الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6091
- (كان يغزو باليهود فَيُسهِمُ لهم كَسِهامِ المسلمينَ) .
ضعيف.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف "(5/188/9328 و9329) ، وكذا
ابن أبي شيبة (12/395/15010- 15012) ، وأبو داود في "المراسيل " (224/ 281
و282) ، والترمذي (5/ 281)، والبيهقي (9/53) من طرق عن الزهري: أن النبي
صلى الله عليه وسلم: كان
…
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرسال الزهري إياه أو إعضاله، فإنه تابعي
صغير، أكثر رواياته عن الصحابة بالواسطة؛ ولهذا قال البيهقي عقبه:
"فهذا منقطع
…
قال الشافعي: والحديث المنقطع عندنا لا يكون حجة". وقال
الحافظ في "التلخيص "(2/100) :
"والزهري مراسيله ضعيفة ".
وأشد ضعفاً منه ما أخرجه البيهقي أيضاً من طريق الحسن بن عمارة عن
الحكم عن مِقْسَم عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنه قال:
استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهود بني قينقاع فَرَضَخَ لهم، ولم يُسْهِمْ لهم، وقال
البيهقي:
"تفرد بهذا الحسن بن عمارة، وهو متروك، ولم يبلغنا في هذا حديث
صحيح، وقد روينا قبل هذا في كراهية الاستعانة بالمشركين ".
قلت: يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "إنا لا نستعين بمشرك ". رواه مسلم وغيره من
حديث عائشة، وهو مخرج في "الصحيحة"(1101) تحت حديث أبي حميد
بنحوه، وقد عارض البيهقي (9/37) به حديث ابن عمارة هذا؛ فإن فيه أنه صلى الله عليه وسلم
أبى أن يستعين ببني قينقاع، وقال:"لا نستعين بالمشركين ". وقال البيهقي:
"وهذا الإسناد أصح ".
قلت: فإذا عرف ضعف حديث الترجمة؛ فلا يجوز الاستدلال به على جواز
الاستعانة بالكفار في قتال المشركين، ولا سيما وهو مخالف لعموم حديث عائشة
وما في معناه، وقد اختلف العلماء في ذلك كما في "نيل الأوطار"(7/187)
للشوكاني، واختار هو المنع مطلقاً، وأجاب عن أدلة من خالف بأنها لا تصح رواية
كحديث الترجمة، أو دراية كغيره، فليراجعه من شاء، وأيد المنع بقوله تعالى:
(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً ".
ومما يجب التنبيه عليه هنا أمران:
الأول: أن ما حكاه الشوكاني عن أبي حنيفة والشافعي من الجواز ليس على
إطلاقه، أما بالنسبة لأبي حنيفة رحمه الله؛ فقد قال أبو جعفر الطحاوي في
"مختصره "(ص 167) :
"ولا ينبغي للإمام أن يستعين بأهل الذمة في قتال العدو؛ إلا أن يكون
الإسلام هو الغالب".
وأما بالنسبة للشافعي رحمه الله؛ فقال النووي في "شرح مسلم " تحت حديث
عائشة المتقدم:
"فأخذ طاثفة من العلماء به على إطلاقه. وقال الشافعي وآخرون: إن كان
الكافر حسن الرأي في المسلمين، ودعت الحاجة إلى الاستعانة به استعين به؛
وإلا فيكره، وحمل الحديثين على هذين الحالين ".
قلت: يشير بهما إلى حديث عائشة، إلى حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان
بصفوان بن أمية قبل إسلامه.
فأقول: حديث الاستعانة بصفوان ليس معارضاً لحديث عائشة؛ لأنه استعانة
بسلاحه وليس بشخصه، فهو كاستئجاره صلى الله عليه وسلم ذلك المشرك الدِّيلي عند هجرته
صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مع أبي بكر؛ ليدلهما على الطريق - كما جاء في
"صحيح البخاري " في "كتاب الإجارة " -، وحديث صفوان مخرج في "الإرواء "
(1513)
؛ وحينئذٍ فلا حاجة للتوفيق بين الحديثين، فإن صح حديث صريح في
الاستعانة بالمشرك في القتال؛ فالحمل المذكور لا بد منه. ونحوه ما ذكره
الشوكاني فقال:
"وشرط بعض أهل العلم - ومنهم الهادوية - أنها لا تجوز الاستعانة بالكفار
والفساق إلا حيث مع الإمام جماعة من المسلمين يستقلُّ بهم في إمضاء الأحكام
الشرعية على الذين استعان بهم؛ ليكونوا مغلوبين لا غالبين؛ كما كان عبد الله بن
أُبي ومن معه من المنافقين يخرجون مع النبي صلى الله عليه وسلم للقتال وهم كذلك ".
ثم رأيت في "المغني" لابن قدامة (10/457) أن ابن المنذر والّجوزجاني
من العلماء الذين قالوا بأنه لا يستعان بمشرك مطلقاً. وقال ابن المنذر:
"والذي ذُكر أنه استعان بهم غير ثابت ".
وأن مذهب أحمد جواز الاستعانة عند الحاجة - بالشرط الذي ذكره النووي
عن الشافعي -، ولفظ ابن قدامة:
"ويشترط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين، فإن كان غير
مأمون عليهم، لم تجز الاستعانة به؛ لأننا إذا منعنا الاستعانة بمن لا يؤمن من
المسلمين - مثل المُخْذِلِ والمُرْجِفِ -؛ فالكافر أولى".
وكذا في "الشرح الكبير" للشمس ابن قدامة (10/427) .