الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكما فات هذا التحقيق الشيخَ أحمد شاكر، فات أيضاً الحافظَ الهيثمي،
فإنه بعد أن نقل قول عبد الله المتقدم في "المسند" قال:
"ورجال أحمد والطبراني رجال (الصحيح) "!
6006
- (إني لأحسَبُ إحداكنَّ إذا أتاها زوجُها لَيَكْشِفانِ عنهما
اللِّحافَ، ينظرُ أحدُهما إلى عورة صاحِبهِ كأنهما حِماران، فلا تفعَلْنَ،
فإنَّ اللهَ يمقُتُ على ذلك) .
منكر جداً.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(8/248) قال: حدثنا
يحيى بن أيوب / ثنا سعيد بن أبي مريم: أنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر
عن علي بن يزيد (1) عن القاسم عن أبي أمامة قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً جالس وعنده إمرأة، إذ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إني لأحسبُكنَّ تخبرنَ بما يفعلُ بكُنَّ أزواجُكنَّ"!
قالت: - إي والله! - بأبي وأمي أنت يا رسول الله! إنا لنفتخر بذلك! فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم:
"فلا تفعلن، فإن الله يمقت من يفعل ذلك".
قلت: وهذا الإسناد ضعيف مظلم، فيه ثلاثة متكلم فيهم، وخيرهم القاسم، وهو
ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمام، وقد قال ابن حبان في عبيد الله
ابن زحر (2/62) :
(1) كتبَ الشيخُ رحمه الله في الأصل بخطه فوق عبيد الله بن زحر: "مختلفٌ فيه،
صدوقٌ يخطئ"، وفوق علي بن زيد: "ضعفه جماعةٌ ولم يُترك، ضعيف".
"منكر الحديث جداً، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن
يزيد، أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسنادِ خبرٍ عبيدُالله بن زحر وعلي بن يزيد
والقاسم أبو عبد الرحمن، لا يكون ذلك الخبر إلا مما عملت أيديهم".
وفي "المجمع"(4/294) :
"رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد، وهوضعيف".
وقلَّده الشيخ عبد الله الدويش رحمه اله فيما سماه:" تنبيه القاري على تقوية
ما ضعفه الألباني" فقد انتقد فيه (رقم الحديث 107) تضعيفي - في "الإرواء"
(1/102/64) - لحديث الترمذي:
"إياكم والتعري، فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي
الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم".
فقد ذهب هو إلى أن الأقرب أنه حسن، لما له من الشواهد، ثم ذكر منها هذا،
وهو كما ترى لا يصلح للشهادة، لا سنداً ولا متناً!
أما السند: فقد عرفت وهاءه.
وأما المتن: فلأنه ينهى عن التعري عند الجماع.
وأما المشهود له: فلأنه إنما ينهى عنه في غير حالة الجماع والغائط، فاختلفا.
وهذا من الأدلة الكثيرة على أن هذا المنتقِد لا فقه عنده، ونقد الأحاديث
لا بد فيه من الفقه، والمعرفة بأصول علم الحديث، والمذكور - مع اعترافي بسعة
اطلاعه وحفظه، فهو - لا علم عنده بالحديث الشاذ والمنكر، ولا بما يشترط في
الحديث الذي يصلح للاستشهاد، ولا يعرف أن هناك في (الصحيح) ما
هو منتقد، أو يعرف ذلك ولكنه لا يتبناه - ولا أقول: يجحد -، فهو من هذه
الحيثية فقط كذاك المصري الجاهل الجاني، ولكنه أوسع منه اطلاعاً على متون
الأحاديث، مع سلامة لسانه، وحسن قصده في النقد إن شاء الله تعالى، وانظر
الحديث المتقدم (2243) .
ثم إن مَن دون ابن زحر ثقات رجال الشيخين، غير يحيى بن أيوب شيخ
الطبراني وهو العلاف الخولاني -، وهو من شيوخ النسائي، وقال فيه:
"صالح". وقال الحافظ في "التقريب":
"صدوق".
وقد خولف، فقال البزار في "مسنده" (1/169/1448) : حدثنا عمر بن
الخطاب السجستاني: ثنا سعيد بن أبي مريم: ثنا يحيى بن أيوب قال: حدثني
ابن (الأصل: أبو) زحر - يعني: عبيد الله بن زَحْر - عن يحيى بن أبي كثير عن
أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:
"إذا أتى أحدكم أهله، فليستتر، فإنه إذا لم يستتر، استحيت الملائكة فخرجت
وبقي الشيطان، فإن كان بينهما ولد، كان للشيطان فيه نصيب".وقال البزار:
"لا نعلمه مرفوعاً إلا بهذا الإسناد عن أبي هريرة فقط، وإسناده ليس بالقوي".
قلت: وذلك لحال عبيد الله بن زحْر كما سبق، وقد قال ابن عدي في آخر
ترجمته (4/1633) بعد أن ساق له أحاديث:
"وله غير ما ذكرت، ويقع في أحاديثه ما لا يتابع عليه، وأروى الناس عنه
يحيى بن أيوب من رواية ابن أبي مريم عنه".
قلت: وهذه الرواية تختلف عن الأولى إسناداً ومتناً - كما هو ظاهر -، فلا
أدري إذا كان الاختلاف ممن دون ابن زحر، أو منه نفسه - كما أرجح -، لأن مَن
دونه ثقات أيضاً، فإن الخطابيَّ - هذا - حالُه كحال الخولاني، فقد ذكره ابن حبان
في "الثقات"، وقال:
"مستقيم الحديث". وقال الحافظ أيضاً "
"صدوق".
ويؤيد ما رجحت: أن هناك اختلافاً آخر في إسناده، فقال الطبراني في
"الأوسط"(1/12/2/177 - بترقيمي) : حدثنا أحمد بن حماد - زُغْبَة - قال: ثنا
سعيد بن أبي مريم قال:ثنا ابن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن ابي المنيب عن
يحيى بن أبي كثير
…
به. وقال:
"لم يروه عن يحيى إلا أبو المنيب الجرشي، ولا عنه إلا عبيد الله بن زحر،
تفرد به يحيى بن أيوب".
وأحمد بن حماد هذا من شيوخ النسائي أيضاً، وقال أيضاً:
"صالح". ووثقه غيره.
قلت: فهذا وجه آخر مما اضطرب في إسناده عبيد الله بن زحر، ذكر فيه بينه
وبين يحيى بن أبي كثير: (أبا المنيب) .
وأبو المنيب هذا مجهول، أورده البخاري في "الكنى"(70/659) ، وابن أبي
حاتم (4/2/440) من رواية ابن زحر عنه، وسكتا عنه! وذكره العراقي في "ذيل
الميزان" (478) وساق هذا الحديث عن يحيى، وقال:
"روى به أبو أحمد الحاكم في "الكنة"، وقال: هذا حديث منكر! عبيد الله بن
زحر منكر الحديث، وأبو المنيب رجل مجهول".
قال الحافظ عقبه في "اللسان":