الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكأنه يشير إلى تضعيف جعفر هذا الذي رفعه، فليضم إذن تضعيفه إلى
تضعيف الجورقاني. والله أعلم.
6116
- (كَانَتْ يَهُودُ تَقُولُ إِذا هَلَكَ لَهُمْ صَبِيٌّ صَغِيرٌ قَالُوا: هُوَ
صِدِّيقٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:
كَذَبَتْ يَهُودُ، مَا مِنْ نَسَمَةٍ يَخْلُقُهَا اللَّهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِلا أَنَّهُ شَقِيٌّ أو
سَعِيدٌ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عِنْدَ ذَلِكَ هَذِهِ الآيَةَ: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ
مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجَنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} الآيَةَ كُلَّهَا) .
ضعيف.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2/75/368) : حدثنا عمرو
ابن أبي الطاهر بن السرح المصري: حدثنا يحيى بن بكير: ثنا ابن لهيعة عن
الحارث بن يزيد عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال:
…
فذكره.
ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة"(1/111/2) في
ترجمة ثابت بن الحارث هذا، وقال:
"شهد بدراً، عداده في المصريين ".
وتبعه في ذلك ابن الأثير في "أسد الغابة"(1/266) .
وأقول: لم يذكر هو ولا غيره ممن ألف في الصحابة ما تطمئن النفس لصحبته؛
فكيف لبدريته؟! بل أشار الذهبي رحمه الله لعدم ثبوت هذه؛ فقال في "التجريد":
"يعد في المصريين، بدري فيما قيل ".
وأوسع من ترجم له - فيما اطلعت - الحافظ ابن حجر في "الإصابة"، وقد
ساق له ثلاثة أحاديث؛ ليس في واحد منها ما يدل على الصحبة لا تصريحاً ولا
تلويحاً، فضلاً عن بدريته، هذا الحديث أحدها، والذي يليه ثانيها، وثالثها فيه أنه
قال: كان رجل منا من الأنصار نافق، فأتى ابن أخيه فقال: يا رسول الله!
…
الحديث. فهذا كما قلنا: لا يقتضي الصحبة، بل هو بالمرسل أشبه. بل هو مثل
حديثه المتقدم برقم (6092) من رواية الحارث بن يزيد أيضاً عنه قال: عن بعض
من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكر حديثاً منكراً؛ كما بينت هناك.
فهذا وما قبله لا يثبت له الصحبة. ونحوه أنني وجدت له حديثاً آخر من
رواية ابن لهيعة أيضاً عن الحارث بن يزيد: أن ثابت بن الحارث أخبره: أنه سمع
أبا هريرة يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الإيمان يمان
…
" الحديث. أخرجه ابن
عبد الحكم في "فتوح مصر"(ص 280) ، وأحمد (2/ 380) .
فهو إذن: إما أن يروي عنه صلى الله عليه وسلم بواسطة صحابي، أو أن يرسل؛ فلا يذكر
الواسطة، ولا يبين سماعه منه صلى الله عليه وسلم أو مشاهدته إياه في شيء من رواياته على
قلتها، فمجرد الرواية عنه صلى الله عليه وسلم لا يعني أن الراوي من الصحابة - كما هو ظاهر لا
يخفى على العارفين بهذا العلم الشريف -، وقد ذكر الحافظ رحمه الله في مقدمة
"الإصابة" الطرق التي بها يعرف كون الشخص صحابياً، وليس منها مجرد روايته
عن النبي صلى الله عليه وسلم، فراجعها إن شئت.
ولعله مما يؤيد أن ثابتاً هذا ليس صحابياً: أن الراوي عنه - الحارث بن يزيد
الحضرمي - لم يذكروا في ترجمته أنه روى عن أحد من الصحابة، وأنه توفي سنة
(130)
. والله أعلم.
والخلاصة: أن ثابتاً هذا إذا لم تثبت صحبته؛ فهو تابعي، وحينئذٍ لا بد من
إثبات عدالته بالنقل عن أحد أئمة الجرح والتعديل، وهذا معدوم - كما كنت
ذكرت هناك تحت الحديث (6092) -، وعليه تكون أحاديثه معلولة بالجهالة تارة،
وبها وبالإرسال تارة؛ كما هو الحال فِي حَدِيثِ الترجمة هذا، والذي يليه.
هذا؛ والحديث أورده السيوطي في "الدر المنثور، (6/118) وقال:
"أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في "المعرفة " وابن
مردويه والواحدي عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال
…
" فذكره.
ولم أره في "مجمع الزوائد" للهيثمي، بعد مراجعته في مظانه، والاستعانة
عليه بالفهرس الذي وضعه أبو هاجر. فالله أعلم.
وهو عند الواحدي في "أسباب النزول "(ص 298) من طريق ابن وهب قال:
أخبرني ابن لهيعة
…
به.
قلت: وابن وهب هو من العبادلة الذين يصحح العلماء حديث ابن لهيعة إذا
كان من رواية أحدهم عنه؛ فالسند إلى ثابت بن الحارث صحيح، لكنه مرسل،
مع جهالة ثابت - كما تقدم -. والله أعلم.
وبعد أيام من كتابة هذا البحث واطلاع أحد إخواننا عليه أوقفني على قول
العجلي في "ثقاته "(259/ 190) في ثابت هذا:
"مصري تابعي ثقة "!
فقد شهد أنه تابعي، ولكنه وثَّقَه على تساهله المعروف في توثيق المجهولين؛
كابن حبان رحمهما الله تعالى!
ثم رأيت الحافظ قد بسط الكلام حول ثابت هذا والخلاف في صحبته، ثم
ختم البحث عليه بقوله:
" ولم أجد في طريق من طرق أحاديثه أنه صرح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم،
والذي يظهر: أنه تابعي؛ كما صرح به العجلي، واقتضاه كلام ابن يونس، وهو
أعلم الناس بالمصريين؛ فلعله أرسل تلك الأحاديث، وقد تبين أن مدار أحاديثه
كلها على ابن لهيعة! .