الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى عَيْنيهِ، ثُمَّ قَالَ:
…
فذكره. وقال الذهبي:
"هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَالقُشَيْرِيُّ تَالِفٌ ". وقال في "المغني":
"كذاب مشهور".
والشطر الأول منه أخرجه الترمذي بسند مجهول عن أبي عثمان النهدي
نحوه مرسلاً. وتقدم الكلام عليه برقم (764) .
والشطر الآخر له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:
"مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانٌ، فَلَا يَرُدُّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ".
أخرجه مسلم (7/48) وغيره. ورواه ابن حبان (5078) بلفظ: "
…
طيب"
بدل "ريحان". وهو مخرج في "المشكاة"(3016/ التحقيق الثاني) .
6385
- (الْخَيْرُ عَشَرَةُ أَعْشَارٍ، تِسْعَةٌ بِالشَّامِ، وواحدٌ فِي سَائِرِ البُلدانِ.
وَالشَّرُّ عَشَرَةُ أَعْشَارٍ، واحدٌ بِالشَّامِ، وَتِسْعَةٌ فِي سَائِرِ البُلدانِ
…
".
منكر.
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/143 - ط دمشق) من طريق
إبراهيم بن يزيد بن مصعب الشامي: نا أبو خليد الدمشقي، عن الوضين بن
عطاء، عن مكحول عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً
…
به، وزاد في آخره:
"وإذا فسد أهل الشام، فلا خير فيكم ".
قلت:وهذا إسناد فيه ضعيف، فيه ثلاث علل:
الأولى: عنعنة مكحول، فإنه كان يدلس - كما قال العلائي وغيره -، وكان
يرسل عن الصحابة كثيراً، وقد اختلفوا هل سمع من أحد منهم؟ والأكثر على
النفي، وبعضهم على الإثبات، لكن لا أحد منهم ذكر عبد الله بن عمرو فيهم.
الثانية: الوضين بن عطاء، مختلف فيه، وقال الحافظ في "التقريب":
"صدوق سيئ الحفظ ".
وبه أعله السيوطي في "الجامع الكبير"، فقال:
رواه الخطيب في "المتفق والمفترق" عن ابن عمرو، وفيه أبو خليد الدمشقي
عن الوضين بن عطاء، قال أحمد: ما كان به بأس، ولينه غيره".
قلت: وأما في "الدر المنثور " فعزاه (3/113) لابن عساكر فقط، وسكت عنه!
الثالثة: إبراهيم بن يزيد بن مصعب الشامي، لم أعرفه، لم أره إلا في هذه
الرواية، فالحديث منكر.
لكنه قد صح موقوفاً على عبد الله بن مسعود، دون الزيادة، فإنها قد صحت
مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث قرة بن إياس، وهو مخرج في بعض كتبي
وتعليقاتي، فراجعه إن شئت في "صحيح الجامع الصغير".
وأماأثر ابن مسعود فله عنه طرق:
الأولى: يرويها الأعمش عن عبد الله بن ضرار الأسدي عن أبيه عن عبد الله
قال:
…
فذكره بلفظ:
"قَسَّمَ اللَّهُ عز وجل الْخَيْرَ، فَجَعَلَهُ عَشَرَةَ أَعْشَارٍ، فَجَعَلَ تِسْعَةَ أَعْشَارٍ بِالشَّامِ،
وَبَقِيَّتَهُ فِي سَائِرِ الأَرْضِين، وَقَسَّمَ الشَّرَّ فَجَعَلَهُ عَشَرَةَ أَعْشَارٍ، فَجَعَلَ جُزْءاً مِنْهُ
بِالشَّامِ، وَبَقِيَّتَهُ فِي سَائِرِ الأَرْضِين ".
أخرجه الفسوي في "التاريخ"(2/295) ، والطبراني في "المعجم الكبير"
(9/198/8881) ، وأبو الحسن الربعي في "فضائل دمشق"(9/14) ، وابن عساكر
في "تاريخ دمشق "(1/144 - ط دمشق) من طريق أَبي نُعَيْمٍ الفضل بن دكين
قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن ضِرَارٍ الأَسَدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
…
فذكره موقوفاً.
وقال ابن عساكر:
"تابعه أبو معاوية محمد بن خازم الضرير عن الأعمش، وخالفهما عبد الواحد
ابن زياد ".
ثم ساق إسناده إلى عبد الواحد قال: نا الأعمش عن سعيد بن عبد الله بن
ضرار عن أبيه، وعن خيثمة قالا: قال عبد الله:
…
فذكر نحوه.
قلت وهذا إسناد مظلم على الاضطراب المذكور بين الثقات الثلاثة:
فالأولان أبو نعيم وأبو معاوية سميا تابعي الحديث:
"ضرار الأسدي ". وسميا ابنه:
عبد الله بن ضرار".
والثقة الثالث عبد الواحد، جعل الابن (عبد الله بن ضرار) تابعي الحديث،
إلا أنه لم يذكر نسبته (الأسدي) ، ومن جهة أخرى سمى ابنه (سعيداً) .
ومثل هذا الاضطراب يشعر بجهالة الأب والابن معاً، وعلى الوجهين المختلفين.
وقد ذكر البخاري في "التاريخ"(3/1/122) ، وتبعه ابن حبان في "الثقات"
(5/37) عبد الله بن ضرار هذا برواية ابنه سعيد، وكذلك فعل ابن أبي حاتم
(2/2/88) ، لكنه زاد نسبة (الأسدي)، وقال عن أبيه:
"ليس بقوي". وروى عن ابن معين أنه قال:
عبد الله بن ضرار، وهو ابن الأزور ".
وأما ابنه سعيد، فقد ترجمه البخاري وابن أبي حاتم برواية ثلاثة آخرين عنه
غير الأعمش، وذكره ابن حبان في "الثقات"(4/280) .
ثم رأيت في "الميزان ما نصه":
"عبد الله بن ضرار، عن أبيه ضرار بن عمرو. قال ابن معين: ليس بشيء
…
".
ثم ساق له حديثاً منكراً في الإنفاق على البنات والبدء بهن، من روايته عن
أبيه عن يزيد الرقاشي عن أنس.
أخرجه ابن عدي (4/240) ، لكنه دونه من هو متهم بوضع الحديث. ولذلك
أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/276 - 277) ، وقعقع عليه السيوطي في
"اللآلي"(2/177) .
وزاد الحافظ في "اللسان" على "الميزان"، فذكر قول أبي حاتم المتقدم في عبد الله
هذا: "ليس بقوي"، وتوثيق ابن حبان إياه، والله أعلم.
وإن من أوهام الهيثمي: أنه ذكر الحديث في "المجمع"(10/276 - 277)
من رواية الطبراني ابتدأه بقوله:
"وعن عبد الله ضرار بن عمرو الأسدي عن أبيه عن عبد الله - يعني: ابن
مسعود - قال
…
".
قلت: فهذا منه تصرف غير محمود، لأنه أوهم أن عبد الله بن ضرار
…
هكذا
جاء منسوباً إلى جده "عمرو الأسدي" عند الطبراني! وليس كذلك - كما تقدم
معزواً إليه وإلى غيره -، وإنما هو تصرف شخصي منه ملفقاً بين الترجمتين المذكورتين
في "الميزان"!
الثانية: فقال الفسوي في "التاريخ"(2/750) وعنه ابن عساكر: حدثنا قبيصة
ابن عقبة: ثنا سفيان عن زياد بن علاقة عن ثابت بن قطبة قال: سمعت عبد الله
بن مسعود يقول:
…
فذكر نحوه أتم منه.
قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، غير ثابت بن قطبة،
وهوثقة عند ابن حبان وغيره - كما ذكرت في "تيسير الانتفاع" يسر الله لي إتمامه (*) -،
وهذا إن كان قبيصة قد حفظه عن سفيان الثوري، فإن فِي حَدِيثِه عنه بعض
الضعف، ولعل الحافظ ابن عساكر أشار إلى ذلك بقوله عقبه:
"خالفه زائدة بن قدامة، فرواه عن زياد عن قطبة بن مالك ".
ثم ساقه من طريق ابن أبي خيثمة: نا معاوية بن عمرو: نا زائدة
…
به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو أصح من الذي قبله، رجاله ثقات رجال
الشيخين، غير ابن أبي خيثمة، وهو أحمد بن زهير بن حرب الحافظ ابن الحافظ،
صاحب "التاريخ" المعروف به. وقطبة بن مالك صحابي معروف.
فأقول: فمن المحتمل أن يكون لزياد بن علاقة شيخان بينه وبين ابن مسعود،
- هما: ثابت بن قطبة، وقطبة بن مالك - فكان يرويه تارة عن هذا، وتارة عن هذا،
وإما أن يكون قبيصة وهم على سفيان. وهذا أقرب عندي. والله أعلم.
الثالث: يرويه عبد الله ابن أحمد: حدثني أبي: نا محمد بن عبيد: نا الأعمش
عن عبد الله بن سراقة عن أبيه قال: قال عبد الله:
…
فذكره نحوه بلفظ: "إن
الخير قسم عشرة أعشار
…
" إلخ.
أخرجه ابن عساكر أيضاً (1/145) من طريق أبي سعيد عبد الرحمن بن حمدان
(*) قد تُم - فيما نعلم - ولم يطبع بعدُ. (الناشر) .
النصروي: أنبأ أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي: نا عبد الله بن أحمد.
وهذا الإسناد رجاله ثقات، غير عبد الله بن سراقة عن أبيه، لم أجد من
ذكرهما، وإنما جاء في "التهذيب" وفروعه:
"عبد الله بن سراقة عن أبي عبيدة بن الجراح. وعنه عبد الله بن شقيق
العقيلي". وفيه جهالة. انظر "المشكاة" (5486) .
(تنبيه) : ولقد عزا العلامة ابن القيم في "تهذيب السنن"(3/355) طريق أحمد
هذه "لمسنده" مع اختلاف في الإسناد والمتن، فقال:
"وفي "مسند الإمام أحمد" من حديث محمد بن عبيد عن الأعمش عن عبد الله
ابن ضرار الأسدي عن أبيه عن عبد الله قال: قسم الله الخير، فجعله عشرة
…
".
وفي هذا العزو أوهام ثلاثة:
الأول: ليس الخبر في "مسند أحمد" مطلقاً، وبذلك قطع الشيخ أحمد شاكر
رحمه الله في تعليقه على "التهذيب"، ويؤيده عدم عزو الحافظ الهيثمي إياه
لأحمد، وهو مما اعتمد عليه الشيخ رحمه الله، ولو أنه وقف على رواية ابن عساكر
هذه، لكان أقوى له.
ومن الظاهر أن ابن القيم رحمه الله كتب ذلك من حفظه، وقد يكون قرأ يوماً
ما هذا الأثر في "تاريخ ابن عساكر " معزواً لأحمد، ومع طول الزمن نسي فظن أنه
في "مسنده" فعزاه إليه.
ويحتمل أنه من يوم قرأه فيه من رواية القطيعي، وهو يعلم أن القطيعي راوية
"المسند"، توهم أنه في "المسند"، فعزاه إليه اعتماداً منه على "التاريخ" حسب
فهمه، ولعله لم يتنبه لكون الراوي عنه في "التاريخ" إنما هو أبو سعد النصروي (1) ،
(1) وصفه الذهبي في "السير"(17/553) بـ "الشيخ الجليل الإمام المحدث".