الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعقبه السيوطي في "اللآلي"(2/295) بإخراج البيهقي في "الشعب "
إياه! فلم يصنع شيئاً؛ وإن أقره ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(2/296/49) ،
وزاد فقال:
"قلت: وكذلك أشار الذهبي في "تلخيص الموضوعات" إلى ضعفه من جهة
(يس)، ثم استدرك؛ فقال: ولكن في سنده هناد النسفي. والله أعلم ".
وأقول في الإشارة المذكورة نظر، فياسين عند الذهبي متروك كما قدمت عنه.
والاستدراك المزبور لا قيمة له؛ لأنه في إسناد ابن الجوزي دون البيهقي، وهو من
طبقة البيهقي ومعاصريه، له ترجمة سيئة في "تاريخ بغداد"(14/97 - 98) ،
و"اللسان".
(تنبيه) : وقع في "الشعب " و"الموضوعات"[خطاء] في إسناد الحديث ومتثه،
فصححت ما ترجح عندي صحته؛ فمثلاً: يحيى بن أبي طالب، وقع في "الشعب ":
(يحيى بن جعفر)، فغلب على ظني أن الصواب ما أثبت أعلاه؛ لأن:(أبا طالب)
اسمه: جعفر؛ فهو: يحيى بن أبي طالب: (جعفر بن الزبرقان) ، محدث مشهور،
تكلم فيه بعضهم.
6276
- (يا أبا هريرة! إن الله تعالى يحب من خلقه الأصفياء
الأَخْفِياء الأبرياء الشَّعِثَةَ رؤوسهم، المُغْبَرَّة وجوههم، الخَمِصَة بطونهم؛
إلا من كسب الحلال، الذين إذا استأذنوا على الأمراء؛ لم يُؤذن لهم،
وإن خطبوا المتنعِّمات لم يُنكَحوا، وإن غابوا؛ لم يُفتقدوا، وإن حَضَروا؛
لم يُدْعَوا، وإن طلعوا؛ لم يُفرح بطلعتهم، وإن مَرِضوا؛ لم يُعاودوا،
وإن ماتوا؛ لم يَشْهَدوا.
قالوا: يا رسول الله! كيف لنا برجل منهم؟ قال: ذاك أويس القرني،
قالوا: وما أويس القرني؟ قال: " أشهل ذو صهوبة، بعيد ما بين المنكبين،
معتدل القامة آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه إلى صدره، رام بذقنه
إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله، يتلو القرآن، يبكي على
نفسه، ذو طِمْرين لا يُؤْبَه له، مُتَّزِرٌ بإزارِ صوف ورداء صوف، مجهول
في أهل الأرض، معروف في أهل السماء، لو أقسم على الله؛ لأبر قسمه،
ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة؛
قيل للعباد ادخلوا الجنة، ويقال لأويس: قف فاشفع. فيُشَفِّعُه الله عز
وجل في مثل عدد ربيعة ومُضَرَ، يا عمرُ ويا عليُّ، إذا أنتما لقيتماه؛
فاطلبا إليه أن يستغفر لكما يغفر الله تعالى لكما
…
) الحديث بطوله.
منكر جداً.
أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(2/ 80 - 82) ، ومن طريقه الرافعي
في "تاريخ قزوين "(1/91 - 95) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق، (3/200 -
202) من طريق سلمة بن شبيب: ثنا الوليد بن إسماعيل الحراني: ثنا محمد
ابن إبراهيم بن عبيد؛ حدثني مخلد بن يزيد عن نوفل بن عبد الهه عن الضحاك
ابن مزاحم عن أبي هريرة قال:
بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلقة من أصحابه إذ قال.
"ليصلين معكم غداً رجل من أهل الجنة". قال أبو هريرة: فطمعت أن أكون أنا
ذلك الرجل، فغدوت فصليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فأقمت في المسجد حتى انصرف
الناس وبقيت أنا وهو، فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل أسود متزر بخرقة، مرتد
برقعة، فجاء حتى وضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا نبي الله ادع الله لي؛
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم له بالشهادة وإنا لنجد منه ريح المسك الأذفر، فقلت: يا رسول الله
أهو هو؟ قال:
"نعم! إنه لمملوك لبني فلان". قلت: أفلا تشتريه فتعتقه يا نبي الله؟ قال:
"وأنى لي ذلك، إن كان الله تعالى يريد أن يجعله من ملوك الجنة يا أبا هريرة،
إن لأهل الجنة ملوكاً وسادة، وإن هذا الأسود أصبح من ملوك الجنة وسادتهم. يا أبا
هريرة
…
" الحديث. وزاد بعده:
قال: فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه
…
إلى آخر القصة، وفيها
طول لا حاجة بنا إلى ذكرها.
قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم منقطع؛ الضحاك بن مزاحم، قال الحافظ
العلائي في "مراسيله "(ص 243) وقد ذكر الضحاك هذا:
"وقال أبو حاتم: لم يدرك أبا هريرة ولا أبا سعيد رضي الله عنهم. وقال ابن
حبان: أما رواياته عن أبي هريرة، وابن عباس وجميع من روى عنه، ففي ذلك
كله نظر".
قلت: والسند إليه لا يصح؛ فيه ثلاثة ليس لهم ذكر في شيء من كتب
التراجم التي عندي، وهم:
الوليد بن إسماعيل، ومحمد بن إبراهيم، ونوفل بن عبد الله؛ فلم يترجمهم
البخاري ولا ابن أبي حاتم ولا ابن حبان، ولا الذين جاءوا من بعدهم، اللهم! إلا
الأول منهم؛ فقد ذكره المزي في شيوخ سلمة بن شبيب.
أقول: ومع جهالة هؤلاء والانقطاع المشروح آنفاً، لم يتورع السيوطي أن يقول
في "اللآلي"(1/ 451) :
"وسنده لا بأس به "!
والعجيب حقاً أن ابن عراق في "التنزيه "(2/36) أقره على ذلك، ولم يتعقبه
بشيء! وليتأمل القارئ اللبيب الفرق بين السيوطي وقوله هذا، وبين قول الحافظ
الذهبي وقد ساق من هذا الحديث بعضه في كتابه "السير"(4/27 - 28) :
" وهذا سياق منكر، لعله موضوع ".
وقد أورد ابن الجوزي في وموضوعاته " (2/43 - 44) من رواية ابن حبان،
وهذا في "الضعفاء"(2/297 -298) من طريق محمد بن أيوب عن مالك عن
نافع عن ابن عمرقال:
بينما النبي صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة إذ نزل عليه جبريل فقال:
"يا محمد! إنه سيخرج من أمتك رجل يشفع، فيشفعه الله في عدد ربيعة
ومضر، فإن أدركته؛ فسله الشفاعة لأمتك، قال صلى الله عليه وسلم: يا جبريل! ما اسمه وما
صفته؛ قال: أما اسمه فأويس
…
".
قال ابن حبان:
"فذكر حديثاً طويلاً في ورقتين، وهو باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولا ابن عمر أسنده، ولا نافع حدث به، ولا مالك رواه. ومحمد بن أيوب يضع
الحديث على مالك ". وأقره ابن الجوزي؛ ولكنه قال فأفاد:
"وقد وضعوا خبراً طويلاً في قصة أويس من غير هذه الطريق؛ وإنما يصح عن
أويس كلمات يسيرة جرت له مع عمر، وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"يأتي عليكم أوبس، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل "(1) . فأطال
القصاص وأعرضوا (كذا) فِي حَدِيثِ أويس بما لا فائدة في الإطالة بذكره ".
قلت: وحديث ابن عمر هذا قد ساقه بطوله ابن عساكر (ص 208 - 210)
من طريق محمد بن أيوب نفسه، وليس فيه حديث الترجمة، ولا في غيره من
طرقه الكثيرة المختلفة عند ابن عساكر سنداً ومتناً، طولاً وقصراً، لكن فيه - مع
الطول البالغ فيه - جملتان استنكرتهما جداً:
الأولى: قول علي لأويس:
"إنا نساثك بحق حرمنا هذا إلا أخبرتنا باسمك". .
فإنه توسل بمخلوق، وهو غير مشروع كما هو معلوم.
والأخرى: أنه لما مات أويس وأرادوا تكفينه؛ فوجئوا بثوبين في مزوده - لم
يكن له بهما عهد - عند رأسه، على أحدهما مكتوب:
"بسم الله الرحمن الرحيم، براءة من الله الرحمن الرحيم لأويس القرني من
النار". وعلى الآخر مكتوب: "هذا كفن لأويس القرني من الجنة".
(1) قلت: هذا طرف من حديث أخرجه مسلم (7/189) ، وابن سعد (6/163 - 64 1) .
وفي رواية لهما: " إن خير التابعين رجل يقال له: أويس، وله والدة، وكان به بياض، فمروه
فليستغفر لكم ". وأخرجهما ابن عساكر في ترجمة أويس (3/195 - 198) ، وأحمد (1/38
- 39) بالأولى منهما، ومدارهما على أسير بن جابر، وقد ركب السيوطي من الروايتين رواية
أخرى ساقها في "الجامع الصغيرة وعزاها لمسلم، ولا وجود لها عنده بسياقه!
وقد توبع أسير على الرواية الأولى عند أحمد (1/39) .
ولجملة: "خير التابعين" شاهد عند أحمد (3/ 480) بسند حسن في الشواهد، وجوّده
الهيثمي (10/22) .
ومع هذا كله يقول السيوطي عقب ما ساقه بتمامه برواية ابن عساكر هذه:
"وعندي وقفة في الحكم عليه بالوضع؛ فورد هكذا مطولاً من حديث أبي
هريرة، أخرجه الروياني في "مسنده "، وأبو نعيم في "الحلية" وابن عساكر، وسنده
لا بأس به!!
كذا قال! وقد عرفت جوابه فيما تقدم، وأيضاً فإن في كل من حديث أبي
هريرة وابن عمر من الزيادات ما ليس في الآخر، فلو كان إسناد كل منهما مما
يستشهد به؛ فإنما ينفع ذلك فيما اتفق متنهما عليه، ويبقى ما سوى ذلك على
ضعفه، فكيف وحديث ابن عمر فيه ذاك المتهم بالوضع؛ محمد بن أيوب؟! وقال
الذهبي في "الميزان " وساق له هذا الحديث من طريق ابن حبان وقال:
"خبر باطل ". وأقره الحافظ في "اللسان".
وأما حديث الترجمة ففيه ما قد عرفت من الانقطاع والجهالة، والنكارة،
حتى قال الذهبي:
"لعله موضوع ".
وليس ذلك بعيداً. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(فائدة) : قوله في الحديث: "
…
فيشفعه الله في مثل عدد ربيعة ومضر"؛
قد صح الحديث عن أبي أمامة وغيره مرفوعاً مطلقاً غير مقيد بأويس القرني رضي
الله عنه، وهو مخرج في "الصحيحة"(2178) ، وذكر ابن عساكر (3/211 -
212) شواهد أخرى له، ثم قال عقبها:
"وهذه الأحاديث تقوي ما تقدم من إثبات شفاعة أويس القرني".