الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"ضعفه أحمد، قرنه (م) بآخر". وقال الحافظ في "التقريب":
"ضعيف، وحديثه عند مسلم مقرون".
والأخرى: الاضطراب في إسناده عليه على وجهين:
الأول: هذا: عن درباس وعن مجاهد؛ قرنه معه.
الثاني: عن درباس وحده؛ لم يذكر مجاهداً معه.
وقد ساق ابن الجزري في "النشر"(2/ 420 - 425) الأسانيد بذلك.
وفي رواية له عن وهب بن زمعة بن صالح عن عبد الله بن كثير عن درباس
عن عبد الله بن عباس
…
به مرفوعاً؛ لم يذكر في إسناده زمعة. وقال عقبه:
"حديث غريب، لانعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده حسن؛ إلا أن الحافظ أبا
الشيخ الأصبهاني وأبا بكر الزينبي روياه عن وهب عن أبيه زمعة
…
، وهو الصواب ".
فأقول: هذا التصويب صواب؛ لأ نه عليه أكثر الروايات، وعليه فلا وجه
لتحسين إسناده؛ لأن مداره على - زمعة بن صالح الضعيف - كما تقدم -. وكيف
يكون حسناً وفيه درباس مولى ابن عباس، وَهُوَ مَجْهُولٌ - كما قال أبو حاتم، وتبعه
الذهبي والعسقلاني -؟! نعم قد قُرِنَ به مجاهد في بعض الروايات - كما في رواية
الجوهري وغيره -، فإن كان محفوظاً؛ فالعلة واحدة وهي زمعة. والله أعلم.
6135
- (إذا ختم القرآن؛ حَمِدَ اللهَ بِمَحَامِدَ وهو قائمٌ، ثم
يقولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} ، لَا
إِلَهَ إِلَّا الله، وكذب العادلون بالله وضلوا ضلالاً بعيداًً، لَا إِلَهَ إِلَّا الله،
وكذب المشركون بالله من العرب والمجوس واليهود والنصارى
والصابئين، ومن ادعى لله ولداً أو صاحبة أو نداً، أو شبهاً أو مثلاً أو سمياً أو
عدلاً؛ فأنت ربنا أعظم من أن تتخذ شريكاً فيما خَلَقْتَ
…
) الحديث
بطوله، وفي آخره:
(ثم إذا افتتح القرآن؛ قال مثل هذا، ولكن ليس أحد يُطيقُ ما
كان نبيَ اللهِ يطيق) .
موضوع.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان "(2/372/2082) من طريق
عمرو بن شَمَّر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر قال: كان علي بن حسين يذكر
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا ختم
…
الحديث. وقال البيهقي قبل أن يسوقه:
"حديث منقطع بإسناد ضعيف، وقد تساهل أهل الحديث في قبول ما ورد
من الدعوات وفضائل الأعمال متى ما لم يكن في رواته من يعرف بوضع الحديث
أو الكذب في الرواية". ثم ساق الحديث.
وقد تساهل رحمه الله في اقتصاره على قوله: "بإسناد ضعيف". فإن الشرط
الذي ذكره في التساهل المزبور غير متحقق هنا؛ فإن عمرو بن شمر قد اتفقوا على
تركه، وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/75) :
"كان رافضياً يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم "وكان ممن يروي الموضوعات
عن الثقات في فضائل أهل البيت وغيرها، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة
التعجب ". وقال أبو نعيم في "ضعفائه " (118/165) :
"يروي عن جابر الجعفي الموضوعات المناكير". وقال الحاكم - وهو شيخ البيهقي -:
"كان كثير الموضوعات عن جابر الجعفي، وليس يروي تلك الموضوعات
الفاحشة عن جابر غيره ".
فأقول: وما أظن أن هذا يخفى على البيهقي؛ فإنه من أخص تلامذة الحاكم،
فالعجب من البيهقي كيف يسوق لعمرو بن شمر هذا الحديث على أنه ضعيف يجوز
قبوله في الفضائل وهذه حاله؟! ومثل هذا التساهل مما جعلنا نظن أنه لم يتمكن من
الوفاء بشرطه الذي نص عليه في مقدمة كتابه المذكور: " الشعب "(1/28) :
"أنه اقتصر على ما لا يغلب على القلب كونه كذباً ".
فإن القلب يشهد - مع السند - أن هذا الحديث كذب موضوع؛ فإن لوائح
الصنع والوضع ظاهر عليه، ولعل ابن الجوزي لم يقف عليه، وإلا؛ كان كتابه
"الموضوعات" أولى به من كثير من الأحاديث التي أوردها فيه! وقد كنت نبهت
فيما مضى من هذه "السلسلة" على بعض الأحاديث الموضوعة التي رواها البيهقي
مما يؤكد عدم أستطاعته القيام بما تعهد به. والكمال لله تعالى.
والأعجب من ذلك أن ابن الجزري في "النشر"(2/444 - 446) قال - وقد
روى الحديث من طريق البيهقي، وساق كلامه المذكور -:
"فالحديث مرسل، وفي إسناده جابر الجعفي وهو شيعي، ضعفه أهل
الحديث، ووثقه شعبة وحده ".
قلت: فخفي عليه أن العلة الحقيقية إنما هي من عمرو بن شمر، الراوي عن
جابر الجعفي؛ لاتفاقهم جميعاً على تركه، وتصريح بعضهم بروايته الموضوعات
- كما تقدم -، مع أن الجعفي قريب منه؛ لأنه قد كذبه جمع كما تراه في ترجمته
من "التهذيب"، على أنه قد ذكر فيها أنه وثقه أيضاً غير شعبة؛ لذلك فالأقرب أن
العلة من عمرو الراوي عنه.
ثم قال ابن الجزري عقب كلامه المتقدم:
"ويقوي ذلك ما قدمناه عن الإمام أحمد أنه أمر الفضل بن زياد أن يدعو
عقب الختم وهو قائم في صلاة التراويح، وأنه فعل ذلك معه ".
وأقول: هذه تقوية عجيبة من مثل ابن الجزري؛ كيف يقوي حديثاً طويلاً - يرفعه
إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذاك الكذاب الرافضي - لمجرد أمر الإمام أحمد بالدعاء عقب ختم
القرآن، فهذا أخص مما في هذا الحديث؛ أي: أنه يقوي الأعم بما هو أخص، أو
الكل بالجزء؟! وهذا مما لا يستقيم في العقل. فتأمل!
(تنبيه) : إن الدعاء المطبوع في آخر بعض المصاحف المطبوعة في تركيا وغيرها
تحت عنوان: "دعاء ختم القرآن " والذي ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله تعالى؛ فهو مما لا نعلم له أصلاً عن ابن تيمية أو غيره أن علماء الإسلام،
وما كنت أحب أن يلحق بآخر المصحف الذي قام بطبعه المكتب الإسلامي في
بيروت سنة (1386) على نفقة الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني رحمه
الله، وإن كان قد صُدّر بعبارة:"المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية"؛ فإنها لا
تعطي أن النسبة إليه لا تصح فيما يفهم عامة الناس، وقد أمرنا أن نكلم الناس
على قدر عقولهم!
ومما لا شك فيه أن التزام دعاء معين بعد ختم القرآن من البدع التي لا تجوز؛
لعموم الأدلة، كقوله صلى الله عليه وسلم:"كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"، وهو من
البدع التي يسميها الإمام الشاطبي بـ "البدعة الإضافية"، وشيخ الإسلام ابن
تيمية من أبعد الناس عن أن يأتي بمثل هذه البدعة، كيف وهو كان له الفضل
الأول - في زمانه وفيما بعده - بإحياء السنن وإماتة البدع؟ جزاه الله خيراً.