الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"منكر الحديث جداً ".
ثم ساق له هذا الحديث بتقديم الشطر الثاني على الأول بلفظ:
"من دعا لأخبه بظهر الغيب
…
" الحديث.
وبهذا اللفظ أورده ابن طاهر المقدسي في "تذكرة الموضوعات"(ص 86)،وقال:
"نوح ابن ذكوان متروك الحديث".
والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" لأبي الشيخ فقط عن أنس.
6311
- (وأَبِيْكَ! لو سَكَتَّ، ما زلتُ أُناوَلُ منها ذراعاً ما دعوتُ به) .
منكر.
أخرجه أحمد (2/48) : ثنا إسماعيل: ثنا يحيى بن أبي كثير عن
أبي إسحاق حدثني رجل من بني غفار في مجلس سالم بن عبد الله: حدثني
فلان: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ فَقَالَ:
"نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ". فَنُووِلَ ذِرَاعاً فَأَكَلَهَا - قَالَ يَحْيَى لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا هَكَذَا - ثم قال:
"نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ". فَنُووِلَ ذِرَاعاً فَأَكَلَهَا، ثُمَّ قَالَ:
"نَاوِلْنِي الذِّرَاعَ". فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّمَا هُمَا ذِرَاعَانِ فَقَالَ:
…
فذكره.
فَقَالَ سَالِمٌ:
أَمَّا هَذِهِ فَلَا، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، لجهالة الغفاري الذي لم يسم.
وأبو إسحاق الراوي عنه لم أعرفه. ويحتمل أن يكون سليمان بن أبي سليمان
الشيباني المخرج له في "الصحيحين"، وسائر رجاله ثقات من رجالهما.
والحديث قال الهيثمي (8/312) :
"رواه أحمد، وفيه راو لم يسم".
قلت: وفي متن الحديث نكارة ظاهرة، وهو قوله:"وأبيك"، فإنه من الحلف
بغير الله المنهي عنه، ولذلك أنكره سالم بن عبد الله بن عمر، للحديث الذي رواه
عن أبيه. وهو حديث متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وهو مخرّج
في "الإرواء"(8/187/2560) من طريق نافع عنه، ومن طريق الزهري عن
سالم
…
به.
ثم وجدت في كتابي المذكور أن النسائي روى حديث الترجمة مختصراً من
طريق أخرى عن شيخ أحمد: إسماعيل - وهو ابن عليه - قال: ثنا يحيى بن أبي
إسحاق: حدثني رجل من بني غفار
…
فظننت أنه سقط منه (يحيى بن أبي كثير) كما سقط من إسناد أحمد:
(يحيى بن)
…
وأن صواب الإسناد: (يحيى بن أبي كثير عن يحيى بن أبي
إسحاق) ، وذلك لأنه ذكر في "التهذيب" رواية يحيى الأول عن يحيى الآخر.
والآن ترجح عندي أن الصواب رواية النسائي، دون ذكر يحيى بن أبي كثير،
وذلك لأمور:
الأول أنهم لم يذكروا لابن علية رواية عن يحيى بن أبي كثير، وإنما ذكروا
له رواية عن يحيى بن أبي إسحاق - وهو الحضرمي مولاهم -.
الثاني: أن إسناد رواية النسائي ذكره المزي في "التحفة" - كما نقلته آنفاً -،
فلو كان فيه سقط لنبه عليه المزي إن شاء الله تعالى.
الثالث: ما أفاده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "المسند"
(7/133) : أن الحافظ ذكر هذا الحديث في "باب المبهمات" من "التعجيل"(550)
هكذا:
"يحيى بن أبي سحاق عن رجل من غفار: حدثني فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي
بطعام".
قلت: وبمجموع هذه الأمور يترجح أن الصواب رواية النسائي، ولم يستحضرها
الشيخ رحمه الله، وذكر أشياء أخرى استروح إليها، ورجح هذا الذي رجحته
وأثبته في طبعته من "المسند": (يحيى بن أبي إسحاق) .
وعليه فالسند إلى ابن عمر صحيح على شرط الشيخين، فصح قولنا أن سالم
ابن عمر أنكر قول الرجل الغفاري فِي حَدِيثِه مرفوعاً: "وأبيك"، وهو حري بذلك،
لما فِي حَدِيثِ سالم عَنْ ابْنِ عُمَرَ من النهي عن الحلف بالآباء.
ومن الغريب حقاً أن الحلف المذكور قد وقع في بعض الروايات لأحاديث
صحيحة، شذ بعض الثقات في "الصحيحين" - فضلاً عن غيرهما - فذكروه فيها،
وقد تقدم تخريجها برقم (4992) ، وانظر كتابي "صحيح أبي داود"(415) يسر
الله لي إتمامه (*) .
وإن مما يؤكد نكارة الحلف فِي حَدِيثِ الترجمة: أنه قد روي الحديث
من طرق عن جمع من الصحابة - منهم أبو هريرة، وإسناده حسن -، ولم يقع في
شيء منها الحلف المذكور، فهو منكر جداً، والأحاديث المشار إليها مخرجة في
(*) تم طبع ما أنجزه الشيخ رحمه الله تعالى بعد وفاته في (11) مجلداً مع "الضعيف"
والفهارس.