الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المستعان على كثرة الفتن في هذا الزمان!
(فائدة) : الموقف الذي يجب على كل مسلم أن يتخذه تجاه النزول الإلهي هو
نفس الموقف الذي وقفه السلف الصالح والأئمة، وجواب مالك لمن سأله عن
الاستواء معروف، وقد وقفت على جواب للإمام أبي جعفر الترمذي في النزول
يشبه جواب مالك المذكور، فقال الذهبي في "السير" (13/547) :
"قال والد أبي حفص بن شاهين: حضرت أبا جعفر فسئل عن حديث
النزول؟ فقال: النزول مقعول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب،والسؤال عنه
بدعة".
6335
- (أَوَّلُكُنَّ تَرِدُ عليَّ الحَوْضَ أَطْوَلُكُنَّ يداً. قالت مَيْمُونةُ:
فَجَعَلْنَا نَقْدِرُ أَذْرُعَنا، أَيَّتُنَا أطولُ يداً. فقال: ليس ذاك أعني إنما أعني
أَصْنَعَكُنَّ يداً) .
موضوع.
أخرجه الطبراني في "الأوسط"(1/127/2/2483) : حدثنا
إبراهيم (1) قال: نا فُديك بن سلمان قال: نا مسلمة بن علي عن الأوزاعي، عن
الزهري عن يزيد بن الأصم عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت:
دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن جلوس، فقال:
…
فذكره. وقال:
" لم يروه عن الأوزاعي إلا مسلمة، تفرد به فديك بن سليمان".
(1) هو: إبراهيم بن أبي سفيان القيسراني - كما فِي حَدِيثِ قبله في "الأوسط" -، وقد
ذكره ابن السمعاني في هذه النسبة: (القيسراني)، وقال: " من مشاهير المحدثين، يروي عن محمد
ابن يوسف الفريابي، روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب " يعني: الطبراني.
قلت: هو في "ثقات ابن حبان"(9/13) ، وروى عنه جمع من الحفاظ
الثقات،كالبخاري - في "جزء القراءة" - ودحيم والذهلي وأبو مسعود الرازي وغيرهم،
فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى.
وإنما علة الحديث شيخه مسلمة بن علي، فإنه مجمع على تركه، وقال
الحاكم:
"روى عن الأوزاعي والزبيدي المناكير والموضوعات".
قلت: وهذا من روايته عن الأوزاعي - كما ترى -، فهو من موضوعاته، فمن
العجيب أن يذكر الحافظ طرفه الأول في "الفتح"(11/469) ساكتاً عليه، فهذا
من الأدلة الكثيرة على أن سكوته عن الحديث لا ينبغي أن يحمل دائماً على أنه
حسن عنده - كما هو المشهور عنه -، وإن مما يؤيد ذلك أنه ذكر في مكان آخر منه
(3/288) طرفاً آخر منه وهو قوله: "ليس ذلك أعني، إنما أعني أصنعكن يداً "،
فقال:
"فهو ضعيف جداً، ولو كان ثابتاً، لم يحتجن بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذرع أيديهن،
كما تقدم في رواية عمرة عن عائشة".
قلت: يشير إلى ما ذكره (ص 287) من رواية الحاكم عن يحيى بن سعيد
عن عمرة عن عائشة قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأزواجه:
" أسرعكن لحوقاً بي أَطْوَلُكُنَّ يَداً ".
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكُنَّا إِذَا اجْتَمَعْنَا في بيت إحدانا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَمُدُّ
أَيْدِيَنَا فِي الْجدار نَتَطاوَلُ، فَلَمْ نَزَلْ نَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ،
وَكَانَتِ امْرَأَةً قَصِيرَةً، وَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَنَا، فَعَرَفْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنما أَرَادَ بِطُولِ
الْيَدِ الصَّدَقَةَ قَالَتْ: وَكَانَت زينب امْرَأَةً صناعة بالْيَد، وكَانَتْ تدبغ وتخرز، وَتَصَدَّقُ فِي
سَبِيلِ اللهِ.
قلت: أخرجه ابن سعد في "الطبقات"(8/108) ، والطحاوي في "مشكل
الآثار" (1/82 - 83) ، والطبراني في "الكبير" (24/50/133) ، وعنه في "الحلية"
(2/54) من طريق إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس: حدثني أبي عن يحيى
ابن سعيد عن عمرة
…
به. وقال الحاكم (4/25) :
"صحيح على شرط مسلم"! ووفقه الذهبي. وأقره الحافظ!
وأقول: عبد الله بن أبي أويس إنما أخرج له مسلم في الشواهد - كما قال المنذري
في "مختصر السنن"(4/260) -، ثم إن فيه كلاماً من قبل حفظه، فقال الذهبي
في "الكاشف":
"قال ابن معين وغيره: صالح وليس بذاك ". وقال الحافظ:
"صدوق يهم".
فمثله يكون حسن الحديث إذا لم يخالف. وقد صح مختصراً من طريق
عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أسرعكن لحاقاً أَطْوَلُكُنَّ يَداً ".
قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَداً. قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَداً زَيْنَبُ،
لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ.
أخرجه مسلم (7/144) ، وابن حبان (5/133/3303 و 8/232/6630) ،
والبيهقي في "الدلائل"(6/374) .
وساق له البيهقي شاهداً عن عامر الشعبي مرسلاً. وإسناده حسن.
وقد وصله أبو عوانة عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عائشة
…
به،
نحو حديث عائشة بنت طلحة، إلا أنه قال:
"فكانت سودة أطولهن يداً".
أخرجه البخاري (3/285 - 286) - واللفظ له -، والنسائي (1/352) ، وابن
حبان أيضاً (5/133/3304) ، والبيهقي (6/371) ، وأحمد (6/121) من طرق
عن أبي عوانة.
وقوله: "سودة". وهم من أبي عوانة، كما حققه الحافظ في "الفتح" (3/286
- 288) وقال:
"وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي كَوْن الْبُخَارِيّ حَذَفَ لَفْظ: (سَوْدَة) مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ
لَمَّا أَخْرَجَهُ فِي "الصَّحِيحِ " لِعِلْمِهِ بِالْوَهْمِ فِيهِ"!
كذا قال! وقد وهم هو أيضاً، فإن لفظ:(سودة) مذكور في "صحيح البخاري"
- كما ذكرت آنفاً -!
وجملة القول فِي حَدِيثِ الترجمة: أنه موضوع، لما عرفت من حال راويه مسلمة
ابن علي، ولمعارضته لحديث عائشة، لما تقدم عن الحافظ، وأيضاً فيه مخالفة أخرى
في ذكره الحوض، وفي حديثها اللحاق!
وقد هوَّن الهيثمي القول في مسلمة، فقال في "المجمع" (9/248) :
"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف"!
ونحوه الحديث المتقدم برقم (3581) :
"خيركن أطولكن يداً "، وفيه:
فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار! قال:
"لست أعني هذا، ولكن أصنعكن يدين! ".
وهومنكر، فيه امرأة لا تعرف إلا برواية أخرى عنها، ومع ذلك حسن إسناده
الهيثمي، قال: لأنه يعتضد بحديث مسلمة بن علي هذا! وقلده بعض المعلقين
المعاصرين - كما تقدم بيانه هناك -.
(تنبيه) : للطبراني جزء خاص في أحاديث "الأوائل" وهو مطبوع، فمن
الغريب أنه عقد فيه (ص 66) : (باب أول من يرد على النبي صلى الله عليه وسلم حوضه) ، ولم
يورد تحته حديثه هذا، وإنما أورد حديث علي مرفوعاً بلفظ:
"أول من يرد علي حوضي أهل بيتي، ومن أحبني من أمتي ".
وهو موضوع أيضاً، فيه كذاب ومجهول - كما هو مبين في "الظلال"
(2/348/748) -.
ثم رأيت حديث الشعبي قد وصله البزار (3/243/2667) من طريق
إسماعيل بن أبي خالد عنه عن عبد الرحمن بن أبزى:
أن عمر كبَّر على زينب بنت جحش أربعاً، ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم:
من يُدْخِلُ هذه قبرها؟ فقلن: من كان يدخل عليها في حياتها. ثم قال عمر: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«أسرعكن بي لحوقاً
…
» الحديث، مثل حديث بنت طلحة.
قلت وإسناده صحيح. والشطر الأول أخرجه جماعة ذكرتهم في "أحكام