الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن محمد بن جحادة عن سلمة بن كُهيل عن هزيل بن شرحبيل قال: قال عمر
ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه:
…
فذكره موقوفاً عليه.
قت وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري غير ابن شوذب
- واسمه: عبد الله - وهو ثقة.
والحديث قال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء"(1/52) :
"أخرجه ابن عدي من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف،ورواه البيهقي في
"الشعب" موقوفاً على عمر بإسناد صحيح ".
قلت: ولعل أصل الحديث رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم أنه وضع في كفة والأمة في
كفة فرجح بهم، ثم وضع أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر، ثم عثمان.
أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(1135 - 1139) من طرق عن أبي بكرة
وأعرابي، وابن عمر، وفي "المجمع"(9/59) شواهد أخرى، يدل مجموع طرقه
على أن للحديث أصلاً، ولذلك صححته في "الظلال". والله أعلم.
6344
- (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْ
الرَّحْمَنِ، بِمَا أَقْسَطُوا فِي الدُّنْيَا) .
شاذ.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(013/127 - 128) ، وأحمد في
"مسنده"(2/159) قالا: حَدَّثَنَا عَبْدُالْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيَّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
…
فذكره.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه الحاكم (4/88) ، والنسائي في "الكبرى"
(3/460/5917) من طريق أخرى عن عبد الأعلى
…
به.
وتابعه عبد الرزاق في "مصنفه"(11/325/20664) عن معمر.. به. ومن
طريق عبد الرزاق أحمد أيضاً (2/207) .
قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، ولذلك قال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه جميعاً ".
كذا قال! وفيه أوهام أربعة:
الأول: لم يروه من الشيخين سوى مسلم، وقد صرح بهذا ابن كثير (4/269) .
والثاني: إنما رواه من طريق أخرى عن عمرو بن أوس عن ابن عمرو. وهو
مخرج في "آداب الزفاف"(280 - 281 - الطبعة الجديدة) ، وبتصحيح ابن منده
أيضاً، وصححه ابن حبان أيضاً (7/9) ، وكذا أبو عوانة (4/411 - 412) ، وابن
كثير (4/349) .
وعمرو بن أوس ثقة تابعي كبير، احتج به الشيخان، وقال بعضهم بصحبته.
الثالث: أن لفظه مخالف للفظ مسلم وكذا الآخرين من نواحٍ:
الأولى: أنه قال: "نوره"
…
مكان: "لؤلؤ".
الثانية: أنه قال: "عن يمين الرحمن"
…
مكان: "بين يدي الرحمن".
الثالثة: زاد: "وكلتا يديه يمين".
الرابعة: قال: "الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا "
…
مكان: "بما
أقسطوا
…
".
الرابع: أن القول بصحته وارد لولا المخالفات المذكورة، ولذا قال ابن كثير
(4/211) جرياً على ظاهر الإسناد:
وهذا إسناد جيد وقوي، رجاله على شرط الصحيح".
لكن يمنع من ذلك المخالفات المشار إليها. والظاهر أنها من معمر بن راشد
البصري، فقد قال الذهبي في "الميزان":
"أحد الأعلام الثقات، وله أوهام معروفة، احتملت له في سعة ما أتقن".
وقال في "السير"(7/12) :
"ومع كون معمر ثقة ثبتاً فله أوهام، لا سيما لما قدم البصرة لزيارة أمه، فإنه
لم يكن معه كتبه، فحدَّث من حفظه، فوقع للبصريين عنه أغلاط ".
قلت: فلا يبعد أن يكون هذا من أوهامه.
على أن النسائي قد أعله في "كبراه" بعلة أخرى، فقال عقب الطريق
الصحيحة عن عمرة بن أوس:
"باب ذكر الاختلاف على الزهري في هذا الحديث ".
ثم ساق حديث معمر هذا، ثم قال:
"وقفه شعيب بن أبي حمزة".
قلت: وهو ثقة اتفاقاً، محتج به في "الصحيحين" وغيرهما، ولم يغمز بوهم،
بل قال ابن معين:
"شعيب من أثبت الناس في الزهري، كان كاتباً له".
قلت: فقد كشفت رواية شعيب هذه عن علة أخرى في الحديث، وهي
الوقف. فهما إذن علتان:
إحداهما في المتن، وهي المخالفة في الألفاظ - كما سبق بيانه -.
والأخرى: الوقف، وهي المخالفة في الإسناد. وبأحدهما يصير الحديث شاذاً
فكيف بهما معاً؟!
(تنبيه) : وقع حديث عمرو بن أوس الصحيح في "مسند أبي عوانة" مختصراً
جداً ليس فيه: "وكلتا يديه يمين
…
". إلخ، وجاء فيه عقب قوله: "يمين الرحمن":
"وربما قال: بما أقسطوا له في الدنيا"!
وهذا القول إنما هو فِي حَدِيثِ الترجمة - كما ترى -، وليس هو عند مسلم
وغيره ممن شاركه في روايته، كالنسائي وابن أبي شيبة وأحمد والحميدي وابن
حبان والمروزي والآجري والبيهقي في "الأسماء" وغيرهم، فأخشى أن يكون قد
سقط من "مسند أبي عوانة" من ناسخه أو طابعه تمام الحديث الصحيح، وإسناد
حديث الترجمة ومتنه، ولم يبق منه إلا قوله: "وربما قال: بما أقسطوا
…
". إلخ.
وإن مما يؤكد السقط: أن قوله هذا يستلزم أن يكون قبله لفظ آخر يختلف عن
هذا بعض الشيء، فليتأمل.
(تنبيه آخر) : إن من أكاذيب الملقب بـ (السخاف) وتدجيلاته على قرائه،
وقلبه للحقائق العلمية، أنه علق على حديث ابن الجوزي في "دفع شبه التشبيه":
"المقسطون يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن"، كذا ساقه ابن
الجوزي مبتور الآخر! فعلق عليه المذكور (ص 203) أنه رواه ابن حبان بهذا اللفظ،
ورواه مسلم بلفظ
…
فذكره بتمامه.. يعني: بزيادة: "وكلتا يديه يمين".
قلت: فهذا من تدجيله، فإن الزيادة عند ابن حبان أيضاً، وإنما غاير بينهما
تمهيداً لتدجيل آخر، فإنه عزاه للنسائي ثم قال عقبه:
"وقال عقبه: قال محمد فِي حَدِيثِه: "وكلتا يديه يمين"، وروايته لم يذكر
فيها هذه اللفظة، وهذه منه إشارة إلى تصرف الرواة في متن الحديث"!
فأقول: هذا افتراء على الإمام النسائي، فهو إنما يشير بذلك إلى اختلاف شيخيه
في هذه الزيادة، فمحمد - وهو:ابن آدم - ذكرها في الحديث، وشيخه الآخر - وهو:
قتيبة بن سعيد - لم يذكرها فيه. والروايتان مدارهما على سفيان بن عيينة، وإنما يفعل
ذلك النسائي وغيره من الحفاظ المحققين تبصيراً لقرائهم، ليتحروا الصواب من اختلاف
الشيوخ، وليس إشارة منه إلى تصرف الرواة - كما زعم الأفاك (السخاف) ! -.
فالباحث المنصف حين يجد مثل هذا الخلاف لا يندفع ليأخذ منه ما يوافق هواه
- كما يفعل هذا (السخاف) -، وإنما يسلم هواه لما تقتضيه القواعد العلمية التي لا مرد
لها، والذي يرد منها هنا قاعدتان: زيادة الثقة مقبولة، أو: الزيادة الشاذة مرفوضة.
وفي ظني أن الأفاك يعلم - ولو أننا نعتقد أنه ليس من أهل العلم - أن القاعدة
الثانية هنا غير واردة، لأنه رأى الحديث بعينه في "صحيح مسلم" وفيه الزيادة،
وقد رواها عن ثلاثة من كبار شيوخه الحفاظ عن شيخهم سفيان بن عيينة، وهم:
أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وابن نمير، فإذا ضم إليهما الإمام عبد الله
ابن المبارك من رواية النسائي عن محمد بن آدم، فهؤلاء أربعة اتفقوا على هذه
الزيادة، فلا مناص حينئذ - عند من ينصف - من تطبيق القاعدة الأولى، وهي:
زيادة الثقة مقبولة.
فليتأمل القراء في تدجيل هذا السخاف كيف نصب الخلاف بين شيخي
النسائي، وتجاهل متابعة الحفاظ الثلاثة لمحمد بن آدم في الزيادة؟!!
ثم مضى في تدجيله - مؤيداً تدجيله السابق -، فقال:
"ويؤيد ذلك رواية الحاكم وأحمد
…
".