو الحق المبين} وذلك أنّ عبد الله بن أبي كان يشك في الدنيا، وكان رأس المنافقين، فذلك قوله:{يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} ، ويعلم ابن سلول {أن الله هو الحق المبين} يريد: انقطع الشك، واستيقن حيث لا ينفعه اليقين، {الخبيثات للخبيثين} يريد: أمثال عبد الله بن أبي، ومَن شك في الله، ويقذف مثل سيدة نساء العالمين، {والطيبات للطيبين} عائشة طَيَّبها اللهُ لرسوله؛ أتى بها جبريل في سَرَقَةٍ
(1)
من حرير قبل أن تُصَوَّر في رَحِم أُمِّها، فقال له: عائشة بنت أبي بكر زوجتُك في الدنيا، وزوجتك في الجنة؛ عِوَضًا من خديجة. وذلك عند موتها، فسُرَّ بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقَرَّ بها عَيْنًا، {والطيبون للطيبات} يريد: رسول الله صلى الله عليه وسلم، طَيَّبه اللهُ لنفسه، وجعله سيِّد ولد آدم، والطيبات يريد: عائشة، {أولئك مبرؤن مما يقولون} يريد: بَرَّأها الله مِن كذب عبد الله بن أبي، {لهم مغفرة} يريد: عصمة في الدنيا، ومغفرة في الآخرة، {ورزق كريم} يريد: رزق الجنة، وثواب عظيم
(2)
. (10/ 681)
52547 -
عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار-: {إن الذين جاءوا بالإفك} : الكذب، {عصبة منكم} يعني: عبد الله بن أبي المنافق، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، {لاتحسبوه شرا لكم} يقول لعائشة وصفوان: لا تحسبوا الذي قيل لكم مِن الكذب شرا لكم، {بل هو خير لكم} لأنّكم تؤجرون على ذلك، {لكل امرئ منهم} يعني: مَن خاض في أمر عائشة {ما اكتسب من الإثم} على قدر ما خاض فيه مِن أمرها، {والذي تولى كبره} يعني: عظمه {منهم} يعني: القَذَفَة، وهو ابن أُبيٍّ رأس المنافقين، وهو الذي قال: ما بَرِئَتْ مِنهُ، وما بَرِئَ منها {له عذاب عظيم} وفي هذه الآية عِبرةٌ عظيمة لجميع المسلمين إذا كانت فيهم خطيئة، فمَن أعان عليها بفِعْل أو كلام، أو عَرَّض بها، أو أعجبه ذلك، أو رضي؛ فهو في تلك الخطيئة على قدر ما كان منه، وإذا كان خطيئة بين المسلمين فمَن شهد وكره
(1)
سَرَقَة: قِطعة من جَيِّد الحَرِيرِ. النهاية (سرق).
(2)
أخرجه الطبراني 23/ 130 - 133.
فهو مثل الغائب، ومَن غاب ورضي فهو مثل شاهد، {لولا إذ سمعتوه} قذفَ عائشة وصفوان؛ {ظن المؤمنون والمؤمنات} لأنّ منهم حَمْنة بنت جحش، يعني: هلّا كذَّبتم به {بأنفسهم خيرا} هلّا ظنَّ بعضُهم ببعضٍ خيرًا أنهم لم يَزْنوا، {وقالوا هذا إفك مبين} ألا قالوا: هذا القذفُ كذبٌ بيِّن، {لولا جاءوا عليه} يعني: على القذف {بأربعة شهداء} ، {فأولئك} يعني: الذي قذفوا عائشة {عند الله هم الكاذبون} في قولهم، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة} مِن تأخُّر العقوبة؛ {لمسكم فيما أفضتم فيه} يعني: في ما قلتم مِن القذف {عذاب عظيم} ، {تلقونه بألسنتكم} وذلك حين خاضوا في أمرِ عائشة، فقال بعضهم: سمعت فلانًا يقول كذا وكذا. وقال بعضهم: بلى، كان كذا وكذا. فقال:{تلقونه بالسنتكم} يقول: يرويه بعضُكم عن بعض، {وتقولون بأفواهكم} يعني: بألسنتكم مِن قذفها {ما ليس لكم به علم} يعني: مِن غير أن تعلموا أنّ الذي قلتم مِن القذف حقٌّ، {وتحسبونه هينا} يعني: تحسبون أنّ القذف ذنب هيِّن، {وهو عند الله عظيم} يعني: في الوِزْر، {لولا اذ سمعتموه} يعني: القذف؛ {قلتم ما يكون} يعني: ألا قلتم: ما يكون؛ ما ينبغي {لنا أن نتكلم بهذا} ولم تره أعينُنا! {سبحانك هذا بهتان عظيم} يعني: ألا قلتم: هذا كذب عظيم. مثل ما قال سعدُ بن معاذ الأنصاري؛ وذلك أنّ سعدًا لَمّا سمع قول مَن قال في أمر عائشة قال: سبحانك! هذا بهتان عظيم. والبهتان: الذي يبهت فيقول ما لم يكن، {يعظكم الله أن تعودوا لمثله} يعني: القذف؛ {ان كنتم مؤمنين} يعني: مُصَدِّقين، {ويبين الله لكم الآيات} يعني: ما ذُكِر مِن المواعظ، {أن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة} يعني: تَفْشُو، ويظهر الزنا؛ {لهم عذاب أليم في الدنيا} بالحدِّ، {و} في {الآخرة} عذاب النار، {ولولا فضل الله} الآيةَ؛ لعاقبكم بما قلتم لعائشة، {وأن الله رؤوف رحيم} حين عفا عنكم فلم يعاقبكم، {ومن يتبع خطوات الشيطان} يعني: تزيينه؛ {فانه يأمر بالفحشاء} يعني: بالمعاصي، {والمنكر} ما لا يُعْرَف، مثل ما قيل لعائشة، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} يعني: نعمته؛ {ما زكا} ما صلح، {ولكن الله يزكي} يُصلِح {من يشاء} ، فلما أنزل الله عذر عائشة وبرَّأها، وكذَّب الذين قذفوها؛ حلف أبو بكر أن لا يَصِل مسطحَ بن أثاثة بشيء أبدًا؛ لأنه كان في مَنِ ادَّعى على عائشة مِن القذف، وكان مسطح من المهاجرين الأولين، وكان ابنَ خالة أبي بكر، وكان يتيمًا في حِجْره فقيرًا، فلمّا حلف أبو بكر ألا يصله نزلت في أبي بكر:{ولا يأتل} أي: ولا يحلف {أولو الفضل منكم} يعني: في الغنى؛ أبا بكر الصديق، {والسعة} يعني:
في الرزق، {أن يؤتوا أولي القربى} يعني: مسطح بن أثاثة قرابة أبي بكر وابن خالته، {والمساكين} يعني: لأنّ مسطحًا كان فقيرًا، {والمهاجرين في سبيل الله} يعني: لأنّ مِسطحًا كان من المهاجرين، {وليعفوا وليصفحوا} يعني: ليتجاوزوا عن مِسطح، {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:«أما تحب أن يغفر الله لك؟» . قال: بلى، يا رسول الله. قال:«فاعفُ واصفح» . فقال أبو بكر: قد عفوتُ وصفحتُ، لا أمنعه معروفًا بعد اليوم. {ان الذين يرمون المحصنات} يعني: يقذفون بالزِّنا الحافظات لفروجهن العفائف، {الغافلات} يعني: عن الفواحش، يعني: عائشة، {المؤمنات} يعني: الصادقات؛ {لعنوا} يعني: جُلِدوا {في الدنيا والآخرة} يُعَذَّبون بالنار، يعني: عبد الله بن أبي؛ لأنه منافق له عذاب عظيم، {يوم تشهد عليهم ألسنتهم} قال: مَن قذف عائشة يوم القيامة، {يومئذ} يعني: في الآخرة {يوفيهم الله دينهم الحق} حسابهم العدل، لا يظلمهم، {ويعلمون أن الله هو الحق المبين} يعني: العدل المبين، {الخبيثات} يعني: السيء من الكلام؛ قذفُ عائشة ونحوه {للخبيثين} مِن الرجال والنساء، يعني: الذين قذفوها، {والخبيثون} يعني: مِن الرجال والنساء {للخبيثات} يعني: السيء مِن الكلام؛ لأنه يليق بهم الكلام السيء، {والطيبات} يعني: الحسن مِن الكلام {للطيبين} مِن الرجال والنساء، يعني: الذين ظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرًا، {والطيبون} من الرجال والنساء {للطيبات} للحسن من الكلام؛ لأنه يليق بهم الكلام الحسن، {أولئك} يعني: الطيبين مِن الرجال والنساء {مبرؤون ما يقولون} هم بُرآء من الكلام السيء، {لهم مغفرة} يعني: لذنوبهم، {ورزق كريم} يعني: حسنًا في الجنة. فلمّا أنزل اللهُ عُذْرَ عائشة ضمَّها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسه، وهي مِن أزواجه في الجنة
(1)
. (10/ 690)
(1)
أخرجه مفرقًا الطبراني في الكبير 23/ 134 (171)، 23/ 135 (174)، 23/ 138 (184)، 23/ 139 (187)، 23/ 140 (191)، 23/ 141 (194)، 23/ 142 (197)، 23/ 144 (204)، 23/ 145 (206، 210)، 23/ 146 (214)، 23/ 147 (217)، 23/ 148 (219)، 23/ 150 (225)، 23/ 152 (228)، 23/ 155 (237)، 23/ 156 (239)، 23/ 161 (254)، وابن أبي حاتم 8/ 2543 - 2565 (14207، 14208، 14209، 14211، 14216، 14217، 14220، 14223، 14227، 14228، 14231، 14233، 14236، 14239، 14241، 14242، 14246، 14249، 14251، 14260، 14264، 14266، 14268، 14270، 14273، 14274، 14276، 14277، 14280، 14281، 14282، 14283، 14290، 14291، 14294، 14296، 14302، 14307، 14310، 14315، 14318، 14319، 14322، 14325، 14328، 14329، 14332، 14336، 14340).