الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتب التراجم التي عندي، لا هو ولا أبوه، فهما مجهولان، وقد أشار إلى ذلك
الهيثمي بقوله (8/120) بعد أن عزاه للطبراني في "المعجمين":
"وفيه من لم أعرفهم".
6376
- (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَداً في عَهْدِه، لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ
رِيحَهَا ليُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خمسِمائةِ عَامٍ) .
منكر بهذه المسيرة.
أخرجه ابن حبان (1530 - الموارد) ،والحاكم (1/44) من
طريق الحسن عن أبي بكرة، مرفوعاً.وقال الحاكم:
"صحيح على شرط مسلم". ووافقه الذهبي!
وأقول: كان يكون كذلك، بل وعلى شرط البخاري أيضاً لو أن الحسن - وهو:
البصري، مع فضله - كان يدلس، قال الذهبي نفسه في "الميزان":
ثقة لكنه يدلس عن أبي هريرة وغيره، فإذا قال: حدثنا فهو ثقة بلا نزاع".
وأنت ترى أنه لم يقل هنا.حدثنا".
هذا أولاً.
وثانياً: أن غير واحد من الثقات رواه عن الحسن عن أبي بكرة بلفظ:
"
…
مسيرة مائة عام ".
أخرجه عبد الرزاق (10/462/19712) ، وعنه أحمد (5/46) ، والبيهقي
(8/133) ، والبغوي في "شرح السنة"(10/151/2522) كلهم عن عبد الرزاق،
وكذا الحاكم (2/126) من طريق أحمد، وقال:
"صحيح على شرط البخاري "! ووافقه الذهبي!
كذا قالا، وقد عرفت ما فيه.
أخرجه عبد الرزاق من طريق قتادة - أو غيره -، وقال أحمد عنه:
"عن قتادة وغير واحد". وأخرجه أبو نعيم في "صفة الجنة"(2/40 - 41)
عنه بلفظ:
"وغيره".
ويؤيده أن ابن حبان أخرجه (1531) من طريق حماد بن زيد (1) عن يونس
ابن عبيد عن الحسن
…
بلفظ:
"
…
مائة عام".
وزعم المعلق على "الإحسان"(16/391) فقال:
إسناده صحيح على شرط البخاري "! وفي مكان آخر (11/240) نقل تصحيح
الحاكم المتقدم، وموافقة الذهبي، وقال:
"وهو كما قالا"! فلا أدري أنسي عنعنة الحسن أم تناسى أم غير ذلك؟!
وليونس بن عبيد إسناد آخر، يرويه عن الحكم بن الأعرج عن الأشعث بن
ثرملة عن أبي بكرة
…
به، دون ذكر المسيرة مطلقاً.
أخرجه النسائي في "الصغرى"(2/242) ، و"الكبرى"(5/226/8743) ،
وابن حبان أيضاً (1532) ، والحاكم (1/44) ،وأحمد (5/36 و 38 و 52) ، والبيهقي
(1) كذا الأصل، ولا أدري إذا كان محفوظاً، فإنه في "كبرى النسائي" (8744) : "حماد
ابن سلمة" بلفظ: "مسيرة خمسمائة عام".
(9/205) من طرق عن يونس
…
به. وقال النسائي في "كبراه":
"هذا هو الصواب، وحديث حماد بن سلمة (يعني: المتقدم بلفظ: "مسيرة
خمسمائة عام") خطأ ".
قلت ورواية الأشعث هذه المطلقة صحيحة الإسناد. وقد تابعه عليها
عبد الرحمن بن جوشن عند أبي داود وغيره، وإسناده صحيح أيضاً، وهو مخرج
في "صحيح أبي داود"(2465) .
ولها شاهد من حديث القاسم بن مخيمرة عن رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم، وهو مخرج في "غاية المرام"(260/450) .
وجملة القول، أن رواية الحسن البصري لهذا الحديث عن أبي بكرة مضطربة،
والصحيح من تلك الوجوه: ما لم يذكر فيه المسيرة - كما هو ظاهر -.
لكن لزيادة المسيرة بلفظ: "مائة عام" شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً
بسند صحيح، وهو مخرج في "الصحيحة"(2356) .
فإن قيل ألا يوجد ما يشهد لزيادة: "خمسمائة عام"؟
فأقول: بلى قد جاء ذلك في بعض الروايات، ولكن لا تنهض للتقوية.
أولاً: قال أحمد (5/50) : ثنا هوذة بن خليفة: ثنا حماد بن سلمة عن
علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة
…
فساق له أحاديث،
هذا أحدها.
قلت: ورجاله ثقات، غير علي بن زيد - وهو: ابن جدعان - ضعيف معروف
بذلك، ومع ضعفه فقد اضطرب في متنه، فرواه مرة هكذا، ومرة قال:
"مسيرة مائة عام".
فقال أحمد (5/51) : ثنا عفان: ثنا حماد بن سلمة
…
به.
ثانياً: قال عبد الواحد (1) بن غياث: ثنا الربيع بن بدر: ثنا هارون بن رئاب
الأسيدي عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:
"تُراح رائحة الجنة من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجد ريحها منَّان بعمله،
ولا مدمن خمر، ولا عاق ".
أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير"(ص 81 - هند) ، وأبو نعيم في "الحلية"
(3/307) ، و "صفة الجنة"(2/42)، وقال الطبراني:
"لم يروه عن هارون إلا الربيع".
قلت: وهو ضعيف جداً، قال الذهبي في "الكاشف":
"واهٍ ". وقال الحافظ في "التقريب":
"متروك". وكذا قال الهيثمي (8/148) .
ثالثاً: حديث عبد الكريم عن مجاهد عن ابن عمرو مرفوعاً:
" مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ
خَمْسِمائَةِ عَامٍ".
أخرجه ابن ماجه، وعبد الكريم - وهو: ابن أبي المخارق على ما هو الراجح
(1) وقع في "الحلية": "عبد الوهاب" وهو خطأ مطبعي لم يتنبه له المعلق على "صفة
الجنة"، فنقله منه كما هو! مع أنه وقع في "الصفة" على الصواب!
عندي وهو ضعيف على ما بينته في "الصحيحة"(2307) ، مع مخالفته للثقة
الحكم بن عتيبة الذي رواه بلفظ:
"وريحها يوجد من مسيرة سبعين عاماً".
على أن حديث الترجمة قد صح عن ابن عمرو أيضاً بلفظ:
"
…
مسيرة أربعين عاماً ".
رواه البخاري وغيره، وهومخرج في "غاية المرام"(449) .
وأما حديث جابر مرفوعاً بلفظ:
"إن ريح الجنة لتوجد من مسيرة ألف عام
…
" الحديث.
فهو حديث واهٍ جداً، وقد سبق تخريجه برقم (5369) .
ويتلخص مما تقدم: أن المسيرة المذكورة فِي حَدِيثِ الترجمة "خمسمائة عام" لا
تصح، وإنما يصح بلفظ:"مائة"، كما صحت المسيرة بلفظ:(السبعين) و (الأربعين) .
واعلم أنه لا تعارض بين هذه الألفاظ، كما قال ابن القيم رحمه الله في
"حادي الأرواح"(1/250) ، والظاهر أنه يعني أن الرقم الأكثر يشمل الأقل. والله
أعلم.
(تنبيه) : لقد أطال النفس المعلق على "صفة الجنة" في تخريجه للحديث
بلفظ: (المائة) في نحو صفحتين (2/41 - 42) إطالة لا يفهم منها القارئ الرقم
الثابت من غير الثابت، لأنه ساق الطرق ومصادرها دون متونها وألفاظها!
كما أنه لما ضعَّف حديث ابن جدعان، لم ينتبه للفرق بين روايتيه! ولا لموافقة
إحداهما لرواية عبد الرزاق، وقد عزاها للطبراني.
وأيضاً - فإن من غفلته أنه - قال في آخر تخريجه:
"والحديث عزاه الهيثمي في "المجمع" (6/293) للطبراني من رواية أبي
بكرة، وقال: وفيه محمد بن عبد الرحمن العلاف: ولم أعرفه، وبقية رجاله
ثقات. قلت: لا أدري لمذاا ذكر الهيثمي هذه الطريق، وفيها هذا المجهول؟! فقد
أخرجه الطبراني - كما تقدم - بإسناد أحسن حالاً من هذا في المتابعات "!
كذا قال! وفيه أمور تدل فعلاً على أنه (لا يدري) حقاً:
أولاً: إنما ذكره الهيثمي، لأن إسناده يختلف عن إسناد الحديث المتقدم،
يكفي فائدة أن فيه العلاف هذا.
ثانياً: لفظ هذا: "مسيرة خمسمائة عام"، وذاك الذي تقدم:"مائة عام"!
ثالثاً: قوله: "هذا المجهول"! تقليد منه للهيثمي، فإنه معروف غير مجهول،
فإنه في "الثقات" لابن حبان قال (8/98) :
"محمد بن عبد الرحمن العلاف البصري، يروي عن محمد بن سواء وأبي
عاصم
…
حدثنا عنه الحسن بن سفيان ".
وذكره الحافظ المزي في ترجمة شيخه محمد بن سواء من"التهذيب"
(25/330)، وسمي جده:"بكر العلاف".
رابعاً: ليس إسناد المتقدم أحسن حالاً من هذا، لأن أبا نعيم - لما ساقه من
طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن عن أبي بكرة - عقب عليه بقوله
(2/41) :
"وقال محمد بن سواء عن سعيد عن قتادة: من مسيرة خمسمائة عام".