الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"روى عنه سعد بن مسعود".
وكذا قال البخاري في ترجمة عبد الرحمن هذا من "التاريخ "(3/1/273) ؛
فأنى لمثله الصحبة؟!
ثم وجدت ما ينفي عنه الصحبة: فقد ترجمه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"
(7/196) ، وذكر أنه توفي في خلافة هشام بن عبد الملك.
ومعنى هذا أنه مات بعد سنة خمس ومائة؛ لأن هشام بن عبد الملك توفي
سنة (125) ، وكانت خلافته عشرين سنة - كما في "شذرات الذهب " لابن
العماد -.
والخلاصة أن سعد بن مسعود ليس صحابياً؛ فالحديث مرسل، مع ضعف
السند إليه. والله أعلم.
6058
- (كَانَ فِيمَا أَخَذَ [لمَّا بايع النساءَ] : أَلا تُحَدِّثْنَ الرِّجَالَ، إِلا
أَنْ تَكُونَ ذَاتَ مَحْرَمٍ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ لا يَزَالُ يُحَدِّثَ الْمَرْأَةَ حَتَّى يُمْذِيَ
بَيْنَ فَخْذَيْهِ) .
منكر.
أخرجه ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن مبارك عن الحسن قال:
…
فذكره.
قلت: والحسن هو البصري؛ فهو مرسل.
ومبارك - هو: ابن فضالة، وهو - صدوق يدلس ويسوي - كما في "التقريب " -؛
فهو مع إرساله ضعيف.
لكن قد تابعه أبو الأشهب مختصراً؛ فقال ابن سعد في "الطبقات "(8/10) :
أخبرنا وكيع بن الجراح عنه، ومبارك عن الحسن:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بايع النساء؛ أخذ عليهن أن لا يحدثن من الرجال إلا مَحْرماً.
وأبو الأشهب اسمه: جعفر بن حيان البصري، وهو ثقة من رجال الشيخين؛
فالعلة الإرسال من الحسن.
وقد تابعه قتادة مختصراً أيضاً؛ قال:
ذكر لنا أن نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخذ عليهن يومئذٍ النياحة، ولا تحدّثن الرجال؛
إلا رجلاً محرماً منكن.
أخرجه ابن جرير في "التفسير"(28/51 - 52 و 52) من طريقين عنه؛ فهو
صحيح مرسل. ورواه عبد الرزاق (3/560/6691) من أحدهما.
وقد روي موصولاً من طريق عبد المنعم أبي سعيد الحراني الأسواري عن
الصلت بن دينار عن أبي عثمان النهدي عن امرأة منهم - يقال لها: أم عفيف -
قالت:
بايعنا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء -؛ فأخذ عليهن أن لا تحدثن الرجل
إلا محرماً.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(25/168/410) ، وقال الهيثمي في
"المجمع "(3/32) :
"وفيه عبد المنعم أبو سعيد؛ وهو ضعيف ".
قلت: بل هو متروك؛ كما في "التقريب "، واقتصاره على إعلاله به فقط يوهم
أنه ليس فوقه من يُعَلُّ به أيضاً! وليس كذلك؛ فإن الصلت بن دينار متروك أيضاً.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 211) - وسكت عنه! - لابن مردويه.
ثم عزاه إليه وإلى ابن المنذر من حديث أم عطية، وسكت عنه أيضاً! وفيه
تلك الزيادة المنكرة بلفظ:
"فإن الرجل قد يلاطف المرأة فيُمذي في فخذيه ".
وهذا الحديث عن الحسن مما شان به الشيخ الحلبي الصابوني "مختصر تفسير
ابن كثير"؛ فأورده فيه (3/489) موهماً القرّاء صحته - بما صرح به في مقدمته أنه
لا يورد فيه إلا ما صح من الحديث -، وهيهات هيهات؛ فالرجل ليس من أهل
الحديث، ولا شم رائحته، فكم من أحاديث غير صحيحة قد وقع له فيه، وكساها
ثوب الصحة! وقد سبق التنبيه على الكثير منها.
وكذلك أخطأ الشيخ حمود التويجري بإيراده إياه في كتابه "الصارم المشهور"
(ص 113) ساكتاً عنه. ولعله غره ما عزاه (ص 112) للإمام أحمد في "مسنده "
بإسناد جيد عن أم عطية رضي الله عنها قالت:
كنت فيمن بايع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكان فيما أخذ علينا: أن لا ننوح، ولا نحدث
من الرجال إلا محرماً.
فأقول: أخرجه أحمد (5/85) : ثنا غسان بن الربيع: ثنا أبو زيد ثابت بن
يزيد عن هشام عن حفصة عن أم عطية
…
به.
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير غسان بن الربيع: قال الذهبي
في " الميزان ":
"كان صالحاً ورعاً. ليس بحجة في الحديث، قال الدارقطني: ضعيف. وقال
مرة: صالح ". وأقره الحافظ في "اللسان". إلا أنه زاد عليه فقال:
"وذكره ابن حبان في "الثقات "، وقال: كان نبيلاً فاضلاً ورعاً، وأخرج
حديثه في "صحيحه " عن أبي يعلى عنه ".
كذا وقع فيه! وهو في "ثقات ابن حبان "(9/2)، وليس فيه قوله: "كان
نبيلاً فاضلاً ورعاً"
…
وهذه الجملة قالها الخطيب البغدادي في ترجمة غسان هذا
من "تاريخ بغداد"؛ فكأن في "اللسان" سقطاً من الطابع أو الناسخ. والله أعلم.
وأفاد الخطيب أنه توفي سنة (226) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً،
وكذلك فعل ابن أبي حاتم (3/2/52) .
وليس يخفى على المتقنين لهذا العلم أن الجرح مقدم على التعديل، وبخاصة
إذا كان المعدِّل معروفاً بالتساهل - كما هنا -، أعني: ابن حبان. ويبدو لي أن
تضعيف الدارقطني ومن تبعه إنما هو لسوء حفظ غسان؛ وهذا الحديث مما يدل على
ذلك لتفرده بقوله في هذا الحديث: "ولا نحدث
…
" إلخ، دون كل الثقات الذين
رووه عن هشام وغيره عن حفصة وغيرها، وهاك البيان:
1 -
أسباط - وهو: ابن محمد القرشي مولاهم -: عند مسلم (3/46)، وزائدة:
في "كبير الطبراني "(25/59/134)، ومحمد بن جعفر ويزيد بن هارون: عند
أحمد (5/84 و 6/408) كلهم عن هشام.
2 -
وتابع هشاماً عاصمٌ الأحول: عند مسلم أيضاً وابن أبي شيبة في "المصنف "
(3/ 389) ، وأ حمد (5/ 85 و 6/407 و408) ، والطبراني (25/59/135) .
3 -
وتابعه أيضاً أيوب السختياني. رواه البخاري (4892 و7215) ، ومسلم
أيضاً وابن سعد (8/8) ، والطبراني (25/58/133) .
4 -
وتابع حفصة أخوها محمد بن سيرين: عند البخاري (1306) ، وأحمد
(6/408) .
قلت: كل هؤلاء الثقات لم يذكروا فِي حَدِيثِ عطية هذا جملة التحديث،
فكانت منكرة لتفرد غسان بها وضعفه. ولولا ذلك لكان الوجه أن يحكم بشذوذها