الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولقد كان انتقاد هذا الأخ من الدواعي لتخريج الحديث بهذا التوسع هنا.
ومن ذلك: أنه حسَّن الحديث أخونا حمدي السلفي لطرقه، وقد كنت أنا
نفسي قد حسنته في "صحيح الجامع " بناء على تخريجي إياه في "الروض
النضير" قديماً، مغتراً بتخريج ابن حبان إياه من الطريق الأولى! والآن فقد رجعت
عنه وكتبت على نسختي من "الصحيح " بنقله إلى "ضعيف الجامع ". والله هو ولي
التوفيق، وهو المسؤول أن يهديني لأقوم طريق!
6029
- (كَانَ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَشْرِقِ.قِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ فِتْنَةُ
الْمَغْرِبِ؟ قَالَ: تِلْكَ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ) .
ضعيف.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(17/187/ 501) بسندين له
عن عَبْدِالْوَهَّابِ بن نَجْدَةَ الْحَوْطِيّ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بن عَمْرٍو
عَنْ أَزْهَرَ بن عَبْدِاللَّهِ الْحَرَازيِّ عَنْ عِصْمَةَ بن قَيْسٍ السُّلَمِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان
…
وبإسناديه المشار إليهما عن عبد الوهاب بن نجدة
…
به؛ إلا أنه قال: عن
عصمة بن قيس صاحب النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يتعوذ في صلاته من فتنة المغرب.
هكذا فيه؛ لم يقل: "عن النبي صلى الله عليه وسلم " - كما في الرواية الأولى -؛ فهو موقوف.
وقد تابعه حَريز بن عثمان على الرواية الثانية؛ إلا أنه قال: عن الأزهر أبي
الوليد عن عصمة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان
…
إلخ.
أخرجه البخاري في "التاريخ "(4/1/63) من طريق أبي اليمان عنه.
ورواه ابن عبد البر في ترجمة عصمة هذا من "الإستيعاب" من طريق أبي
زرعة الدمشقي؛ حدثنا علي بن عياش؛ حدثنا حريز بن عثمان: حدثنا الوليد بن
أزهر الهوزني عن عصمة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان
…
إلخ. وقال ابن عبد البر:
"هكذا قال: (الوليد بن أزهر) ، وروى غيره عن حريز بن عثمان عن أبي
الوليد الأزهر بن راشد عن عصمة
…
" فذكر حديثاً آخر.
قلت: وهذا اختلاف شديد على تابعي هذا الحديث في اسمه، ومن الصعب
جدّاً ترجيح وجه من الوجوه الثلاثة؛ لأن رواتها كلهم ثقات، وهذا إن دل على
شيء - كما يقولون اليوم -؛ فهو يدل على أن هذا الراوي غير مشهور عندهم، وإلا؛
لما اختلفوا فيه، وإذا رجعنا إلى ترجمة الأول منهم - أعني: أزهر بن عبد الله
الحرازي - من "التهذيب "؛ وجدنا فيه اختلافاً آخر؛ فقال البخاري:
"أزهر بن عبد الله، وأزهر بن سعيد، وأزهر بن يزيد؛ واحد، نسبوه مرة (مُرادي) ،
ومرة (هوزني)، ومرة (حَرَازي) ". قال الحافظ عقبه:
"فهذا قول إمام أهل الأثر: أن أزهر بن سعيد هو: أزهر بن عبد الله. ووافقه
جماعة على ذلك ".
وذكر في ترجمة (أزهر بن سعيد الحرازي) أنه قول أكثر العلماء.
وأظن أن (الحرازي) الذي أشار إليه البخاري هو هذا المذكور في الوجه الأول،
و (الهَوزني) هو الأزهر أبو الوليد؛ فإنه ابن راشد الهوزني؛ فإنه مترجم في "التهذيب"
دون أن يشار إلى أنه من وجوه الاختلاف.
ومن ذلك الوليدُ بن أزهرَ المتقدمُ. ولم أرَ من ترجمه.
ومع هذا الاختلاف؛ فليس لهذا الراوي لهذا الحديث موثِّقٌ غيرُ ابنِ حبانَ
(4/38 - 39) ! فهو عندي في عداد المستورين.
وكما اختلفوا في اسم هذا الراوي للحديث اختلفوا في متنه رفعاً ووقفاً؛
فرفعه صفوان بن عمرو في روايته الأولى، وأوقفه في الأخرى.
وتابعه على وقفه حريز بن عثمان. فما اتفقا عليه؛ أولى بالاعتماد - كما لا
يخفى على الخبير بهذا العلم -.
وبالجملة؛ فالحديث ضعيف؛ للاضطراب والجهالة، مع كونه موقوفاً على
الراجح. والله أعلم.
ومما سبق تعلم خطأ الشيخ التويجري حين جزم في أول كتابه "الصارم
المشهور" (ص 4 - الطبعة الأولى) بنسبته إلى عصمة بن قيس، وأنه في حكم
المرفوع! وأظن أن عمدته في ذلك إنما هو قول الهيثمي في "المجمع "(7/ 220) :
"ورجاله ثقات "!
وهذا لا يعني تقوية الحديث بوجه من الوجوه - كما يعلم ذلك البصير بهذا
العلم الشريف -، وقد مضى مني التنبيه على ذلك مراراً.
وأما قوله بأنه في حكم المرفوع؛ فنقول: نعم؛ ولكن أثبت العرش ثم انقُشْ!
ومن غرائبه أنه حمل الحديث على الإفرنج بحكم كونهم في المغرب! وهم
وإن كانوا سبباً لما أصاب المسلمين - من البلاء والانحراف عن الشرع، والعمل
بأحكامه، وإقامة حدوده - بسبب استعمارهم لبلادهم؛ فليس من المتبادر أنهم هم
المقصودون من الحديث - لو صح - لا شرعاً ولا اصطلاحاً.
أما الشرع؛ فواضح.
وأما اصطلاحاً؛ فإن المفهوم إليوم من (المغرب) إنما هي البلاد الواقعة في شمال
إفريقية غرب مصر، وهي: ليبيا وتونس والجزائر ومراكش، وهي بلاد إسلامية.
وانظر "معجم البلدان " لياقوت الحموي.