الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفيل، كل امرأة منهنَّ رفعت علامةً على بابها كعلامة البيطار؛ ليعرف أنها زانية، وذلك أنّ نفرًا من المؤمنين سألوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن تزويجهنَّ بالمدينة، قالوا: ائذن لنا في تزويجهن؛ فإنهن أخصب أهل المدينة، وأكثر خيرًا، والمدينة غالية السعر، والخبز بها قليل، وقد أصابنا الجَهْدُ، فإذا جاء الله صلى الله عليه وسلم بالخير طلَّقناهُنَّ، وتزوجنا المسلمات. فأنزل الله عز وجل:{الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة}
(1)
. (ز)
52349 -
عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَير بن معروف-: لَمّا قدِم المهاجرون المدينة قدِموها وهم بجَهْد، إلا [قليلًا] منهم، والمدينة غاليةُ السعر، شديدة الجَهد، وفي السوق زواني مُتعالِنات مِن أهل الكتاب وإماء الأنصار، منهن: أمية وليدة عبد الله بن أبي، ومسيكة بنت أمية لرجل من الأنصار، في بغايا مِن ولائد الأنصار، قد رفعت كلُّ امرأةِ منهُنَّ على بابها علامةً؛ ليُعْرَف أنها زانية، وكُنَّ مِن أخصب أهل المدينة، وأكثره خيرًا، فرغب أناسٌ مِن مهاجري المسلمين فيما يكتسبن، للذي هم فيه مِن الجَهْد، فأشار بعضُهم على بعض: لو تزوَّجنا بعضَ هؤلاء الزواني؛ فنُصِيب مِن فضول أطعماتِهنَّ. فقال بعضهم: نستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتوه، فقالوا: يا رسول الله، قد شَقَّ علينا الجَهْدُ، ولا نَجِدُ ما نأكل، وفي السوق بغايا نساء أهل الكتاب وولائدهن وولائد الأنصار، يكتسبن لأنفسهن، فيصلح لنا أن نتزوج منهنَّ، فنُصيب مِن فضول ما يكتسبن، فإذا وجدنا عنهن غِنًى تركناهن؟ فأنزل الله:{الزاني لا ينكح} الآية. فحرم على المؤمنين أن يتزوجوا الزواني المسافحات العالنات زِناهُنَّ
(2)
. (10/ 638)
تفسير الآية، وأحكامها:
52350 -
عن عبد الله بن مسعود: يحرم نكاح الزانية، وإذا تزوج الزاني بالزانية فهما زانيان أبدًا
(3)
. (ز)
52351 -
عن عبد الله بن عمرو -من طريق القاسم بن محمد- في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} ، قال: كُنَّ نساء معلومات، فكان الرجل مِن فقراء المسلمين
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 182 (بتصرف يسير). وأخرج ابن جرير 17/ 155 تسمية بعض هؤلاء الجواري عن عكرمة من طريق ابن جريج. وقد صححنا مِن روايته بعض ما تصحف من أسمائهن في مطبوعة تفسير مقاتل.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2522 - 2523 مرسلًا.
(3)
تفسير البغوي 6/ 9.
يتزوج المرأة منهن لتنفق عليه، فنهاهم الله عن ذلك
(1)
. (10/ 643)
52352 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية} ، قال: ليس هذا بالنكاح، ولكن الجماع، لا يزني بها حين يزني إلا زانٍ أو مُشرك، {وحرم ذلك على المؤمنين} يعني: الزِّنا
(2)
. (10/ 638)
52353 -
عن عبيد الله بن أبي يزيد: أنّه سأل عبد الله بن عباس عن {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} . قال: ذلك حُكْم بينهما
(3)
. (ز)
52354 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق إسحاق بن عبد الله بن الحارث- {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} ، قال: الزاني لا يزني إلا بزانية أو مشركة، ولكن الله كنّى
(4)
. (ز)
52355 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد- {وحرم ذلك على المؤمنين} ، قال: حرَّم اللهُ الزِّنا على المؤمنين
(5)
. (ز)
52356 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في هذه الآية، قال: الزاني مِن أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثلِه من أهل القبلة، أو مشركة مِن غير أهل القبلة، والزانية مِن أهل القبلة لا تزني إلا بزانٍ مثلها مِن أهل القبلة، أو مشرك مِن غير أهل القبلة، وحُرِّم الزنا على المؤمنين
(6)
. (10/ 641)
52357 -
عن عطاء [بن أبي رباح]-من طريق ابن جريج- قوله: {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} ، قال: أو مشرك لهن. =
52358 -
قلتُ: أبلغك عن ابن عباس؟ قال: نعم
(7)
. (ز)
(1)
أخرجه ابن جرير 17/ 150 - 151.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 51، وابن أبي شيبة 4/ 272، والبيهقي في سننه 7/ 154، والضياء المقدسي في المختارة 10/ 150 بنحوه مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي داود في ناسخه.
(3)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه - التفسير 6/ 382 (1531)، وإسحاق البستي في تفسيره ص 419، وابن أبي حاتم 8/ 2524.
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة (ت: محمد عوامة) 9/ 262 - 263 (17205).
(5)
أخرجه أبو داود الطيالسي -كما في تفسير ابن كثير 6/ 9 - .
(6)
أخرجه ابن جرير 17/ 159، وابن أبي حاتم 8/ 2522، 2525، 2526. وعلَّقه البيهقي 7/ 154. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(7)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2526.
52359 -
قال سعيد بن جبير =
52360 -
ومجاهد بن جبر -من طريق معمر- {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} ، قالا: هو الوَطْء
(1)
. (ز)
52361 -
وعن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن شبرمة-، مثله
(2)
. (ز)
52362 -
عن سعيد بن جبير -من طريق يعلى بن مسلم- {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} ، قال: لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله، أو مشركة
(3)
. (10/ 640)
52363 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن شبرمة-، مثله
(4)
. (10/ 640)
52364 -
عن سفيان التمار العُصْفُري، قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: كُنَّ بغايا بمكة قبل الإسلام، فكان رِجال يتزوجونهنَّ، فيُنفِقْن عليهن ما أصبْنَ، فلمّا جاء الإسلام تزوجهنَّ رجالٌ من أهل الإسلام، فحرَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم
(5)
. (ز)
52365 -
عن إبراهيم [النخعي]-من طريق الحارث- قال: لا يُجامعها إلا زانٍ أو مشرك
(6)
. (ز)
52366 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق سلمة- قال: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} ، قال: هُنَّ نساء معلومات يدعون: القبلقيات
(7)
(8)
. (ز)
52367 -
عن الضحاك بن مُزاحم، {الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} ، قال: إنما عني بذلك: الزنا، ولم يُعْنَ به: التزويج
(9)
. (10/ 640)
(1)
أخرجه ابن جرير 17/ 157. كما أخرج قولَ سعيد كلٌّ مِن عبد الرزاق 2/ 51، وابن جرير 17/ 157 من طريق ابن شبرمة.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 51، وابن جرير 17/ 157.
(3)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 51 دون لفظ: أو مشركة، وابن جرير 17/ 157 - 158، وإسحاق البستي في تفسيره ص 417. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(4)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 51 دون لفظ: أو مشركة، وابن أبي شيبة 4/ 271.
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (ت: محمد عوامة) 9/ 262 (17204).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة (ت: محمد عوامة) 9/ 262 (17203).
(7)
علّق محقق تفسير البستي على هذه الكلمة بقوله: وقد اختُلف في الكلمة الأخيرة فهي في تفسير الثوري: لقيات، وعند ابن أبي حاتم: القليقات، وفي تفسير ابن جرير 18/ 71 [17/ 152 هجر]: القليقيات. ولعل صوابها: (القلقيات) نسبة إلى القلقي، وهو ضرب مِن القلائد المنظومة باللؤلؤ، والقلقي منسوب إلى القلق الذي هو الاضطراب، كأنه يضطرب في سلكه ولا يثبت، فهو ذو قلق. تاج العروس (قلق) 7/ 58.
(8)
أخرجه إسحاق البستي في تفسيره ص 417.
(9)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 272 بنحوه.
52368 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن شبرمة- {والزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك} ، قال: لا ينكحها إلا وهو كذلك
(1)
. (ز)
52369 -
عن الحسن البصري -من طريق عاصم عن الشعبي- {الزاني لا ينكح إلا زانية} ، قال: ليس في المستور، ولكن المحدود؛ لا يتزوج إلا محدودة مثله
(2)
. (10/ 644)
52370 -
عن الحسن البصري -من طريق يزيد بن إبراهيم- قال: الزاني المجلود لا ينكح إلا زانيةً مجلودةً مثله أو مشركة، والزانية المجلودة لا ينكحها إلا زانٍ مجلودٌ مثلُها أو مشرك
(3)
. (ز)
52371 -
عن الحسن البصري -من طريق المبارك بن فضالة- قال: يعني: الزاني المجلود في الزنا ليس له أن يتزوج إلا مجلودة في الزنا مثله، ليس له أن يكون هو أبخسها ثم يتبع المحصنات
(4)
[4596]. (ز)
52372 -
عن مكحول الشامي -من طريق سعيد بن عبد العزيز- {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} ، قال: الزاني مكشوف سترُه لا ينكح إلا زانية مكشوفًا سترُها
(5)
. (ز)
52373 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: {وحرم ذلك على المؤمنين} ، قال: نُهِي المؤمنون عن نكاحهن، وقد قدَّم إليهم فيهِنَّ. قال الله عز وجل:{وحرم ذلك على المؤمنين} ، أي: نكاحهن
(6)
. (ز)
52374 -
قال مقاتل بن سليمان: {الزاني} مِن أهل الكتاب {لا ينكح إلا زانية} مِن أهل الكتاب، {أو} ينكح {مشركة} مِن غير أهل الكتاب مِن العرب، يعني: الولائد
[4596] انتَقَدَ ابنُ عطية (6/ 338) قولَ الحسن هذا مستندًا لظاهر الآية، فقال:«قولٌ فيه نظر، وإدخال المشرك في الآية يَرُدُّه، وألفاظ الآية تأباه، وإن قدرت المشركة بمعنى: الكتابية؛ فلا حيلة في لفظ المشرك» .
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2525.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 4/ 273. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(3)
أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ 2/ 540.
(4)
تفسير مجاهد ص 490.
(5)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2526.
(6)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2527.
اللاتي يزنين بالأجر علانية
…
، {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك} يقول: وحرم تزويجهن {على المؤمنين}
(1)
. (ز)
52375 -
عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: {أو مشركة} قال: مشركة من أهل الكتاب يهودية أو نصرانية، {والزانية لا ينكحها الا زان} قال: والزاني مِن أهل الكتاب والزانية لا ينكحها إلا زانٍ مجلودٌ مِن أهل القبلة، {أو مشرك} يعني: اليهود والنصارى، يتزوجون اليهوديات والنصرانيات، {وحرم ذلك على المؤمنين} يعني: حرام ذلك على المؤمنين أن يتزوجوا زانية مجلودة من أهل الكتاب، أو من ولائد الأنصار المتعالنات بالزنا
(2)
. (ز)
52376 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قول الله: {الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة} ، قال: هؤلاء بغايا كُنَّ في الجاهلية، والنكاح في كتاب الله: الإصابة، لا يصيبها إلا زانٍ أو مشرك لا يُحَرِّم الزنا، ولا يصيب هو إلا مثلَها
(3)
. (ز)
52377 -
عن ابن أبي عمر، قال: سُئِل سفيان [بن عيينة] عن تفسيره. قال: لم يُفَسِّره لنا
(4)
. (ز)
52378 -
عن يزيد بن هارون-من طريق الحسن بن علي بن راشد- قال: هذا عندي إن جامعها وهو مُسْتَحِلٌّ فهو مشرك، وإن جامعها وهو مُحَرِّم فهو زانٍ
(5)
. (ز)
52379 -
قال يحيى بن سلّام: قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} ، وذلك أنّ النبيَّ قدم المدينة وبها نساءٌ مِن نساء أهل الكتاب، وإماء مشركات من إماء مشركي العرب، مجاهرات بالزِّنا، لهن رايات مثل رايات البياطرة. قال بعضهم: لا يحل مِن نساء أهل الكتاب إلا العفائف الحرائر، ولا نساء المشركين مِن غير أهل الكتاب، وإماء المشركين حرام على المؤمنين. وقال بعضهم في قوله:{الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} : يعني: مَن كان يزني بتلك المؤاجرات مِن نساء أهل الكتاب ومِن إماء المشركين، وإن كانت حرة من المشركات، لا ينكحها إلا زانٍ مِن أهل الكتاب أو مشرك
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 182.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2525 - 2527.
(3)
أخرجه ابن جرير 17/ 158، وابن أبي حاتم 8/ 2525.
(4)
أخرجه إسحاق البستي في تفسيره ص 419، وابن أبي حاتم 8/ 2524.
(5)
أخرجه الثعلبي 7/ 66، وينظر: تفسير البغوي 6/ 9.
من مشركي العرب. قال: {وحرم ذلك على المؤمنين} تزويجهن. ثم حرَّم نساء المشركات من غير أهل الكتاب؛ زَوانِيَ كُنَّ أو عفائف، فقال:{ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} [البقرة: 221]، {ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا} [البقرة: 221]، قال: ولا بأس بتزويج الحُرَّة التي قد زَنَت، وإن أُقِيم عليها الحدُّ
(1)
[4597]. (ز)
[4597] اختُلِف في تأويل {ينكح} في هذه الآية على قولين: أولهما: أنّه الزواج. ثم هم بعد ذلك على ثلاثة أقوال: الأول: أنها نزلت في بعض مَن استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نكاح نسوة كنّ معروفات بالزنا مِن أهل الشرك، فأنزل الله تحريمهن على المؤمنين. فهو عامٌّ مرادٌ به الخصوص. والثاني: أنها مخصوصة في الزاني المحدود لا يتزوج إلا زانية محدودة، ولا يتزوج غير محدودة ولا عفيفة، والزانية المحدودة لا يتزوجها إلا زان محدود، ولا يتزوجها غير محدود ولا عفيف. والثالث: أنّ هذا قد كان حكم الله في كلِّ زان وزانية، حتى نسخه الله عز وجل، فأحلّ نكاح كلّ مسلمة، وإنكاح كلّ مسلم. ومعنى النكاح في هذا القول: الزواج. وثانيها: أنّه الجماع. ومعناها: الزاني لا يزني إلا بزانية أو مشركة، والزانية لا يزني بها إلا زان أو مشرك. ومقصدها تشنيع وتبشيع أمر الزنا وأنّه شأنُ هؤلاء ومن خُلُقِهم.
ورجَّحَ ابنُ جرير (17/ 160 - 161) القولَ الثاني، وانتَقَدَ ما سواه استنادًا إلى أقوال السلف، ودلالة العقل، وزمن التنزيل، فقال:«أولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قولُ مَن قال: عني بالنكاح في هذا الموضع: الوطء، وأنّ الآية نزلت في البغايا المشركات ذوات الرايات؛ وذلك لقيام الحجة على أنّ الزانية من المسلمات حرام على كلّ مشرك، وأن الزاني من المسلمين حرام عليه كلّ مشركة مِن عبدة الأوثان. فمعلوم إذا كان ذلك كذلك أنه لم يُعنَ بالآية: أنّ الزاني مِن المؤمنين لا يعقد عقد نكاح على عفيفة من المسلمات، ولا ينكح إلا زانية أو مشركة. وإذ كان ذلك كذلك فبيّنٌ أن معنى الآية: الزاني لا يزني إلا بزانية لا تستحل الزنا، أو بمشركة تستحله» .
وكذا اختاره ابنُ عطية (6/ 336)، وقال:«اتصال هذا المعنى بما قبلُ حسنٌ بليغ» .
ومثله ابنُ كثير (10/ 165).
وانتَقَدَ ابنُ عطية (6/ 338) الأقوال الأخرى بقوله: «وذِكْرُ الإشراك في الآية يُضْعِفُ هذه المناحي» .
واختار ابنُ تيمية (4/ 488 - 489) وكذا ابنُ القيم (2/ 233 - 234) القول الأول، وأنّ المراد: الزواج، وانتقد ابنُ تيمية (4/ 486 - 487، 570 - 571 بتصرف) القول الثاني مستندًا إلى زمن النزول، ودلائل العقل، فقال:«1 - ليس في القرآن لفظ نكاح إلا ولا بُدَّ أن يراد به العقد، وإن دخل فيه الوطء أيضًا، فأمّا أن يراد به مجرد الوطء فهذا لا يوجد في كتاب الله قط. 2 - أن سبب نزول الآية إنما هو استفتاء النبي صلى الله عليه وسلم في التَّزَوُّج بزانية، فكيف يكون سبب النزول خارجًا من اللفظ؟! 3 - أنّ الزاني قد يستكره امرأة فيطؤها؛ فيكون زانيًا ولا تكون زانية، وكذلك المرأة قد تزني بنائم ومُكْرَه -على أحد القولين- ولا يكون زانيًا. 4 - أنّ تحريم الزنا قد علمه المسلمون بآيات نزلت بمكة، وتحريمه أشهر من أن تنزل هذه الآية بتحريمه. 5 - قال: {لا ينكحها إلا زان أو مشرك}، فلو أريد الوطء لم يكن حاجة إلى ذكر المشرك؛ فإنه زان، وكذلك المشركة إذا زنى بها رجل فهي زانية فلا حاجة إلى التقسيم. 6 - أنه قد قال قبل ذلك: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}، فأي حاجة إلى أن يذكر تحريم الزنا بعد ذلك؟!» .
وانتَقَدَ ابنُ القيم (2/ 234 بتصرف) مَن خصّصَ بسبب النزول بلا تعميم، فقال:«هذا فاسد؛ فإنّ هذه الصورة المُعَيَّنة وإن كانت سبب النزول فالقرآن لا يقتصر به على محالِّ أسبابه، ولو كان كذلك لبطل الاستدلالُ به على غيرها» . وقال (2/ 233) عن القول الثاني: «هذا فاسد؛ فإنه لا فائدة فيه، ويُصان كلام الله تعالى عن حمله على مثل ذلك؛ فإنه من المعلوم أنّ الزاني لا يزنى إلا بزانية، فأيُّ فائدة في الإخبار بذلك؟! ولَمّا رأى الجمهورُ فسادَ هذا التأويل أعرضوا عنه» .
_________
(1)
تفسير يحيى بن سلام 1/ 426 - 427.