الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الأصبهاني في "ترغيبه"(2/540/1292) من طريق إبراهيم بن الأشعث
قال سمعت الفضيل يقول:
إن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسره العدو، فأراد أبوه أن يفديه، فأبوا عليه إلا
بشيء كثير فلم يطقه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
"اكتب إليه فليكثر من قوله: توكلت على الحي الذي لا يموت
…
" إلخ.
قال: فكتب إليه، فجعل يقولها، فغفل العدو عنه فاستاق أربعين بعيراً، فقدم بها
إلى أبيه. قال المنذري:
"وهذا معضل".
قلت وإبراهيم بن الأشعث أورده الذهبي في "المغني" وقال:
"قال أبو حاتم: كنا نظن به الخير، فقد جاء بمثل هذا الحديث، وذكر حديثاً
واهياً".
6318
- (فالذي نِلْتُما من عٍِرْض أخيكما آنفاً أكثرُ، والذي نفسُ
محمدٍ بيدِهِ! إنه في نَهَرٍ من أنهارِ الجنةِ يَتَغَمَّسُ فيها) .
منكر.
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(737 -ح) ، والطحاوي في
"شرح المعاني"(2/82) ، وعبد الرزاق في "المصنف"(7/322/13340) ، ومن طريقه
البيهقي في "الشعب"(5/298/6712) ، وأبو يعلى (10/524 - 525) كلهم من
طريق أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الهضهاض الدوسي عن أبي هريرة قال:
جاء ماعز بن مالك الأسلمي، فرجمه النبي صلى الله عليه وسلم عند الرابعة،، فمر به رسول
الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه، فقال رجلان منهم: إن هذا الخائن أتى النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مراراً كل ذلك يرده، ثم قتل كما يقتل الكلب، فسكت عنهم النبي صلى الله عليه وسلم
حتى مر بجيفة حمار شائلة رجله، فقال:"كلا من هذا"! قالا: من جيفة حمار
يا رسول الله؟ ! قال:
…
فذكره.
والسياق للبخاري، وهو مختصر، ولفظه عند عبد الرزاق وغيره أتم، وهو مخرج
في "الإرواء"(8/24) بمصادر أخرى أكثر من هذه، وإنما أخرجته هنا لأمرين:
الأول: لمصادر جديدة وقفت عليها لم أكن وقفت عليها من قبل.
والآخر: - وهو الأهم - لتأكيد ضَعف الحديث بهذه الزيادة المذكورة آنفاً، فقد
رأيت من صحح إسناده كابن كثير وغيره، فأقول:
علة هذا الإسناد عبد الرحمن بن الهضهاض هذا، ويقال: ابن الصامت،
وكذا وقع فيه عند بعض المخرجين، وقيل غير ذلك - كما تراه مفصلاً في
"التهذيب" -، وبالنسبتين الأوليين ذكره ابن حبان في "ثقات التابعين" (5/97
و114) ، دون أن ينبه أنهما راوٍ واحد! ولم يذكر له هو أو غيره راوياً غير أبي الزبير،
ولذلك جاء في "التهذيب":
"قال البخاري: لا يعرف إلا بهذا الحديث.
وقال النباتي (1) في "ذيل الكامل":من لا يعرف إلا بحديث واحد، ولم يشهر
حاله، فهوفي عداد المجهولين". ولذلك قال الذهبي في "الكاشف":
"مجهول". وهو معنى قول الحافظ في "التقريب":
(1) هو الإمام الحافظ الثقة أحمد بن محمد بن مفرج الإشبيلي، يعرف بابن الرومية،
له ترجمة في "سير الذهبي"(23/58 - 59) .
"مقبول ".
يعني عند المتابعة. وقد توبع على قصة رجم ماعز دون حديث الترجمة
…
فكان منكراً، فقد جاء الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من طرق عن أبي
هريرة، وكذلك من حديث جابر وبريدة وغيرهم، وهي مخرجة في "الإرواء"
(7/352 - 358) بقصة ماعز، دون حديث الترجمة. وانظر "المستدرك" (4/361 -
363) إن شئت.
ولذلك فقد أخطأ الحافظ ابن كثير في قوله في "تفسير الحجرات"(4/215)
بعد أن عزاه لرواية أبي يعلى:
"إسناد صحيح"!
مع أن الراوي عن أبي هريرة لم يسم عند أبي يعلى، بل وقع فيه:
"ابن عم لأبي هريرة"!
وإن من جهل ذاك الشيخ الصابوني وقلة أمانته العلمية، أنه توهم أن هذه
العبارة محرَّفة، فجعل الحديث في كتابه "مختصر تفسير ابن كثير"(3/366) من
مسند "ابن عمر"! فكأنه ظن - لبالغ جهله، وضيق عطنه - أن لفظة:(عم) فيها
…
محرفة من: (عمر) ! وأن قوله فيها:"لأبي هريرة"
…
مقحم من الناسخ أوالطابع!
فصار الحديث عنده "عن ابن عمر"! فجاء بما لا أصل له!
وأما بلديه الشيخ الرفاعي فلقدكان أذكى منه! فلقد ستر جهله بهذا العلم بأن
أسقط اسم الصحابي من الحديث! فقال في "مختصره"(4/223) :
"وروى الحافظ أبو يعلى في روايته لقصة رجم ماعز
…
"!
ثم اتفقا على تقليد ابن كثير - كما هي عادتهما - في تصحيحه لإسناد
الحديث، إلا أن الصابوني جعل التصحيح في التعليق قائلاً:
"أخرجه الحافظ أبو يعلى وإسناده صحيح"! موهماً أن التخريج والتصحيح
من علمه! شِنْشِنَةٌ نعرفها من أخزم!
وكذلك أخطأ المعلق على "مسند أبي يعلى"، فقال - بعد أن عزاه لعبد الرزاق -:
"وهذا إسناد جيد، ترجمه البخاري في "التاريخ"، وابن أبي حاتم في "الجرح"،
ولم يوردا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وما رأيت فيه جرحاً. ووثقه ابن حبان. وانظر
تعليقنا على الحديث (6297) ".
قلت ما ذكره هنا لا يستلزم جودة السند، لأن كون الراوي لا يعلم فيه جرح
لا يعني أنه ثقة - كما يعلم من علم المصطلح - فإنه لا بد أن يكون مشهوراً بالرواية،
ولو لم يرو عنه إلا واحد كبعض رواة "الصحيحين"، وقد أشار إلى هذا الحافظ النباتي
المذكور آنفاً.
ومذهب ابن حبان وتساهله في توثيق المجهولين أشهر من أن يناقش، وقد
تعرضت لبيان خطئه أكثر من مرة، وحسب المنصف تصريحه هو في عشرات
المذكورين في "ثقاته" بأنه لا يعرفه! وتارة يقول: "لا أعرفه ولا أعرف أباه"!! أو:
"لا أدري من هو ولا ابن من هو، وهؤلاء عنده بالعشرات!
ورأيته أحياناً يقول في بعضهم: " ما له حديث يرجع إليه"! وتارة: "لست أعرفه
بعدالة ولا جرح"، وتارة أخرى:" ما له حديث مستقيم "! ومرة قال: "في حديثه
مناكير كثيرة"، وأغرب من ذلك كله أنه صرح في بعضهم فقال فيه: "ضعيف"!!
وسوف أفصل القول في تساهله بعد أن نفرغ إن شاء الله من كتابي "ترتيب الثقات"،
ومادته عندي والحمد لله،وهي تحت التأليف والترتيب، وقد وصل حتى هذه
الساعة إلى نهاية حرف الطاء، نسأل الله تمامه بفضله وكرمه (*) .
وأما المكان الآخر الذي أحال عليه، فإنه هناك نقل شيئاً من كلام الحافظ في
انتقاده لابن حبان في "ثقاته"، ثم رد عليه بأمرين، فصل القول فيهما، لا يتسع
المجال الآن لتعقبه بتفصيل، فذلك محله في مقدمة كتابي المشار إليه آنفاً، ولكن
حسب القارئ دليلاً على بطلان رده على الحافظ ما نقله عن مقدمة " صحيح ابن
حبان" أنه قال:
"لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول: العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث: العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع: العلم يما يحيل من معاني ما يروي.
والخامس: المتعري خبره عن التدليس".
قلت: وهذه الشروط لو التزمها ابن حبان في كل رجال "ثقاته"، لكان كتابه
هذا - "الثقات" الذي عليه بنى كتابه الآخر "الصحيح" - في مقدمة الكتب المعتمدة
في التوثيق، ولكن ليتأمل القارئ الكريم:
هل هذه الشروط الخمسة يمكن أن تنطبق على ما قال فيه ما تقدم نقله من
"ثقاته"، كمن قال فيه:" لا أعرفه ولا أعرف أباه "، "لست أعرفه بعدالة ولا
(*) وقد أتمه الشيخ رحمه الله فيما نعلم-، ولم يُطبع بعدُ. (الناشر) .
جرح"! إلى غير ذلك من أمثال هؤلاء المتقدمة وغيرها؟!
كيف يمكن أن يظن في أمثال هؤلاء الذين صرح ابن حبان بجهالتهم
وضعفهم بعبارات مختلفة، أنه اجتمع فيهم: العدالة، والصدق، والفهم بما
يحدث، والعلم بما يفسد معنى الحديث،
…
؟!
لا شك أن ما ادعاه من الشروط في رواة "صحيحه" غير مطابق لواقعه، ولا
لرواة "ثقاته " الذين عليهم أقام كتابه "الصحيح".
ثم ألا يكفي دلالة على جهل هذا المعلق بهذا العلم الشريف وقواعده أنه
خالف ما عليه أئمته في تراجم رواة الحديث؟! ففيهم المئات ممن وثقهم ابن حبان،
ومع ذلك لم يوثقوهم، يعلم ذلك كل من له عناية بعلم الجرح والتعديل، وهذا هو
المثال بين أيدينا فإن الحفاظ: النباتي، والذهبي، والعسقلاني لميوثقوا ابن
الهضهاض هذا، فلا أدري كيف طاوعت هذا المعلق نفسه على مخالفتهم
والتطاول عليهم بتخطئتهم، وهو ابن هذا اليوم، لمَّا يتحصرم بعد؟!
وإن مما يؤكد حداثته بهذا العلم وجهله به أنه بعد أن جوَّد إسناد الحديث - كما
تقدم نقله عنه - أخذ يخرجه من رواية الشيخين وغيرهما من طريق سعيد بن
المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. ولم يسق إسناده، فأوهم أن
فيه حديث الترجمة، وهو في الحقيقة مما يوهن الحديث ويؤكد نكارته - كما أكشرت
إلى ذلك في أول هذا التخريج -.
ثم إن الجملة الأخيرة من حديث الترجمة رواها أيوب عن أبي الزبير عن جابر
مختصراً جداً بلفظ:
إن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجم ماعز بن مالك، قال: