الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6496
- (اغْسِلْنَهَا، ثَلاثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ سَبْعاً، وَاجْعَلْنَ لَهَا ثَلاثَةَ
قُرُونٍ. يعني: ابنةَ له صلى الله عليه وسلم تُوُفيتْ) .
شاذ بلفظ الأمر في (القرون) .
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (5/15/
3022) ، والطبراني في "المعجم الكبير"(25/49 - 50) من طريق حَمَّاد بن سَلَمَةَ
عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ، وَحَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:
تُوُفِّيَتْ ابنةٌ لرسولِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:
"اغْسِلْنَهَا بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ ثَلاثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ - إِنْ رَأَيْتُنَّ ذلك -،
وَاجْعَلْنَ فِي آخِرِهِنَّ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ؛ فَائْذَنَّنِي.
فَآذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ وَقَالَ:
"أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ".
قَالَ أَيُّوبُ، وَقَالَتْ حفصة:
اغْسِلْنَهَا ثَلاثاً
…
" الحديث.
قلت: هكذا وقع في الرواية: "قال أيوب
…
". وعندي أن الأدقّ أن يقال:
"قال حماد: قال أيوب ". أو على الأقل: "قال: قال أيوب"؛ ليعود الضمير المستتر
إلى حماد؛ فإنه هو الذي تفرد بروايته عنه بهذا اللفظ: " وَاجْعَلْنَ لَهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ"
دون كل من رواه عن أيوب عن ابن سيرين، ولذلك جعلته شاذاً؛ فإنهم قالوا:
"قالت أم عطية: مشطتها ثلاثة قرون".
فجعلوه من فعلها وليس من أمره صلى الله عليه وسلم، وإن كان لا منافاة بين الروايتين؛
ولكنه حديث رسولِ صلى الله عليه وسلم؛ فينبغي التثبت. على أن ابن سيرين لم يسمعه من
أم عطية - بينهما أخته حفصة بنت سيرين؛ كما حققه ابن عبد البر في "التمهيد
1/372) ، وإليك اسماء المخالفين لحماد بن سلمة، مما تيسر لي الوقوف عليه مع
العزو المتيسر ايضاً:
1 -
عبد الوهاب الثقفي عن ابن سيرين عن حفصة.
أخرجه البخاري (1254) .
2 -
حماد بن زيد عنه.
البخاري (1258) ، مسلم (3/47) ، ابن حبان (3021) .
3 -
ابن جريج عنه.
البخاري (1260) ، عبد الرزاق (3/403) ، وعنه الطبراني في "الكبير" (25/
66/159) .
4 -
يزيد بن زريع.
رواه مسلم (3/47) .
5 -
إسماعيل ابن علية.
مسلم أيضاً، وأحمد (5/84) .
6 -
سفيان بن عيينة عن ابن سيرين دون ذكر حفصة.
أحمد أيضاً (6/407) ، والحميدي (360) .
7 -
معمر عن ابن سيرين دون حفصة أيضاً.
عبد الرزاق أيضاً وعنه الطبراني (25/45 - 46) .
وتابع ابن سيرين هشام بن حسان: حدثتنا حفصة عن أن عطية
…
به.
أخرجه البخاري (1262 و 1263) ومسلم أيضاً، وابن سعد (8/34 و 455)
والبغوي (5/305) وأحمد (6/408) والبيهقي (3/389 و 4/6) والطبراني في
"المعجم الكبير"(125/64 و65) من طرق كثيرة عن هشام
…
به.
قلت: فاتفاق هؤلاء الثقات السبعة على رواية هذه الجملة من الحديث
الصحيح من فعل أم عطية رضي الله عنها، لا من أمره صلى الله عليه وسلم مما يدل دلالة قاطعة
على وهم حماد بن سلمة في روايته إياها من أمره صلى الله عليه وسلم، وبخاصة أن حماداً - وإن
كان ثقة من رجال مسلم -؛ قد تكلم فيه من قِبَل حفظه، وبالخصوص في روايته
عن غير ثابت - كما هنا -.
وإن مما يؤكد وهمه متابعة هشام المذكورة، ولا يخل فيها ما ذكره الحافظ في
"الفتح"(3/134) أن سعيد بن منصور رواه بلفظ الأمر من رواية هشام عن حفصة
عن أم عطية قالت:
قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اغسلنها وتراً، واجعلن شعرها ضفائر".
أقول: لا يخلُّ هذا بالمتابعة المذكورة؛ لأن الجواب عن رواية سعيد هذه هو
الجواب عن رواية حماد بن سلمة، هذا؛ إن سلم من النقد ما بين هشام وسعيد
ابن منصور.
والواقع أن ذكر الحافظ لرواية هشام هذه، ولرواية حماد بن سلمة عند ابن
حبان المتقدمة، مع عدم وجودها في كتابي "أحكام الجنائز"، وقد كنت خرجته
فيه (ص 65) برواية الشيخين وأصحاب "السنن" وغيرهم، وقد ضممت إليه ما
كنت وقفت عليه يومئذٍ من الزيادات الصحيحة، وليس فيها هذه الجملة من
الأمر، كل هذا كان مما حملني على تخريجها للتأكد من حالها، ولا سيما وقد
سكت الحافظ عنها، إشارة إلى ثبوتها عنده، فإن تبين لي الثبوت ضممتها
إلى تلك الزيادات؛ وإلا أوردتها في هذه "السلسلة"؛ لتكون لي تذكرة، ولغيري
بينة، لا سيما وأن الحافظ ذكر خلافاً في العمل بما في الجملة؛ فقال تحت
حديث هشام (3/134) :
"وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ضَفْر شَعْر الْمَيِّت خِلَافاً لِمَنْ مَنَعَهُ. فَقَالَ اِبْن الْقَاسِم: لَا
أَعْرِف الضَّفْر، بَلْ يُكَفّ (وفي نسخة: بل يلف) . وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَنَفِيَّة: يُرْسَل
شَعْر الْمَرْأَة خَلْفهَا وَعَلَى وَجْههَا مُفَرَّقاً. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَكَأَنَّ سَبَب الْخِلَاف أَنَّ الَّذِي
فَعَلَتْهُ أُمّ عَطِيَّة هَلْ اِسْتَنَدَتْ فِيهِ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُون مَرْفُوعاً، أَوْ هُوَ شَيْء رَأَتْهُ
فَفَعَلَتْهُ اِسْتِحْسَاناً؟ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مُحْتَمَل، لَكِنْ الْأَصْل أَنْ لَا يُفْعَل فِي الْمَيِّت شَيْء
مِنْ جِنْس الْقُرَب إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الشَّرْع مُحَقَّق، وَلَمْ يَرِد ذَلِكَ مَرْفُوعاً، كَذَا قَالَ! وَقَالَ
النَّوَوِيّ: الظَّاهِر اِطِّلَاع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَتَقْرِيره لَهُ.
قُلْت (الحافظ هو القائل) : وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور بِلَفْظِ الْأَمْر
…
" إلخ.
فأقول: وقد عرفت أن الأمر لا يصح رواية؛ لكن ما استظهره النووي هو
الصواب عندي دراية، ومن فائدة هذا التخريج أن ينسب إلى مخالفة الأمر من
لم يظهر له ما استظهره النووي. والله أعلم.
وهناك أمران من أسباب التخريج:
أحدهما: أن المعلق على "الإحسان"(7/305 - طبع المؤسسة) ،وقع في خطأين
اثنين:
الأول: أنه صحح إسناد حماد بن سلمة؛ فلم يتنبه لما وقع فيه من الشذوذ
والمخالفة لثقات، مما يصلح أن يضرب به مثلاً صالحاً للحديث الشاذ.