المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌6203 - (بَيْنََا أَنَا نَائِم عِشَاء فِي الْمَسْجِد الْحَرَام إِذْ - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ١٣

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌6001

- ‌6002

- ‌6003

- ‌6004

- ‌6005

- ‌6006

- ‌6007

- ‌6008

- ‌6009

- ‌6010

- ‌6011

- ‌6012

- ‌6013

- ‌6014

- ‌6015

- ‌6016

- ‌6017

- ‌6018

- ‌6019

- ‌6020

- ‌6021

- ‌6022

- ‌6023

- ‌6024

- ‌6025

- ‌6026

- ‌6027

- ‌6028

- ‌6029

- ‌6030

- ‌6031

- ‌6032

- ‌6033

- ‌6034

- ‌6035

- ‌6036

- ‌6037

- ‌6038

- ‌6039

- ‌6040

- ‌6041

- ‌6042

- ‌6043

- ‌6044

- ‌6045

- ‌6046

- ‌6047

- ‌6048

- ‌6049

- ‌6050

- ‌6051

- ‌6052

- ‌6053

- ‌6054

- ‌6055

- ‌6056

- ‌6057

- ‌6058

- ‌6059

- ‌6060

- ‌6061

- ‌6062

- ‌6063

- ‌6064

- ‌6065

- ‌6066

- ‌6067

- ‌6068

- ‌6069

- ‌6070

- ‌6071

- ‌6072

- ‌6073

- ‌6074

- ‌6075

- ‌6076

- ‌6077

- ‌6078

- ‌6079

- ‌6080

- ‌6081

- ‌6082

- ‌6083

- ‌6084

- ‌6085

- ‌6086

- ‌6087

- ‌6088

- ‌6089

- ‌6090

- ‌6091

- ‌6092

- ‌6093

- ‌6094

- ‌6095

- ‌6096

- ‌6097

- ‌6098

- ‌6099

- ‌6100

- ‌6101

- ‌6102

- ‌6103

- ‌6104

- ‌6105

- ‌6106

- ‌6107

- ‌6108

- ‌6109

- ‌6110

- ‌6111

- ‌6112

- ‌6113

- ‌6114

- ‌6115

- ‌6116

- ‌6117

- ‌6118

- ‌6119

- ‌6120

- ‌6121

- ‌6122

- ‌6123

- ‌6124

- ‌6125

- ‌6126

- ‌6127

- ‌6128

- ‌6129

- ‌6130

- ‌6131

- ‌6132

- ‌6133

- ‌6134

- ‌6135

- ‌6136

- ‌6137

- ‌6138

- ‌6139

- ‌6140

- ‌6141

- ‌6142

- ‌6143

- ‌6144

- ‌6145

- ‌6146

- ‌6147

- ‌6148

- ‌6149

- ‌6150

- ‌6151

- ‌6152

- ‌6153

- ‌6154

- ‌6155

- ‌6156

- ‌6157

- ‌6158

- ‌6159

- ‌6160

- ‌6161

- ‌6162

- ‌6163

- ‌6164

- ‌6165

- ‌6166

- ‌6167

- ‌6168

- ‌6169

- ‌6170

- ‌6171

- ‌6172

- ‌6173

- ‌6174

- ‌6175

- ‌6176

- ‌6177

- ‌6178

- ‌6179

- ‌6180

- ‌6181

- ‌6182

- ‌6183

- ‌6184

- ‌6185

- ‌6186

- ‌6188

- ‌6189

- ‌6190

- ‌6191

- ‌6192

- ‌6193

- ‌6194

- ‌6195

- ‌6196

- ‌6197

- ‌6198

- ‌6199

- ‌6200

- ‌6201

- ‌6202

- ‌6203

- ‌6204

- ‌6205

- ‌6206

- ‌6207

- ‌6208

- ‌6209

- ‌6210

- ‌6211

- ‌6212

- ‌6213

- ‌6214

- ‌6215

- ‌6216

- ‌6217

- ‌6218

- ‌6219

- ‌6220

- ‌6221

- ‌6222

- ‌6223

- ‌6224

- ‌6225

- ‌6226

- ‌6227

- ‌6228

- ‌6229

- ‌6230

- ‌6231

- ‌6232

- ‌6233

- ‌6234

- ‌6235

- ‌6236

- ‌6237

- ‌6238

- ‌6239

- ‌6240

- ‌6241

- ‌6242

- ‌6243

- ‌6244

- ‌6245

- ‌6246

- ‌6247

- ‌6248

- ‌6249

- ‌6250

- ‌6251

- ‌6252

- ‌6253

- ‌6254

- ‌6255

- ‌6256

- ‌6257

- ‌6258

- ‌6259

- ‌6260

- ‌6261

- ‌6262

- ‌6263

- ‌6264

- ‌6265

- ‌6266

- ‌6268

- ‌6269

- ‌6270

- ‌6271

- ‌6272

- ‌6273

- ‌6274

- ‌6275

- ‌6276

- ‌6277

- ‌6278

- ‌6279

- ‌6280

- ‌6281

- ‌6282

- ‌6283

- ‌6284

- ‌6285

- ‌6286

- ‌6287

- ‌6288

- ‌6289

- ‌6290

- ‌6291

- ‌6292

- ‌6293

- ‌6294

- ‌6295

- ‌6296

- ‌6297

- ‌6298

- ‌6299

- ‌6300

- ‌6301

- ‌6302

- ‌6302/ م

- ‌6303

- ‌6304

- ‌6304/ م

- ‌6305

- ‌6306

- ‌6307

- ‌6308

- ‌6309

- ‌6310

- ‌6311

- ‌6312

- ‌6313

- ‌6314

- ‌6315

- ‌6316

- ‌6317

- ‌6318

- ‌6319

- ‌6320

- ‌6321

- ‌6322

- ‌6323

- ‌6324

- ‌6325

- ‌6326

- ‌6327

- ‌6328

- ‌6329

- ‌6330

- ‌6331

- ‌6332

- ‌6333

- ‌6334

- ‌6335

- ‌6336

- ‌6337

- ‌6338

- ‌6339

- ‌6340

- ‌6341

- ‌6342

- ‌6343

- ‌6344

- ‌6345

- ‌6346

- ‌6347

- ‌6348

- ‌6349

- ‌6350

- ‌6351

- ‌6352

- ‌6353

- ‌6354

- ‌6355

- ‌6356

- ‌6357

- ‌6358

- ‌6359

- ‌6360

- ‌6361

- ‌6362

- ‌6363

- ‌6364

- ‌6365

- ‌6366

- ‌6367

- ‌6368

- ‌6369

- ‌6370

- ‌6371

- ‌6372

- ‌6373

- ‌6374

- ‌6375

- ‌6376

- ‌6377

- ‌6378

- ‌6379

- ‌6380

- ‌6381

- ‌6382

- ‌6383

- ‌6384

- ‌6385

- ‌6386

- ‌6387

- ‌6388

- ‌6389

- ‌6390

- ‌6391

- ‌6392

- ‌6393

- ‌6394

- ‌6395

- ‌6396

- ‌6397

- ‌6398

- ‌6399

- ‌6400

- ‌6401

- ‌6402

- ‌6403

- ‌6404

- ‌6405

- ‌6406

- ‌6407

- ‌6408

- ‌6409

- ‌6410

- ‌6411

- ‌6412

- ‌6413

- ‌6414

- ‌6415

- ‌6416

- ‌6417

- ‌6418

- ‌6419

- ‌6420

- ‌6421

- ‌6422

- ‌6423

- ‌6424

- ‌6426

- ‌6427

- ‌6428

- ‌6429

- ‌6430

- ‌6431

- ‌6432

- ‌6433

- ‌6434

- ‌6435

- ‌6436

- ‌6437

- ‌6438

- ‌6439

- ‌6440

- ‌6441

- ‌6442

- ‌6443

- ‌6444

- ‌6445

- ‌6446

- ‌6447

- ‌6448

- ‌6449

- ‌6450

- ‌6451

- ‌6452

- ‌6453

- ‌6454

- ‌6455

- ‌6456

- ‌6457

- ‌6458

- ‌6459

- ‌6460

- ‌6461

- ‌6462

- ‌6463

- ‌6464

- ‌6465

- ‌6466

- ‌6467

- ‌6468

- ‌6469

- ‌6470

- ‌6471

- ‌6472

- ‌6473

- ‌6474

- ‌6475

- ‌6476

- ‌6477

- ‌6478

- ‌6479

- ‌6480

- ‌6481

- ‌6482

- ‌6483

- ‌6484

- ‌6485

- ‌6486

- ‌6487

- ‌6488

- ‌6489

- ‌6490

- ‌6491

- ‌6492

- ‌6493

- ‌6494

- ‌6495

- ‌6496

- ‌6497

- ‌6498

- ‌6499

- ‌6500

الفصل: ‌ ‌6203 - (بَيْنََا أَنَا نَائِم عِشَاء فِي الْمَسْجِد الْحَرَام إِذْ

‌6203

- (بَيْنََا أَنَا نَائِم عِشَاء فِي الْمَسْجِد الْحَرَام إِذْ أَتَانِي آتٍ، فَأَيْقَظَنِي،

فَاسْتَيْقَظْت، فَلَمْ أَرَ شَيْئاً، ثم عدت في النوم، ثم أيقظني

فَإِذَا أَنَا

بِهَيْئَة خَيَال، فَأَتْبَعْته بَصَرِي حَتَّى خَرَجْت مِنْ الْمَسْجِد؛ فَإِذَا أَنَا بِدَابَّةٍ

أَدْنَى شَبَهاً بِدَوَابِّكُمْ هَذِهِ، بِغَالكُمْ هَذِهِ، غَيْر أَنَّهُ مُضْطَرِب الْأُذُنَيْنِ يُقَال

لَهُ: الْبُرَاق وَكَانَتْ الْأَنْبِيَاء صلوات الله عليهم تَرْكَبهُ قَبْلِي

ثُمَّ أُتِيت بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي كَانَتْ تَعْرُج عَلَيْهِ أَرْوَاح بني آدم، فَلَمْ يَرَ الْخَلَائِق

أَحْسَن مِنْ الْمِعْرَاج، أَمَا رَأَيْتم الْمَيِّت حِين يُشَقّ بَصَره طَامِحاً إِلَى

السَّمَاء؟ فَإِنَّمَا يُشَقّ بَصَره طَامِحاً إِلَى السَّمَاء عَجَبه بِالْمِعْرَاجِ

ثُمَّ صَعِدْت إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة؛ فَإِذَا أَنَا بِهَارُون، وَنِصْف لِحْيَته

بَيْضَاء وَنِصْفهَا سَوْدَاء، تَكَاد لِحْيَته تُصِيب سُرَّته مِنْ طُولهَا

ثُمَّ صَعِدَتْ إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى، رَجُل آدَم كَثِير

الشَّعْر لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ؛ لَنَفَذَ شَعْره دُون الْقَمِيص (وفي رواية:

خرج شعره منهما!) وَإِذَا هُوَ يَقُول: يَزْعُم النَّاس أَنِّي أَكْرَم عَلَى اللَّه

منْ هَذَا؛ بَلْ هَذَا أَكْرَم عَلَى اللَّه مِنِّي

) الحديث بطوله في ست صفحات

من نحو قياس صفحات هذا الكتاب.

موضوع.

ولوائح الوضع عليه ظاهرة. أخرجه ابن جرير في "تفسيره " (15/

10 -

12) ، والبيهقي في "الدلائل "(2/390 - 396) من طريق أبي هارون العبدي

عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره؛ مصححاً بعض ألفاظه

من "تفسير ابن كثير"، وعزاه لابن أبي حاتم أيضاً، وقال:

ص: 437

"فذكره بسياق طويل حسن أنيق؛ أجود مما ساقه غيره، على غرابته، وما فيه

من النكارة

وأبو هارون العبدي - اسمه: عمارة بن جوين، وهو - مضعف عند

الأئمة".

قلت: بل اتهمه بعضهم، وحديثه هذا ونحوه يدل على موضع لينهم؛ فقد

أورده ابن حبان في "الضعفاء"(2/177) وقال:

"كان رافضياً، يروي عن أبي سعيد ما ليس من حديثه، لا يحل كتابة حديثه

إلا على جهة التعجب ".

وقال الذهبي في "المغني ":

"تابعي ضعيف. قال حماد بن زيد: كذاب ". وقال الحافظ في "التقريب ":

"متروك، ومنهم من كذبه، شيعي".

والحديث عزاه السيوطي في "الدر، (4/142) لابن المنذر أيضاً، وابن مردويه،

وابن عساكر، وسكت عنه - كما هي غالب عادته -؛ الأمر الذي يجعل من لا علم

عنده يقدم على ذكره؛ بل والاحتجاج به، كما فعل الشيخ التويجري في "الرد

على من أجاز تهذيب اللحية" (ص 7 - 8 و15 و51) ، ولقد أصاب في رده على

ذاك الكاتب الذي زعم: "أن اللحية رمز عربي، وليس من الإسلام في شيء! "،

ورسالته تدور حول إبطال هذا الزعم، ولقد كان موفقاً في ذلك، بخلاف عنوانه

للرسالة، فلقد كان مخطئاً فيه من ناحيتين:

الأولى: أنه لا يطابق المعنون عنه؛ لأن تهذيب اللحية غير حلقها بداهة،

وهو لم يرد فيها على الذين يذهبون إلى جواز تهذيبها مع قولهم بحرمة حلقها.

ص: 438

والأخرى: أنه - أعني: العنوان - يشمل الحنفية وغيرهم الذين من مذهبهم

جواز أخذ ما زاد على القبضة؛ بل يشمل ابن عمر وأبا هريرة وغيرهم من السلف

الذين احتج بهم الحنفية؛ وإن لم يسلم بذلك الفاضل المعلق على رسالة: "وجوب

إعفاء اللحية" للشيخ الكاندهلوي؛ فإنه قد خالف السلف، ومنهم إمام السنة

أحمد بن حنبل؛ فقد روى الخلال في "كتاب الترجل ": قال: أخبرني حوب،

قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية؟ قال:

كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة. وكأنه ذهب إليه. قلت له: ما

(الإعفاء) ؟ قال: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: كان هذا عنده الإعفاء.

أخبرني محمد بن أبي هارون: أن إسحاق حدثهم قال: سألت أحمد عن

الرجل يأخذ من عارضيه؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت:

فحديث النبي صلى الله عليه وسلم:

"أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"؟ قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه ورأيت

أبا عبد الله يأخذ من طولها ومن تحت حلقه، وروى ابن هاني مثله في "مسائله "

(2/151/1848) .

قلت: ثم قال الخلال: أخبرني عبيد الله بن حنبل قال: حدثني أبي قال:

قال أبو عبد الله: ويأخذ من عارضيه، ولا يأخذ من الطول، وكان ابن عمر يأخذ

من عارضيه إذا حلق رأسه في حج أو عمرة، لا بأس بذلك.

فأقول: هذا الرواية شاذة؛ إن لم أقل: منكرة عن الإمام أحمد، من ناحيتين:

الأولى: في قول أحمد: "ولا يأخذ من الطول ". فإنه مخالف لرواية حرب

لاسحاق المتقدمتين، ولعل ذلك من عبيد الله بن حنبل؛ فإنه غير معروف بالرواية؛

ص: 439

فإن الخطيب لما ذكره في "التاريخ "(10/347) لم يزد على أن ذكر ما في هذا

الإسناد، فقال:

"حدث عن أبيه، سوى عنه أبو بكر الخلال ".

فمثله لا يحتج به بما تفرد به، فكيف إذا خالف؟!

والأخرى: في قوله في أثر ابن عمر: وكان يأخذ من عارضيه "؛ فإنه مخالف

لزيادة فِي حَدِيثِ ابن عمر في "الصحيحين ":

"خالفوا المشركين، ووفروا اللحى، وأحفوا الشوارب ".

وهو مخرج في "الإرواء"(1/119)، وزاد البخاري في رواية (5892 - فتح) .:

"وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر؛ قبض على لحيته، فما فضل؛ أخذ".

فهذا هو الصحيح عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وعن أحمد أيضاً. وله عَنْ ابْنِ عُمَرَ طريق

أخرى، رواها ابن أبي شيبة (8/563) ، وابن سعد (4/178) . وله عنده طرق أخرى.

ثم روى الخلال، ومن قبله ابن أبي شيبة عن أبي زرعة بن جرير قال:

"كان أبو هريرة يقبض على لحيته، ثم يأخذ ما فضل عن القبضة".

وإسناده صحيح على شرط مسلم.

قلت: والآثار السلفية بهذا الماس كثيرة؛ حتى قال منصور عن إبراهيم:

" كانوا يأخذون من جوانبها، وينظفونها. يعني: اللحية ".

أخرجه ابن أبي شيبة (8/564) ، والبيهقي في "شعب الإيمان " (5/220/

6438) بإسناد صحيح عن إبراهيم، وهو: ابن يزيد النخعي، وهو تابعي فقيه

جليل، قال الذهبي في "الكاشف ":

ص: 440

"كان عجباً في الورع والخير، متوقياً للشهرة، رأساً في العلم، مات سنة

(96)

كهلاً ".

قلت: فالظاهر أنه يعني من أدركهم من الصحابة وكبار التابعين وأجلائهم،

كالأسود بن يزيد - وهو خاله - وشريح القاضي، ومسروق وأبي زرعة - وهو الراوي

لأثر أبي هريرة المذكور آنفاً - وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، والآثار في الباب

كثيرة؛ بل إن بعضهم جعل الأخذ من اللحية من تمام تفسير قوله تعالى في

الحُجَّاج: {ثم ليقضوا تفثهم} ، فقال محمد بن كعب القرظي:

"رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وأخذ من الشاربين واللحية والأظفار".

أخرجه ابن جرير بسند جيد عنه.

ثم روى عن مجاهد مثله. وسنده صحيح.

ومجاهد، ومحمد بن كعب من أجلة التابعين المكثرين من الرواية عن ترجمان

القرآن عبد الله بن عباس، والآخذين العلم عنه والتفسير، ولعلهما تلقيا منه تفسير

آية الحج هذه؛ فقد قال عطاء: عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ أنه قال في قوله: {ثم ليقضوا

تفئهم} ، قال:

"التفث: حلق الرأس، وأخذ من الشاربين، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص

الأظفار، والأخذ من العارضين، ورمي الجمار، والموقف بعرفة والمزدلفة ".

أخرجه ابن جرير أيضاً، وإسناده صحيح.

ورواه ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن عطاء بن أبي رباح قال:

"كانوا يحبون أن يعفوا اللحية؛ إلا في حج أو عمرة. وكان إبراهيم يأخذ من

عارض لحيته ".

ص: 441

وإسناده صحيح أيضاً.

وإذا عرفت ما تقدم من هذه الآثار المخالفة لحديث الترجمة؛ فالعجب كل

العجب من الشيخ التويجري وأمثاله من المتشددين بغير حق، كيف يتجرأون على

مخالفة هذه الآثار السلفية؟! فيذهبون إلى عدم جواز تهذيب اللحية مطلقاً؛ ولو

عند التحلل من الإحرام، ولا حجة لهم تذكر سوى الوقوف عند عموم حديث:

"

وأعفوا اللحى"، كأنهم عرفوا شيئاً فات أولئك السلف معرفته، وبخاصة

أن فيهم عبد الله ابن عمر الراوي لهذا الحديث؛ كما تقدم، وهم يعلمون أن الراوي

أدرى بمرويه من غيره، وليس هذا من باب العبرة بروايته لا برأيه؛ كما توهم البعض،

فإن هذا فيما إذا كان رأيه مصادماً لروايته، وليس الأمر كذلك هنا كما لا يخفى على

أهل العلم والنهى؛ فإن هؤلاء يعلمون أن العمل بالعمومات التي لم يجر العمل بها

على عمومها هو أصل كل بدعة في الدين، وليس هنا تفصيل القول في ذلك،

فحسبنا أن نذكر بقول العلماء وفي مثل هذا المجال؛ "لو كان خيراً؛ لسبقونا إليه ".

أضف إلى ما تقدم أن من أولئك السلف الأول الذين خالفهم أولئك المتشددون

ابن عباس ترجمان القرآن الذي يحتجون بتفسيره؛ إذا وافق هواهم، بل وجعلوه في

حكم المرفوع؛ ولو لم يصح السند به إليه، كما فعلوا بما روي عنه في تفسير قوله

تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال: "يبدين عيناً واحدة"(1) ! ثم تراهم

هنا لا يعبأون بتفسيره لآية (التفث) هذه، مع ثبوته عنه وعن جمع من تلامذته،

وقول ابن الجوزي في "زاد المسير"(5/426 - 427) : بأنه أصح الأقوال في تفسير

الآية. والله المستعان.

(1) انظر كتابي "حجاب المرأة المسلمة" ومقدمة الطبعة الجديدة، طبع المكتبة الإسلامية،

وقد سميته فيها بـ "جلباب المرأة المسلمة" لسبب هام ذكرته هناك.

ص: 442