الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"مجهولان".
والأول أورده ابن حبان في "الضعفاء"(1/190) وقال:
"يروي عن بكار بن تميم عن مكحول عن وائلة نسخة فيها ستمائة حديث،
كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به بحال ".
ثم ساق له أحاديث ثلاثة أخرى، وتقدم أحدها برقم (5756) .
واعلم أن الآثار في هذا الباب مختلفة، فبعضها بمعنى هذا الحديث. وفي
بعضها أن المرأة يصب عليها الماء صباً فوق الثياب صباً. وروى ابن أبي شيبة
والبيهقي من طريق مطر عن نافع عَنْ ابْنِ عُمَرَ:
في المرأة تموت مع الرجال؟ قال: تغمس في الماء. ولفظ البيهقي:
ترمس في ثيابها.
6383
- (إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، [فإنه بَرَكَةٌ] فَإِنْ لَمْ
يَجِدْ تَمْراً، فَلْيُفْطِرْ عَلَى المَاءٍ، فَإِنَّهُ طَهُورٌ) .
ضعيف.
أخرجه النسائي في "السنن الكبرى"(2/253 - 255) ، وسائر أصحاب
السنن الأربعة وغيرهم، كما هو مخرج في "الإرواء"(4/50) تحت الحديث (922) ،
وصححه جمع ذكرتهم هناك، رووه كلهم من طريق شعبة عن عاصم عن حفصة
بنت سيرين عن الرباب عن سلمان بن عامر مرفوعاً. وقال النسائي منكراً للزيادة
التي بين المعكوفتين:
"هذا الحرف "فإنه بركة" لا نعلم أحداً ذكره غير ابن عيينة، ولا أحسبه
محفوظاً ".
وأقول: الرباب هذه لم يرو عنها غير حفصة، فهي مجهولة كما حققته ثمة،
فالحديث من أصله غيرمحفوظ عندي، وقد كنت صححته في التعليق على
"صحيح ابن خزيمة"(3/278) لشاهد فيه (رقم 2066) من حديث أنس، ولكن
تبين أنه غير محفوظ، أخطأ فيه بعض الرواة على شعبة، فرواه عنه بإسناد آخر
عن أنس، وإنما المحفوظ ما رواه جمع من الثقات عن شعبة عن عاصم بهذا الحديث
المنكر.
ولست أريد الخوض في تخريج الحديث، وبيان هذا الإجمال، فإن محله
"الإرواء"(4/45 - 51)، وإنما أريد التنبيه هنا على أمور:
الأول: أن الحديث قد صح من فعله صلى الله عليه وسلم من حديث أنس رضي الله عنه،
كما تقدم في "الصحيح"(2840) .
الثاني: أن الحديث جاء في "سنن الترمذي"(3/20/658 - دعاس) بزيادة
في آخره:
"وقال: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة،
وصلة ".
وهذا الحديث من أحاديث "رياض الصالحين" للإمام النووي (رقم 337) ،
وذكر عن الترمذي تحسينه إياه، ولما كانت الزيادة المذكورة بنفس السند الذي فيه
الرباب المجهولة، فلذلك يقتضي أن تكون ضعيفة كالأصل، ولكن لما وجدت لها
شاهداً في "صحيح البخاري"، قويتها في "الإرواء"(3/387 - 388) ، وبالتالي
أوردته في "صحيح الجامع"(3752) . ولقد كان ينبغي التنبيه على هذا الفرق بين
صحة المزيد، وضعف المزيد عليه - كما فعلت في "السنن الأربعة" كما يأتي -.
أقول: كان ينبغي هذا أيضاً في تعليقي على "الرياض" يوم طلب مني صاحب
المكتب الإسلامي أن أعلق عليه، وأبين مراتب أحاديثه بتعليقات سريعة لا تتناول
كل أحاديثه، لأمر يعرفه هو كناشر وتاجر!
ثم جاء دور أحد الشباب المدعين لهذا العلم، ممن يقال في مثله: إنه "تزبب
قبل أن يتحصرم "، فأخرج الكتاب المذكور "الرياض" في طبعة جديدة تسر
الناظرين إليها، وتسيء إلى العلم والعلماء بما فيها من حذف، وحكم بغير علم أو
دليل، فقد حذف منها نحو مائة وخمسين حديثاً زعم أنها ضعيفة كلها، فأوردها
في آخر الكتاب تحت عنوان "الأحاديث الضعيفة المحذوفة من أصل الكتاب"،
وتكلم عليها، بإيجاز تارة، وبإسهاب تارة أخرى، وقد كشف بذلك على جهل بالغ
بهذا العلم الشريف، مع قلة أمانة في النقل عن أئمة الجرح والتعديل، وتجاهل
لبعض أقوالهم في التوثيق، معرضاً عن قاعدة تقوية الأحاديث بالطرق والشواهد،
فأوصله ذلك إلى الاعتداء على كثير من الأحاديث الصحيحة المشهورة، التي لم
يسبق من أحد من أهل العلم إلى تضعيفها بل تلقوها كلهم بالقبول، كحديث
العرباض بن سارية في الموعظة، وفيه الحض على التمسك بسنته صلى الله عليه وسلم، وسنة
الخلفاء الراشدين.
وحديث أبي هريرة في فضل آية الكرسي، وقوله صلى الله عليه وسلم في الشيطان: "صدقك
وهو كذوب ". رواه البخاري، ومع أنه ذكر له من الشواهد، ولكنه تجاهلها! إلى
غير ذلك من الأحاديث التي كنت رددت عليه في بعضها في الاستدراكات التي
ألحقتها بآخر المجلد الثاني من " سلسلة الأحاديث الصحيحة" الطبعة الجديدة.
وإن مما يؤكد ما تقدم بيانه من الجهل بهذا العلم: أنه لم يتكلم بتصحيح أو
تحسين على حديث واحد من الأحاديث التي احتفظ بها في "رياضه"، لأنه يعلم
أن ذلك سيكشف عن حاله بأكثر مما فعل في "ضعيفته"! بل إنه زاد عليها ضغثاً
على إبالة - كما يقال - فعلق على بعض تلك الأحاديث فضعفها أيضاً، وهذه أرقام
بعضها:
(217 و243 و1262 وحديث الاحتباء يوم الجمعة ص 441، والنهي عن
السمر بعد العشاء ص 450 و 1431) .
ولم ينج من تضعيفه أيضاً بعض الأحاديث الصحيحة التي رواها البخاري أو
مسلم، غير تلك التي أوردها في "ضعيفته" - مما سبق أن أشرنا إليها -، وهاك
أرقامها:
(129 و241 و 233 و 509 و 957) و (ص 405) .
وإن من تصرفاته السيئة الجانية على السنة وكتبها، والمخالفة للأمانة العلمية
التي لعله نسيها إن لم يكن قد تناساها: أنه حذف في جملة ما حذف أقوال
الإمام النووي التي كان يعقب عقب أحاديث "السنن" بتصحيح أو تحسين ينقل
ذلك عن الترمذي ويقره، حذف الرجل ذلك كله، سواء ذلك في الأحاديث التي
أبقاها في "رياضه"، أو أوردها في "ضعيفته"، فكتم عن قرائه حكم النووي وغيره
على الأحاديث، ووضعهم أمام صمته المريب أمام القسم الأول منها، ومقلدين له
في تضعيفه الفج للقسم الآخر منها!!
ومن ذلك أنه حذف شرح الإمام النووي لبعض الأحاديث وغريبها، ونسب
ذلك لنفسه بنقلها من الأصل، وطبعه إياها في التعليق، موهماً القراء أنها من
كده وعلمه، ولا سيما وهو قد ذكر في مقدمته أن الشرح منه (ص 16 و 20) ،
فصدق فيه قوله صلى الله عليه وسلم: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" (متفق عليه -
الرياض 1556/262 - باب) (1) .
فما أشبهه بذاك المبتدع المعروف بالشيخ الصابوني الذي ينقل تخريج الحافظ
ابن كثير في "تفسيره، فيجعله في حاشية "مختصره" إياه، موهماً القراء أن ذلك
من جهده وعلمه. فالله المستعان من مدعي العلم في هذا الزمان، والمستغلين
لجهود غيرهم ليظهروا! وحب الظهور يقطع الظهور.
ولما سبق بيانه ولغيره مما لا يمكن إحصاؤه - وههنا خاصة -يمكن القول بأن هذه
الطبعة لـ "رياض الصالحين" للإمام النووي، لا يجوز نسبتها للنووي، ولا الوثوق
بها للتصرف المسيء الذي وقع فيها من هذا الرجل المتعالم. ولو قال قائل بأن
الأولى أن يسمى بـ "مختصر رياض الصالحين لحسان عبد المنان" لكان وجيهاً، لأنه
هو نفسه قد أشار في مقدمته إلى ذلك (ص 14) فذكر أنه اختصره وهذبه، زعم!
ولذلك فقد كان الواجب عليه أن يجعل عنوان الكتاب معبراً عما صنع به، ولكنه
لم يفعل، بل أبقاه باسمه الأول:"رياض الصالحين للإمام النووي" والسبب واضح
عند اللبيب العارف بأساليب المؤلفين والناشرين للتجارة! ولذلك فإني أقول بكل
صراحة وصدق: لقد شدهت وأسفت في آن واحد حين علمت أن صهري نظاماً
هو الذي قام على طبعه ونشره، وكان المفروض عليه أن يستشيرني على الأقل قبل
أن يفعل، ولكن هكذا قدر، ولله في خلقه شؤؤن.
هذا، ولم يقتصر حذفه وتغييره للكتاب على ما سبق بيانه فقط، بل قد
(1) وهذا الحديث في "رياض الرجل" برقم (1187)، وقد سقط منه قول النووي: "متفق
عليه"! ونقل كلام النووي في شرحه إلى الحاشية، ولكنه هنا عزاه للنووي، ولكنه لم يذكر أنه
من "الرياض"! ثم ليته انتفع به ولم يقع في الزور!.
تعداه إلى حذف مئات الأحاديث أيضاً، فلا هو أبقاها في "رياضه" مشيراً إلى
رضاه عنها وصحتها! ولا هو أوردها في "ضعيفته" مبيناً عللها على طريقه الواهي!
ويكفي القراء كافة أن يعرفوا نسبة المحذوف منها بمقابلة رقم الحديث الأخير
عنده، وهو (1455) برقمه في بعض الطبعات الأخرى، مثل الطبعات التي ذكرها
في مقدمته، وهو فيها كلها يدور حول (1900) ، فالفرق نحو أربعمائة حديث! مع
ملاحظة أن عدد أحاديث "ضعيفته" نحو (140) حديثاً!
والذي يهمني الآن من الأحاديث الأولى إنما هو حديث الترجمة، ورقمه في
طبعة المكتب الإسلامي (337/ باب 40) ، ومحله في "رياضه"! عقب الحديث
(242)
، فإنه من تلك الأحاديث المحذوفة.
وقد أعاده النووي في (223 - باب/رقم 1245) ، دون زيادة جملة "الصدقة
…
"
برواية الترمذي وأبي داود، فما كان من المختصر إلا أن بادر إلى إيراد هذا في
"ضعيفته"(541/80) ، معللاً إياه بالرباب، ملخصاً لكلامي المبسط في "الإرواء"
(4/50) - كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أول هذا التخريج -.
وصنيعه هذا من الأدلة الكثيرة على تطفله على هذا العلم، وإلا لكان
الواجب عليه أن ينقل الحديث في "ضعيفته" من الموضع الأول الذي فيه جملة
الصدقة، فإن ذلك يغنيه عن نقله من الموضع الآخر المختصر، فلو فعل ذلك، لكان
إعلاله بالرباب يشمل الحديث بشطريه، فهل تعمد صرف النظر عن الشطر الثاني
منه، لأنه لا يريد أن يظهر موقفه من شاهده المشار إليه آنفاً؟ أم هو السهو الذي لا
ينجو منه إنسان!
غالب الظن أنه الاحتمال الأول، لما سبقت الإشارة إليه من إعراضه عن
قاعدة تقوية الأحاديث بالطرق والشواهد. وهذا أمر ظاهر في "ضعيفته"، ولا
يخفى على من درسها دراسة فاحص ناقد. وهو متهم بهذا منذ خرج على الملأ
بـ "رياضه"، فلو أنه كان يرى خلاف ما يتهم به، لاهتبلها فرصة مناسبة ليصرح
بصحة تلك الزيادة للشاهد المشار إليه. أويعلن موقفه منه، فإذا لم يفعل فالتهمة
قائمة عليه.
وبهذه المناسبة لا بد لي من البيان الآتي:
ما كادت طبعة حسان هذه لـ "الرياض" سنة (1412 هـ) تنزل إلى السوق،
حتى أنزل صاحب المكتب الإسلامي طبعة جديدة لـ "رياض الصالحين للنووي"
تختلف في تحقيقاتها وتعليقاتها كل الاختلاف عن الطبعة الأولى منه لسنة
(1399)
التي كنت أنا الذي قام بتخريجها والتعليق عليها، اختلافاً ظاهراً وباطناً.
أما الظاهر، ففي الأولى طبع عليها:
"تحقيق محمد بن ناصر الدين الألباني". أما هذه فطبع عليها هاتين الجملتين:
تحقيق جماعة من العلماء. تخريج محمد ناصر الدين الألباني"!!
فهل كان صادقاً في هذا؟ ذلك ما ستعلمه مما سأذكره قريباً.
لقد وضع الجملة الأولى لإيهام الناس أن طبعته محققة من العلماء فيضرب
بذلك نفاق سوق طبعة حسان! والحقيقة أن لا علماء لديه، بل ولا طلاب علم،
وإنما موظفون يفعلون ما يؤمرون. إن لم يكن الفاعل هو نفسه! ولا مجال الآن
لتفصيل القول في ذلك، وتقديم الأدلة القاطعة على ذلك، فحسبي في هذه العجالة
حديث الترجمة.
لقد ذكرت آنفاً أنني لم أكن علقت أو خرجت كل أحاديث الكتاب، فليتأمل