الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس
في نقد القاعدة
انتقد الشيخ محمد العثيمين
(1)
رحمه الله هذه القاعدة بقوله: «وهذه القاعدة في معظم فروعها خلاف، وهي مع هذا فيها نظر؛ لأن قوله:(من أتلف نفسا لنفع يعود إلى نفسه فلا ضمان عليه) غير صحيح لو أخذناه بظاهره، وقد مضى في القاعدة السابقة أنه من جاع فأتلف نفسا ضمنها، وهذا يتنافى مع إطلاقها، فلو قيدت (من أتلف نفسا يجوز إتلافها) صار قوله (لنفع يعود إلى نفسه أو إلى غيره) لا محلّ له. ومثاله في الصائل إذا صال على نفسه فإنه لا يضمنه، فإن صال على غيره ضمنه على ما في كلام المؤلف، والقول بضمانه فيه نظر؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ فوق يده
(2)
»
(3)
.
(1)
هو العلامة المحقق محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين المقبل، أبو عبد الله، الوهيبي التميمي، ولد في مدينة عنيزة عام 1347 هـ، من شيوخه رحمه الله: عبد الرحمن بن ناصر السعدي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ومحمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي وغيرهم، كان رحمه الله من العلماء العاملين والزهاد الورعين، باذلا لنفسه حريصا على التعليم، وله مؤلفات عدة منها: فتح رب البرية بتلخيص الحموية، الأصول من علم الأصول، الشرح الممتع على زاد المستقنع، وغيرها، توفي- رحمه الله يوم الأربعاء 15/ 10/1421 هـ.
انظر: مجلة الحكمة (2/ 19)، ابن عثيمين الإمام الزاهد.
(2)
سبق تخريجه صفحة 118.
(3)
تقرير القواعد (1/ 211) في الحاشية.
وبعد إمعان النظر في كلام الشيخ وجدته يحتوي على نقدين:
أحدهما: نقد لصياغة العلامة ابن رجب في شقها الأول.
والثاني: نقد لترجيح العلامة ابن رجب في فرع من فروع القاعدة، ويترتب عليه نقد الشق الثاني للقاعدة.
فأما النقد الأول فإنه ينصب على صياغة ابن رجب في قوله (لنفع يعود إلى نفسه) حيث يرى الشيخ أنها عبارة غير صحيحة لو أخذناها على ظاهرها؛ لأن العبارة مطلقة مما يترتب على ذلك مخالفة فروع كثيرة للقاعدة كما في المثال الذي ذكره الشيخ العثيمين وهو «أنه من جاع فأتلف نفسا ضمنها» ، وهو مذهب جمهور الفقهاء
(1)
؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه)
(2)
.
وهذا نقد وجيه وصحيح؛ ولذلك نجد أن الشيخ عبد الرحمن السعدي أحسن حينما لجأ إلى تغيير صياغة القاعدة بقوله: «من أتلف شيئاً لينتفع به ضمنه، ومن أتلفه دفعا لمضرته فلا ضمان عليه»
(3)
.
فإن الشق الأول من صياغة السعدي للقاعدة - وهو قوله: (من أتلف شيئاً لينتفع به ضمنه) - يندرج تحته الفرع الفقهي الذي ذكر الشيخ العثيمين أنه مخالف لصياغة ابن رجب للقاعدة، وهو «أنه من جاع فأتلف نفسا ضمنها» ،
(1)
من الحنفية والشافعية والحنابلة، وهو الأظهر والأشهر عند المالكية.
انظر: حاشية رد المحتار (6/ 338)، المنتقى (3/ 140)، الفروق (1/ 196، 4/ 10)، مغني المحتاج (4/ 308)، المغني (12/ 530 - 531)، تقرير القواعد (1/ 206).
(2)
سبق تخريجه صفحة 115.
(3)
القواعد والأصول الجامعة (ص 69).