الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: ومن هؤلاء الذين لم يعرفوه ابن عبد البر، فقد قال عقبه:
"هذا حديث غريب من حديث مالك، وليس محفوظاً عنه إلا من هذا الوجه،
وأبو عبد الغني؛ لا أعرفه ".
ولم يقع في إسناد ابن حبان ذكر لعبد الرزاق، ويبدو أنه سقط قديم من بعض
النسخ، فقد ذكره الذهبي برواية ابن حبان بالسقط؛ فعقب عليه الحافظ بقوله:
"قد أخرجه الدارقطني في "الغرائب" من طريقه (يعني: أبا العبد) من
وجهين عنه، لكن زاد بين الحسن ومالك عبد الرزاق وقال: باطل وضعه أبو
عبد الغني على عبد الرزاق ".
6288
- (كنا نتحدث أن النبيَّ! عَهِدَ إلى عليٍّ سبعين عهداً
لم يعهدها إلى غيره) .
باطل.
أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير"(ص 199) ، ومن طريقه أبو نعيم
في وأخبار أصبهان " (2/255) : ثنا محمد بن سهل بن الصباح الصفار الأصبهاني:
ثنا أحمد بن الفرات الرازي: ثنا سهل بن عبدربه الرازي [المعروف بـ (السندي بن
عبدويه) ] : ثنا عمرو بن أبي قيس عن مطرف بن طريف عن المنهال بن عمرو عن
التميمي عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال:
…
فذكره. وقال:
"لم يروه عن مطرف إلا عمرو بن أبي قيس، ولا عن عمرو إلا سهل. تفرد به
أحمد بن الفرات. واسم التميمي: (أربِدَة) ".
قلت: قال الذهبي عقبه:
"وهو منكر". ذكره في ترجمة (أربدة) هذا من "الميزان "، وقال:
"ما روى عنه سوى أبي إسحاق ".
وهو في ذلك تابع لشيخه الحافظ المزي في "تهذيب الكمال"، وتبعهم الحافظ
ابن حجر في "تهذيبه "؛ فقال:
"روى عنه أبو إسحاق السبيعي وحده فيما ذكر غير واحد".
قال هذا مع أنه ذكر رواية الطبراني هذه؛ تبعاً للذهبي والمزي - ومنه استفدت
الزيادة بين المعكوفتين - فكأنهم لم يعتدوا بها واعتبروها غير محفوظة؛ لأن الراوي
فيها عن أربدة التميمي: المنهال بن عمرو، وفي الطريق إليه من تكلم في حفظه
- وهو: عمرو بن أبي قيس - وهذه ترجمته من "تهذيب الحافظ":
"قال أبو داود: فِي حَدِيثِه خطأ. وقال في موضع آخر: لا بأس به. وذكره ابن
حبان في "الثقات ". وقال ابن شاهين في "الثقات": قال عثمان بن أبي شيبة: لا
بأس به، كان يهم في الحديث قليلاً. وقال أبو بكر البزار في "السنن": مستقيم
الحديث ".
قلت: فالظاهر أنهم لم يعتدوا بروايته لهذا الضعف في حفظه؛ ولذلك قال
ابن البرقي في (أربدة) هذا:
"مجهول ". وذكره البرديجي في "أفراد الأسماء". وأبو العرب الصّقلي حافظ
القيروان في "الضعفاء"؛ كما في "التهذيب ".
وأما ابن حبان فأورده في "ثقأته "(4/52) برواية أبي إسحاق وحده، وكذا
أورده العجلي في "ثقاته " أيضاً (59/54) ، ولا غرابة في ذلك؛ فإنهما متساهلان
في التوثيق، كما هو معروف، وإنما الغرابة في قول الحافظ في "التقريب ":
" صدوق "!
لأن تفرد أبي إسحاق بالرواية عنه مما لا يساعد على ذلك.
وأما الذهبي فقال في "الكاشف ":
"وعنه أبو إسحاق والمنهال بن عمرو"!
كذا قال! وبيَّض له كما ترى. والصواب ما تقدم نقله عنه من "الميزان ": أنه
ما روى عنه سوى أبي إسحاق، وأن حديثه هذا منكر.
ومن دونه كلهم ثقات من رجال "التهذيب " سوى السندي بن عبدويه، ومحمد
ابن سهل شيخ الطبراني.
1 -
أما السندي، فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" فقال
(2/1/318) :
"سندي بن عبدويه الرازي، واسمه سهل بن عبد الرحمن، ويقال: سهل بن
عبدويه، وكنيته: أبو الهيثم
…
".
ثم ذكر جماعة من شيوخه روى عنهم منهم عمرو بن أبي قيس، وقال:
"وكان قاضياً على همذان، روى عنه أحمد بن الفرات وزافر بن سليمان
وعمرو بن رافع أبو حجر وعبد الله بن سالم البزاز، وخالا أبي: محمد وإسماعيل
ابنا يزيد وحجاج بن حمزة، وأبو عبد الله الطهراني ومحمد بن عمار. سمعت أبي
يقول: رأيته مخضوب الرأس واللحية. ولم أكتب عنه، وسمعت كلامه، وسمعت
أبا الوليد الطيالسي يقول: لم أر بالري أعلم بالحديث من رجلين؛ من قاضيكم
يحيى بن الضريس، ومن السندي بن عبدويه ".
وذكره ابن حبان في (الثقات " (8/ 304) وقال:
"روى عنه محمد بن حماد الطهراني، يغرب".
ثم ذكره ابن أبي حاتم في مكان آخر باسمه: (سهل بن عبد الرحمن) المعروف
بـ: (السندي بن عبدويه الرازي)، وزاد هنا؛ فقال:
"سئل أبي عنه؟ فقال: شيخ ".
قلت: وقوله هذا هو عنده قريب من منزلة من قيل فيه: صدوق، أو محله
الصدق، أو لا بأس
…
، وقال:
"يكتب حديثه، وينظر فيه! - كما في مقدمة الجزء الأول ص (37) -.
ومن المعلوم بداهة أن هذه المنزلة وما قاربها هى منزلة من كان حسن الحديث؛
لأن المنزلة الأولى عنده - وهي لمن قيل فيه: "ثقة، أو متقن ثبت"؛ هي - لمن كان
صحيح الحديث.
ويبدو لي - والله أعلم - أن هذا هو ما يعنيه ابن حبان أيضاً بهذه الكلمة:
"شيخ"، وقد أحصيت له في حرف الألف فقط أكثر من (75) راوياً أطلقها
عليهم، ورأيته قال في بعضهم:"مستقيم الحديث"، وفي أحدهم: "كان شيخاً
صالحاً "؛ فإن إطلاقه لهذه الكلمة على جمهرة كبيرة من رجال "ثقاته " لا يمكن
أن يحمل إلا على هذا الذي بدا لي، وليس كما زعم بعض الجهلة من الطلبة
المتعالمين في إطلاقه قوله: "يغرب، على كثير من رجاله أنه يعني به تضعيفهم
! ومجال الرد عليه في مكان آخر إن شاء الله تعالى. ويؤيد ما ذكرته أمران:
أحدهما: أن ابن حبان أخرج لسهل هذا حديثاً عن أبي هريرة في الكتمان،
وقال عقبه في "روضة العقلاء":
"هذا اسناد حسن".
وهو مخرج في (الصحيحة" (1453) ؛ المجلد الثالث، وقد زعم بعض المغرورين
من الطلبة المعاصرين أنه حديث موضوع اغتراراً منه بطرقه الأخرى الواهية،
وإعجاباً برأيه الفج، وسنبين ذلك إن شاء الله حينما تأتي المناسبة، ولعل ذلك إذا
تيسر طبع المجلد المذكور طبعة جديدة.
والآخر: أن الحافظ ابن كثير فِي حَدِيثِ أخر لسهل هذا بسنده عن أبي لبابة
ابن عبد المنذر الأنصاري في الاستسقاء قال في "البداية"(6/92) :
"وهذا إسناد حسن ".
وأما قول ذلك الطالب:
"وهذا من تساهله رحمه الله"!
فهو من جهله وغروره؛ لأنه يزعم أن سهلاً هذا ضعيف، وأن قول ابن حبان
فيه؛ "يغرب " تضعيف منه له! وقد عرفت ضعف ذلك الزعم مما تقدم.
هذا ما يتعلق بالسندي سهل بن عبد الرحمن، وخلاصة ذلك: أنه ثقة وسط
حسن الحديث.
2 -
وأما محمد بن سهل بن الصباح الصفار الأصبهاني، فقال أبو الشيخ في
"طبقات المحدثين في أصبهان "(375/493) :
"كان معدلاً، أروى الناس عن أبي مسعود، توفي سنة (313) ".
ونحوه في "أخبار أنصبهان " لأبي نعيم (2/255) ، وفي ترجمته ساق هذا
الحديث.
قلت: وقد خولف في إسناده؛ فقال أبو الشيخ في ترجمة أبي مسعود أحمد
ابن الفرات من "الطبقات"(ص 170) :
حدثنا أبو العباس الجمال ومحمد بن الحسن قالا: حدثنا أبو مسعود قال:
حدثنا سهل بن عبدربه الرازي- ولقبه السندي- قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس
عن ميسرة النّهدي عن المنهال بن عمرو عن التيمي
…
به.
قلت: فجعل "ميسرة النهدي" مكان "مطرف بن طريف"، ولعل هذا أصح؛
لاتفاق اثنين عليه: أحدهما أبو العباس الجمال- وهو: أحمد بن محمد بن عبد الله-
قال أبو الشيخ (605/427) :
"كان من علماء الناس بالحديث والفقه.. توفي سنة (301) ".
وكذا في "أخبار أصبهان "(1/125) .
ومحمد بن الحسن- كذا في المنسوخة- وأنا أظنه أبا صالح محمد بن الحسن
ابن المهلب المديني، توفي سنة (322) ، سمع أبا مسعود "المسند" له ومصنفاته،
كما في "أخبار أصبهان "(2/247) ؛ تبعاً لأبي الشيخ في "طبقاته "(352/481) ؛
لكن وقع فيه: "ابن الحسين"، ولعل الأول أصح لمطابقته لما في إسناد الحديث في
ترجمة أبي مسعود، كما تقدم. والله أعلم.
وبهذا التخريج يتبين أن علة الحديث تدور على (أربدة التميمي) ؛ لجهالته- وهو
الذي يدل عليه صنيع الذهبي كما تقدم- أو عمرو بن أبي قيس؛ لسوء حفظه
الذي شهد به أبو داود وغيره كما سبق. كما تبين أيضاً أنه ليس فيهم من لا
يعرف، كما توهم الهيثمي؛ فقد قال في تخريج الحديث (9/113) :
"رواه الطبراني في دا الصغير،، وفيه من لم أعرفهم "!
ويغلب على ظني أنه يشير بذلك إلى رجلين من الإسناد:
أحد هما: سهل بن عبدربه؛ فإن أحداً لم يترجمه بهذه النسبة، وإنما ترجمه
ابن أبي حاتم وابن حبان باسم: "سندي بن عبدويه "، وترجمه الأول باسم سهل
ابن عبد الرحمن أيضاً كما تقدم؛ فخفي عليه.
والأخر: محمد بن سهل بن الصباح شيخ الطبراني، فلم يعرفه؛ لأن مصدر
ترجمته عزيز. والله أعلم.
وأما قول مؤلف ما سماه بـ "إقامة البرهان
…
" (ص 129) :
" وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/152) : رواه الطبراني ورجاله ثقات "!
فهو من تخاليطه، وأوهامه الكثيرة؛ فإن هذا الذي عزاه للهيثمي بالصفحة
والجزء المشار إليهما إنما هو فِي حَدِيثِ آخر موقوف عن سلمان قال:
" أول هذه الأمة وروداً على نبيها صلى الله عليه وسلم أولها إسلاماً علي بن أبي طالب "!
ثم أعل المشار إليه الحديث بالسندي، متجاهلاً ما فوقه من العلتين اللتين
سبق بيانهما لغاية في نفسه، لا مجال لبيانها الآن، وسنقوم بذلك في الوقت
المناسب إن شاء الله تعالى، ثم زاد على ذلك، فأوهم القراء أن الذهبي جعل
الحديث من مناكير السندي، خلافاً للواقع، فإنه جعله من مناكير التميمي؛ لأنه
ذكر ذلك في ترجمته، كما تقدم ذلك عنه.
وأما أن متن الحديث باطل؛ فلأنه مخالف لما صح عن علي رضي الله عنه
أنه قال:
"والله ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم عهداً؛ إلا شيئاً عهده إلى الناس ".