الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
[أ] الافتتاحية:
«الحمد لله الذي مهَّد قواعد الدين بكتابه المحكم، وشيَّد معاقد العلم بخطابه وأحكم، وفقَّه في دينه من أراد به خيراً من عباده وفهَّم، وأوقف من شاء على ما شاء من أسرار مراده وألهم، فسبحان من حكم فأحكم، وحلَّل وحرَّم، وعرَّف وعلَّم، علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تهدي إلى الطريق الأقوم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المخصوص بجوامع الكلم وبدائع الحكم وودائع العلم والحلم والكرم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم»
(1)
.
أما بعد: فإن علم الفقه من أجلّ علوم الشريعة قدرا، وأشرفها منزلة، وأكثرها نفعاً، وأعظمها عند الله أجراً، فهو ثمرتها وجناها، وعليه مدارها ورحاها؛ إذ به يعبد الإنسان ربه على بصيرة، ويعرف الحلال من الحرام.
وقد تنوع علم الفقه إلى فنون وأنواع
(2)
، ولا شك أن أهم أنواعه -على الإطلاق- وأعظمها فائدة ونفعاً علم القواعد الفقهية؛ إذ به تنتظم الفروع الفقهية المتباعدة الأطراف المختلفة الأبواب تحت أصل فقهي واحد.
(1)
تقرير القواعد (1/ 3 - 4).
(2)
كعلم القواعد الفقهية والفروق الفقهية وتخريج الفروع على الأصول وغيرها.
يقول الفقيه عبد الوهاب بن السبكي
(1)
:
(2)
.
وقد أشاد جماعة من العلماء بهذا العلم، وبينوا أهميته ومنزلته.
يقول العلامة أبو العباس القرافي
(3)
في مقدمة كتابه "الفروق"
(4)
: «والقسم الثاني: قواعد كلية فقهية جليلة، كثيرة العدد، عظيمة المدد، مشتملة على أسرار الشرع وحكمه، لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى
…
وهذه
(1)
هو الفقيه القاضي تاج الدين أبو نصر عبدالوهاب بن علي بن عبدالكافي بن علي بن تمام الأنصاري الخزرجي السبكي، ولد في القاهرة سنة 727 هـ وقيل غير ذلك، قرأ على والده والمزي والذهبي، وصنف عدة تصانيف منها: الأشباه والنظائر، وطبقات الشافعية، توفي سنة 771 هـ.
انظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 256)، طبقات الشافعية لابن هداية الله (ص 275).
(2)
الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 11).
(3)
هو العلامة أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبدالرحمن بن عبدالله الصنهاجي البهنسي القرافي، أخذ عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ محمد بن عمران وغيرهما، له مصنفات كثيرة ومفيدة منها:"الذخيرة" و"الفروق"، توفي سنة 684 هـ.
انظر: الديباج المذهب (ص 128 - 130)، شجرة النور الزكية (ص 188 - 189)، الأعلام (1/ 94 - 95).
(4)
(1/ 2 - 3).
القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف، فيها تنافس العلماء، وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع، وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طلب مناها. ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات؛ لاندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض عند غيره»
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
(1)
(2)
.
(1)
الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن أبي قاسم الحراني ثم الدمشقي، ولد سنة 661 هـ، وسمع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وغيرهما، وردس عليه أبو الحجاج المزي وأبو عبد الله الذهبي وآخرون، له مؤلفات كثيرة ونفيسة منها: درء تعارض العقل والنقل، والصارم المسلول على شاتم الرسول، توفي سنة 728 هـ في قلعة دمشق معتقلا.
انظر: تذكرة الحفاظ (4/ 1496 - 1498)، الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية، المقصد الأرشد (1/ 132 - 139).
(2)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (19/ 203).
وقال الفقيه بدر الدين الزركشي
(1)
في فاتحة كتابه "المنثور"
(2)
: «فإنّ ضبط الأمور المنتشرة المتعددة في القوانين المتحدة، هو أوعى لحفظها وأدعى لضبطها
…
وهذه قواعد تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على نهاية المطلب، وتنظم عقده المنثور في سلك، وتستخرج له ما يدخل تحت ملك».
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي
(3)
في مستهل كتابه "تقرير القواعد وتحرير الفوائد"
(4)
(1)
هو الفقيه الأصولي بدر الدين أبو عبد الله محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي الشافعي، التركي الأصول المصري، ولد سنة 745 هـ، أخذ عن الشيخين جمال الدين الاسنوي وسراج الدين البلقيني وغيرهما، له مصنفات جليلة: منها "البحر المحيط في أصول الفقه" و"البرهان في علوم القرآن"، توفي سنة 794 هـ.
انظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (4/ 319 - 320)، الدرر الكامنة (3/ 397 - 398).
(2)
(1/ 65 - 66).
(3)
هو العلامة الحافظ زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسين البغدادي ثم الدمشقي، ولد سنة 706 هـ، سمع من محمد الخباز وإبراهيم العطار، ولازم مجلس ابن القيم، وسمع منه أحمد بن نصر الله وداود الموصلي، من مؤلفاته:"شرح الأربعين النووية" و"القواعد الفقهية" و"فتح الباري"، توفي سنة 795 هـ.
انظر: المقصد الأرشد (2/ 81 - 83)، السحب الوابلة (2/ 474 - 476)، مقدمة كتاب تقرير القواعد (1/ 40 - 82).
(4)
(1/ 4).